الطاقة النووية في مصر تترقب مشروع الضبعة.. والمشروعات النظيفة تتقدم للأمام (تقرير)
داليا الهمشري
- لا بد من إشراك الطاقة النووية في مزيج الطاقة لضمان أمن الطاقة في المواقع الحيوية.
- تحسين كفاءة الطاقة يمثل شرطًا أساسيًا في أي منظومة للتحول نحو الطاقة النظيفة.
- هناك طريقتان أساسيتان لتخزين الطاقة هما محطات الطاقة الكهرومائية والبطاريات.
تشكل الطاقة النووية في مصر أهمية بالغة في مزيج الطاقة المستقبلي؛ نظرًا إلى تمتعها بعدد من السمات التي تميزها عن مصادر الطاقة الأخرى، من بينها الموثوقية ورخص تكلفة الإنتاج.
وتتراوح دورة العمل في المحطات النووية بين 60 و80 عامًا، بينما لا يتجاوز عمر المحطة الشمسية -على سبيل المثال- 25 إلى 30 عامًا على أقصى تقدير.
من جانبه، نوّه خبير الطاقة الجديدة والمتجددة الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأميركية، الدكتور عمر عبدالعزيز، بأهمية محطة الضبعة، وهي أحد مشروعات الطاقة النووية في مصر في تشكيل مزيج الطاقة المصري.
أهمية الطاقة النووية في مصر
أوضح خبير الطاقة الجديدة والمتجددة، عمر عبدالعزيز -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الطاقة النووية في مصر ستمثل الحمل الأساسي لضمان توافر الكهرباء في المواقع الحيوية طوال الوقت وعدم انقطاعها تحت أي ظروف.
ولفت إلى أن مصر تحتاج إلى نسبة تتراوح بين 3 و5% من حمل الشبكة من الطاقة النووية لضمان تشغيل المواقع الحيوية نظرًا لكونها طاقة ثابتة وموثوقة، على أن تكون باقي النسبة من الطاقة المتجددة المتذبذبة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ويشغل عبدالعزيز منصب ممثل مصر في فريق التقييم الفني والاقتصادي التابع لأمانة الأمم المتحدة للبيئة، كما قدم العديد من الأنشطة البحثية رفيعة المستوى في مجال الطاقة.
مستقبل الطاقة النووية في مصر
أفاد الدكتور عمر عبدالعزيز بأن الدولة قد خصصت أكثر من 7 آلاف و600 كيلومتر مربع من الأراضي التي تتمتع بمصادر الطاقة المتجددة والتي يمكن استغلالها في إنتاج 26 غيغاواط من طاقة الرياح و55 غيغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وردًا على سؤال حول مستقبل الطاقة النووية في مصر، قال خبير الطاقة الجديدة والمتجددة إن إنشاء المحطات النووية مُكلف للغاية ويحتاج إلى دراسات مكثفة.
وأشار إلى أن الدولة تدرس مشروع محطة الضبعة منذ ما يقرب من 60 عامًا، مستبعدًا أن يشهد قطاع الطاقة النووية في مصر إنشاء محطات جديدة.
وأكد عبدالعزيز أن تنفيذ محطة الضبعة -الآن- جاء في التوقيت المناسب، لافتًا إلى أن الطاقة النووية في مصر تشكل جزءًا أساسيًا من منظومة الطاقة الجديدة والمتجددة.
كما سلط الضوء على أهمية تحسين كفاءة الطاقة في البلاد، موضحًا أنه يمثل شرطًا أساسيًا في أي منظومة للتحول نحو الطاقة النظيفة، مضيفًا أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر لديها ذراع مهمة جدًا لكفاءة الطاقة ومعامل ومختبرات ذات كفاءة عالية للغاية.
وأبرز أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة تعمل مع الهيئة المصرية للاعتماد والجودة للرقابة على الأجهزة الكهربائية القادمة من الخارج، والتأكد من كونها موفرة للطاقة.
وحول جهود مصر في مواجهة التغيرات المناخية ولا سيما في ظل استضافتها لمؤتمر المناخ القادم كوب 27، أكد عبدالعزيز أن البلاد تسير على الطريق الصحيح في هذا الاتجاه من خلال التوسع في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، واستخدام غازات تبريد ذات انبعاثات كربونية أقل.
وأوضح أن الحكومة تنفذ -حاليًا- مشروعات بتمويل من منظمات الأمم المتحدة لتحسين كفاءة الطاقة.
تمكّنت مصر من تحقيق هدفها بالوصول إلى 20% من الطاقة المتجددة في عام 2022، وتستهدف الوصول إلى 42% بحلول عام 2025، ولكن ذلك يتطلب استخدام محطات الطاقة النووية للمحافظة على الحمل الكهربائي الأساسي.
أهمية الطاقة الكهرومائية
بالإضافة إلى مشروعات الطاقة النووية في مصر، قال خبير الطاقة جديدة والمتجددة، الدكتور عمر عبدالعزيز، إن الطاقة الكهرومائية أيضًا من أول المصادر التي أحدثت طفرة في الصناعة على مستوى العالم، معتبرًا السدود من أهم مصادر توليد الكهرباء.
وأوضح أن بناء السد العالي في مصر قد فتح الباب أمام الثورة الصناعية الكبيرة، كما هو الحال مع سد هوفر في الولايات المتحدة الأميركية وسد الممرات الثلاثة في الصين، لافتًا إلى أن إثيوبيا تعول -الآن- على سد النهضة من أجل تحقيق تقدم صناعي خلال المرحلة المقبلة.
ويرى عبدالعزيز أن أبرز التحديات التي تواجه انتشار الطاقة الكهرومائية هو حاجتها لمساحة ضخمة، موضحًا أنه عند بناء سد الممرات الثلاثة في الصين -على سبيل المثال- اضطرت الحكومة لقطع الأشجار الكثيفة في المنطقة المحيطة؛ ما أثار حالة عنيفة من الجدل بين نشطاء المناخ حول جدوى قطع الأشجار من أجل توليد الطاقة النظيفة.
إلا أنه أكد أن أكثر ما يميز الطاقة الكهرومائية هو الثبات والموثوقية على خلاف أنواع أخرى من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الطاقة الحرارية الجوفية
أكد الخبير المصري الدكتور عمر عبدالعزيز أن الشمس تؤدي دورًا بارزًا في إنتاج الطاقة الحرارية الجوفية؛ نظرًا إلى تأثيرها في القشرة الأرضية التي تخزنها على هيئة حرارة في باطن الأرض، يمكن استخدامها بطرق مختلفة.
ولفت الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأميركية إلى أن هذا النوع من الطاقة غير شائع الانتشار؛ لسببين: السبب الأول أنه يتطلب نوعية تربة مناسبة لنقل الحرارة، وهذا لا يتوافر في بعض الدول مثل مصر لتربتها الرملية.
والسبب الثاني هو أن الوصول إلى درجات الحرارة الكافية يتطلب الحفر لمسافات بعيدة تحت الأرض؛ ما يجعلها عملية مُكلفة للغاية، ومن الصعب الوصول إلى تكافؤ بينها وبين الوقود الأحفوري.
إلا أنه أكد أهمية استغلال الطاقة الشمسية الحرارية في تسخين المياه والسخانات الشمسية فوق أسطح المنازل وبعض الأغراض الصناعية.
الطاقة الشمسية الكهروضوئية
أكد خبير الطاقة الجديدة والمتجددة الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأميركية، الدكتور عمر عبدالعزيز، أن جميع المناطق في مصر تستطيع الاعتماد على استخدام الطاقة الشمسية الفوتوفولطية طوال العام.
وأوضح -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن قدرة المحطات التابعة لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر تبلغ نحو 1291 ميغاواط، بينما تجاوزتها قدرة القطاع الخاص التي بلغت نحو 1975 ميغاواط.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يملك مرة ونصف المرة تقريبًا من الطاقة المتجددة المملوكة للدولة.
وقال إن قدرة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة من الكهرباء المولدة بلغت نحو 4 آلاف و324 ميغاواط/ساعة، بينما وصلت قدرة القطاع الخاص إلى 6 آلاف و38 ميغاواط/ساعة، بالإضافة إلى 300 ميغاواط تحت التنفيذ من قبل الهيئة، و700 ميغاواط من قبل القطاع الخاص.
وأضاف عبدالعزيز أنه في عام 2022، تمكنت مصر من زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 20%، منها 12% من طاقة الرياح، و6% من الطاقة الكهرومائية، و2% فقط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وتابع أنه من المفترض -وفقًا لإستراتيجية الدولة- أن تصل هذه النسبة إلى 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2035، على أن تتضمن 3% من الطاقة النووية.
تخزين الطاقة
أفاد الخبير المصري الدكتور عمر عبدالعزيز بأن هناك طريقتين أساسيتين لتخزين الطاقة: هما محطات الطاقة الكهرومائية والبطاريات.
وأشار إلى أن محطات الطاقة الكهرومائية تُستخدم في تخزين 99.9% من الكهرباء على مستوى العالم، تليها البطاريات.
وأضاف أن مشكلة البطاريات التقليدية كانت تواجه مشكلتي محدودية المساحة وثقل الوزن، إلا أن بطاريات الليثيوم أيون قد أدت دورًا كبيرًا في حل هذه المشكلات ومكنت تكنولوجيا السيارات الكهربائية.
وتابع أن سعة بطارية الليثيوم أيون كانت 100 كيلوواط في البداية، إلا أنها وصلت -الآن- إلى 100 ميغاواط؛ أي أن قدرتها ارتفعت نحو 1000 مرة، بينما زادت قدرتها على تخزين الكهرباء نحو 10 مرات.
ورأى الدكتور عمر عبدالعزيز أن تخزين الطاقة يمثّل أهم التحديات التي تواجه التوسع المصري في مصادر الطاقة المتجددة، مؤكدًا أن حلّ هذه الأزمة سيغني مصر عن استخدام الوقود الأحفوري والاعتماد على الطاقة الشمسية نظرًا إلى وقوعها في الحزام الشمسي.
دور الهيدروجين الأخضر
أوضح الدكتور عمر عبدالعزيز أن الهيدروجين الأخضر يُعَد إحدى صور تخزين الطاقة وتحويلها إلى صورة يمكن استخدامها، مشيرًا إلى أنه لا يمكن استخدام الكهرباء بمثابة وقود للطائرات -على سبيل المثال- بينما يمكن استخدام الهيدروجين لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ورأى عبدالعزيز -خلال تصريحات لمنصة الطاقة المتخصصة- أن استخدام الهيدروجين الأخضر يعزز الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، إلا أن المشكلة الرئيسة تتمثل في كيفية تخزين الهيدروجين الأخضر، لأنه عبارة عن ذرات صغيرة للغاية لا بد من كبسها ووضعها في أنابيب معدنية.
ولكن نظرًا إلى قدرته على اختراق هذه الأنابيب، توصلت الأبحاث إلى إمكان تخزين الهيدروجين في صورة الأمونيا الخضراء، مبرزًا خطة مصر للتوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في منطقة قناة السويس.
كما أبرز خبير الطاقة الجديدة والمتجددة إمكان استخدام الهيدروجين مع بعض المواد الكربونية والهيدروكربونية لإنتاج وقود جديد ترتفع فيه نسبة الهيدروجين؛ ما يجعله أكثر صداقة للبيئة.
وأبرز ضرورة إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المصادر الأحفورية الأخرى.
وذكر عبدالعزيز أن الهيدروجين الأخضر يمثل أقل من 1% فقط من نسبة الهيدروجين المُنتج على مستوى العالم؛ نظرًا إلى أن إنتاجه بالتحليل الكهربائي باستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة يرفع تكلفته 10 مرات تقريبًا مقارنةً بتكلفة إنتاجه بالطرق التقليدية.
انخفاض تكلفة الإنتاج
قال الدكتور عمر عبدالعزيز إن هناك دراسات كثيرة تؤكد أن إنتاج الهيدروجين الأخضر سينخفض ثمنه من 6 دولارات للكيلوغرام -حاليًا- إلى 2 دولار للكيلوغرام بحلول عام 2025، موضحًا أن هذا الانخفاض لن يكون كافيًا أيضًا.
وأضاف أن سعر إنتاج الهيدروجين الأخضر لا بد أن ينخفض حتى يصل إلى دولار أو نصف دولار فقط حتى يكون مكافئًا في التكلفة للوقود الأحفوري.
وتابع أن الهيدروجين الأخضر يُستخدم -الآن- لإنتاج الأمونيا لصناعة الأسمدة أو لبعض الأغراض الصناعية.
واستطرد أن مصر قد نجحت -بالفعل- في اجتذاب بعض الشركات العالمية للاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، ولا سيما أن تكلفة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية رخيصة جدًا في البلاد.
موضوعات متعلقة..
- خطوة جديدة بمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بين مصر والإمارات (صور)
- الطاقة النووية في مصر.. 341 فرصة عمل تجذب أكثر من 16 ألف شاب
- بدء صب الخرسانة لأول مفاعلات محطة الضبعة النووية في مصر (صور)
اقرأ أيضًا..
- كوارث نورد ستريم تتواصل.. رصد أكبر انبعاث لغاز الميثان على الإطلاق
- ما آثار التغير المناخي في دول الخليج؟ خبيرة عُمانية تجيب (تقرير)
- توقعات اجتماع أوبك+ المرتقب وهل تعلن السعودية خفضًا طوعيًا؟.. 5 خبراء يجيبون
- مشروعات الطاقة الشمسية في أميركا تشهد نموًا قياسيًا (تقرير)