الطلب العالمي على النفط في 2021.. نمو ملحوظ بعد عام الوباء
ومتحورات كورونا أبرز العوائق
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
شهد الطلب العالمي على النفط تعافيًا قويًا في عام 2021، بعد انكماش غير مسبوق العام الماضي، جراء أزمة فيروس كورونا، التي أجبرت العالم على فرض قيود الإغلاق.
وعلى الرغم من أن الوباء يأبى أن يغادر العالم حتى الآن؛ فإن تأثيره في الاقتصاد العالمي، ومن ثم الطلب على النفط، بدأ يتلاشى في 2021، بعدما أصبحت الحكومات أكثر استعدادًا لإدارة الأزمة، لكن الظهور المتكرر لمتغيّرات الفيروس، يترك آثاره بين الحين والآخر.
وكانت توقعات نمو استهلاك النفط عالميًا متفائلة بشكل كبير في الأشهر الأولى من العام؛ إذ بلغت تقديرات منظمة أوبك للنمو 6 ملايين برميل يوميًا، لكن قلل تفشي متحورات كورونا، وخاصة دلتا، ثم أوميكرون، نسبيًا من هذا التفاؤل في الأشهر الأخيرة لعام 2021.
نمو الطلب على النفط
ترى وحدة أبحاث الطاقة، أن نمو الطلب العالمي على النفط في 2021، أدى بشكل كبير إلى انحسار إصابات كورونا، بعد حملات التطعيم المكثفة حول العالم باللقاحات المضادة للوباء، ما أعطى العالم رفاهية التخلي رويدًا عن قيود الإغلاق وتقييد حركة السفر.
وأسهم ذلك في عودة الحياة لطبيعتها نوعًا ما، وتعافي الاقتصاد العالمي؛ ما انعكس إيجابًا على الطلب على النفط.
ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 5.9% العام الحالي، بعد انكماشه 3.1% العام الماضي، ومقابل نمو بلغ 2.8% عام 2019.
وما يدل على تعافي الطلب، توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية بتراجع مخزونات النفط لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 2.74 مليار برميل في العام الجاري، مقارنة بـ3.02 مليار برميل العام الماضي.
الطلب العالمي على النفط
في أحدث توقعاتها لعام 2021، تقدر وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 5.4 مليون برميل يوميًا، فيما تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع الطلب بنحو 5.11 مليونًا.
أما منظمة أوبك؛ فكانت تقديراتها أكثر تفاؤلًا بعض الشيء؛ إذ ترى أن الطلب العالمي على النفط سينمو بنحو 5.65 مليون برميل يوميًا، ليكون من المرجح أن يصل الإجمالي إلى 96.63 مليونًا.
ورغم ذلك؛ فقد فشل الطلب العالمي على الخام هذا العام في العودة إلى مستويات ما قبل الوباء، البالغة 99.67 مليون برميل يوميًا عام 2019، مع حقيقة الهبوط الحاد غير المسبوق الذي تجاوز 9 ملايين، العام الماضي.
وعلى أساس فصلي؛ فإن إجمالي الطلب العالمي على النفط اتخذ مسارًا صعوديًا هذا العام، دفعه إلى مستوى متوقع عند 99.49 مليون برميل يوميًا في الربع الرابع، ليكون قريبًا من المستوى القياسي المسجل قبل الوباء في الربع نفسه من 2019، عند 100.79 مليونًا، بحسب تقديرات أوبك.
وخلال الأعوام الـ3 الأخيرة، كان الربع الثاني من 2020، الذي شهد الصدمة الأولى لتفشي الوباء، الأسوأ لاستهلاك الطلب العالمي على النفط، مع بدء فرض إجراءات الإغلاق آنذاك، إذ بلغ الإجمالي 83.27 مليون برميل يوميًا.
وتاريخيًا، فإن الطلب العالمي على النفط في 2021 -البالغ 96.63 مليون برميل يوميًا- هو أقل مستوى منذ عام 2016، حينما بلغ 95.89 مليونًا، وفقًا لتقديرات أوبك.
الولايات المتحدة
لا تزال الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط حول العالم، بنحو 19.89 مليون برميل يوميًا في العام الجاري، كما هو متوقع في أحدث تقرير شهري لمنظمة أوبك.
ومع تداعيات الوباء، تراجع استهلاك الخام في أميركا إلى 18.35 مليون برميل يوميًا العام الماضي، مقارنة بـ20.86 مليونًا عام 2019، وفقًا لأوبك.
فيما تتوقع إدارة معلومات الطاقة ارتفاع إجمالي الطلب على النفط في الولايات المتحدة إلى 19.77 مليون برميل يوميًا العام الجاري، مقابل 18.19 مليونًا العام المنصرم، بحسب تقرير آفاق الطاقة قصيرة الأجل.
وتأتي توقعات تعافي الطلب، مع ارتفاع النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة؛ إذ من المرجح نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنحو 6% في 2021، بعد انكماشه 3.4% العام الماضي، ونمو قدره 2.3% عام 2019، بحسب أحدث تقديرات لصندوق النقد الدولي.
وفي هذا الإطار، من المرجح ارتفاع الطلب على البنزين في أميركا إلى 8.79 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ8.05 مليونًا العام الماضي، مع تخفيف القيود على الحركة، وفقًا لأرقام إدارة معلومات الطاقة.
وبحسب شركة الأبحاث وود ماكنزي، اقترب الطلب على المنتجات النفطية في الولايات المتحدة خلال الصيف من أعلى مستوياته على الإطلاق عند نحو 21 مليون برميل يوميًا.
استهلاك النفط في آسيا
تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ 35% من الطلب العالمي على النفط، وفقًا لبيانات موقع الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز؛ ما يعني أنها محرك رئيس للاستهلاك العالمي.
وقادت آسيا تعافي الطلب على الخام في إجمالي العام الجاري، لكن حال تفشي متغيّر دلتا وإعادة فرض قيود الإغلاق خلال الربع الثالث، دون تعافٍ أكبر للاستهلاك.
وفي تقرير صدر سبتمبر/أيلول الماضي، قلّصت شركة وود ماكنزي توقعاتها لنمو الطلب على الخام في آسيا والمحيط الهادئ بنحو 220 و300 ألف برميل يوميًا في الفصلين الثالث والرابع على التوالي.
وبالنسبة للصين؛ فقد استمر فيها صعود استهلاك النفط العام الماضي، رغم أنها أول دولة تلقت صدمة الوباء، ولكنها -أيضًا- أولى البلاد التي عادت فيها الحياة لطبيعتها.
وبحسب تقديرات أوبك؛ فإن إجمالي الطلب على النفط من المرجح أن يصل إلى 14.49 مليون برميل يوميًا، في ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم، بعدما سجل مستوى 13.48 و13.52 مليونًا في 2019 و2020 على التوالي.
في حين، تتوقع أوبك أن يرتفع الطلب على النفط في الهند -ثالث أكبر مستهلك للخام عالميًا- إلى 4.89 مليون برميل يوميًا العام الحالي، ليقترب من مستويات ما قبل الجائحة البالغة 4.91 مليونًا عام 2019، بعد أن تراجع العام الماضي إلى 4.51 مليونًا.
الوضع في أوروبا
أسهم ارتفاع الطلب على كل أنواع الطاقة في أوروبا، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات، في أزمة طاقة حادة هذا العام، مع نقص الإمدادات، خاصة بالنسبة إلى الغاز الطبيعي.
وفيما يتعلق بالنفط، فإن الطلب على الخام والسوائل الأخرى هذا العام، صعد إلى 13.67 مليون برميل يوميًا، بعد تراجعه إلى 13.14 مليونًا العام الماضي، جراء الوباء، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة.
وتحولت أوروبا من مصدر ضعف للطلب على الخام في العام الماضي، بعدما كانت أكثر القارات تضررًا من إصابات الوباء، إلى مصدر قوة هذا العام، مع ارتفاع معدلات التطعيم ضد الفيروس، وتخفيف قيود الإغلاق.
أفريقيا والشرق الأوسط
من المرجح أن يشهد نمو الطلب على النفط تعافيًا طفيفًا في أفريقيا هذا العام، مقارنة بالمناطق الأخرى؛ إذ من المتوقع أن يصل إلى 4.40 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ4.26 مليونًا العام الماضي، بحسب أوبك.
ويأتي ذلك مع تفاوت تعافي النشاط الاقتصادي في القارة السمراء؛ إذ لا يزال التطعيم ضد الوباء دون المستويات المطلوبة في القارة، التي تضم العديد من الدول منخفضة الدخل.
في حين يتجه استهلاك الطلب على الخام في الشرق الأوسط إلى الارتفاع عند 8 ملايين برميل يوميًا العام الحالي، مقارنة بـ7.55 مليونًا عام 2020، بحسب توقعات أوبك.
وبالنسبة لأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، تعافى الطلب على النفط في السعودية هذا العام، خاصة في الأشهر الـ3 المنتهية في سبتمبر/أيلول الماضي؛ إذ تجاوز مستويات 3 ملايين برميل يوميًا، ليقترب من مستويات عام 2019، مع توقعات نمو الاقتصاد بنحو 2.8% في 2021، بعدما انكمش 4.1% العام المنصرم، بحسب تقديرات صندوق النقد.
وكان مستوى الطلب على الخام في السعودية، البالغ 3.147 مليون برميل يوميًا في يوليو/تموز الماضي، الأعلى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، حينما بلغ 3.245 مليونًا، بحسب مبادرة البيانات المشتركة (جودي).
في حين كان استهلاك النفط في أبريل/نيسان 2020، الأقل في الأعوام الـ3 الماضية؛ إذ بلغ 1.77 مليون برميل يوميًا، حينما قررت السعودية زيادة الإنتاج والصادرات لمستويات قياسية، إذ تجاوز الإنتاج الشهري في الشهر نفسه 12 مليونًا، بحسب جودي.
موضوعات متعلقة..
- الطلب العالمي على النفط.. نظرة متباينة لتوقعات 2022 (تقرير)
- أوبك تثبت توقعات نمو الطلب العالمي على النفط في 2022
اقرأ أيضًا..
- المغرب.. القرب من أوروبا يدعم الرباط مركزًا عالميًا لتصنيع السيارات (تقرير بالصور)
- تطور الانبعاثات الضارة بالبيئة في أميركا خلال 3 عقود (5 رسوم بيانية)