المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغاز

هل تصبح تركيا مركزًا عالميًا لتجارة الغاز الطبيعي بدعم من روسيا؟ (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • أنقرة عازمة على زيادة حصة المصادر المتجددة في محفظة الطاقة لديها
  • • تركيا ستؤسس شركة طاقة تضم تركمانستان وأذربيجان وروسيا التي تجمع بينها حدود مشتركة
  • • خلال العقدين الماضيين نجحت تركيا في تقليل اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة
  • • السياسيون الأوروبيون انتقدوا روسيا بسبب عدم استقرار تدفق إمدادات الطاقة
  • • بعد هجوم روسيا على أوكرانيا ازداد التعاون بين تركيا وروسيا في قطاع الطاقة

تستورد تركيا -حاليًا- نحو 12 مليار دولار من الغاز الطبيعي والغاز المسال، معظمها من روسيا وأذربيجان وإيران وأميركا وقطر والجزائر.

وفي ظل النمو الذي يشهده الاقتصاد التركي، يبدو أن أنقرة عازمة على زيادة حصة المصادر المتجددة في محفظة الطاقة لديها، وتنويع وارداتها من الغاز عن طريق إضافة دول أخرى إلى المجموعة أعلاه.

وتطمح تركيا إلى أن تصبح محورًا ومركزًا لتجارة الطاقة، بفضل موقعها الجغرافي الملائم بين البلدان الغنية بالطاقة والمتعطشة لإمداداتها.

علاوة على ذلك، تتمتع أنقرة -حاليًا- بمكانة مهمة في مجال نقل الطاقة العالمي، إذ تمرّ بعض خطوط أنابيب نقل الطاقة المهمة عبر تركيا.

ويُعَدّ ضمان تنويع المسار والموارد لتعزيز أمن إمدادات الطاقة أحد الأهداف الرئيسة لإستراتيجية الطاقة في تركيا.

وتهدف تركيا إلى الإسهام في أمن الطاقة الإقليمي والعالمي، وأن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا لها.

وتتمثّل العناصر الرئيسة -التي تشكل البعد الدولي لإستراتيجية الطاقة لتركيا- في: الإسهام في أمن الطاقة الإقليمي والعالمي وأن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة الطاقة.

هل تتحوّل تركيا إلى مركز جديد للطاقة؟

في أثناء الاجتماع بين الرئيس التركي رجب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قازاخستان، اقترح بوتين على أردوغان أن تساعد روسيا في تحويل تركيا إلى مركز لتجارة الطاقة لأوروبا.

الغاز الطبيعي في تركيا
لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في قازاخستان - المصدر: رويترز

وقال فلاديمير بوتين: "إنه من خلال نقل الغاز الذي لا يمكن استخدامه في خطوط نورد ستريم من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، يمكننا تمهيد الطريق الرئيس لوقودنا إلى أوروبا عبر تركيا، ويمكننا إنشاء أكبر مركز للغاز الطبيعي لإمداد أوروبا في تركيا".

وستجعل هذه البنود المذكورة في اقتراح بوتين من تركيا شركة طاقة تضم تركمانستان وأذربيجان وروسيا التي لها حدود مشتركة.

وستحدّد تركيا الأسعار في سوق الغاز الطبيعي العالمية وستبيعه إلى أوروبا وتجني عائدات بمليارات الدولارات.

وصرّحت وزارة الخارجية الروسية بأنه "إذا كانت تركيا والمشترون المحتملون مهتمين بالاقتراح، فيمكننا التفكير في بناء خط أنابيب غاز آخر وإنشاء مركز غاز في تركيا للتجارة مع دول ثالثة، ويصبح منصة للإمدادات والتسعير، لأن التسعير أمر بالغ الأهمية هذه الأيام".

ويرى العديد من خبراء الطاقة أن الغاز الطبيعي القادم من روسيا قد يُحوّل إلى غاز طبيعي مسال وإرساله إلى أوروبا عبر تركيا.

ومن ناحية ثانية، يصعب على الغاز الطبيعي المسال المرور عبر المضائق التركية، بسبب نقله بواسطة سفن حمولة كبيرة. لذلك، قد تضطر قناة إسطنبول إلى أن تكون في طليعة الممرات المحتملة.

ويمكن نقل الغاز إلى "جناق قلعة"، المضيق الثاني (والمضيق الأول هو إسطنبول)، الذي يربط البحر الأسود ببحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط بخطوط الأنابيب، ومن هناك يمكن تحويله إلى غاز طبيعي مسال وتوزيعه على بقية العالم.

ويتمثّل الخيار الثاني في الاستمرار في نقل هذا الغاز إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.

تُجدر الإشارة إلى أنه خلال العقدين الماضيين نجحت تركيا في تقليل اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة، وتُعدّ روسيا ثاني أكبر مورد للطاقة إلى تركيا بعد أذربيجان.

إلى جانب ذلك، اتخذت تركيا بعض الإجراءات المنسقة لتقليل اعتمادها على روسيا، وأدى افتتاح ممر الغاز الجنوبي (إس جي سي) وزيادة مشتريات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى انخفاض كبير في واردات الغاز من روسيا.

ولم تُستَنفَد أقصى إمكانات استيراد النفط والغاز من أذربيجان وتركمانستان والعراق وإيران في المستقبل.

موقع تركيا الجيوسياسي

على الرغم من أن تركيا تتمتع بموقع جيوسياسي فريد من نوعه من حيث نقل الطاقة، فإن الموقع الجغرافي والمشاركة في عمليات النقل -من خلال توفير عبور الطاقة إلى الأسواق العالمية- لا تجعل تركيا مركزًا إقليميًا للطاقة في السوق العالمية.

وعندما يتعلّق الأمر بالغاز الطبيعي، فإن تركيا -التي تعتمد بصفة كاملة تقريبًا على الخارج وتلبي أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي من دولة واحدة- ما يزال أمامها العديد من الخطوات التي يجب اتخاذها من حيث أمن الإمداد وأن تصبح مركزًا حقيقيًا للطاقة.

وتتلخص الإجابة الأولى عن سؤال ما الذي يمكن عمله في هذا السياق في ضمان الاستقرار من خلال تنويع موارد الطاقة (تنوع الإمدادات) وأمن الإمدادات؟

وعندما يتعلق الأمر بالغاز الطبيعي، ومشروعات البنية التحتية الحالية، من المهم جدًا -أيضًا- إنشاء البنية التحتية اللازمة لتخزين الغاز الطبيعي على نطاق يمكّن تركيا من أن تصبح مركزًا للطاقة.

إن إنشاء آليات سوق الطاقة الحرة لتلبية الطلب المكثف للسوق الأوروبية، والاحتياطيات الغنية لدى جيران تركيا، سيمكن تركيا من الاقتراب خطوة واحدة من هدفها.

ويُعدّ إنشاء الإطار القانوني والمؤسسي الصحيح، وإنشاء المؤسسات المالية، وأسواق الأوراق المالية والأسواق لتمويل تجارة الطاقة، وتحديد سياسة خارجية طويلة الأجل ومستقرة للطاقة، وتوفير قوة عاملة مؤهلة؛ خطوات ضرورية مهمة لجعل تركيا مركزًا للطاقة.

استثمارات الطاقة في تركيا

على الرغم من أن استثمارات الطاقة هي استثمارات طويلة الأجل، فإنه يجب اتخاذ هذه الخطوات بسرعة بسبب التقلبات الشديدة وانعدام الأمن في الأسواق العالمية.

وقد يفكّر حلف الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تسهيل الاستثمارات في عمليات الغاز الناشئة في البحر الأسود، ومساعدة التنمية السريعة لتركيا، وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، وتمكين الأسواق الأوروبية من شراء المزيد من الغاز الأذربيجاني.

ويبدو أن تركيا تدرك أهمية الدور الذي تؤديه البنية التحتية والاكتشافات المادية من البحر الأسود في الوضع الجيوسياسي الحالي.

الغاز الطبيعي في تركيا
خط أنابيب "تُرك ستريم" الممتد من روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود - المصدر: موقع أخبار قزوين "كاسبيان نيوز"

لقد نما نفوذ تركيا على المسرح العالمي بسبب الجغرافيا السياسية، لا سيما بالنظر إلى الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، وتوسع حلف الناتو، والاستثمارات في البنية التحتية للطاقة، واكتشاف غاز البحر الأسود.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري، قال وزير خارجية تركيا، مولود تشاووش أوغلو، يوم الجمعة 14 أكتوبر/تشرين الأول، إن أنقرة ستدرس الاقتراح الروسي بعناية، مشيرًا إلى وجود استثمارات يجب تنفيذها ودراسة جدواها.

وتتمثّل المسألة في العرض والطلب، ومدى استعداد أوروبا لشراء الغاز من مثل هذا المشروع.

من ناحيتهم، شكّك خبراء الطاقة في احتمال تنفيذ خطة نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا. وتعرّضت روسيا لانتقادات من جانب السياسيين الأوروبيين بسبب التدفق غير المستقر لإمدادات الطاقة.

وتزعم الدول الأوروبية أن موسكو تحاول تفرقة صفوفها بسبب دعمها لأوكرانيا بعد غزوها من خلال منع وصولها إلى الغاز الطبيعي المستقر.

يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أنه بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، ازداد التعاون بين تركيا وروسيا في قطاع الطاقة.

في هذه الأشهر الـ7، التي تلت الغزو، وُقّعت العديد من اتفاقيات التعاون بين موسكو وأنقرة في قطاع الطاقة.

ووافق البلدان على سداد 25% من مدفوعات الغاز بالعملات المحلية، وتفاوضا على خصم 25% على الغاز، وعلى تأخير مدفوعات الغاز حتى عام 2024.

لهذه الغاية، حوّلت شركة "روساتوم" الروسية 7 مليارات دولار إلى الخزائن التركية، ما ساعد على تخفيف عجز الحساب الجاري في تركيا.

وعلى الرغم من أن تنفيذ اقتراح بوتين سيزيد من دور تركيا بصفتها مركز عبور للطاقة في المنطقة، وسيؤدي بدوره إلى زيادة أمن الطاقة الإقليمي، يجب أن يُوضع في الاعتبار أن تركيا لا يمكن أن تصبح مركزًا للطاقة في الوضع الحالي.

وينبغي إجراء الكثير من الاستثمارات في قطاع البنية التحتية للطاقة من حيث مصافي التكرير وتخزين الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال وما إلى ذلك، ويجب تحرير سوق الطاقة في تركيا.

أسئلة بعيدة المدى

توجد أسئلة أخرى تحتاج إلى إجابات، على سبيل المثال، هل ستكون أوروبا مستعدة لاستقبال الغاز الطبيعي الروسي عبر تركيا أم لا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا؟ بالنظر إلى استمرار أزمة الطاقة والعقوبات ضد روسيا، التي قد تشتد حسب مسار الحرب.

ويصبح الأمر أكثر غموضًا فيما إذا كانت الدول الأوروبية مستعدة لشراء الغاز من روسيا.

وتتمثّل إحدى القضايا المهمة -قبل أن تصبح تركيا مركزًا للطاقة- في نظام التسعير.

وهل ستسمح الدول المنتجة للغاز الطبيعي لتركيا بشراء الغاز الطبيعي وبيعه بنظام التسعير الخاص بها؟

لا يمكن إعطاء رأي محدد حول تأثيره المحتمل في سوق الطاقة، حتى يجري فحص اقتراح بوتين وتنفيذه.

وبهذا الصدد، صرّح الرئيس التركي أردوغان بأن منطقة "تراقيا" تبدو أفضل مكان لتصبح مركز توزيع، لكن تركيا ما تزال تفتقر إلى الشروط المطلوبة لتصبح مركزًا.

ومع أن روسيا تؤدي دورًا مهمًا في صناعة الطاقة التركية، فإن اعتماد تركيا المفرط على واردات الطاقة يتعارض مع مبدأ تنويع مصادر الطاقة.

لذلك، يجب على تركيا أن تنظر في التطورات الجديدة في سوق الطاقة وديناميكيات السوق في أثناء تقييم اقتراح بوتين.

إن أي اتفاقية تزيد من الاعتماد على موارد الطاقة الروسية على المدى الطويل، مستهلكًا وبائعًا، ستشكل تحديًا خطيرًا لأمن الطاقة في تركيا.

الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق