موارد الرياح البحرية في خليج المكسيك "محدودة".. كيف يطورها الهيدروجين الأخضر؟
بالاستفادة من مزايا قانون خفض التضخم
هبة مصطفى
لا يرقى أداء قطاع الرياح البحرية في خليج المكسيك إلى التوقعات المأمولة منه؛ إذ تُعَد موارده محدودة بعض الشيء، غير أن هناك رؤية مطروحة تدفع باتجاه الاستفادة من مزايا قانون خفض التضخم ودعمه إنتاج الهيدروجين الأخضر في تطوير صناعة الرياح.
وطرحت تلك الرؤية تساؤلًا مفاده: "لماذا لا تستخدم الامتيازات الممنوحة بموجب قانون التضخم لتطوير الهيدروجين وتُدمج في استثمارات الرياح بالمنطقة؟"، إذ تُعَد موارد الكهرباء النظيفة والمتجددة -ومن بينها الرياح- أحد المكونات الرئيسة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتأتي مقترحات تطوير القطاع كافة في إطار يهدف لإظهار منطقة الخليج المكسيكي بوصفها أحد المعالم الأميركية الرئيسة لتطوير صناعة الرياح، والتي يمكنها جذب مستثمري العالم، وفق ما أوردته صحيفة ريتشارج نيوز (Recharge).
موارد هائلة.. ولكن
تصل إمكانات الرياح البحرية في خليج المكسيك إلى 500 غيغاواط، وبدأ مكتب إدارة طاقة المحيطات، العام المنصرم (2022)، تهيئة مساحة قدرها 30 مليون فدان يمكن أن تخضع مستقبلًا للتطوير.
وبصورة رئيسة تركّزت موارد الرياح في منطقتين بالخليج؛ إحداهما قبالة بحيرة تشارلز في ولاية لويزيانا والثانية بمدينة غالفستون في ولاية تكساس، بينما تُقدر مجموعة بيانات استثمارات الرياح البحرية "إيغير إنسايتس" الدنماركية موارد المنطقتين بنحو 15 غيغاواط.
ويستعد مكتب إدارة طاقة المحيطات لطرح مجموعة من المناقصات لعقود طاقة الرياح البحرية في خليج المكسيك، بحلول شهر أبريل/نيسان المقبل.
ورغم تلك الإمكانات؛ فإن هناك تحديات تواجه تطوير الصناعة؛ أبرزها سرعة الرياح المنخفضة بنحو 7.4 مترًا/ثانية، وحالة عدم اليقين تجاه ضرورة إزالة الكربون من الصناعات لدى حكام المقاطعات والولايات الساحلية.
وبجانب ذلك، تُعَد مستويات المياه بمناطق طاقة الرياح البحرية في خليج المكسيك أقل عمقًا من مثيلاتها التي سبق طرحها بمناقصات المحيط الأطلسي والهادئ، والتي اعتمدت بصورة كبيرة على التقنيات العائمة لتطوير الصناعة.
مستهدفات ومعوقات
قدرت مجموعة "إيغير إنسايتس" أسعار الرياح البحرية في خليج المكسيك بنحو 69 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة لمناطق ولاية لويزيانا، وبما يدور بين 60 و70 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة في مناطق تكساس.
واستبعدت المجموعة أن تكون تكلفة الرياح البحرية ملائمة وفي متناول اليد خلال العقد الجاري؛ إذ أكدت أنها لن تتمكن من منافسة تكلفة الرياح البرية أو الطاقة الشمسية أو الغاز.
ومن جانب آخر، يؤدي حكام الولايات دورًا مهمًا في إنجاح خطط تطوير الصناعة بتبني بنود خطة الرئيس جو بايدن حيال الرياح البحرية وإفساح مجال أكبر للصناعات النظيفة وإزاحة الكربون من الصناعات البارزة، أو إفشال خطته بتجاهل بنود تلك الخطة أو تثبيطها.
ورغم أن حاكم لويزيانا يؤيد مستهدفات تعزيز خطة الولاية المناخية بنحو 5 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2035؛ فإن دعمه وحده يُعَد أمرًا غير كافٍ لدفع عجلة نمو الصناعة.
ويُشار أيضًا إلى أن منطقة خليج المكسيك مُعرَّضة بصورة متكررة للأعاصير، ويهدد ذلك خطط صناعة الرياح؛ إذ إن التقلبات الجوية تتطلب تأهيلًا قويًا للبنية التحتية وترفع تكلفة التطوير.
الهيدروجين وقانون التضخم
في ظل وجود معوقات تهدد تطوير صناعة الرياح البحرية في خليج المكسيك، يبرز دور الهيدروجين الأخضر منقذًا للصناعة؛ إذ يتطلب إنتاجه توافر كهرباء متجددة لتشغيل أجهزة التحليل الكهربائي.
وباعتبار أن الرياح البحرية تُعَد أبرز الموارد المتجددة في المنطقة؛ يُسهم الهيدروجين الأخضر بصورة غير مباشرة في تطوير الصناعة.
ويمنح قانون خفض التضخم -الذي أقرّه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في أغسطس/آب من العام الماضي (2022)- استثمارات الهيدروجين الأخضر إعفاءات وامتيازات ضريبية، يمكن الاستفادة من عائدها لإنفاقه على تطوير الرياح البحرية في خليج المكسيك.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- مشروعات الطاقة المتجددة قيد التطوير أو الإنشاء في ولايات أميركية عدة، حتى نهاية عام 2021، ومن ضمنها مشروعات الرياح في ولاية تكساس، بحسب بيانات أميركان كلين باور أسوسييشن:
وأحرزت ولايتا لويزيانا وتكساس بالفعل خطوات مهمة في تطوير الهيدروجين الرمادي المُنتج اعتمادًا على الغاز، وتحولتا تدريجيًا إلى محور ومركز وطني لتطويره؛ إذ إنهما تستهلكان 90% من إمداداته الحالية في القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك مثل الكيماويات والأسمدة وعمليات تكرير النفط.
وبحسب مجموعة إيغير إنسايتس؛ فإن الإعفاءات الضريبية طويلة الأجل التي يمنحها قانون التضخم تسمح بالحصول على التمويل اللازم لإنشاء مراكز يمكنها إنتاج الهيدروجين النظيف الذي يُعَد بدوره دافعًا رئيسًا لصناعة الرياح البحرية في خليج المكسيك.
منفعة متبادلة
جاءت فكرة الربط بين تطوير كل من الهيدروجين الأخضر والرياح البحرية في خليج المكسيك باعتبار أنه هدف مزدوج يُقدم تطويرًا لمسارين نظيفين على خريطة طريق الطاقة النظيفة؛ فالولايات الأميركية تسعى جميعها إلى تنفيذ الأهداف المناخية للرئيس بايدن والتي يُعَد الهيدروجين والرياح ضمن أبرز بنودها.
وقال كبير المسؤولين التجاريين في مجموعة "إيغير إنسايتس"، ريكي نورغارد، إن الهيدروجين المعتمد في لإنتاجه على موارد متجددة يؤدي دورًا مهمًا في تطوير سوق الرياح البحرية بولايتي لويزيانا وتكساس، عبر اتفاقيات شراء الكهرباء.
ويكشف الرسم أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- عن حصة طاقة الرياح المدرجة في خطط التطوير الأميركية بالمقارنة بين عامي 2021 و2050، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية:
ويسمح قانون خفض التضخم بتمتع صناعة الرياح البحرية بإعفاءات استثمارية تصل إلى 30%، كما يستفيد الهيدروجين الأخضر من تلك الإعفاءات لخفض تكلفة الإنتاج إلى ما يُقدَّر بنحو 3 دولارات/كيلوغرام من الهيدروجين.
وعلى نطاق أوسع، قد تسمح خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر اعتمادًا على الكهرباء المنتجة من الرياح البحرية بوتيرة أكبر بزيادة فرص التصدير إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، بجانب تلبية الطلب المحلي.
وتُعَد تلك الطموحات مرهونة باستفادة قطاع الرياح البحرية في خليج المكسيك من المرافق والبنية التحتية لصناعة النفط والغاز الضخمة بالخليج.
اقرأ أيضًا..
- صادرات الغاز الإيراني تضع تركيا في ورطة بعد تراجعها 70%
- قصة أول قاطرة بحرية مصنعة محليًا في الجزائر (صور)
- طفرة عربية في صفقات النفط والغاز البحرية خلال 2022.. والصدارة لـ3 شركات خليجية (تقرير)