تأجيل إغلاق محطات الفحم الأميركية.. واللوم يقع على أزمة سلاسل التوريد (تقرير)
مي مجدي
- الرسوم الجمركية على استيراد الألواح الشمسية تعوق عمليات إغلاق محطات الفحم في أميركا
- ستركّز أهداف خفض الانبعاثات في أميركا على إغلاق المزيد من محطات الفحم
- إنتاج محطات الفحم في عام 2021 يصل إلى 20%
- من الصعب تقدير الآثار الصحية لانبعاثات محطات الفحم
تركت الحرب الروسية على أوكرانيا آثارها في جميع مناحي الحياة، وكان أبرزها إطالة عمر محطات الفحم الأميركية، فضلًا عن عودة الطلب العالمي على أسوأ أنواع الوقود وأكثرها تلويثًا.
وبدأت خطط الطاقة المتجددة الطموحة والتحول إلى الطاقة النظيفة، تواجه صعوبات وتحديات -مؤخرًا- مع تأجيل إغلاق محطات الفحم في الولايات المتحدة.
ويقع اللوم على عاتق الطاقة المتجددة، التي كانت من المفترض أن تحلّ محلّ محطات الفحم الأميركية، إذ تلقّت صفعة قوية خلال الأشهر الماضية؛ بسبب الخلل في سلاسل التوريد، جراء جائحة كورونا، حسب وكالة رويترز.
وبالنسبة للمرافق، بات من الصعب مواكبة الطلب القوي على الكهرباء، بعد فرض وزارة التجارة الأميركية رسومًا جمركية على واردات الألواح الشمسية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
إطالة عمر محطات الفحم الأميركية
كان على رأس محطات الفحم الأميركية، محطة كهرباء تعمل بالفحم على الشاطئ في شيبويغن بولاية ويسكونسن، إذ من المتوقع إطالة عمرها حتى منتصف 2025، بدلًا من إغلاق مقرر خلال العام الجاري (2022).
وتعدّ محطة "إيدجووتر" -التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 400 ميغاواط، وتابعة لشركة "ألينت إنرجي"- واحدة من 6 محطات على الأقلّ في جميع أنحاء البلاد، التي أعلنت هذا الصيف تأجيلًا أو تأخيرًا محتملًا لعمليات الإغلاق المخطط لها، مشيرين إلى مخاوف متعلقة بنقص الطاقة.
كما قررت الشركة نفسها إطالة عمر محطة "كولومبيا إنرجي سنتر" -بقدرة تصل إلى 1.1 غيغاواط، وتقع في بورتاج- إلى يونيو/حزيران 2026، وهو تأخير يدوم قرابة 18 شهرًا.
في حين أجّلت شركة "دبليو إي سي إنرجي غروب" إغلاق الوحدات المتبقية في محطة توليد الكهرباء "أوك كريك"، والتي تبلغ قدرتها الإنتاجية 1135 ميغاواط، بالقرب من ميلووكي، نحو 18 شهرًا، حتى مايو/أيار 2024، وأواخر عام 2025.
إلقاء اللوم على تأجيل مشروعات الطاقة المتجددة
ألقت شركة "نيسورس" في إنديانا باللوم على تأخير مشروع الطاقة الشمسية لمدة تصل إلى 18 شهرًا في تأجيل إغلاق محطة "شافر" العاملة بالفحم لمدة عامين، حتى عام 2025، وتبلغ قدرتها 877 ميغاواط.
وفي نبراسكا، ستصوّت دائرة الكهرباء العامة في أوماها يوم 18 أغسطس/آب (2022) على قرار يتعلق بإطالة عمر محطة "نورث أوماها" -بقدرة 645 ميغاواط- حتى عام 2026، وهو تأخير يصل إلى 3 سنوات.
ويرجع سبب ذلك إلى تأخير تحديد المواقع، وتراكم الدراسات بشأن التحول إلى الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية.
ولا يختلف الوضع في نيو مكسيكو، فقد أجلت شركة "بي إن إم ريسورسز" إغلاق وحدة في محطة "سان خوان" لمدة 3 أشهر حتى سبتمبر/أيلول (2022)، بعدما هدد الجفاف إمدادات الطاقة الكهرومائية، وتسببت درجات الحرارة في زيادة الطلب على الكهرباء.
ورغم عمليات التأجيل أو التأخير المحتمل لمحطات الفحم الأميركية، أكدت جميع الشركات التزامها بأهدافها الطوعية طويلة الأجل بشأن انبعاثات الكربون.
فعند حرق الفحم يولّد كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بأيّ وقود أحفوري آخر، كما يطلق أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، فضلًا عن ضباب دخاني يضرّ الرئة والقلب.
هل تفشل أميركا في التحول إلى الطاقة النظيفة؟
قالت كبيرة مديري حملات الطاقة في مجموعة "سييرا كلوب" البيئية، هولي بندر، إن تأجيل إغلاق محطات الفحم الأميركية لا ينذر بعودة استخدام الفحم، مستشهدةً بإغلاق أو خطط إغلاق قرابة 360 محطة فحم في السنوات الأخيرة، مقارنة بنحو 170 محطة تواصل أنشطتها.
في المقابل، ترى بندر أن التأخير يمثّل بادرة تنذر بالفشل في التخطيط لتطوير الطاقة النظيفة المطلوبة.
ومن المرجح أن تعتمد أهداف الرئيس الأميركي جو بايدن، والمتمثلة في خفض انبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2030 عن مستويات 2005، وإزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول عام 2035، على زيادة إغلاق محطات الفحم الأميركية.
وستحصل خطة بايدن على الدعم الكافي إذا قرّر مجلس النواب الأميركي أن يحذو حذو مجلس الشيوخ لتمرير قانون خفض التضخم، الذي من شأنه أن يخفض الانبعاثات بنحو 40% بحلول عام 2030، وفقًا للمحللين.
وكانت صناعة الفحم في الولايات المتحدة قد تعرضت لانتقادات حادة، وسط تدفّق الغاز الطبيعي الرخيص، وانخفاض أسعار مصادر الطاقة المتجددة، واللوائح التي تضيّق الخناق على الملوثات التي تسبّب مشكلات صحية مباشرة ومخاطر ثاني أكسيد الكربون.
وأنتجت محطات الفحم الأميركية قرابة 20% من الكهرباء عام 2021، انخفاضًا من نحو 50%، في عام 2006.
ومع ذلك، لن تكون مواصلة خفض الانبعاثات سهلة.
وفي هذا الشأن، قالت بندر: "من الضروري أن نزيد المساءلة عن المرافق والمنظمين والمخططين لضمان تحويل قطاع الكهرباء بعيدًا عن الفحم".
انبعاثات محطات الفحم
على صعيد متصل، يصعب تقدير الآثار الصحية لانبعاثات محطات الفحم على المواطنين في مناطق محددة؛ لأن الريح تنثر الملوثات التي تطلقها المداخن العالية، كما إن التلوث الناجم عن المركبات والصناعة يضرّ بجودة الهواء.
ووفقًا لوكالة حماية البيئة الفيدرالية، فشلت مقاطعة ميلووكي وأجزاء من مقاطعة شيبويغن في الامتثال لمعايير الأوزون الأميركية المعدلة منذ عام 2018.
وقالت عالمة جودة الهواء بجامعة ويسكونسن، تريسي هولواي، إن محطات الفحم، حتى لو كانت في مناطق تتوافق مع المعايير الفيدرالية، يمكن أن تتسبب في مشكلات صحية.
وعن إطالة عمر محطات الفحم الأميركية، أوضحت أن إبقاء هذه المحطات لا يساعد في حل المشكلة.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة "ألينس ريسورس بارتنترز"، جو كرافت -وهي ثالث أكبر منتج للفحم في الولايات المتحدة- أن استمرار تشغيل المحطات أمر جيد للشركات.
وقال: "قوة أسواق الفحم الأميركية والأوروبية ينبغي أن تقود نمو هامش الشركة على أساس سنوي، من الآن وحتى عام 2024".
بينما أكد كبير المسؤولين التجاريين والشريك الإداري في شركة "أولوما ريسورس"، تيد أوبراين، -وهي شركة لتسويق الوقود في بيتسبرغ-، أن محطات الفحم لن تبقى مفتوحة للأبد، لكن التأجيل يمكن أن يطيل عمر المناجم على الأقلّ.
وقال أوبراين: "ربما يمنح ذلك الفحم القوة على البقاء للحفاظ على مكانته في مزيج الطاقة الأوسع نطاقًا بالولايات المتحدة".
اقرأ أيضًا..
- صادرات خطوط أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا تهبط لأقل مستوى في 40 عامًا
- ما الفرق بين سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية والمركبات الكهربائية؟
- السيارات الكهربائية سلاح دول غرب أفريقيا لمواجهة أزمة الوقود