تقارير النفطرئيسيةنفط

العواصف الثلجية تفضح عيوب أنظمة الطاقة في أميركا

مي مجدي

كشفت العواصف الشتوية الأخيرة التي اجتاحت العديد من الولايات الأميركية عن أوجه القصور في أنظمة الطاقة بأميركا، بعدما تسبّب البرد القارس في تعطُّل خطوط الكهرباء وتجمُّد الغاز.

فقد أدّت موجة البرد النادرة التي غطّت أجزاء من الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام الماضية إلى مقتل عشرات الأشخاص، وتركت الملايين في ظلام دامس لمدة من الوقت.

ومع ذلك، استطاعت البلاد تفادي وقوع كارثة أسوأ بصعوبة، عندما تعطلت إمدادات الغاز والكهرباء في عدة ولايات، ما كشف عن مدى هشاشة الشبكة الكهربائية في مواجهة كارثة واسعة النطاق، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.

وأعادت العاصفة إلى الأذهان كارثة شتاء 2021 المميت التي تسبّبت بانقطاع التيار الكهربائي في ولاية تكساس الأميركية.

وكانت أكبر شبكات الكهرباء في البلاد على شفا كارثة، وكشفت العواصف المميتة عن عيوب أنظمة الطاقة في أميركا التي تعاني إمدادات محدودة من الغاز الطبيعي، ويصعب التنبؤ بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ضعف أنظمة الطاقة في أميركا

قال أستاذ موارد الطاقة في جامعة تكساس بأوستن مايكل ويبر، إن هذه العواصف المميتة تكشف عن مدى هشاشة أنظمة الطاقة في أميركا.

العواصف الثلجية تضرب أجزاء من الولايات المتحدة
العواصف الثلجية تضرب أجزاء من الولايات المتحدة - الصورة من صحيفة نيويورك تايمز

وأضاف: "على الرغم من كثرة الحديث عن التقلبات في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن العواصف تُظهر -أيضًا- هشاشة نظام الغاز".

فقد تراجعت شحنات الغاز الطبيعي -وهو الوقود الرئيس للتدفئة وتوليد الكهرباء في البلاد- إلى أقصى حد منذ أكثر من عقد مع تجمد الآبار وتعطل خطوط الأنابيب، وسرعان ما انعكس ذلك على الأسعار.

وكانت أكبر شبكة كهرباء في البلاد على وشك قطع التيار بالتناوب، في حين انقطع لمدة وجيزة لبعض العملاء في 24 ولاية.

وارتفع عدد الوفيات المرتبطة بالعاصفة إلى 27 على الأقل في بوفالو بولاية نيويورك.

كما أُلغيت آلاف الرحلات الجوية، وحُوصرت الحافلات والسيارات على الطرق المغطاة بالثلوج.

إنتاج الغاز الطبيعي

مع انتشار البرد في أجزاء متفرقة بالبلاد في وقت واحد لم تكن شبكات الكهرباء قادرة على الاعتماد على أنظمة الطاقة المجاورة، لمساعدتها في تعزيز الإمدادات.

وفي 23 ديسمبر/كانون الأول (2022)، عانى إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة أسوأ انخفاض له في يوم واحد منذ أكثر من عقد، وأدى تجمد الآبار إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 10%.

وكان الإنتاج بدءًا من يوم السبت 24 ديسمبر/كانون الأول (2022) عند 84.2 مليار قدم مكعبة فقط، بانخفاض 16% عن المستويات المعتادة، وفقًا لبيانات بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

وهذا يعني أن الموردين كانون يعتمدون على إمدادات الغاز الموجودة في كهوف الملح وخزانات المياه الجوفية المستنفدة بشدة لمواكبة الطلب، الذي ارتفع إلى 144 مليار قدم مكعبة، يوم الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول (2022).

وكانت أغلب خسائر الإنتاج في شمال شرق حوض الأبالاش، إذ انخفضت الشحنات إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2018.

أزمة خطوط الأنابيب

انخفضت عمليات التسليم من جبال الأبالاش إلى وادي تينيسي والغرب الأوسط بأكثر من النصف عن المستويات الطبيعية.

وتفاقمت المشكلات بسبب الأعطال الميكانيكية في البنية التحتية لخطوط الأنابيب، من بينها محطة الضغط في أوهايو التي فرضت القوة القاهرة على بعض شحنات الغاز.

وأُجبرت هيئة وادي تينيسي -وهي شركة مملوكة اتحاديًا لعدة ولايات جنوبية- وديوك إنرجي على إصدار أوامر بقطع التيار الكهربائي للحفاظ على الطاقة.

منصة حفر تغطيها الثلوج
منصة حفر تغطيها الثلوج - الصورة من موقع جورنال أوف بتروليوم تكنولوجي

وتداولت شحنات الغاز الطبيعي في مركز يخدم ولايات كارولينا الشمالية والجنوبية وفرجينيا بسعر 60 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بزيادة تقارب 650% عن يومين فقط، و8 أضعاف سعر الغاز المسلم إلى مركز هنري هوب في لويزيانا.

بينما تجاوز البنزين حاجز الـ100 دولار في واشنطن وأجزاء من نيو إنغلاند يوم السبت، 24 ديسمبر/كانون الأول (2022).

ويتصدر الغاز الطبيعي الآن مصادر الطاقة داخل محطات الكهرباء، متجاوزًا الفحم بعد طفرة الصخري التي شهدتها البلاد منذ أكثر من عقد.

ودفع ارتفاع الأسعار نيو إنغلاند إلى اعتماد الفحم لتوفير 40% من الإمدادت وضمان عدم انقطاع التيار الكهربائي خلال عطلة نهاية الأسبوع.

أثر العاصفة الثلجية في أسواق الطاقة

من جانبه، قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن العاصفة الثلجية التي ضربت أجزاء من الولايات المتحدة نتجت عنها تداعيات ضخمة على أسواق النفط.

وأشار إلى أن توقف إنتاج النفط في بعض المناطق أدى إلى زيادة الطلب على الطاقة بسبب البرد الشديد، إلى جانب توقف بعض المصافي عن العمل.

واستطرد الحجي موضحًا أن إنتاج النفط انخفض في بعض حقول النفط الصخري، خاصة حقل باكان في داكوتا الشمالية.

وقال: "مشكلة آبار النفط الصخري تختلف عن العادية، لأن كمية الغاز المنتج عالية جدًا، ونتيجة لذلك يؤدي البرد الشديد إلى تكثف الغاز وتجمده، وهذا بغض النظر عن المياه التي تستعمل في الحقن بالحقول التي تجمدت، ومن ثم يصعب استمرار الإنتاج ويؤدي ذلك إلى إغلاق البئر".

أنظمة الطاقة

وأضاف: "من ضمن التعقيدات الأخرى، انخفاض إنتاج حقول النفط الصخري في حوضي باكان وبرميان بغرب تكساس، ويؤدي هذا البرد الشديد إلى تكثف الغاز على فوهة البئر ويتطلّب إغلاقه، وهذا يؤدي إلى انخفاض إمدادات النفط ويُسهم في خفض المخزون خلال الأسابيع اللاحقة، ومن ثم ترتفع أسعار النفط".

وأوضح الحجي أن ارتفاع الأسعار لا يعني التوجه إلى الاستثمار، لأن العاصفة تسببت في إغلاق عدد من المصافي، ويعني ذلك انخفاض الطلب، بما أن المصافي مغلقة هذا يعني أن إنتاج المشتقات سينخفض ويؤدي ذلك إلى خفض مخزونها، ومن ثم ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

وقال: "في الوقت الحالي لا نعرف بالضبط ماذا سيحدث في أسواق الخام بعد انخفاض الإنتاج والطلب".

بالإضافة إلى ذلك أشار الحجي إلى مناشدة العديد من شركات الكهرباء المواطنين في أكثر من 25 ولاية ترشيد الاستهلاك، خوفًا من انقطاع الكهرباء، وإلغاء آلاف الرحلات الجوية نتيجة للطقس، ومن ثم انخفاض الطلب على وقود الطائرات.

وحثّت شركة تشغيل شبكة الكهرباء "بي جيه إم" بعض عملائها البالغ عددهم 65 مليونًا على الحد من الاستهلاك.

وقال الحجي إن معرفة تداعيات العاصفة على الإنتاج والطلب وأسواق الطاقة عمومًا يحتاج إلى شهور.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق