استمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز يعزز نفوذ وأرباح شركات الوقود الأحفوري
نوار صبح
- استغلال الأسعار المرتفعة والخوف من نقص الوقود يعززان نفوذ شركات النفط لدى الحكومات
- من المتوقع استمرار بيئة الأسعار المرتفعة لمدة طويلة
- تكثيف الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة والبحث عن مصادر بديلة لإمدادات النفط والغاز
- الحكومات في أنحاء العالم تبحث عن حلول قصيرة الأجل لإيجاد بديل للطاقة الروسية
- انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أظهرت أعلى زيادة سنوية على الإطلاق في عام 2021
أدّى ارتفاع أسعار النفط بصورة كبيرة وتجاوزها أكثر من 130 دولارًا للبرميل إلى زيادة أسعار البنزين في المملكة المتحدة إلى أكثر من 155 بنسًا للتر، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار الغاز.
وفي ظل هذه الظروف ظهرت توقعات أن الغزو الروسي لأكرانيا قد يهيئ ظروفًا مواتية لشركات النفط والغاز لكسب أرباح استثنائية، واستغلال الأسعار المرتفعة والخوف من نقص الوقود لتعزيز نفوذها لدى الحكومات بطرق يمكن أن تكون لها آثار كارثية على أزمة المناخ.
وقال رئيس تطوير العلاقات في شركة تحليل الطاقة "كورن وول إنسايتس" البريطانية، روبرت باكلي: إن لدى شركات النفط والغاز فرصة لاستعادة نفوذها لدى واضعي السياسات، مشيرًا إلى أن أسعار النفط والغاز ستواصل ارتفاعها لمدة طويلة، حسبما أوردت صحيفة الغارديان البريطانية.
وتوقع نائب رئيس بنك جيفريز الاستثماري البريطاني لوك سوسامز، استمرار بيئة الأسعار المرتفعة لمدة طويلة.
وفي المقابل، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه إلى جانب الانتشار السريع للطاقة المتجددة، سيكون هناك إنتاج أكبر من بحر الشمال، وهذا ما يرجّح إمكان نمو أرباح منتجي الوقود الأحفوري.
وأعلن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن قيود صارمة على واردات النفط والغاز من روسيا، التي ستؤثر في الاتحاد الأوروبي أكثر من غيره، لأنه يستورد نحو 40% من الغاز من روسيا، وستلحق هذه القيود الضرر بجميع البلدان، إذ تُحدد أسعار النفط والغاز دوليًا.
حماية أمن الطاقة
تسعى حكومات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الآن، وبصفة عاجلة، إلى إيجاد طرق لحماية أمن الطاقة لديها، من خلال تكثيف الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة والبحث عن مصادر بديلة لإمدادات النفط والغاز.
وتمثل دول منظمة أوبك، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، مصادر الإمداد المنشودة، رغم أنها كانت مترددة حتى الآن في الالتزام بزيادة الإنتاج، حسب التقرير.
ويتوقع المحللون أن هذا الوضع قد يتغير، إذ أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بأن سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يفضل زيادة الإنتاج، وأدى هذا الخبر إلى انخفاض أسعار النفط بنحو 11% عن ذروتها، وذلك قبل أن ينفي وزير الطاقة سهيل المزروعي هذه الرغبة، مؤكدًا التزام أبوظبي باتفاق أوبك+.
- الإمارات تنفي رسميًا تصريحات "العتيبة" بشأن أوبك وزيادة الإنتاج (تحديث)
- قفزة أسعار النفط ترفع أسهم شركات الطاقة الـ6 الكبرى
وقد تمنح الأزمة شركات النفط والغاز الغربية مثل بي بي وشل وإكسون وتوتال نفوذًا لدى الحكومات، إذ دافع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن شركات النفط، من خلال رفضه دعوات من حزب العمال البريطاني، يوم الأربعاء، إلى فرض ضريبة غير متوقعة.
وقال بوريس جونسون: إن فرض الضريبة سيؤدي فقط إلى أن ترفع شركات النفط أسعارها، وبذلك يتعذر إلزامها بالتخلي عن اعتمادها على النفط والغاز الروسيين.
وقال الشريك في مجموعة الطاقة في شركة المحاماة الدولية "كرويل آند مورينغ"، روبين بايلي: إن الحكومات في جميع أنحاء العالم تبحث عن حلول قصيرة الأجل لإيجاد بديل للطاقة الروسية.
وأضاف أن بحر الشمال يُعدّ حلًا واضحًا لإمدادات الطاقة في بريطانيا، حتى يحين وقت تشغيل المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.
تُجدر الإشارة إلى أن حقول النفط والغاز الجديدة تستغرق سنوات أو عقودًا حتى تبدأ الإنتاج، لذلك، حتى إذا بدأت الشركات في توسيع نطاق استكشافها على الفور، فلن يؤدي ذلك إلى خفض الأسعار الحالية.
وقد أصبح لدى شركات النفط والغاز الكبرى الآن فائض في السيولة، التي يمكن استخدامها للاستثمار في زيادة الإنتاج من الحقول الحالية، واستكشاف حقول جديدة.
مخاوف نشطاء البيئة
حذّر نشطاء البيئة الخضراء من أن شركات النفط والغاز كانت تستخدم حالة الطوارئ في أوكرانيا لتعزيز مصالحها، من خلال تشجيع الحكومات على إعطاء الأولوية لإنتاج النفط والغاز واتخاذ قرارات الآن بشأن الاستثمارات.
وأكدوا أن الاستثمارات لزيادة إنتاج النفط والغاز سيكون لها تأثير ضئيل على الأزمة الحالية، ولكنها ستزيد بشكل كبير من استخدام الوقود الأحفوري في السنوات المقبلة.
وقالت مؤسسة مجموعة "فولو ذيس"، التي تتألف من 8 آلاف مساهم صديق للبيئة في شركات النفط والغاز، مارك فان بال: "إن قادة شركات النفط والغاز أكدوا في السنوات الأخيرة أنهم يريدون التمسك بنموذج أعمالهم القديم؛ وهو تحويل الهيدروكربونات إلى عائدات مالية نفطية".
وأعرب عن خشيته من أن تصغى الحكومات إلى الشركات وتستجيب إلى رغباتها.
وقالت مديرة مجموعة "أبليفت"، التي تقوم بحملات لمنع إنتاج الوقود الأحفوري في بحر الشمال، تيسا خان، إن من المخجل أن تسعى شركات النفط والغاز، التي استفاد بعضها من شراكاتها الروسية لسنوات، الآن إلى استخدام هذه الأزمة الإنسانية لتعزيز مصالحها.
وفي تحذير من العواقب المحتملة لزيادة الاعتماد على النفط والغاز، أفادت وكالة الطاقة الدولية، أول أمس الثلاثاء (8 مارس/آذار)، بأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أظهرت أعلى زيادة سنوية على الإطلاق في عام 2021.
وأشارت الوكالة إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالطاقة ارتفعت بنسبة 6% في عام 2021 إلى 36.3 مليار طن، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق، إذ انتعش الاقتصاد العالمي من جائحة كوفيد-19، معتمدًا بشكل كبير على الفحم لدعم النمو.
وكانت الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية أكثر من ملياري طن، وهي الأكبر في التاريخ من حيث القيمة المطلقة، وتفوق مقدار الانخفاض في الانبعاثات الذي شُوهد خلال إجراءات الإغلاق بسبب تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020.
وقالت المديرة التنفيذية لمجموعة كلايمت باور، وهي مجموعة حملات في الولايات المتحدة، لوري لودز: إن المزيد من التنقيب في العديد من المواقع ليس حلًا قصير المدى، وإنما يُعدّ مشكلة طويلة الأمد تزيد من نفوذ الرؤساء التنفيذيين لشركات النفط والغاز وثرائهم.
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب بحر قزوين.. هل يكون ملجأ روسيا للتحايل على قرار بايدن؟
- سوق السيارات في الجزائر بين الإفلاس والهجرة.. القصة الكاملة
- 6 إجراءات لمواجهة تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون