المقالاترئيسيةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةغازمقالات الطاقة المتجددةمقالات الغاز

نفوذ روسيا يتراجع في أسواق الطاقة العالمية (مقال)

أومود شوكري* ترجمة نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • استفادت روسيا أكثر من غيرها من أزمة الطاقة الأوروبية
  • • روسيا تمتلك بعض أكبر احتياطيات العالم من النفط والغاز الطبيعي والفحم واليورانيوم
  • • الغزو الروسي لأوكرانيا يمثّل نهاية حقبة بدأت قبل 3 عقود
  • • العقوبات حرمت شركات الطاقة الروسية من الوصول إلى الموارد المالية والتكنولوجيا المتقدمة
  • • الغزو الروسي لأوكرانيا بداية نهاية عصر الدولة العظمى في سوق الطاقة العالمية
  • • سيظهر تراجع مكانة روسيا بصفتها دولة عظمى في مجال الطاقة على المدى المتوسط

أسهم نظام التسعير لدى روسيا المختلف عن بعض أنظمة التسعير الأوروبية في زيادة اعتماد البلاد على موارد الطاقة، على مدى العقدين الماضيين، وتعَذَّر على منافسيها مجاراتها، إذ استفادت أكثر من غيرها من أزمة الطاقة الأوروبية.

واستعرضتُ بالتفصيل في كتابي "دبلوماسية الطاقة الأميركية والسياسة الخارجية وسياسة الطاقة" طريقة ارتقاء روسيا إلى مرتبة "دولة عظمى في مجال الطاقة" بين عامي 2006 و2009.

وينطبق مصطلح "الدولة العظمى في مجال الطاقة" على دولة تمتلك بعض أكبر احتياطيات العالم من النفط والغاز الطبيعي والفحم واليورانيوم، فضلًا عن مرافق الطاقة المتجددة، ومن ثم تمتلك روسيا القدرة على أن تكون مصدِّرًا رئيسًا للطاقة مؤثِّرًا في الأسعار والتجارة.

وبالنظر إلى المستويات الحالية للطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم، فإن الدولة التي تتمتع بهذا النفوذ تُعدّ بلا شكّ لاعبًا رئيسًا في السوق العالمية والاقتصاد العالمي، وقادرًا على الدفاع عن مصالحه دون منازع.

الهدف الروسي لاستعادة النفوذ

شحنات من النفط الروسي
شحنات من النفط الروسي- أرشيفية

يتمثل الهدف الرئيس لروسيا في استعادة نفوذها في النظام الدولي، كما يُعدّ استخدام مواردها من الطاقة بصفة أداة للسياسة الخارجية عنصرًا أساسيًا لتحقيق هذا الهدف ،وبناءً على ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوضوح عن أن أهداف روسيا تتعلق بقيادة سوق الطاقة العالمية.

وانطلاقًا من رؤية بوتين، تتجسد غاية روسيا الأساسية من إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي في مساعدتها على زيادة نفوذها من خلال الاعتماد على موارد الطاقة.

وتتجلّى هذه المنهجية في سياسات روسيا تجاه معظم بلدان رابطة الدول المستقلة، التي استفادت من صفقات موارد الطاقة السخية، مقابل البقاء تحت دائرة نفوذ موسكو.

في المقابل، تنطوي أيّ محاولة من جانب هذه الدول لزيادة العلاقات مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على عواقب تطال تكاليف الطاقة لديها، ولهذا أُشيرَ إلى أن روسيا تستخدم الطاقة سلاحًا ضد دول المنطقة.

الغزو ينهي دور روسيا بصفتها دولة عظمى

في مقال نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية، ألمح خبير الطاقة الأميركي الرائد دانييل يرغين إلى التراجع التدريجي لدور روسيا بصفتها دولة عظمى في مجال الطاقة.

وألمح يرغين إلى دور العواقب السلبية لحرب أوكرانيا في تقليص نفوذ روسيا بصفتها دولة عظمى في مجال الطاقة، بالإشارة إلى ما جلبته موارد الطاقة الروسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويرى يرغين أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثّل نهاية حقبة بدأت قبل 3 عقود، بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق.

جدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يشير فيها يرغين إلى تراجع نفوذ روسيا بصفتها دولة عظمى بمجال الطاقة في السوق.

وجاءت تصريحات يرغين بعد يوم من فرض حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن عقوبات على منتجات الطاقة الروسية، لأن العقوبات لها تأثير سلبي في أوروبا، وليس فقط في روسيا.

إمدادات الطاقة الروسية

وعلى الرغم من جهود إدارة بايدن للحفاظ على هدوء أسواق النفط، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفعت أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة.

واختتم يرغين مقاله بالإشارة إلى الاستثمار الهائل الذي نفّذته الشركات الروسية في صناعة الطاقة الروسية على مدى العقود الـ3 الماضية.

وفي نهاية المطاف، أضعفت دول الغرب الاقتصاد الروسي، رغم أن ظروف سوق الطاقة أجبرت شركات الطاقة الغربية على الاستثمار بالبنية التحتية للطاقة في روسيا.

من ناحيتها، تتخلى الشركات الغربية تدريجيًا عن صناعة الطاقة الروسية، نتيجة فرض أوروبا والولايات المتحدة عقوبات على روسيا.

ونظرًا لأن الشركات الناشئة تشتري العقارات المهجورة ومنشآت الطاقة الروسية المتداعية بأسعار معقولة، فمن الطبيعي أن تتعامل هذه الشركات مع روسيا بمقتضى العقوبات التي حرمت شركات الطاقة الروسية من الوصول إلى الموارد المالية والتكنولوجيا المتقدمة.

وهذا يجسّد قدرة العقوبات على خفض إنتاج روسيا من النفط والغاز الطبيعي.

وقد بدأ بوتين الحرب الأخيرة على أوكرانيا بزعم تحقيق "الوحدة"، وبأن الروس والأوكرانيين "أمة واحدة"، وبعَدِّها خطوة مهمة في تحقيق طموحه الكبير باستعادة نفوذ روسيا بصفتها دولة عظمى.

خلاصة القول، إن ما فعتله روسيا سيقوّض أهم مصدر للقوة الاقتصادية لديها، فضلًا عن تقويض هدف تحقيق هذه الوحدة.

تداعيات الحرب على حصة روسيا

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مترددًا في وصف روسيا بأنها دولة عظمى، لأن ذلك يعيد إلى الأذهان الحرب الباردة.

وعلى الرغم من أن الغزو الروسي لأوكرانيا أكّد أنه يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية لروسيا، وقد يخدم مصالحها الإستراتيجية طويلة الأجل في العلاقات الدولية، فمن المستبعد أن يكون الغزو نافعًا لدولة تمثّل صادرات الطاقة والأسلحة مصدر دخلها الأساس.

وسوف يمثّل الغزو الروسي لأوكرانيا بداية نهاية عصر الدولة العظمى في سوق الطاقة العالمية.

وفي حين إن الأزمة الأخيرة في أوكرانيا ستنتهي عاجلًا أم آجلًا، بغضّ النظر عمّا إذا كانت روسيا تحقق أهدافها أم لا، ستواجه موسكو تحديات خطيرة في جذب رأس المال والتكنولوجيا المتقدمة من شركات النفط العالمية.

وهذا يعني انخفاضًا تدريجيًا في الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز والغاز الطبيعي المسال، وسيؤدي تراجُع الطاقة الإنتاجية إلى تقليص حصة روسيا في السوق، وتقليص أرباح النقد الأجنبي.

وسيتمثل أبرز تحدٍّ في تراجع النفوذ السياسي لروسيا بالسياسات الداخلية والخارجية تجاه الدول المجاورة وعملاء الطاقة الروس التقليديين.

السياسة الخارجية لروسيا

نظرًا لحاجة أوروبا للغاز الطبيعي الروسي، وفي غياب بدائل لمصادر الطاقة الروسية في السوق الأوروبية على المدى القصير، لن يكون مفاجئًا انطلاق صادرات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 2 بحلول نهاية هذا العام.

نورد ستريم 2
خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2 - الصورة من صحيفة دير شبيغل

وسيكون من الصعب على موسكو تمديد عقود تصدير الطاقة الحالية. يأتي ذلك في وقت استثمرت به البلدان الرئيسة المستهلكة للطاقة بشكل كبير في البنية التحتية اللازمة لتحوّل الطاقة.

لذلك، ينبغي على الرئيس بوتين، الذي أولى اهتمامًا خاصًا بدور الطاقة في السياسة الخارجية لروسيا، أن يبحث من الآن فصاعدًا عن عامل آخر في السياسة الخارجية الروسية يمكن أن يؤدي دورًا في سياسة موسكو الخارجية، مثل صادرات الطاقة.

ويجب أن تتهيأ سوق الطاقة العالمية للتوقف عن عَدِّ روسيا دولة عظمى في مجال الطاقة.

ورغم مساعي الحدّ من ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال الأميركي نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى فرض عقوبات على روسيا، وتراجع مكانة روسيا بصفتها دولة عظمى في مجال الطاقة، ينبغي عدم تجاهل أن موسكو تؤدي حاليًا دورًا مهمًا في تحالف أوبك+.

ومن المتوقع أن يظهر تراجع مكانة روسيا بصفتها دولة عظمى في مجال الطاقة على المدى المتوسط.

*الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق