طاقة متجددةسلايدر الرئيسيةكهرباءمقالات الطاقة المتجددةمقالات الكهرباءمقالات النفطنفط

الفوضى تلاحق قطاع الطاقة.. والسبب غباء القادة الغربيين (مقال)

مارك ماثيس*– ترجمة: مي مجدي

أصبح قطاع الطاقة على مستوى العالم في حالة فوضى عارمة، بفضل السياسات المتّبعة في العديد من الدول، وعلى رأسها أميركا التي تتجه إلى تمرير قانون خفض التضخم.

ويبدو أننا دخلنا عصر حكم الأغبياء قبل الأوان بـ483 عامًا.

في عام 2006، أصدرت شركة "توينتيث سينشوري فوكس" فيلم الخيال العلمي الأخرق "Idiocracy"، أو "حكم الأغبياء"، الفيلم يحكي عن رجل بمعدل ذكاء متوسط دخل في حالة سبات على سبيل التجربة، واستغرق سباته مدة 500 عام، وعندما عاد للحياة مجددًا، اكتشف أمرًا غريبًا، إذ بات الناس شديدي الغباء، وأصبح هو أذكى رجل على ظهر الكوكب.

أعتقد أن الناس لا تتحلى بالذكاء عندما يتعلق الأمر بأشياء مهمة، مثل الطاقة؛ لأنهم يصدقون الأكاذيب السمجة والمبالغات التي تفيض بوتيرة سريعة من قادتهم بمساندة أغلب وسائل الإعلام والنشطاء ونخبة الشركات.

وحتى كتابة هذه السطور، تستعد الولايات المتحدة لتحويل مشروع قانون خفض التضخم لعام 2022 إلى قانون، ويهدف القانون إلى نثر 433 مليار دولار إضافية على نار التضخم المستعرة التي تدمر الاقتصاد الأميركي، وترجمة "إنفاق مبالغ جنونية" إلى "خفض التضخم" يقتصر على أنظمة حكم الأغبياء فقط، لكن الوضع يتفاقم، ويزداد سوءًا.

قانون خفض التضخم

من المتوقع تبديد مبلغ ضخم قدره 369 مليار دولار على مشروعات الطاقة المتجددة والمناخ، وأغلب هذه الأموال ستتسلّمها الشركات في قطاعات الرياح والطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية.

الطاقة
مشروع للطاقة الشمسية- الصورة من رويترز

وفي أنظمة حكم الأغبياء، لا يدرك أغلب المواطنين أن هذه الإعانات سيسددونها على شكل ضرائب وفواتير كهرباء وتكاليف وقود أعلى.

وما يزيد الطين بلة، أن القانون الجديد سيمنح 80 مليار دولار لدائرة الإيرادات الداخلية حتى تتمكن الحكومة من جمع المزيد من الأموال من الأشخاص العاملين في الاقتصاد الحقيقي.

وتوقيت هذا السخاء النقدي ينمّ عن غباء شديد، وإليكم الأسباب:

- الشبكات الكهربائية بالولايات المتحدة في وضع سيئ، والدولة ليس لديها ما يكفي من كهرباء الحمل الأساس من الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية، وسيضيف هذا القانون الجديد كهرباء غير موثوقة على أنظمة الشبكة التي تقترب من الانهيار، وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع خلال الأشهر والسنوات المقبلة أمر لا مفر منه.

- كما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تسريع أزمة الطاقة الأوروبية المتمثلة في ارتفاع الأسعار وشحّ الطاقة، ومن المرجح أن يتجمد بعض الأوروبيين (ربما الآلاف) حتى الموت هذا الشتاء، مع عدم وفرة الغاز الطبيعي للتدفئة.

- وتواجه الدول التي تبنّت أفكارًا خيالية تتعلق بخفض شديد في استخدام الوقود الأحفوري معضلة ضخمة، فألمانيا -القوة الصناعية السابقة- تعدّ نموذجًا لأسعار الكهرباء الفلكية في القارة ونقص الطاقة الذي يلوح في الأفق، كما انهارت سريلانكا، التي اشتهرت بسعيها لأن تصبح نموذجًا للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، فيما يواصل المزارعون الهولنديون التظاهر منذ شهر، بعد تعليق المحكمة العليا تصاريح مشروعات البناء التي تستخدم مركبات النيتروجين، كما اندلعت أعمال الشغب في العديد من المدن ببنغلاديش عندما رفعت الحكومة أسعار البنزين/الديزل بنحو 50%.

- بالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلات سلاسل التوريد تواجه بشراسه العديد من القطاعات، وتداعيات نقص الأسمدة، ومن ثم، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أصبح وشيكًا.

- تشجيع الصين، فقد استفزت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، دون داعٍ، الحكومة الشيوعية بزيارة غير مجدية إلى تايوان، الدولة التي تنتج أكثر من 90% من الرقائق الإلكترونية في العالم، وبعد مغادرة بيلوسي، حاصرت الصين تايوان بنيران الصواريخ الباليستية، وبدأ الصينيون الحديث علانيةً عن الاستيلاء على تايوان، وهو أمر قد يدفع قطاع الطاقة وأيّ قطاعات أخرى نحو الفوضى.

وتتهاوى أمثلة الضغوط الضخمة على أنظمة الطاقة في جميع أنحاء العالم بسرعة، وعندما تفوق قدرة تحمُّل البشر، فإنهم يثورون ضد قادتهم.

الطاقة
مضخات في ولاية تكساس- الصورة من رويترز

وقد تعتقد أن أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي والرئيس بايدن سيكونون أكثر حذرًا في مثل هذه الأوقات العصيبة، وقد تفكر في أنهم يدركون أن هذا وقت سيئ لإقحام تشريعات حزبية بحتة تُضعف الاقتصاد، إلى جانب موثوقية أنظمة الطاقة.

أوافق، ولكن العبارة الرئيسة هي "قد تفكر.."، وفي نظام حكم الأغبياء، التفكير مفهوم عفا عليه الزمن.

حماقة القادة الغربيين

للتأكيد على حماقة القادة الغربيين، دعونا ننظر إلى تقريريين حديثين:

- في أستراليا، يشهد الحاجز المرجاني العظيم أفضل غطاء مرجاني له منذ 36 عامًا، فقبل عقد من الزمن، قال الخبراء، إن الحاجز المرجاني العظيم بمرحلة الاحتضار، وإن حرق الوقود الأحفوري كان السبب، وإننا بحاجة إلى تسريع إزالة الكربون.

- ووفقًا لمعهد تغير المناخ بجامعة مين، فإن متوسط درجة الحرارة العالمية -حاليًا- أعلى من متوسط درجات الحرارة 1979-2000 بـ0.1 درجة مئوية فقط، هل يمثّل ذلك أزمة لندمر كل شيء في سبيل تفاديه؟

ولكننا لا تهتم بالأخبار الجيدة التي تفيد بأن الهستيريا المناخية التي تقود الجبهة ضد الوقود الأحفوري مُبالَغ فيها.

في نظام حكم الأغبياء، يجب تمرير القوانين، وإهدار المال، والتخلي عن أنظمة الطاقة الموثوقة، وزجّ الحضارات بحالة من الفوضى.

* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق