قطاع التكرير في الكويت يستعد لتغذية أوروبا.. والموازنة تترقب مليارات الدولارات
الأنظار تتجه لصادرات نواتج التقطير الخليجية مع اقتراب حظر النفط الروسي
هبة مصطفى
يستعد قطاع التكرير في الكويت لطفرة، خلال الآونة المقبلة، مع دخول مصفاة الزور حيز التشغيل وبدء العمليات التجارية، بعدما خصصت الدولة العربية الواقعة بالشرق الأوسط 30 مليار دولار لاستثمارات القطاع خلال السنوات الـ10 الماضية.
وبجانب ذلك، أُجريت تغييرات على مستوى قيادات قطاع النفط والغاز بصورة عامة، في إطار الاستعداد لدمج بعض من الشركات الفرعية لمؤسسة البترول الكويتية، بحسب ما ورد في مجلة ميس (mees) الأميركية.
وتأتي تطورات قطاع الطاقة الكويتي في توقيت بالغ الأهمية؛ إذ تتطلع الدول الأوروبية إلى زيادة واردات نواتج التقطير من الشرق الأوسط مع اقتراب تفعيل حظر النفط الروسي في 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل والمشتقات النفطية في فبراير/شباط (2023).
وفي التقرير التالي، ترصد منصة الطاقة المتخصصة حركة التغييرات الإدارية بين قيادات الشركات الفرعية لمؤسسة البترول الكويتية بجانب تطورات تشغيل مصفاة الزور وقدرات التكرير بها، وانعكاس ذلك على حجم صادرات نواتج التقطير الخليجية إلى أوروبا.
أولًا: تغييرات قيادات شركات النفط والغاز
- استعدادات الدمج
حظي قطاع الطاقة الكويتي بحزمة تغييرات لقيادات الشركات الفرعية التابعة لمؤسسة البترول، من شأنها إلقاء مسؤولية الطموحات التوسعية والمشروعات المرتقبة على كاهل الرؤساء التنفيذيين ممن وقع الاختيار عليهم مؤخرًا.
وبخلاف تداعيات حركة التغييرات على قطاع التكرير في الكويت؛ فإن القيادات الجديدة ستتولى أيضًا مهمة دعم خطط الحياد الكربوني بالبلاد.
ومؤخرًا، أزاح رئيس مؤسسة البترول الكويتية الجديد، الشيخ نواف سعود الصباح -الذي تولى مهام منصبه في مارس/آذار الماضي- الستار عن أسماء القيادات الجديدة للشركات الفرعية التابعة للمؤسسة، مع الإبقاء على مجموعة أخرى في مواقعها؛ إذ يُخطِّط الصباح لدمج بعض من تلك الشركات في مرحلة لاحقة.
- الحياد الكربوني
خلال مشاركتها في قمة المناخ كوب 27 المنعقدة في مصر منذ 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وتستمر حتى 18 من الشهر ذاته، أعلنت الكويت أهدافها حول الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات، لتصبح بذلك خامس دول مجلس التعاون الخليجي الـ6 التي تنضم لمسار الطاقة النظيفة.
ويفسر هذا الإعلان الإقدام على حركة التغييرات وتعزيز قدرات قطاع التكرير في الكويت مع التركيز على تقنيات خفض الانبعاثات في الوقت ذاته.
وعلى هامش كوب 27، أشار وزير الخارجية الكويتي، سالم الجابر الصباح، إلى سعي بلاده لنزع الكربون عن قطاع النفط والغاز بحلول منتصف القرن (2050).
ووفق التقديرات، تتطلب تلك المستهدفات حصول مؤسسة البترول الكويتية على التمويل اللازم للإنفاق على التقنيات منخفضة الكربون خلال تطوير قطاع النفط، وكذا مشروعات الطاقة المتجددة.
ولفتت وسائل إعلامية محلية إلى أن المؤسسة رفعت تقديراتها لمخصصات التمويل إلى 20.2 مليار دينار كويتي حتى عام 2025.
وتعتزم المؤسسة تخصيص 65% من تلك المخصصات للإنفاق على أعمال المنبع (التنقيب والإنتاج).
- القيادات الجديدة
يترقب قطاع التكرير في الكويت دعمًا من حركة التغييرات وتولي القيادات الجديدة مهامها؛ ولا سيما في ظل مستهدفات برفع الطاقة الإنتاجية للشركات الفرعية تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية إلى 3.5 مليون برميل يوميًا.
1) شركة نفط الكويت:
أُسندت الرئاسة التنفيذية لشركة نفط الكويت إلى أحمد العيدان، خلفًا لعماد سلطان، الرئيس التنفيذي السابق.
تدرّج العيدان في المناصب داخل الشركة، من ضمنها نائب الرئيس التنفيذي لأعمال الحفر والتقنيات، ثم مسؤول قطاع التنقيب والغاز منذ عام 2019.
كما شارك العيدان في إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية "كيه أو تي سي"، خلال المدة بين عامي 2018 و2019، كما تولّى مهام التشغيل والعمليات في الشركة الكويتية للاستكشاف البترولية "كوفبيك".
وبالنظر إلى أن شركة نفط الكويت تُعَد المرفق الأبرز بالقطاع لمسؤوليتها بالكامل عن عمليات المنبع "الإنتاج والتنقيب" خارج المنطقة السعودية-الكويتية المحايدة "بي إن زد"، تقع على عاتق العيدان مسؤولية خفض معدل خسائر الإنتاج بعدما سجّلت طاقة إنتاج الخام أدنى مستوياتها في غضون 12 عامًا.
وسجّلت الطاقة الإنتاجية لشركة نفط الكويت 2.63 مليون برميل يوميًا عامي 2020 و2021، بعدما بلغت ذروتها عامي 2017 و2018 بما يُقدر بنحو 3.15 مليون برميل يوميًا، وتهدف الشركة إلى رفع الطاقة الإنتاجية بحلول عام 2025 إلى 3.2 مليون برميل يوميًا وبالتبعية رفع قدرات التكرير في الكويت وخطط صادرات نواتج التقطير إلى أوروبا.
2) الشركة الكويتية لنفط الخليج:
تعول مؤسسة البترول الكويتية على شركة نفط الخليج لإضافة المزيد من البراميل لإنتاج "شركة نفط الكويت" وتحقيق مستهدفات رفع طاقتها الإنتاجية، وتعزيز قدرات التكرير.
وضمن حركة التغييرات، تقلّد منصب الرئيس التنفيذي للشركة الكويتية لنفط الخليج، خالد العتيبي، الذي يتعيّن عليه توفير حصة البراميل الإضافية -المقدرة بنحو 300 ألف برميل يوميًا- من حصة بلاده بالمنطقة المحايدة مع السعودية.
ويُقدر الإنتاج الإجمالي للنفط من المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية بما يتراوح بين 200 و300 ألف برميل يوميًا، تبلغ حصة الكويت منها من 100 إلى 150 برميلًا يوميًا تُصدر غالبيتها.
ويحصل قطاع التكرير في الكويت على كميات ضئيلة من حصة النفط الثقيل المُنتج من المنطقة المحايدة التي تحصل على ثلثي إنتاجها عبر الأصول البحرية المُدارة من خلال "الخفجي للتشغيل" المشتركة بين "الشركة الكويتية لنفط الخليج" وشركة "أرامكو السعودية".
3) شركة البترول الوطنية الكويتية:
يبدو أن قطاع التكرير في الكويت مقبل على مرحلة جديدة بإسناد الرئاسة التنفيذية لشركة البترول الوطنية "كيه إن بي سي" -وهي أكبر شركات التكرير في البلاد- إلى وضحة الخطيب.
وتولّت الخطيب، في وقت سابق، منصب الرئيس التنفيذي لمصفاة ميناء عبدالله، التي تبلغ طاقة المعالجة بها ما يقارب 454 ألف برميل يوميًا، وهي المصفاة التي طورت -جنبًا إلى جنب مع مصفاة ميناء الأحمدي- مشروعًا يتعلق بإنتاج الوقود النظيف، وتكلف مشروع المصفاتين، الذي افتُتح في مارس/آذار الماضي، استثمارات قدرها 15.6 مليار دولار.
ودفع مشروع الوقود النظيف للمصفاتين التابعتين لشركة البترول الوطنية الكويتية نحو رفع سعة وحدات تقطير الخام بهما من 736 ألف برميل يوميًا إلى 801 ألف برميل يوميًا.
ومن جانب آخر، أسهم مشروع الوقود النظيف بمصفاتي التكرير في الكويت "ميناء عبدالله، وميناء الأحمدي" نحو خفض إنتاج زيت الوقود مقابل زيادة إنتاج البنزين عالي الجودة ونواتج التقطير المتوسطة.
4) الشركة الكويتية لصناعات البترول المتكاملة:
تُعَد الشركة الكويتية لصناعات البترول المتكاملة الذراع الثانية لتطوير طاقة التكرير في الكويت -بجانب شركة البترول الوطنية- وتضمنت حركة تغيير القيادات احتفاظ وليد البدر برئاسة الشركة.
وتتولى الشركة الكويتية لصناعات البترول المتكاملة إدارة محطة للغاز المسال بسعة تصل إلى 22 مليون طن سنويًا، بجانب المصفاة المُطورة حديثًا في مدينة الزور الصناعية.
ويرصد الرسم البياني أدناه حجم إنتاج الكويت النفطي على مدار الأشهر مقارنة بين الأعوام من 2019 حتى العام الجاري (2022)، وفق بيانات منظمة أوبك وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:
ثانيًا: طاقة التكرير في الكويت ومصفاة الزور
- طموحات القطاع
يهدف قطاع التكرير في الكويت إلى تسجيل قدرة معالجة تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2025، ويعول على إنتاج مصفاة الزور -التي بدأت عملياتها التجارية من المرحلة الأولى الأسبوع الجاري- في رفع قدرات التكرير الإجمالية للبلاد إلى مليون و416 ألف برميل يوميًا، بما يسمح بزيادة الصادرات، وجلب مليارات الدولارات إلى الخزينة العامة.
ورغم ذلك؛ فلا تزال الخطط الطموحة لقطاع التكرير في الكويت بحلول عام 2025 تفتقر إلى 200 ألف برميل يوميًا عبر مرافق المعالجة والخطط الإنتاجية اللازمة لاستكمال مستهدف 1.6 مليون برميل يوميًا في غضون 3 أعوام.
ويُشار إلى أن مصفاة الزور وحدها تصل طاقتها الإجمالية على المعالجة إلى 615 ألف برميل يوميًا -بصورة تدريجية- وينظر إليها باعتبارها أحد أبرز مرافق إنتاج المقطرات والمشتقات النفطية عالية الجودة اللازمة للتصدير.
وكانت الشركة الكويتية لصناعات البترول المتكاملة "كيه آي بي آي سي" قد أعلنت بدء العمليات التجارية للمصفاة عقب الانتهاء من تطويرها يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تزامنًا مع انطلاق أعمال قمة المناخ كوب 27.
- مصفاة الزور
صُممت المصفاة لمعالجة النفط الخام الثقيل المُنتج من حقول شمال الكويت التي شهد تطويرها تأخرًا عن الموعد المستهدف.
إذ سبق أن أعلنت شركة التنقيب والإنتاج التابعة للدولة "كيه أو سي" أنها تستهدف إنتاج 900 ألف برميل من مشروع "فارس" بحلول عام 2020، غير أن الإنتاج سجّل حتى الآن 50 ألف برميل يوميًا.
وتضم مصفاة الزور 3 وحدات لإنتاج مقطرات الخام بسعة 205 آلاف برميل يوميًا، وتستعد، خلال الأشهر المقبلة، لتشغيل الوحدتين الثانية والثالثة، وفور اكتمالها تسهم المصفاة برفع قدرات التكرير في الكويت إلى 1.42 مليون برميل يوميًا.
وبجانب الوحدات الـ3، تضم المصفاة وحدتين معنيتين بإزالة الكبريت من الهواء خلال عمليات تحويل النفط الثقيل إلى وقود نظيف صديق للبيئة، بطاقة 110 آلاف برميل يوميًا.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى 3 وحدات لمعالجة الديزل بطاقة 62 ألف برميل يوميًا، بجانب وحدتين لمعالجة النافثا بطاقة 18 ألفًا و200 برميل يوميًا، ووحدتين لمعالجة الكيروسين بطاقة 53 ألف برميل يوميًا.
ثالثًا: صادرات التكرير الكويتية والخليجية إلى أوروبا
من شأن قدرات قطاع التكرير في الكويت تعزيز طموحات الخليج لزيادة صادرات نواتج التقطير والمشتقات النفطية إلى القارة الأوروبية المقبلة على أزمة طاقة تتزامن مع تطبيق الحظر على تدفقات النفط الروسي بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل والمشتقات النفطية المنتجة في موسكو بدءًا من فبراير/شباط المقبل.
وبمواصلة العمل على تطوير طاقة التكرير في البلاد وإنتاج مصفاة الزور لما يقرب من 62 ألف برميل من الديزل يوميًا يمكن للدولة العربية الشرق أوسطية الإسهام بتصدير كميات هائلة من الإمدادات الممتازة منخفضة الكبريت.
وكانت للكويت تجربة تصدير أوروبية مثيرة للاهتمام، بتصدير شحنات من الديزل منخفض الكبريت إلى إيطاليا عقب إنتاجه من مشروع الوقود النظيف.
وقد تُسهم طاقة التكرير في الكويت -خاصة من مصفاة الزور- في تلبية الطلب الأوروبي على نواتج التقطير بالتزامن مع أزمة الطاقة التي أصابت الأسواق العالمية مؤخرًا.
وبالتوازي مع إسهام قطاع التكرير في الكويت بتعزيز الصادرات إلى أوروبا تنخفض صادرات النفط الخام إلى آسيا والأسواق العالمية.
ويوضح الرسم التالي أبرز مشروعات التكرير المستهدفة خلال العام الجاري (2022) والمقبل (2023) في آسيا والشرق الأوسط، ومن بينها مصفاة الزور الكويتية، وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:
وعلى نطاق أوسع، فتح الحظر الأوروبي للنفط الروسي ومشتقاته المجال أمام تكثيف صادرات نواتج التقطير من الشرق الأوسط والخليج إلى دول القارة العجوز.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، بلغت صادرات الشرق الأوسط من نواتج التقطير والديزل بصورة خاصة ما يقدر بنحو 700 ألف برميل يوميًا، مسجلة أعلى مستوياتها في غضون 6 سنوات.
ومع سريان الحظر الأوروبي على الإمدادات الروسية، تُعَد قدرات طاقة التكرير في الكويت والشرق الأوسط مصدرًا بديلًا، ولا سيما مع تشغيل مصفاة الزور وبدء عملياتها التجارية.
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية توضح رؤيتها لمستقبل الفحم في 3 سيناريوهات
- مدير بمؤسسة التمويل الدولية: لا يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري
- أسعار الغاز المسال تقفز بإيرادات صادرات قطر أعلى 101 مليار دولار
- أول شحنة غاز مسال تغادر موزمبيق في طريقها إلى أوروبا
- أسعار الألواح الشمسية في مصر ترتفع 90%.. وشركات تهدد بالإغلاق
- قمة المناخ.. خطة لنشر 100 مشروع هيدروجين خلال 12 شهرًا
- 4 تساؤلات عن خطر الفيضانات.. وهل تنجو مصر والعراق؟