تقارير النفطالتقاريرسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

خبراء: ناقلة النفط صافر تهدد الملاحة في قناة السويس والبحر الأحمر

داليا الهمشري

ما تزال ناقلة النفط صافر تمثّل حالة من القلق، ليس لليمن فقط، ولكن للدول الواقعة على البحر الأحمر كافة، وفي مقدّمتها مصر والسعودية، وسط توقعات باحتمال حدوث أحد أكبر كوارث التسرب النفطي في التاريخ.

وخلال مؤتمر صحفي افتراضي عبر برنامج "زووم"، سلّطت منظمة غرينبيس بالتعاون مع المنتدى العربي للبدائل، الضوء على الآثار البيئية والإنسانية والاقتصادية للتسرب النفطي المحتمل من الناقلة العائمة قبالة ميناء عيسي قرب مدينة الحديدة اليمنية.

وغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منظمة مستقلة، تعمل من أجل الحفاظ على البيئة وحمايتها، وهي تابعة لمنظمة غرينبيس الدولية التي تضم 28 مكتبًا مستقلًا تغطّي أكثر من 40 دولة في أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا.

كارثة بيئية

حذّر مؤسس ورئيس المجموعة اليمنية المستقلة "حلم أخضر"، محمد الحكيمي، من احتمال حدوث كارثة بيئية بسبب ناقلة النفط صافر.

وأوضح الحكيمي أن صافر تقع على بعد نحو 8 كيلومترات (4.8 ميلًا) جنوب غرب رأسي عيسى بالحديدة على ساحل البحر الأحمر، وهي رأسية بشكل دائم في الموقع نفسه منذ أكثر من 30 عامًا.

كما أوضح أن ناقلة النفط لم تخضع لأيّ صيانة أو إصلاحات لحوضها منذ 6 سنوات، كما تعرّض هيكلها الحديدي للتآكل والصدأ، وتعطلت فيها أنظمة التشغيل، وتوقّفت منظومة الحرائق، بينما تحمل 1.148 مليون برميل من نفط مأرب الخام الخفيف.

وأشار الحكيمي إلى أن منطقة رأس عيسى تُعدّ منطقة حساسة بيئيًا، وتوفر شبكة غذائية للمجتمعات من خلال الصيد التقليدي، وتشتمل على مجموعة من الجزر الصغيرة التي توفر بيئة عيش للموائل البحرية نباتية وحيوانية.

ناقلة صافر تهدد الملاحة الدولية
مؤسس ورئيس المجموعة اليمنية المستقلة "حلم أخضر"، محمد الحكيمي

تضرّر 8 محافظات يمنية

حول التأثيرات البيئية والاقتصادية لكارثة صافر المحتملة، أشار الحكيمي إلى أن المياه اليمنية بمنطقة البحر الأحمر تُعدّ موطنًا فريدًا لأنظمة بيئية مرجانية متميزة تدعم عيش الموائل البحرية النباتية والحيوانية.

وتتضمن المنطقة 300 نوع من الشعب المرجانية تغطي 25% من الساحل اليمني من المتوقع أن تختفي من البحر الأحمر في حال تسرّب النفط الخام نتيجة عدم وصول الأكسجين والشمس إليها.

وتوجد غابات المانغروف في مناطق متفرقة على طول الساحل اليمني، وخاصة بالقرب من منطقتي الخوبة واللحية، ويبلغ الطول الإجمالي لهذه الغابات 128 كيلو مترًا، وسيعمل اقتراب بقع الزيت من الساحل على تدمير البيئات الساحلية والبحرية معًا، وقد تتعقد عملية تنظيف ذلك التسرب.

وحذّر الحكيمي من أن تلوث الهواء في حال احتراق النفط من الممكن أن يعرّض 6.2 مليون شخص في اليمن لمستويات عالية للغاية من تلوث الهواء جراء احتراق النفط، فضلًا عن انتشار أمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والالتهابات الرئوية الحادة وسرطانات الرئة والجلد والولادات المبكرة والعيوب الخلقية عند الأجنّة وحديثي الولادة.

كما من المرجح أن تتضرر 8 محافظات في اليمن من حدوث مثل هذا الانفجار، وهي: حَجّة والحديدة وصعدة ودمار وصنعاء والمحويت وريمة، كما ستُغطى 40% من الأراضي الزراعية في اليمن (أي نحو 500 كيلو متر مربع) بالسخام جراء تلوث الهواء في حال وقوع الكارثة.

التأثيرات الاقتصادية

لفت مؤسس ورئيس المجموعة اليمنية المستقلة "حلم أخضر" إلى أن التأثيرات الاقتصادية ستكون صدماتها سريعة الوصول لملايين اليمنيين المتأثّرين بكارثة ناقلة النفط صافر حال وقوعها.

وستكون أكثر الفئات عرضة للضرر المباشر الصيادين والمزارعين وعمّال الأجر اليومي وملّاك وعمّال مطاعم الوجبات البحرية ومربّي الماشية في السهل التهامي، إلى جانب النحّالين اليمنيين ومنتجي وبائعي العسل اليمني والقطاع السياحي في المدن الساحلية والعاملين في هذا القطاع، ومصانع المياه المعدنية.

وتوقع الحكيمي أن يتضرر 235 ألف عامل في صيد الأسماك وصناعات الثلج والتعبئة والنقل، بجانب 186.778 فلاحًا يمنيًا، بالإضافة إلى 10 آلاف من آبار المياه.

كما ستكون 86% من المساعدات الإنسانية لليمن مهددة في الوصول عبر ميناء الحديدة والصليف.

بينما أشار الحكيمي إلى احتمال تعرّض 967 ألف نازح -يعيشون بمناطق قريبة من المدن الساحلية في اليمن- لأضرار مباشرة في حال وقوع كارثة احتراق النفط وتسرّبه من ناقلة صافر.

تهالك الناقلة النفطية "صافر"
تهالك ناقلة النفط صافر

أزمة محلية وتداعيات عالمية

قال الحكيمي، إن أزمة ناقلة النفط صافر أزمة محلية لها تداعيات عالمية، موضحًا أن اليمن ليس لديها القدرة على تحمّل تكاليف معالجة الكارثة وتأثيراتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية في ظل الظروف الحالية.

وأكد أن الأزمة تتجاوز قدرة بلد مثل اليمن لمواجهة الكارثة بشكل منفرد، داعيًا إلى ضرورة إيجاد حلّ سريع للأزمة لأن ثروات البحر الأحمر تُعدّ أثمن ما تملكه المنطقة، وليس اليمن وحدها.

وذكر أن الأمر يتطلب التعاون الإقليمي مع الأطراف اليمنية من مبدأ العدالة البيئية وحفظ الثروات والمصير المشترك، لافتًا إلى أن ذلك يعتمد على الاختيار الذي يجب على دول الإقليم بمنطقة البحر الأحمر أن تختاره بشكل جماعي تحت رعاية أممية تسهم في بناء المرونة لتحقيق التعاون والسلام الأخضر.

فشل الجهود الأممية

شدد الحكيمي على ضرورة تحييد أزمة خزان صافر عن الحرب الجارية، وأنها ضرورة ملحّة لبدء التعاون، مشيرًا إلى وجود خيارين: إمّا التعاون الإقليمي والتكامل البيئي من أجل البقاء، وإمّا الدمار البيئي والانقسامات.

ومن جانبه، أبرز مدير حملات منظمة غرينبيس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أحمد الدروبي، أن الأمم المتحدة قد وضعت عددًا كبيرًا من الخطط لتفريغ السفينة، ولكن لم يكن هناك استعداد على أرض الواقع لتنفيذ هذه الخطط.

ولفت إلى أنه حتى الخطط التي تستهدف التحكم في التسريب النفطي حال حدوثه لم تُفعّل حتى الآن، موضحًا أن هناك حواجز اشتُرِيَت منذ عام، ولكنها ما تزال في جيبوتي ولم تصل بعد إلى الأراضي اليمنية.

وعبّر الدروبي عن آسفه من فشل الجهود المكثفة للعاملين في الأمم المتحدة بعد وضع الخطط ومحاولة التوصل إلى حلّ للأزمة لعدم توافر الإرادة السياسية لدى صنّاع القرار في اليمن، الذين لم يضعوا قضية صافر على رأس أولوياتهم.

قطع الإغاثات

دعا مدير حملات منظمة غرينبيس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ضرورة التخلص من الخطر الذي يهدد اليمنيين جميعًا، محذرًا من إمكان قطع الإغاثات عن 8 ملايين و400 ألف نسمة إذا حدث تسريب كبير أو انفجار للسفينة.

وأوضح أن حدوث مثل هذا التسريب أو الانفجار يهدد باحتمال إغلاق موانئ الحديدة والصليف لمدة أشهر، وهي تستقبل 86% من الإغاثات التي تصل إلى اليمن.

كما من المرجح أن تتأثّر مياه الشرب في اليمن بشكل كبير نتيجة غلق محطات تحلية المياه وتوقّف وصول الوقود من هذه الموانئ الذي يستخدم لضخّ المياه أو نقلها.

السفينة إيفر جيفن خلال جنوحها بقناة السويس
السفينة إيفر جيفن خلال جنوحها بقناة السويس

تأثّر الملاحة الدولية

سلّط الدروبي الضوء على التأثيرات الاقتصادية للحادث المحتمل في الإقليم والملاحة الدولية، مشيرًا إلى أنه إذا حدث التسريب في موسم الصيف فإن البقعة الزيتية أو النفطية ستتحرك في اتجاه الجنوب، ومن المحتمل أن تغلق باب المندب، وهذا سيؤثّر بالملاحة في قناة السويس والبحر الأحمر عمومًا،وفي التجارة الدولية.

ولفت الدروبي إلى ما حدث العام الماضي عندما أغلقت سفينة قناة السويس لمدة 6 أيام فقط، وكيف أثّر ذلك في التجارة الدولية، متوقعًا أن يتأثّر الاقتصاد الدولي بشدة بسبب أسابيع من الغلق إثر بقعة نفطية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق