حوار - أمين عام أوابك: الاعتماد على الوقود الأحفوري لن ينتهي.. وهذا هو السعر العادل لبرميل النفط
أوبك+ نجحت في مهمتها.. ومشروع نيوم للهيدروجين سيكون الأكبر عالميًا
أجرى المقابلة - عبدالرحمن صلاح
- التعاون بين أوبك+ إحدى أهم أدوات تحقيق الاستقرار لأسواق النفط العالمية
- المنظور المستقبلي للطلب على الوقود الأحفوري يرتبط بالعديد من العوامل
- المجتمع الدولي أبدى اهتمامًا متزايدًا بتنويع مصادر الطاقة للحد من انبعاثات الاحتباس الحراري
- الدول العربية لديها المقومات والفرص اللازمة لتنفيذ مشروعات هيدروجين عملاقة
- نلاحظ وجود زخم دولي غير مسبوق حول استخدام الهيدروجين مصدرًا للطاقة
قال أمين عام أوابك، علي سبت بن سبت، إن قطاع الطاقة بدأ يتعافى تدريجيًا من تداعيات جائحة كورونا، التي أثّرت عليه بشدة العام الماضي.
وفي مقابلة خاصة مع منصة "الطاقة"، تحدّث الأمين العام عن دور تحالف أوبك+ في إعادة التوازن لسوق النفط العالمية، ورأيه في مستقبل استمرار التحالف بعد انتهاء مرحلة الوباء.
كما تحدّث عن الاتجاه العالمي نحو الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة، خصوصًا الهيدروجين والغاز الطبيعي المسال، إذ تهتمّ منظمة أوابك كثيرًا بهذا الملف، وسبق لها أن أصدرت في 19 من مايو/أيار الماضي دراسة حملت عنوان "التقرير الدوري عن تطوّرات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين".
تأسّست منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" عام 1968، بهدف دعم التعاون بين الدول الأعضاء وتبادل المعلومات حول صناعة النفط العربية بشكل خاص، والطاقة بشكل عام.
بداية.. ما تقييمكم لفرص تعافي قطاع الطاقة من تداعيات وباء كورونا واستعادة حجم الطلب على النفط والغاز بمستويات ما قبل الجائحة؟
بدأ -بالفعل- تعافي قطاع الطاقة العالمي من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، بدعم من حزمة التحفيز المالية في الولايات المتحدة الأميركية، وانتعاش اقتصاد الصين، وإطلاق حملات التطعيمات (ضد الوباء)، وتخفيف إجراءات الإغلاق والقيود المفروضة للحد من الجائحة.
ويُتوقع أن يتسارع هذا التعافي خلال النصف الثاني من عام 2021، قبل أن يستعيد الطلب العالمي على الطاقة مستويات ما قبل الجائحة بحلول عام 2022.
ومع ذلك، فإن تلك التوقعات تخضع إلى شكوك كبيرة، تعتمد على وتيرة حملات التطعيمات، ومدى تأثير الإغلاق الناجم عن الجائحة على الاقتصادات، وكذلك حجم حزم التحفيز الاقتصادية وفاعليتها.
برأيكم.. ما السعر العادل لبرميل النفط في ظل الظروف الراهنة؟
ترتبط الإجابة عن هذا السؤال بمدى تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات جائحة فيروس كورونا، وبشكل عام فإن السعر العادل لبرميل النفط في ظل أي ظروف هو الذي يحقّق مصالح كل من منتجي النفط والمستهلكين والمستثمرين في الصناعة النفطية.
ويختلف هذا السعر من مدة زمنية إلى أخرى، وفقًا للظروف المحيطة بسوق النفط العالمية، كما يختلف من منطقة إلى أخرى بحسب تكلفة الإنتاج للبرميل، وأيضًا بحسب نوع الخام نفسه.
ما تقييمكم لدور أوبك+ في قيادة سوق النفط عقب الجائحة؟
هذا الاتفاق التاريخي -الذي توصّلت إليه دول أوبك+ المشاركة في إعلان التعاون خلال اجتماعها في شهر أبريل/نيسان 2020 بشأن خفض قياسي للإنتاج- له دورٌ رئيس في دعم جهود إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية، مع الإشارة إلى المتابعة المستمرة لامتثال الدول إلى هذا الاتفاق من قِبل اللجنة الفنية المشتركة ولجنة المراقبة الوزارية المشتركة لدول أوبك+، فضلًا عن القرارات التي اتُّخذت خلال الاجتماعات الوزارية الشهرية المستمرة، الهادفة إلى تقييم ظروف سوق النفط العالمية، وتحديد مستويات الإنتاج.
هل تفضّلون استمرار آلية التحالف لضبط السوق أم إن أهميته ستتلاشى بعد اختفاء اَثار الوباء؟
يُعدُّ التعاون بين الدول المنتجة للنفط من داخل أوبك وخارجها إحدى أهم أدوات تحقيق الاستقرار والتوازن في أسواق النفط العالمية، وزيادة جاذبية الاستثمار في الصناعة النفطية بشكل عام، ويمكن من خلاله تحديد الآفاق المستقبلية لهذه الأسواق.
ولعل أبرز مثال على ذلك التعاون غير المسبوق بين دول أوبك+ لمواجهة التحديات التي شهدتها أسواق النفط العالمية في ظل جائحة فيروس كورونا، والتخفيضات الإضافية الطوعية التي قامت بها بعض الدول العربية المصدرة للنفط -مثل المملكة العربية السعودية (مليون برميل يوميًا)، والكويت (80 ألف برميل يوميًا)، والإمارات (100 ألف برميل يوميًا)- على إنتاجها خلال شهر يونيو/حزيران 2020، فضلًا عن إجراء السعودية تخفيضات إضافية طوعية على إنتاجها النفطي بلغت مليون برميل يوميًا خلال المدة من شهر فبراير/شباط إلى أبريل/نيسان 2021.
وهذا كان له دور رئيس في تسريع إعادة التوازن إلى أسواق النفط، ومنع استمرار انهيار أسعار الخام لمدة طويلة، لذا فإنه من المرجّح أن تظلّ أهمية هذا التحالف قائمة، ولن تتلاشى بعد اختفاء آثار الجائحة.
البعض يرى أن الغاز الطبيعي يمكنه أن يكون حلًا وسطًا أو مرحلة انتقالية إلى الطاقة النظيفة.. ما رأيكم؟
المجتمع الدولي أبدى -خلال السنوات الأخيرة- اهتمامًا متزايدًا بتنويع مصادر الطاقة، للوصول إلى مزيج للطاقة أكثر استدامة، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، للحفاظ على البيئة.
ويُعدّ الغاز مكونًا رئيسًا من مكونات نظام الطاقة العالمي، لما يوفره من مزايا اقتصادية وبيئية، تُسهم في ضمان حصول الجميع على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة بتكلفة ميسورة، ورفع حصة الطاقة المتجددة، وتحسين كفاء الطاقة في منظومة الكهرباء، من خلال التكامل بين الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة.
هل التحوّل إلى الطاقة النظيفة يُلغي الاعتماد على الوقود الأحفوري؟
في البداية ينبغي أن نعلم أن المنظور المستقبلي للطلب على الوقود الأحفوري يرتبط بالعديد من العوامل، خصوصًا تلك المتعلقة بالتوجهات المختلفة التي يمكن أن تتبناها الدول الأكثر استهلاكًا للطاقة في العالم، مثل الولايات المتحدة والصين والهند، إلا أن معظم الدراسات الاستشرافية التي تصدرها الهيئات البحثية العالمية تؤكّد أن الوقود الأحفوري سيمثّل نحو 72.5% من مزيج الطاقة عام 2045، منها نحو 27.5% من النفط، و25.3% من الغاز، و19.7% من الفحم.
بينما ستمثّل الطاقات المتجددة الأخرى بأنواعها مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية والكهرومائية قرابة 27.5% في مزيج الطاقة، وبالتالي فإن وجود الطاقات المتجددة يشكّل رافدًا للوقود الأحفوري، ولن يلغي الاعتماد عليه في مزيج الطاقة لعقود عديدة مقبلة.
أعلنت عدة دول عربية خططًا لمشروعات هيدروجين عملاقة.. ما فرص نجاح تلك الدول؟
الدول العربية لديها المقومات والفرص اللازمة لتنفيذ مشروعات هيدروجين عملاقة، كونها تملك بنية تحتية ضخمة للغاز الطبيعي يمكن استغلالها للهيدروجين، علاوة على توافر مصادر الطاقة المتجددة بمقومات، من بينها ارتفاع سرعة الرياح وكثافة الإشعاع الشمسي في بعض المناطق، وموقعها الجغرافي المتميّز الذي يمكّنها من التصدير.
وقد اتخذت -بالفعل- العديد من الدول خطوات ملموسة لتجسيد المشروعات والخطط المعلنة، منها على سبيل المثال مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر بمدينة "نيوم" في المملكة العربية السعودية، الذي يُعدّ الأكبر من نوعه على مستوى العالم لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى الأسوق العالمية، ومن المتوقّع أن تُسفر المدة المقبلة عن الإعلان عن خطط ومشروعات جديدة في هذا الصدد.
وهناك مشروع آخر لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة الدقم على الساحل الشرقي لسلطنة عمان، بطاقة أولية 250-500 ميغاواط، على أن تُدرس إضافة مراحل توسعية مستقبلًا، إلى جانب مشروع لإنتاج الهيدروجين الأزرق مع وحدات لالتقاط الكربون المصاحب، بطاقة إنتاجية 300-400 طن سنويًا.
أما في المملكة المغربية فهناك مشروع مقترح لبناء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي سيكون أول محطة لإنتاج الهيدروجين في أفريقيا، يضمّ أجهزة للتحليل الكهربائي بقدرة 100 ميغاواط.
كيف ترون السباق العالمي الآن نحو التحوّل إلى الطاقة النظيفة وفي مقدمتها الهيدروجين؟
هناك زخم دولي غير مسبوق حول استخدام الهيدروجين "مصدرًا للطاقة" تقوم عليه أنظمة الطاقة في المستقبل، ونود الإشارة هنا إلى الدراسة التي أعدّتها منظمة أوابك حول "إنتاج الهيدروجين ودوره في عملية تحول الطاقة"، إذ استعرضت فيها التطوّرات الحالية والآفاق المستقبلية لاستخدام الهيدروجين، وهي منشورة على الموقع الإلكتروني للمنظمة.
كان الأمين العام لـ"أوابك" قد أشار -خلال جلسة "التحوّل إلى الطاقة النظيفة"، التي عُقدت ضمن فعاليات المنتدى الأول للتعاون العربي الهندي في مجال الطاقة، في 8 من يونيو/حزيران الجاري- إلى وجود زخم دولي وصفه بأنه "غير مسبوق" حول استخدام الهيدروجين "مصدرًا للطاقة".
وقال إنه "يمكن للدول العربية أن تكون رائدة في مجال إنتاج الهيدروجين الأزرق المعتمد على الغاز الطبيعي مع تطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، لتوفر المادة الخام بتكلفة تنافسية، ما يضمن استمرار تطوير مواردها من الغاز الطبيعي، مع الأخذ في الاعتبار التوجهات الدولية في مجال انخفاض انبعاثات الكربون".
لقراءة المزيد..
- ماهي أوابك OAPEC؟
- أمين عام أوابك: أهمية أوبك+ لن تتلاشى بعد انتهاء جائحة كورونا
- أمين عام أوابك: زخم دولي غير مسبوق على مشروعات الهيدروجين
- أوابك تنظم ندوة عن الهيدروجين ودوره في تحول الطاقة
- أوابك تُصدر 8 توصيات لتطوير صناعة البتروكيماويات