التقاريرتقارير الغازتقارير النفطسلايدر الرئيسيةغازنفط

تفاصيل أول دراسة لتقييم بئر ترسيم وهل تخيب آمال الجزائر؟

الجزائر - عماد الدين شريف

أعدّ الخبير الدولي الجزائري في مجال الطاقة، عبدالرحمان مبتول، دراسة تقييمية عن بئر ترسيم المكتشف حديثًا في الجزائر، قال فيها، إن الاكتشافات النفطية الناجحة، التي من شأنها أن تحقق مردودًا اقتصاديًا، محكومة بمجموعة من المعايير، لا تقف عند مجرد اكتشاف مخزون من الموارد الطاقوية الباطنية في منطقة معينة.

وأضاف مبتول، في دراسته التقييمية لبئر ترسيم، التي حصلت "الطاقة" على نسخة منها باللغة الفرنسية، أن هناك مسارًا طويلًا قبل أن يتحول هذا المخزون من النفط إلى ثروة حقيقية تُسَعَّر على مستوى البورصة العالمية للمحروقات.

وأضاف أن إعلان مؤسسة سوناطراك اكتشافها للمحروقات في بئر ترسيم بمنطقة عقلة الناصر وزملة العربي الموجودة في محيط حوض بركين على بعد 300 كيلومتر جنوب شرق حاسي مسعود، يعدّ إنجازًا ضخمًا.

احتياطيات بئر ترسيم

كشفت عملية تجربة الإنتاج لبئر ترسيم عن متوسط بقيمة 46.4 متر مكعب/ساعة، أي 7 آلاف برميل يوميًا من النفط، بالإضافة إلى 140 ألف متر مكعب من الغاز يوميًا، على مستوى البئر الثانية المبرمجة في إطار الشراكة مع "إيني" الإيطالية.

بئر ترسيم في الجزائر

وعلّق مبتول على هذا الإعلان بكونه مواصلة للسياسة الريعية، بينما تفرض الوضعية الحالية التحلي بالموضوعية و"الحوكمة" لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتأهيله، إذ إنه بالنسبة للمحروقات التي تعدّ المورد الأساس للبلاد، تواجه الجزائر منافسة قوية.

وأضاف أن معطيات سوناطراك لا تمثّل إلّا قيمة ونتيجة بئر أولية واحدة، على الرغم من اعترافه بكونها مهمة حسب النتائج الأولية، موضحًا: "من السابق لأوانه الحديث عن عائدات الحوض بمعدل إنتاج حقيقي، وكان من الأَوْلى عدم إقحام الرأي العامّ في مثل هذا النوع من الإعلانات؛ كونه ملفًا تقنيًا".

وتابع: "الإعلانات المتعلقة بملفات إستراتيجية من هذا النوع تكون في أحيان كثيرة مخيبة للآمال، عندما تكتشف في نهاية المطاف نسبة ضئيلة من المحروقات لا يمكن استعمالها إلّا في إعادة ضخّها في الآبار من أجل إنتاج النفط".

بئر ترسيم
مدير الدراسات السابق بوزارة الطاقة الجزائرية والخبير الدولي، عبدالرحمان مبتول

ولفت إلى أنه من منطلق أن القيم المعلنة من قبل سوناطراك بالنسبة لبئر ترسيم قد تكون واقعية أو محتملة، فالتجربة أثبتت أن حفر بئر واحدة لا تقدّم النتائج الحقيقية، من ثم فإن الأمر يتطلب حفر آبار أخرى في المنطقة؛ للتعرف على القيمة الحقيقة للمخزون.

وأوضح أن هناك حاجة إلى أعمال حفر إضافية للتأكد من النتائج المسجلة، وتحويلها إلى إحصائيات وأرقام تعكس الواقع، وذلك بحفر من 4 إلى 5 آبار أخرى، ليمكن على ضوئها تحديد مساحة المنطقة وقيمة المخزون بدقّة، أمّا من الناحية العملية، فالمؤشرات الحالية للبئر لا تمنح إمكان الحصول على القيم الحقيقية للحقل.

العائدات مرتبطة بالاستثمار

قال مبتول، إن عائدات بئر ترسيم ستكون محكومة بحجم الاستثمارات المسخّرة لها من جهة، وتطوّر الأسعار على الصعيد الدولي من الناحية المقابلة، علمًا بأن هذه الأخيرة تتأثر بشكل واضح بالأحداث الجيوسياسية، على غرار الأزمة في أوكرانيا.

ومن حيث الواقع والإجراءات العملية المرتبطة به، وفقًا للخبير الدولي، يتطلب الأمر دراسة معمقة لتحديد مخطط استغلال الحقل المكتشف وتطويره، بما في ذلك عدد الآبار المراد حفرها، وحجم الإنتاج اليومي، ومستويات ضخّ الماء والغاز، وكذلك الهياكل الضرورية لتجهيز الموقع.

ومن أجل الانطلاق في أقرب وقت باستغلال المخزون المكتشف، قد يكون من الضروري وصل الحقل بشبكة الأنابيب الأقرب، ضمن خطة تضمن عدم استنزاف المخزون بشكل متسارع.

أسئلة لتحديد قيمة الاكتشاف

قال مبتول في دراسته، إن تحديد الإستراتيجية المراد تطبيقها يستدعي الإجابة على 5 أسئلة ضرورية، وهي:

  • أولًا: ما هو العمر الافتراضي لبئر ترسيم؟
  • ثانيًا: ما هو حجم الإنتاج المادي للاكتشاف، وما هي قيمة الزيادة المنتظرة في الإنتاج الوطني؟
  • ثالثًا: ما هو الحجم المتبقي من المخزون، مع مراعاة نسبة إعادة الحقن في الآبار لتجنّب نضوبها؟
  • رابعًا: ما هو إجمالي الاستثمار وتكاليف التشغيل؟
  • خامسًا: ما هي الإيرادات الإجمالية المتوقعة خلال السنوات الـ3 المقبلة بعد تشغيلها؟

وأوضح أنه وفقًا لعدّة سيناريوهات، كما هو الشأن بالنسبة لافتراض سعر برميل النفط 80 دولارًا، واحتساب صافي عائدات سوناطراك في إطار الشراكة مع "إيني" وفقًا لقاعدة 49% و51%، المنصوص عليها في قانون المحروقات الجديد، باحتساب القطاع إستراتيجي.

وتوقّع مبتول أن تحصل إيطاليا على ضمانات، من خلال مفاوضاتها مع الجزائر، برفع كمية واردات الغاز الجزائر بنحو 4 مليارات متر مكعب سنويًا، بجانب انخراط شركة "إيني" في عمليات استثمارية في الجزائر تمتد إلى 2027، للرفع من إنتاج الغاز.

ولفت إلى أن الجزائر بإمكانها رفع إنتاجها مع نهاية هذه المدة إلى 80 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعني زيادة صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا من 11% إلى 25% من مجموع احتياجاتها.

وتصدّر الجزائر إلى أوروبا -عبر خط أنابيب "ترانسمد" الرابط بين الجزائر وإيطاليا- ما بين 22 و23 مليار متر مكعب سنويًا، بينما تتّسع قدرات خط الأنابيب لنحو 32 مليار متر مكعب من الغاز.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق