الطاقة الشمسية في أميركا.. بايدن يتحايل على التصنيع المحلي ويدعم الصين
وإل جي الكورية تقرر الخروج من سوق الطاقة الشمسية الأميركية
هبة مصطفى
في طريق تعزيز هدف إسهام الطاقة الشمسية في أميركا بنسبة 40% ضمن مزيج الكهرباء بحلول عام 2035، اصطدمت قرارات الرئيس جو بايدن بمؤيدي الصناعة المحلية.
وفتح تخارج العملاق الكوري الجنوبي إل جي إلكترونيكس من مشروعات الطاقة الشمسية في أميركا، في 22 من فبراير/شباط، لأسباب أرجعتها الشركة إلى معوقات في سلاسل التوريد والتكلفة اللوجستية، الباب أمام تساؤل "لماذا لا تتجه أكبر الاقتصادات الغربية إلى التصنيع المحلي للطاقة الشمسية؟".
وخلال رحلة الإجابة عن هذا التساؤل، برز حجم التوغل الصيني للسيطرة على سوق صناعة الطاقة الشمسية في العالم، بعد أن عكفت بكين خلال السنوات الماضية على رصد حجم المخاوف الغربية من آثار تغير المناخ.
وخطوة بعد خطوة، استحوذت الشركات الصينية على صناعة الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية وبطارياتها، وتوربينات الرياح، وأصبحت المورد الأكبر لمعدات الصناعة ومكوناتها.
ماذا قدّم ترمب إلى الطاقة الشمسية؟
تعرّضت خطوات توغل السيطرة الصينية على سوق الطاقة الشمسية في أميركا لمحطات عدة، من ضمنها فرض رسوم على الواردات الصينية لأدوات الصناعة عام 2014، بما يفوق 50% على مُصنعي الصين، ما دفعها إلى فتح أسواق لها في ماليزيا وتايلاند وفيتنام.
ولجأت الصين إلى بدء استثمارات جديدة في تلك الأسواق، في محاولة للتغلب على الرسوم التي يُطلق عليها "رسوم الإغراق التجاري"، وهي بصورة عامة رسوم تُفرض على المستثمر الأجنبي في حالة انخفاض الأسعار للمنتج أو الصناعة ذاتها في بلد المُصدر عن بلد المستورد.
وخضعت الشركات الصينية والأسواق التي فتحتها في الدول الآسيوية الأخرى (فيما أُطلق عليه رسوم المادة رقم 201 للطاقة الشمسية) لرسوم الإغراق مرة أخرى في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2018.
ورغم أن ترمب من غير الموالين للخطط والأهداف المناخية فإن خطوة فرض الرسوم على الموردين من الصين والأسواق التابعة لها جاءت في صالح المُصنعين المحليين.
ولجأت رابطة صناعات الطاقة الشمسية غير الهادفة للربح (إس إي آي إيه) إلى القضاء، احتجاجًا على قرار ترمب الذي عدّته الرابطة يعوق تطور الطاقة الشمسية في أميركا.
- كندا تنتصر على أميركا في نزاع الرسوم الجمركية على الطاقة الشمسية
- الطاقة الشمسية.. ميدان جديد للحرب التجارية بين أميركا والصين
بايدن والواردات الصينية
بالنظر إلى واقع السوق، والتوغل الصيني في صناعة الطاقة الشمسية على الصعيد العالمي، لم يكن أمام الرئيس الحالي جو بايدن خيارات عدة، إذ تُشير بيانات السوق إلى أن من بين أكبر 10 شركات لصناعة الطاقة الشمسية بالعالم توجد 8 شركات صينية، وشركة كورية جنوبية، وشركة أميركية.
ولتحقيق الهدف الوارد في الخطة الأميركية، برفع إسهام الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء من 3% حاليًا إلى 40% بحلول عام 2035، أصبح الاستيراد من الأسواق العالمية السبيل الأمثل أمام بايدن.
ودعم بايدن موقف رابطة صناعات الطاقة الشمسية التي تضم شركة كناديان سولار ومقرها كندا، رغم أن رئيسها التنفيذي صيني الجنسية، بالإضافة إلى شركات محلية لا تُصنّع الألواح الشمسية وإنما تركّبها، في خطوات الضغط لإلغاء رسوم الإغراق التجاري.
وتصاعدت حدة مقاومة رسوم الإغراق التجاري؛ بهدف عدم تمديد العمل بها عقب انتهاء مدتها المقررة بـ4 سنوات منذ فرضها ترمب عام 2018، خلال العام الجاري، وسط مخاوف من التأثير السلبي لوقف العمل بها في صناعة الطاقة الشمسية في أميركا محليًا.
تحايل على التصنيع المحلي
قررت هيئة التجارة الدولية الأميركية -في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي- تجديد العمل برسوم الإغراق التجاري لمدة 4 سنوات جديدة، وفق ما ورد في تقريرها النهائي عقب مناقشات مع جهات محلية معنية بالأمر، وما ورد في مقال نشرته فوربس.
لكن بايدن ضرب بالقرار عرض الحائط وقرر استئناف التعامل مع الموردين الصينيين، بل تحايل على الأمر حتى يبدو وكأنه نفّذ قرار هيئة التجارة الدولية لكن بضمانات تسمح بتحقيق أهدافه تجاه تطوير الطاقة الشمسية في أميركا.
واعتمدت إستراتيجية بايدن على جانبين حتى يُعوض المورد الصيني رسوم الإغراق التجاري التي سيدفعها، لكنه أيّد -في 4 من الشهر الجاري- فرض الرسوم على الألواح والخلايا الشمسية والمساحات مربعة الشكل المتصلة بالتركيبات المنزلية وغيرها.
وهنا قرر بايدن -أيضًا- زيادة عدد واردات الخلايا الشمسية إلى ضعفين، رغم أن 80% من تلك الخلايا تُصنع بالأسواق الآسيوية التي تسيطر عليها الصين، كما رفض أن يشمل قرار رسوم الإغراق التجاري الألواح الشمسية ثنائية الوجه الأساسية في الصناعة.
الصين.. "أوبك" الطاقة الشمسية
يسمح هذان الاستثناءان من قبل بايدن بترسيخ التوغل الصيني بصناعة الطاقة الشمسية في أميركا وفي العالم أيضًا، كما يشكلان ضربة للتصنيع المحلي، في خطوة وصفها محللون بأنها تجعل الصين بمثابة "أوبك" الصناعة الشمسية.
ورغم دعمه صناعات الطاقة المتجددة وطاقة الرياح، يتجاهل بايدن في أحاديثه التطرق إلى التصنيع المحلي للطاقة الشمسية في أميركا، ويكتفي بالإشارة إلى "تركيبها" فقط محليًا، رغم أن عناصر الصناعة الأساسية صينية الصنع بالكامل.
وسجلت واردات مكونات صناعة الطاقة الشمسية في أميركا من أسواق ماليزيا وتايلاند وفيتنام (أسواق صينية بصورة غير مباشرة) بنسبة 30%، ورغم امتلاك شركات صناعة الطاقة الشمسية مقرات تصنيع في تلك الدول، فإن بايدن لجأ إلى الاستيراد من تلك الأسواق الصينية ولم تنجح الجهود المحلية في زيادة رسوم الإغراق التجاري عليها.
ويخشى محللون تسبب إستراتيجية بايدن في تحول أميركا من دولة مستقلة فيما يتعلق بالطاقة، إلى دولة تعتمد على الطاقة الشمسية الصينية.
الطاقة الشمسية في أميركا
نتيجة تطبيق تلك القرارات كافّة، تُعد غالبية أنظمة الطاقة الشمسية في أميركا المثبتة على الأسطح المنزلية صينية الصنع.
ويهدد هذا التصور استقلال الطاقة من جهة، وشعبية بايدن من جهة أخرى، إذ أظهر استطلاع أجرته شركة مورنينغ كونسالت رفض 80% من الناخبين الأميركيين المستحقين للتصويت للاعتماد على واردات الطاقة الشمسية في أميركا، وانحازوا إلى التصنيع المحلي.
ويزيد تعزيز الواردات الصينية من صعوبة توقع حجم تأثر المنتجين الأميركيين بتخارج إل جي من سوق الطاقة الشمسية في أميركا.
ويبقى تساؤل مدى تأثر نمو الطاقة الشمسية في أميركا بقرارات الرسوم على الواردات الصينية، سواء في عهد ترمب أو بايدن، بلا إجابة، خاصة أن المرافق الشمسية شهدت نموًا بلغ 43% عام 2020 رغم فرض الرسوم على الواردات الصينية.
انتكاسة للصناعة
من المتوقع أن تتجاوز -أيضًا- معدلات نمو سوق الطاقة الشمسية نسبة 50% في ظل استثناءات بايدن، إذ زادت الشركات في أميركا -ومن ضمنها إل جي- من إنتاج وحدات الطاقة الشمسية في أميركا خلال السنوات الـ3 الماضية لتسجل أعلى مستويات الإنتاج في 10 سنوات، بنسبة 19.8% عام 2019.
إذًا -ووفق بيانات تطور الصناعة- الأزمة لا تكمن في حجم نمو الصناعة النهائي، لكن استثناءات بايدن تجعل عملية المنافسة المحلية للطاقة الشمسية في أميركا مقابل الصين أمرًا بالغ الصعوبة.
ويصف محللون استثناءات بايدن التي وضعها للتحايل على قرار فرض رسوم الإغراق التجاري على الواردات الشمسية الصينية بأنها بمثابة "انتكاسة" لمُصنعي الطاقة الشمسية في أميركا والعالم بخلاف الصين.
اقرأ أيضًا..
- منتدى قادة جيبكا يستعرض مستقبل سوق النفط وتحول الطاقة
- إكوينور تسحب استثماراتها من روسيا.. وإكسون موبيل تواجه ضغوطًا للتخارج
- إنتاج النفط الأميركي يتراجع 206 آلاف برميل يوميًا خلال ديسمبر