التغير المناخيأخبار منوعةتقارير التغير المناخيرئيسيةروسيا وأوكرانياعاجلمنوعات

الحرب الروسية الأوكرانية تهدد إجراءات مكافحة تغير المناخ (تقرير)

بعض دول أوروبا تعود لاستخدام الفحم بدلًا من الغاز الروسي

حياة حسين

قلبت الحرب الروسية الأوكرانية الموازين في أوروبا بشأن معادلة توفير الطاقة وتغير المناخ، وباتت تهدد خطط القارة للتحرك نحو الاقتصاد الأخضر، وعلاج تغير المناخ.

وبحسب تقرير تحليلي نشرته مجلة تايم الأميركية؛ تسعى أوروبا والولايات المتحدة إلى التخلص من الاعتماد على النفط والغاز الروسي، خاصة بعد شن روسيا حربًا على أوكرانيا، وفي الوقت ذاته تسعى تلك الدول إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، لعلاج تغير المناخ وتجنب كوارثه الطبيعية.

وأشار التحليل إلى أن التشريع المطروح في أميركا لحظر واردات النفط والغاز الروسية، الذي يُدرس حاليًا -وفق ما أعلنه البيت الأبيض، يوم الجمعة 4 مارس/آذار- بجانب تراجع بريطانيا عن حظر دخول سفن الغاز الطبيعي المُسال الروسي إلى موانيها، تحت حجة تبدو واهية للغاية، وهي أنها تقصد بالحظر السفن وليست الحمولة، وأيضًا تكالب شركات أوروبا على شراء الغاز الروسي منذ بداية الحرب، كلها أمور تشير إلى أن كفة أمن الطاقة في أوروبا ستغلب على أي شيء آخر، بما فيها تغير المناخ.

خطوط الغاز

قالت مجلة تايم الأميركية إن ألمانيا تتخذ عددًا من الإجراءات التي يراها خبراء بيئيون مهددة لمكافحة تغير المناخ.

وكانت منظمة "أمويلثيلف" الألمانية المعنية بالبيئة -قبل شهر- تحارب أي مشروع جديد لخطوط نقل الغاز واستيراده، حتى لا يطول عمر مشروعات الوقود الأحفوري، وتصعب مسألة التخلص منها؛ ما يهدد بعدم حل أزمة تغير المناخ.

كما كانت الرئيسة التنفيذية للمنظمة، ساستشا مولر كرانر، تردد دائمًا عبارة: "نسعى إلى التخلص من الوقود الأحفوري، وليس بناء بنية أساسية لمشروعات جديدة"، لكن من الواضح أن هذه الصورة تغيرت الآن، بعد 30 يومًا فقط، حسب التحليل.

أضخم حرب برية

تزود روسيا ألمانيا -وهي أكبر اقتصاد أوروبي- بأكثر من نصف احتياجاتها من الغاز، لكن غزو موسكو لكييف في أضخم حرب برية منذ عقود وتغير شكل العلاقات بين القارة العجوز والدولة المعتدية، ألقى خطط أوروبا للطاقة إلى حالة من التخبط.

وبحسب التحليل؛ فإن منظمة "أمويلثيلف" الألمانية، المعنية بالبيئة، كانت تعتقد أن برلين تدشن بنية تحتية خاصة بمشروعات الوقود الأحفوري، بما فيها خطوط أنابيب تربطها مع موسكو، بهدف تدفئة وإنارة منازلها، لكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، عليها البحث عن بدائل أخرى.

وأوضح أن بدائل توفير الطاقة المحدودة أمام ألمانيا، بعد ظهور التهديد الجيوإستراتيجي الروسي، قلب "الطاولة" على الحكومة.

نورد ستريم2

أزمة غزو أوكرانيافي 27 فبراير/شباط الماضي، بعد غزو روسيا لأوكرانيا بأيام معدودة، ألغت حكومة ألمانيا، بقيادة المستشار أولاف شولتس، مشروع نقل الغاز العملاق بين البلدين نورد ستريم2، الذي بلغت تكلفته الاستثمارية 11 مليار دولار.

وقررت ألمانيا بناء محطتي تخزين ضخمتين تسمحان بتخزين غاز طبيعي تحصل عليه من مصادر أخرى، عبر شحنات الغاز الطبيعي المُسال التي تأتي عبر البحر.

وكانت المستشارة الألمانية السابقة، أنغيلا ميركل، من أكبر الداعمين لمشروع نورد ستريم2، رغم العقوبات الأميركية المكثفة على الشركات المشاركة في تدشينه، أملًا في تأمين وصول الغاز إلى بلادها وكل أوروبا، وهو المشروع الذي أوقفه شولتس بمجرد توليه المنصب نهاية العام الماضي، حتى قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

تأجيل إغلاق المحطات النووية

أعلن وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك -وهو العضو في حزب الخضر- أن بلاده قد تؤجل إغلاق آخر المحطات النووية حتى نهاية العام المقبل، إضافة إلى محطات توليد الكهرباء بحرق الفحم حتى 2030.

ولدى ألمانيا خطة للتخلص من محطاتها النووية تنتهي هذا العام، إضافة إلى الفحم، في إطار تحول الطاقة وتحقيق الحياد الكربوني.

وحذر هابيك، مساء الأحد 6 مارس/آذار، من أن بلاده ستواجه وضعًا صعبًا في إمدادات الطاقة، الشتاء المقبل، في حالة انقطاع توريدات الفحم والغاز من روسيا، لكنه أكد عدم وجود مشكلات في الربيع والصيف، حسبما ذكرت "روسيا اليوم".

وفي وقت سابق، عارض هابيك حظر استيراد حوامل الطاقة من روسيا على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

وفي الوقت ذاته، أكد وزير الاقتصاد الألماني أن بلاده ستسرع خطواتها نحو تطوير محطات الطاقة المتجددة.

تغيّر المناخ

وتُعَد تحركات ألمانيا نحو تأمين مصادر الطاقة، في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، جزءًا من صياغة أوروبية يُعاد تشكيلها.

ويتضح من تحركات ألمانيا، وهي النموذج الأوروبي، للتعامل مع أزمة الطاقة، وفي إطار محاولات التخلص من النفط والغاز الروسي، أنها تحمل نذر سوء لقضية تغير المناخ.

وتحصل أوروبا حاليًا على 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، لكن سيشهد ذلك تغيرًا عاجلًا.

ونشرت المفوضية الأوروبية للطاقة، مطلع هذا الأسبوع، على "إيرافتيف"، نداءً إلى الدول الأعضاء للبحث عن بدائل جديدة للغاز الطبيعي، إضافة إلى تسريع تنفيذ مشروعات طاقة متجددة.

الخطة الأصلية

كانت خطة المفوضية الأوروبية للطاقة، في نسختها الأصلية، التي كان من المفترض تطبيقها بداية من 2 مارس/آذار الجاري، تركز على كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع ارتفاع أسعار الطاقة، لكنها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، عدّلتها إلى بدائل جديدة لتوفير الغاز الطبيعي.

وسيرًا على خطى ألمانيا، قرر مرفق كهرباء "إينل إس بي إيه"، وهو الأكبر في إيطاليا التي تستورد نحو 45% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، إلغاء خطة لتحويل أكبر محطتين للفحم في البلاد للعمل بالغاز.

ورغم أن الغاز يُعَد أحد مصادر الوقود الأحفوري، لكنه يتسم بأنه أقل تلويثًا للبيئة من الفحم؛ إذ تقل انبعاثات الكربون منه عن نصف ما يبثه حرق الفحم في الهواء، وفق ما أشارت إليه تحليلات وكالة حماية البيئة الأميركية.

واقترح رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، إعادة فتح محطات الفحم القديمة؛ لتحل محل الوقود الروسي، بينما أشارت جمهورية التشيك الصغيرة إلى أنها قد تحاول التخلي عن اعتمادها على الوقود الروسي، عن طريق شراء حصة في منشآت ألمانية جديدة مصممة لاستيراد الغاز الطبيعي من الناقلات.

وعلّقت مستشارة السياسات في مركز أبحاث المناخ الأوروبي، ماريا باستوخوفا، على تلك التغيرات قائلة: "إن المشكلة في البحث عن بدائل للوقود الروسي أنها ستسبب زيادة انبعاثات غازات الدفيئة مع إعادة تشغيل محطات الفحم".

مخاوف خبراء البيئة

يثير التحول إلى نقل الغاز الطبيعي المُسال في ناقلات إلى أوروبا، بوصفها بديلًا للغاز الطبيعي الروسي، مخاوف بعض خبراء البيئة بالقلق، كونه يتطلب كميات وقود إضافية للنقل، واحتمالات حدوث تسريبات على طول مسارات الشحن التي ترتاد المحيطات والقارات المتعددة.

كما قد تجلب أوروبا بعض هذا الغاز من عمليات التكسير الهيدروليكي في أميركا، وهي عمليات كانت مسؤولة عن الارتفاع الهائل في غاز الميثان، الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض في السنوات الأخيرة.

غير أن آخرين يعتقدون أن هذه الفرضية غير سليمة، وأن الغاز الروسي قد يكون أسوأ في تأثيره في المناخ من نقل الغاز الطبيعي المُسال، حسب تحليل تايم الأميركية.

ولكن الخوف الأكبر من هذا الاتجاه، يتمثل في التراجع عن خطط التخلص من الوقود الأحفوري وإطالة عمر منشآته، في وقت يحتاج المناخ لممارسات عاجلة لتجنب كوارثه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق