الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى.. 3 دول تركز عليها السعودية والإمارات (مقال)
أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح
- الشركات السعودية والإماراتية تنفّذ مشروعات ضخمة في الطاقة الشمسية والرياح
- شركة مصدر الإماراتية تخطط لتطوير 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة في أذربيجان
- أذربيجان تهدف إلى تقليل التعرض لتقلّبات سوق الوقود العالمية والاستفادة من فرص التصدير
- استثمارات السعودية تؤكد التزامًا أوسع بدعم تحول أوزبكستان إلى الطاقة المتجددة
تتلقى مشروعات الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى وبحر قزوين دعمًا ملحوظًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بهدف ترسيخ أمن الطاقة والتقليل من استعمال الوقود الأحفوري.
ويعمل البلدان الخليجيان على زيادة استثماراتهما في هاتين المنطقتين، مع التركيز على أذربيجان وأوزبكستان وقازاخستان، لتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة وأمن الطاقة.
في هذا الإطار، انبثقت شراكات مهمة، مثل تعاون شركة "مصدر" الإماراتية مع السلطات الأذربيجانية، لبناء قدرات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وبالمثل، تنفّذ الشركات السعودية والإماراتية مشروعات في أوزبكستان وقازاخستان باستعمال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية لتلبية احتياجات الطاقة على نحو مستدام.
وتعزز هذه الاستثمارات التنمية الإقليمية وتنويع الموارد، وترسّخ العلاقات الثنائية بين دول الخليج وجمهوريات آسيا الوسطى.
أسبوع باكو للطاقة وصفقات الطاقة الجديدة
خلال انعقاد أسبوع باكو للطاقة، أعلن مدير شركة "مصدر" في أذربيجان، مراد صادقوف بدء تشغيل محطات الطاقة الشمسية في منطقتي نفطجاله وبيلاسوار بحلول عام 2026، إلى جانب جدول زمني مدّته 3 سنوات لبناء محطة أبشيرون-قاراداغ لطاقة الرياح.
وحُدِّدَت هذه المشروعات، التي تعدّ جزءًا لا يتجزأ من مبادرة شركة مصدر الضخمة، خلال توقيع اتفاقية التنفيذ مع وزارة الطاقة الأذربيجانية في يونيو/حزيران 2022.
وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع بقدرة 1 غيغاواط، وضع حجر الأساس لمحطة طاقة الرياح بقدرة 240 ميغاواط، ومحطات الطاقة الشمسية بإجمالي 760 ميغاواط.
وحصلت المشروعات على تأييد إضافي من الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان بن أحمد الجابر، خلال أسبوع باكو للطاقة.
وتمثّل المشروعات التعاونية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أذربيجان خطوة مهمة في تحول البلاد إلى الطاقة المستدامة.
وتتضمن هذه المشروعات مشروع بيلاسوار للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 445 ميغاواط، ومشروع نفطجاله للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 315 ميغاواط، ومشروع الرياح البرية في أبشيرون-قاراداغ بقدرة 240 ميغاواط.
وتتوافق هذه المشروعات -التي تعدّ جزءًا من خطة أكبر لتطوير 4 غيغاواط من مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين في أذربيجان- مع هدف البلاد المتمثل في إنتاج 30% من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
بدورها، تهدف شركة "مصدر" إلى تطوير ما يصل إلى 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة في أذربيجان بحلول عام 2030، والإسهام بتحقيق هدفها العالمي المتمثل في توفير 100 غيغاواط من الطاقة المتجددة.
وتؤكد هذه المبادرات الالتزام بقيادة تحول الطاقة في أذربيجان ودعم أهداف الطاقة المتجددة العالمية.
الطاقة المتجددة في أذربيجان
يمثّل المشروع التعاوني بين شركتي "مصدر" و"سوكار" في أذربيجان خطوة مهمة إلى الأمام في تحول المنطقة إلى الطاقة المستدامة.
وتقود الشركتان مشروعات طموحة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح يبلغ إجمالي طاقتها 1 غيغاواط، ضمن قائمة مشروعات أخرى تدعم الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى.
ويُعدّ مشروع بيلاسوار للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بقدرة 445 ميغاواط، ومشروع نفطجاله للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بقدرة 315 ميغاواط، مثالًا على استعمال تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء.
على صعيد آخر، تستعمل هذه المشروعات الألواح الشمسية المتقدمة المجهزة بالخلايا الكهروضوئية التي تلتقط ضوء الشمس بكفاءة وتنتج كهرباء التيار المباشر.
واستكمالًا لمبادرات الطاقة الشمسية هذه، يأتي مشروع طاقة الرياح البرية في أبشيرون-قاراداغ، بقدرة 240 ميغاواط، ويستغل طاقة الرياح من خلال التوربينات البرية.
وتشمل هذه التوربينات، التي تقع في موقع برّي إستراتيجي، هياكل شاهقة، وشفرات، وصناديق تحتوي على مولد، ما يسهم في تحقيق هدف أذربيجان المتمثل في الحصول على 30% من كهربائها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
ويعكس هذا الالتزام رؤية إستراتيجية لتنمية الطاقة المستدامة، ومبادرة استباقية للتخفيف من آثار تغير المناخ وأمن الطاقة.
إضافة إلى ذلك، توفر هذه المشروعات المتجددة إمكانات اقتصادية كبيرة لأذربيجان.
وإلى جانب فوائدها البيئية، فإنها على استعداد لتحقيق وفورات كبيرة في الطاقة، ومن المحتمل أن تصل إلى 20% من إنتاج الطاقة الحالي في البلاد.
ويرافق هذا الانخفاض في استهلاك الطاقة وفورات متوقعة في الوقود تبلغ نحو 0.8 مليون طن، ما يعزز التزام أذربيجان بالاستدامة ويدعم مرونتها الاقتصادية.
ومن المتوقع أن تعمل هذه المبادرات على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الصناعات الجديدة، وخلق فرص العمل، والتنمية المستدامة، ومن ثم تنويع المشهد الاقتصادي في أذربيجان.
من ناحية ثانية، تمثّل هذه المشروعات خطوة إستراتيجية نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة.
من ناحيتها، تهدف أذربيجان، من خلال الاستفادة من الموارد المتجددة، إلى تقليل التعرض لتقلّبات سوق الوقود العالمية والاستفادة من فرص التصدير، وخصوصًا إلى أوروبا.
وهذا يعزز مكانة أذربيجان الاقتصادية، ويؤهلها البلاد لأداء دور بارز في قطاع الطاقة العالمي.
إلى جانب ذلك، فإن قدرة قطاع الطاقة المتجددة على جذب الاستثمار الأجنبي تؤكد أهمية أذربيجان بصفتها وجهة استثمارية، ما يزيد من ترسيخ أسسها الاقتصادية والتزامها بالتنمية المستدامة.
استثمارات السعودية في الطاقة المتجددة في أوزبكستان
تقود استثمارات المملكة العربية السعودية بقطاع الطاقة المتجددة في أوزبكستان التغيير الانتقالي بمشهد الطاقة في البلاد والطاقة المتجددة في آسيا الوسطى.
وتبلغ قيمة محفظة المشروعات التعاونية للمملكة العربية السعودية أكثر من 30 مليار دولار، وتتضمن مبادرات مختلفة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للطاقة المتجددة في أوزبكستان.
جدير بالذكر أن مشروع طاقة الرياح في منطقة آرال، بقيادة شركة أكوا باور السعودية، يهدف إلى أن يصبح أكبر مزرعة للرياح في آسيا الوسطى، إذ يعمل على توليد الكهرباء النظيفة وتعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتمتد مشاركة أكوا باور إلى مشروعات مبتكرة مثل "مشروع الهيدروجين الأخضر".
ومن المتوقع أن تنتج هذه الجهود التعاونية ما يقرب من 25 غيغاواط من إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ما يقلل بصورة كبيرة من الانبعاثات، ويعزز النمو الاقتصادي المستدام في أوزبكستان.
وتؤكد استثمارات المملكة العربية السعودية التزامًا أوسع بدعم تحول أوزبكستان إلى الطاقة المتجددة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
ومن خلال الاستفادة من الخبرات والموارد، تهدف المملكة العربية السعودية إلى أداء دور حاسم بتشكيل مشهد الطاقة المتجددة في أوزبكستان، وتعزيز التعاون الثنائي، وتعزيز أهداف التنمية المستدامة المتبادلة.
تشكيل دبلوماسية الطاقة المتجددة
تحظى دبلوماسية الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى وأذربيجان بأهمية كبيرة لدى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وفيما يلي بعض الجوانب المهمة:
مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة
دبلوماسية الطاقة: شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بنشاط في دبلوماسية الطاقة، لا سيما في آسيا الوسطى وأذربيجان، لحماية مصالحها في مجال الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة.
أهداف طموحة للطاقة النظيفة: وضعت دولة الإمارات أهدافًا طموحة للطاقة النظيفة، تهدف إلى إنتاج 44% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2050، ويتجلى هذا الطموح في مساعيها للنهوض بمشروعات الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى وأذربيجان.
تعزيز التعاون الإقليمي: تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز التعاون الإقليمي من خلال مبادرات مثل صندوق أبوظبي للتنمية (ADFD) والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).
وتسعى هذه المبادرات إلى تعزيز تنمية الطاقة المستدامة وتعزيز أمن الطاقة الإقليمي.
إسهام المملكة العربية السعودية
التركيز على أمن الطاقة: وجّهت المملكة العربية السعودية اهتمامها نحو أمن الطاقة، لا سيما في سياق تحول الطاقة العالمي.
وتستثمر البلاد في مشروعات الطاقة المتجددة لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة لديها.
السعي وراء الهيدروجين النظيف: حددت المملكة العربية السعودية أهدافًا طموحة لإنتاج الهيدروجين النظيف، وتطمح إلى الظهور بصفتها منتجًا رائدًا للهيدروجين الأخضر.
وتتجلى هذه الرؤية في جهودها الرامية إلى تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى وأذربيجان.
تعزيز التعاون الإقليمي: تعمل المملكة العربية السعودية على تكثيف التعاون الإقليمي من خلال مبادرات مثل خطة شاملة للتعاون في مجال الطاقة بين السعودية وأوزبكستان.
وتهدف الخطة الشاملة هذه إلى تعزيز التعاون بمجال الطاقة وتنمية الطاقة المستدامة في جميع أنحاء المنطقة.
آسيا الوسطى وأذربيجان
أهمية أمن الطاقة: تؤدي آسيا الوسطى وأذربيجان أدوارًا محورية فيما يتعلق بأمن الطاقة، نظرًا لاحتياطياتهما الكبيرة من النفط والغاز.
ومن الممكن أن يؤدي تطوير مشروعات الطاقة المتجددة في هذه المناطق إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة.
أهمية التعاون الإقليمي: يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية للنهوض بمشروعات الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى وأذربيجان.
وتشارك دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في تعزيز التعاون الإقليمي من خلال مبادرات مثل صندوق أبوظبي للتنمية والوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
باختصار، فإن الاستثمارات الإستراتيجية التي نفّذتها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالبنية التحتية للطاقة في آسيا الوسطى، مع التركيز على إنتاج الطاقة المتجددة وتعزيز أمن الطاقة، تمثّل خطوة مهمة إلى الأمام.
ومن خلال الشراكات والمشروعات مثل التي تنفذها شركة "مصدر" في أذربيجان والمبادرات واسعة النطاق في أوزبكستان وقازاخستان، تعمل هذه الدول الخليجية على تلبية احتياجات المنطقة من الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة.
وتهدف هذه الاستثمارات إلى تعزيز العلاقات الثنائية ودعم جهود التنمية والتنويع في المنطقة.
وبصورة عامة، تُظهر هذه المبادرات التزام كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالإسهام الإيجابي في مشهد الطاقة في آسيا الوسطى، وتعزيز التعاون في مبادرات الطاقة المستدامة.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- حقل أبو سعفة.. كنز نفطي تتقاسمه البحرين والسعودية
- أكبر محطات الطاقة الشمسية عالميًا.. دولتان عربيتان في القائمة (إنفوغرافيك)
- انخفاض صادرات الغاز المسال العربية في 5 أشهر بقيادة 3 دول (رسوم بيانية)