رئيسيةتقارير الطاقة النوويةطاقة نووية

أزمة الطاقة تضع المحطات النووية على أجندة الانتخابات البرلمانية في السويد

أعادت أزمة الطاقة، التي تعانيها الدول الأوروبية، المحطات النووية إلى الواجهة من جديد، بعد سنوات من التخوف وتعهدات بعض الدول بتفكيك مفاعلاتها.

وتصدّرت المفاعلات النووية في السويد أجندة المرشحين للانتخابات البرلمانية المقررة في 11 سبتمبر/أيلول المقبل، ضمن خطوات الدولة الأوروبية لتأمين احتياجات مواطنيها من الكهرباء.

يأتي ذلك بالتزامن مع تأجيل إعادة تشغيل المفاعل النووي السويدي رينغالس 4 بعد أعمال الصيانة لمدة 3 أشهر بعد أن تضرر مكون رئيس ويتطلب إصلاحات شاملة.

أزمة المفاعل رينغالس

قالت شركة رينغالس -في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 30 أغسطس/آب- إنها تتوقع أن يستأنف المفاعل -الذي كان مغلقًا للصيانة السنوية واستبدال الوقود به منذ منتصف أغسطس/آب- إنتاج الكهرباء في 30 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

يأتي الانقطاع الممتد في وقت حرج مع ارتفاع أسعار الطاقة في جميع أنحاء أوروبا، وكل الإنتاج مطلوب بصفة كبيرة، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

وقالت الشركة، في بيان منفصل اليوم الأربعاء 31 أغسطس/آب: "فيما يتعلق باختبار إلزامي عند بدء التشغيل بعد إغلاق استمر لمدة شهر تضرر وعاء الضغط في المصنع".

وأضافت: "من المؤسف أن يبقى رينغالس 4 خاملاً لمدة أطول مما كان مخططًا له، وسنبذل قصارى جهدنا لاستعادة المنشأة حتى يمكن استئناف إنتاج الكهرباء".

وأكدت الشركة المشغلة أن الحادث الذي وقع في المفاعل، الذي تبلغ طاقته المركبة 1130 ميغاواط، لم يكن له تأثير في سلامة المفاعل.

ويعمل وعاء الضغط البالغ وزنه 84 طنًا على منع الماء من الغليان على الرغم من درجات الحرارة المرتفعة في المفاعل الواقع على الساحل الغربي للسويد.

إحدى المحطات النووية في السويد
محطة طاقة نووية في السويد- أرشيفية

محطات الطاقة النووية

ليست مطالب زيادة الاعتماد على المحطات النووية في السويد بمعزل عن دعوات أوروبية أخرى تسعى إلى توليد كهرباء لا تعتمد على الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي المستورد من الخارج، خاصة بعد تصاعد أزمة الإمدادات الروسية وتأثيرها السلبي في جيوب المستهلكين.

وبات الجدل يتوسع أوروبيًا حول المحطات النووية، خصوصًا في ألمانيا وفنلندا وفرنسا، إذ ترتفع المطالب بزيادة الاستثمار فيها، وإعادة تشغيل المحطات المتوقفة.

صراع انتخابي

أعادت الانتخابات البرلمانية في السويد الجدل من جديد حول محطات الطاقة النووية، وسط مطالب البعض بإنشاء المزيد من المحطات وإعادة العمل بالمغلقة (12 محطة).

ويلعب معسكر يمين الوسط واليمين المتشدد في ستوكهولم هذه الأيام على وقع أزمة الطاقة، بوعود ودعوات انتخابية إلى الاستثمار وتشغيل المزيد من المحطات النووية، إذ إن زعيم كتلة يمين الوسط، رئيس حزب المعتدلين أولف كريسترسون، يَعِد في حال وصول ائتلافه اليميني إلى رئاسة الحكومة بـ"تسريع أكبر للاستثمارات في الطاقة النووية، وإزالة العقبات القانونية والسياسية من أمام إنشاء المزيد من المفاعلات النووية".

ومن بين العقبات، يَعد كريسترسون بإزالة رسوم طلب بناء مفاعل نووي، والبالغة نحو 100 مليون كرونه سويدية (9.40 مليون دولار أميركي)، لإتاحة المجال أمام الشركات ومراكز الأبحاث لبناء المزيد منها، ولو محطات نووية صغيرة.

كما أطلق زعيم حزب اليمين القومي المتشدد "ديمقراطيو السويد" جيمي أوكسون، وعدًا انتخابيًا بجعل اعتماد السويد على الطاقة النووية 100%.

ويستغل أوكسون جدل الطاقة في محاولة للتقرب من معسكر يمين الوسط بزعامة كريسترسون، الساعي لاستبدال رئيسة حكومة يسار الوسط الاجتماعي الديمقراطي ماغدالينا أندرسون.

كما يدعم الحزب "المسيحي الديمقراطي"، بزعامة إيبا بوش، التوجه إلى المحطات النووية، مشددًا على أنه "إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد أن يتحرر من الفحم والغاز، فهناك حاجة إلى مزيد من الطاقة النووية".

إحدى المحطات النووية في السويد
محطة طاقة نووية في السويد- أرشيفية

التخلص من المحطات

انتهجت السويد في السنوات الـ10 الأخيرة سياسة التخلص التدريجي من المحطات النووية، خصوصًا محطة بيرسبيك جنوبي البلد، المقابلة للعاصمة الدنماركية كوبنهاغن، لكن خلال السنوات القليلة الماضية أبطأت التخلص النهائي منها.

وتوقف تقديم طلبات لبناء محطات جديدة منذ 2010، أما اليوم، وعلى ضوء الارتفاع الجنوني لأسعار الكهرباء على المستهلكين، فيندفع معسكر اليمين إلى وضع الطاقة النووية على طاولة الناخبين، بصفتها "طاقة نظيفة ومتجددة وأرخص ثمنًا".

وتوفر محطات الطاقة النووية نحو 40% من الطلب على الكهرباء في السويد، التي كانت تسعى إلى التخلص من هذه المحطات، إذ قررت الحكومة في عام 1980 التخلص التدريجي من المحطات النووية، إلا أن البرلمان في يونيو/حزيران 2010 صوّت لإلغاء هذه السياسة.

وسمحت سياسة الطاقة في السويد لعام 1997 بتشغيل 10 مفاعلات لمدة أطول مما كان مخططًا له في سياسة التخلص التدريجي لعام 1980، ولكنها أيّدت الإغلاق المبكر لمحطة مكونة من وحدتين بقدرة 1200 ميغاواط، كما أُضيفت 1600 ميغاواط لاحقًا إلى المفاعلات الـ10 قيد التشغيل.

وفي عام 2015، اتُّخذت قرارات بإغلاق 4 مفاعلات بحلول عام 2020، وهو ما حرم البلاد من 2.8 غيغاواط.

أزمة المناخ

يعتمد معسكر تأييد الطاقة النووية بديلًا عن المصادر التي يرونها مدمرة للمناخ على تغير اتجاهات الرأي العام، خاصة بين الشباب، على عكس أهاليهم الذين قادوا حملات وشاركوا في مظاهرات في السويد لإغلاق المحطات النووية.

وأظهر بحث في أواخر العام الماضي 2021 عن جامعة غوتنبرغ أن نسبة الشباب الراغبين في التخلص التدريجي من الطاقة النووية انخفضت بصفة واضحة في السنوات الأخيرة، لتتراجع من 60% في 2017 إلى نحو 36%.

وكانت السويد قد وضعت -قبل حادثة مفاعل فوكوشيما الياباني قبل نحو 11 عاما- خطة طموحة للتحول من الطاقة النووية إلى طاقة الرياح، لكن في 2019 انهارت الاتفاقيات بين يسار ويمين الوسط حول منع إقامة مفاعلات نووية جديدة.

وتراجعت خطط وصول السويد إلى إنتاج الكهرباء من خلال طاقة متجددة ومستدامة بنسبة 100% في عام 2040.

وبدأت السويد تشغيل أول محطة نووية في عام 1963، وحتى عام 1980 كان البلد بنى 12 محطة نووية، وفي عهد رئيس الحكومة الأسبق، الراحل أولف بالمه، وبعد حادثة هاريسبرغ النووية في أميركا 1979، أُجري استفتاء 1980 حول التخلص التدريجي من المفاعلات السويدية الـ12.

كما كان من المقرر أن تخلو السويد من المحطات النووية بحلول 2010، لكن الأمور لم تجر كما تمناها اليسار ويسار الوسط، ويبدو أن الظروف المحلية والعالمية تفرض نفسها، ليس فقط لإعادة تشغيل ما أُغلق، وإنما اللحاق بمشروعات أوروبية أخرى لتشييد المزيد من المفاعلات لإنتاج الكهرباء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق