سوق النفط في 2022.. توقعات متفائلة للطلب والمعروض
بعد تعافٍ ملحوظ في 2021
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
يتجه الطلب العالمي على النفط إلى تجاوز مستويات ما قبل وباء كورونا في العام المقبل، بل قد يحقق ذروة جديدة خلال العام نفسه، مواصلًا التعافي القوي الذي شهده في 2021، عقب انهياره في عام الوباء (2020).
وعلى الرغم من أن السلالات الجديدة للفيروس، وآخرها أوميكرون، تُشكّل مخاطر محتملة لنمو الطلب العالمي على الخام، فإن العالم بات أكثر قدرة على التعايش مع الجائحة، ما يقلل احتمالات العودة إلى إجراءات الإغلاق المشددة حتى مع زيادة الإصابات، وهذا يدعم بالطبع النشاط الاقتصادي، ومن ثم استهلاك الخام عالميًا.
ويتوقع صندوق النقد الدولي -في أحدث تقديرات صادرة عنه- استمرار نمو الاقتصاد العالمي بنحو 4.9% العام المقبل، بعد نمو متوقع هذا العام عند 5.9%.
وبالنسبة للمعروض النفطي، فإنه يتجه لنمو قوي في 2022، إذ يُشجع تعافي الطلب كبار منتجي الخام على زيادة الإنتاج، مع اتجاه تحالف أوبك+ إلى إنهاء تخفيضات الإنتاج بالكامل، حسب تحليل أجرته وحدة أبحاث الطاقة.
ووسط توقعات الطلب والمعروض، فإن غالبية البنوك الاستثمارية أبدت نظرة متفائلة للغاية بالنسبة لأسعار النفط العام المقبل، بعضها يصل إلى مستويات 100 دولار للبرميل من خام برنت، ورغم ذلك تشير تقديرات أخرى إلى أن مكاسب أسعار الخام لن تكون مثلما شهدته في 2021 (المكاسب تقارب 50% هذا العام).
الطلب على النفط
تتوقع منظمة أوبك -الأكثر تفاؤلًا بشأن الطلب- نمو استهلاك العالم من النفط بنحو 4.15 مليون برميل يوميًا، ليكون من المتوقع أن يصل الإجمالي إلى 100.79 مليون برميل يوميًا، متجاوزًا مستويات ما قبل الوباء عام 2019، البالغة 99.67 مليونًا.
وكما هو معهود، من المرجح أن تقود الولايات المتحدة والصين نمو الطلب على الخام في 2022، بنحو 20.79 و15.16 مليون برميل يوميًا على التوالي، ليُشكّل أكبر مستهلكين للنفط عالميًا معًا أكثر من 35% من إجمالي الطلب، بحسب أوبك.
ووفقًا لتوقعات أوبك للأداء الفصلي، فإن الطلب على النفط بصدد تحقيق مستوى قياسي جديد في الربع الرابع من العام المقبل عند 102.64 مليون برميل يوميًا.
كما تُقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يصل إجمالي استهلاك الخام عالميًا إلى ذروة جديدة بحلول الربع الأخير من 2022، حينما يبلغ 101.29 مليون برميل يوميًا.
وفي إجمالي عام 2022، من المحتمل أن يبلغ الطلب على النفط 100.46 مليون برميل يوميًا، مع زيادة بنحو 3.55 مليونًا عن 2021، وفقًا لأحدث التقارير الشهرية لإدارة معلومات الطاقة.
وفي المقابل، فإن وكالة الطاقة الدولية أقلّ تفاؤلًا نسبيًا بشأن نمو الطلب العالمي على الخام خلال 2022، إذ تتوقع أن يرتفع بنحو 3.3 مليون برميل يوميًا.
ومع ذلك، لا يزال من المحتمل أن يشهد العام المقبل عودة الاستهلاك العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء عند 99.5 مليون برميل يوميًا، وفق التقرير الشهري لوكالة الطاقة.
مخاطر محتملة
يُشكّل متحوّر أوميكرون أبرز المخاطر في توقعات الطلب العالمي على النفط، إذ ترى وكالة الطاقة الدولية أنه سيؤثّر في الطلب على الخام، ما دفعها إلى خفض توقعاتها للعام المقبل بنحو 100 ألف برميل يوميًا، لكنها في الوقت نفسه، تعتقد أن التأثير سيكون أقلّ من الموجات السابقة للوباء، ما يعني أنه لن يعرقل التعافي بصفة عامة.
بينما تتوقع شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، أن يتسبّب متحور أوميكرون في تراجع الطلب على الخام بنحو 2.9 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأول من عام 2022، ما يعني انخفاض إجمالي الاستهلاك خلال المدة نفسها إلى 95.7 مليون برميل يوميًا، إذا تسبّب المتحوّر في المزيد من عمليات الإغلاق أو القيود على الحركة.
وبالنسبة إلى إجمالي 2022، ترى شركة الأبحاث أنّ تراجع الطلب سيكون أقلّ حدّة، مع قدرة الحكومات على التعايش مع سلالات كورونا، لكن هذا لن يمنع انخفاضًا متوقعًا قدره 2.1 مليون برميل يوميًا في الاستهلاك، ليصل إجمالي الطلب إلى 98 مليون برميل يوميًا.
أمّا منظمة أوبك، فترى أن تداعيات متغيّر أوميكرون ستكون معتدلة وقصيرة الأجل، بعد أن أصبحت الحكومات الأكثر استعدادًا لمثل هذه المتحورات.
قفزة في المعروض
تتوقع وكالة الطاقة الدولية قفزة قوية للمعروض العالمي من النفط قدرها 6.4 مليون برميل يوميًا العام المقبل، بعد زيادة متوقعة لعام 2021، عند 1.5 مليونًا.
وترى وكالة الطاقة أنه بدايةً من ديسمبر/كانون الأول الجاري، سيتجاوز المعروض النفطي الطلب، مع نمو الإمدادات في الولايات المتحدة وتحالف أوبك+.
وأقرّ تحالف أوبك+ في اجتماعه الأخير، استمرار الزيادة التدريجية البالغة 400 ألف برميل يوميًا لإنتاج الخام في الشهر المقبل، مع سعيه إلى التخلّص الكامل من تخفيضات الإمدادات، التي أجراها خلال مدة الوباء.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع إنتاج أوبك من النفط إلى 28.38 مليون برميل يوميًا العام المقبل، ليكون أعلى من المستوى المتوقع في 2021 عند 26.30 مليونًا.
أمّا بالنسبة للمعروض النفطي من خارج أوبك، تُقدّر إدارة معلومات الطاقة أن يرتفع بأكثر من 3 ملايين برميل يوميًا، ليكون من المرجح أن يبلغ الإجمالي 67.03 مليونًا العام المقبل، وذلك بعد زيادة تبلغ 0.86 مليونًا عام 2021، استنادًا إلى أحدث التقديرات.
بينما تعتقد أوبك أن يرتفع المعروض النفطي من خارج المنظمة في 2022 بمقدار 3.02 مليون برميل يوميًا، ما يعني أن إجمالي الإمدادات النفطية سيسجل 66.67 مليونًا، بعد زيادة متوقعة قدرها 0.68 مليونًا العام الجاري.
توقعات أسعار النفط
بعد الانهيار الحادّ لأسعار النفط في 2020، وتراجع خام غرب تكساس الأميركي للنطاق السالب للمرة الأولى على الإطلاق، ارتفعت الأسعار بنحو 50% تقريبًا هذا العام، لكنها قلّصت مكاسبها، ليحوم كلا الخامين برنت والأميركي حول مستويات 76 و73 دولارًا للبرميل على التوالي، حتى جلسة 23 ديسمبر/كانون الأول، بعدما ارتفع كلاهما أعلى من 85 دولارًا في وقت سابق من 2021، وهو مستوى لم تشهده الأسعار منذ 7 سنوات.
ورغم مخاوف أوميكرون، توقّع بنك الاستثمار الأميركي جي بي مورغان ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 125 دولارًا للبرميل العام المقبل، مشيرًا إلى أن فائض المعروض النفطي من تحالف أوبك+ سيكون أقلّ من المتوقع، بحسب مذكرة بحثية صادرة أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ونقلتها منصة "إنفستينغ".
وبنظرة متفائلة -أيضًا- يتوقع بنك أوف أميركا ارتفاع سعر خام برنت إلى 100 دولار للبرميل بحلول منتصف العام المقبل، مع افتراض أن يؤدي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والفحم إلى التحوّل إلى النفط.
وفي المتوسط، يُقدّر بنك الاستثمار الأميركي ارتفاع أسعار خامي برنت وغرب تكساس في المتوسط إلى نحو 85 و75 دولارًا للبرميل على التوالي خلال العام المقبل، بحسب وكالة بلومبرغ.
وعلى جانب آخر، يعتقد بنك الاستثمار الهولندي آي إن جي أن يسجل خام برنت مستوى 76 دولارًا للبرميل في المتوسط العام المقبل، مع وجود فائض في الإمدادات، فضلًا عن أن ارتفاع الدولار الأميركي قد يُشكّل ضغطًا على السلع بصفة عامة.
وفي مذكرة بحثية، نقلتها وكالة رويترز، الشهر الماضي، رفع بنك باركليز توقعاته للأسعار لعام 2022 بمقدار 3 دولارات إلى 80 و77 دولارًا للبرميل لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط على التوالي، إذ يتوقع تراجعًا أسرع من المتوقع للمخزون واستجابة حذرة لزيادة المعروض من قبل أوبك+.
ويتوقع بنك جيه بي مورغان، أن يبلغ سعر خام برنت في المتوسط مستوى 75 دولارًا للبرميل العام المقبل، مقارنة مع 70.33 دولارًا في 2021.
وبالنسبة للخام الأميركي، يُقدر البنك الاستثماري أن يسجل 72 دولارًا للبرميل في 2022، مقابل متوسط 67.90 دولارًا للبرميل في العام الجاري.
وبالمقارنة مع تقديرات البنوك الاستثمارية، فإن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تُبدي نظرة حذرة لأسعار النفط، إذ تتوقع أن يسجل خاما برنت والأميركي في المتوسط 70.05 و66.42 دولارًا للبرميل على الترتيب.
وفي استطلاع رأي أجرته "الطاقة"، توقّع غالبية القرّاء ألّا تقلّ أسعار النفط عن مستوى 70 دولارًا في 2022.
وتوقّع 39.9% من المشاركين أن تتراوح أسعار برنت في 2022 بالنطاق السعري بين 70 و79.99 دولارًا للبرميل، في حين رأى 36.9% من القرّاء أن تصعد الأسعار فوق 80 دولارًا.
موضوعات متعلقة..
- إدارة معلومات الطاقة تخفض توقعاتها لأسعار النفط
- الطلب العالمي على النفط.. نظرة متباينة لتوقعات 2022 (تقرير)
- أوبك تُبقي على توقعات الطلب على النفط والمعروض دون تغيير
اقرأ أيضًا..
- المغرب.. القرب من أوروبا يدعم الرباط مركزًا عالميًا لتصنيع السيارات (تقرير بالصور)
- المملكة المتحدة.. 10 توصيات لدعم التحول الأخضر وتحقيق الحياد الكربوني