المقالاترئيسيةطاقة متجددةمقالات الطاقة المتجددة

اتجاهات جديدة واعدة لتحول الطاقة في آسيا الوسطى (مقال)

أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • أكثر من 41% من إمدادات اليورانيوم العالمية يأتي حاليًا من قازاخستان
  • تركمانستان تمتلك سادس أكبر احتياطيات غاز طبيعي مؤكَّدة في العالم
  • قازاخستان تعدّ من بين أكبر 25 مصدرًا لانبعاثات غازات الدفيئة
  • المناخ في المنطقة يفرض قيودًا على تخطيط وتطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة
  • بلدان آسيا الوسطى تعمل على زيادة استثماراتها تدريجيًا في قطاع الهيدروجين الأخضر
  • شيفرون أعلنت خططًا لاستكشاف عمليات صديقة للبيئة في آسيا الوسطى

على الرغم من أن الاستثمار في الطاقة النووية، التي تُعدّ صناعة باهظة الثمن ويتطلب بناؤها أوقاتًا طويلة، قد يكون مفيدًا، فإن تلك الطاقة تظل ضروريًة لتوسعة استخدام الوقود الأحفوري جرّاء زيادة الطلب العالمي على الطاقة.

انطلاقًا من هذه العوامل، تحتاج قازاخستان إلى توسعة وتنويع صادراتها من الطاقة والشراكات التجارية.

ومن الضروري ألّا تعتمد حكومة قازاخستان على الصين بصفتها مستهلكًا، عدا عن أن طرق التجارة تُعدّ عاملًا حاسمًا إضافيًا بالنسبة للقازاخستانيين، إذ أصبح العبور عبر "الممر الأوسط" أمرًا شائعًا وعمليًا للغاية للوصول إلى أجزاء من آسيا الوسطى.

رغم ذلك، يعدّ ممر العبور هذا مكلفًا، وسيكون من مصلحة المورّدين القازاخستانيين استخدام المحاور الإقليمية، التي تتطلب بدورها التمويل، لضمان مرور سلس للبضائع.

ويشير هذا إلى أن قازاخستان تتمتع بفرص وفيرة لتطوير شبكة المحاور والبنية التحتية لديها من خلال الاستثمار والخدمات المالية، مثل التأمين، ومن المهم أن تتمتع قازاخستان بالاستقرار السياسي، لتعزيز حضورها في الأسواق العالمية.

إمدادات اليورانيوم العالمية

يأتي أكثر من 41% من إمدادات اليورانيوم العالمية، في الوقت الحالي، من قازاخستان، وتمثّل إمدادات أستراليا (13%) وكندا (8%) ثاني أكبر منتجَين عالميين لليورانيوم.

وتمتلك قازاخستان الكثير من موارد اليورانيوم غير المستغلة، التي يمكن أن تسمح للدولة بتوسيع حصتها في السوق.

ويبدو أن التطلع إلى قازاخستان، في هذه الحالة، للحصول على المزيد من احتياجات اليورانيوم، سيكون ذا فائدة كبيرة لجميع الأطراف المعنية، رغم أن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن استخراج خام اليورانيوم يُعدّ مجرد خطوة أولى في إنتاج الطاقة.

قبل استخدامه وقودًا للمفاعلات، يجب تكرير اليورانيوم إلى "الكعكة الصفراء"، أي تركيز المعدن، ثم معالجته مرة أخرى، للحصول على غاز سادس فلوريد اليورانيوم.

في عام 2020، تلقّت أوروبا نحو 20% من اليورانيوم لديها من روسيا، إلى جانب 26% من خدمات التخصيب.

واستنادًا إلى بيانات عام 2021، تلقّت الولايات المتحدة ما يقرب من 14% من اليورانيوم و 28% من خدمات التخصيب من روسيا.

وعلى الرغم من صعوبة الحصول على هذا القدر الكبير من المنتج في مكان آخر، فإن الإجراءات السياسية الأخيرة لروسيا تعني أن الاتحاد الأوروبي يبحث عن مصادر بديلة، إذ تتمتع قازاخستان بموقع بارز لتولّي المسؤولية.

في المقابل، تشرف الشركة الوطنية القازاخستانية للطاقة الذرّية "قازاتوبروم جيه إس سي" على جميع الأنشطة النووية، بما في ذلك استكشاف اليورانيوم والتعدين واستيراد وتصدير الخدمات النووية في قازاخستان.

وتتمتع الشركة بأولوية الوصول إلى جميع احتياطيات ومكامن اليورانيوم في البلاد، وتعزيز مكانة قازاخستان بصفتها أكبر مورّد لليورانيوم في العالم بأقلّ تكلفة.

الهيدروجين الأخضر في آسيا الوسطى

تتميز آسيا الوسطى بوجود مكامن كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط والموارد الأخرى.

وتمتلك تركمانستان سادس أكبر احتياطيات غاز طبيعي مؤكَّدة في العالم، وتمتلك قازاخستان احتياطيات كبيرة من النفط والفحم.

وتُعدّ المشتقات النفطية المصادر الرئيسة للدخل للاقتصادات الأكبر في المنطقة، وهي مصدر معظم توليد الكهرباء المحلية، إذ تتميز قازاخستان باعتمادها على الوقود الأحفوري.

علاوة على ذلك، تعدّ قازاخستان من بين أكبر 25 مصدرًا لانبعاثات غازات الدفيئة، بينما تحتلّ المرتبة 62 في العالم من حيث عدد السكان.

منذ ما يقرب من 3 عقود، كان اقتصاد قازاخستان يعتمد كليًا على صادرات النفط، ويُنتَج معظم الكهرباء المحلية عن طريق محطات الكهرباء القديمة التي تعمل بالفحم، والتي يغذّيها الفحم الرخيص والوفير الذي يمكن العثور عليه في شمال شرق البلاد.

على ضوء لذلك، تأتي معظم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قازاخستان من قطاع الكهرباء.

وتعدّ جميع جمهوريات آسيا الوسطى غير ساحلية، وليس لها منفذ مباشر إلى المواني البحرية، أو غير ساحلية في حالة أوزبكستان، وتواجه العديد من الصعوبات الجغرافية التي تعرقل التنمية ،وقد ورثت هذه الدول جميعًا بنية تحتية قديمة من الحقبة السوفيتية.

دور المناخ في التحول إلى الطاقة المتجددة

يتميز المناخ في منطقة آسيا الوسطى بفصول شتاء قاسية وصيف شديد الحرارة، ما قد يؤثّر في موثوقية إمدادات الكهرباء الحالية، ويفرض قيودًا على تخطيط وتطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة.

من ناحية ثانية، يوجد العديد من الآفاق للاستثمار في مشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة في المنطقة، بسبب توسّع سكان المنطقة والاقتصاد الناشئ.

وبالنظر إلى اتجاه العالم نحو مستقبل للطاقة النظيفة، ازداد الاهتمام بإنتاج الهيدروجين الأخضر للأغراض الصناعية في جميع أنحاء العالم.

وستنتج هذه الطريقة الجديدة، عند نجاحها، الهيدروجين من الماء بدلًا من الوقود الأحفوري لتقليل انبعاثات الكربون من الهيدروجين الصناعي.

وقد اجتذب الهيدروجين الكثير من الاهتمام في السنوات الأخيرة، ويدخل الآن في إستراتيجية شركات النفط الكبرى، وتتطلّع العديد من الحكومات إلى استعماله في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية.

ويُعدّ الهيدروجين غازًا نظيفًا، ويمكن أن يحلّ محلّ الوقود الأحفوري المستخدم الآن في الأفران بدرجات حرارة تصل إلى 1500 درجة مئوية، و 20% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بهذا يجب على الصناعة تقليلها.

ويمكن لاستخدام الهيدروجين في صناعة الصلب أن يحلّ محلّ الفحم، الذي يُستخدم حاليًا في تكرير خام الحديد، بالإضافة إلى إنتاج الحرارة، وينتج عن حرق الهيدروجين بخار الماء فقط بدلًا من ثاني أكسيد الكربون.

وعلى الرغم من أن السيارات الكهربائية حاليًا تستعمل البطاريات أساسًا، فإن بعض الشركات تعتقد أن خلايا وقود الهيدروجين ستكون خيارًا أفضل للبطاريات في المَرْكبات الثقيلة، مثل الشاحنات والسفن وربما الطائرات.

لذلك، تعمل بلدان آسيا الوسطى على زيادة استثماراتها تدريجيًا في قطاع الهيدروجين الأخضر.

الطاقة المتجددة في آسيا الوسطى
توربينات رياح - أرشيفية

تقنيات صديقة للبيئة

أعلنت شركة النفط الأميركية العملاقة شيفرون خططًا لاستكشاف عمليات صديقة للبيئة في آسيا الوسطى، بما في ذلك احتجاز الهيدروجين والكربون.

وصرّحت شركتا "شيفرون مونايغاز" الأميركية و"قاز موناي غاز" القازاخستانية أنهما ستقيِّمان إمكان احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه، بالإضافة إلى إدارة الميثان وإنتاج الهيدروجين، وستحقق الشركتان في منهجية الإفصاح المالي.

وستُستَعمَل تقنية التحليل الكهربائي لإنتاج نحو 3 ملايين طن من الهيدروجين سنويًا، باستعمال ثلثي إجمالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وسيؤدي ذلك إلى إنتاج الهيدروجين المحايد كربونيًا، المعروف باسم الهيدروجين الأخضر، في كل من الحالة السائلة والغازيّة.

ويُعدّ بيع الهيدروجين في الخارج وشحنه سهلًا، ما يجعله -بالإضافة إلى طبيعته النظيفة- منتجًا مفيدًا للغاية.

سيتمكن الثلث المتبقي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في البلاد من دعم شبكة الكهرباء الوطنية، ما يضاعف إنتاج الكهرباء في البلاد إلى 40 غيغاواط.

بدوره، سيساعد الهيدروجين الأخضر بشكل كبير في تلبية متطلبات معاهدة باريس للمناخ، على الرغم من أن المسار الواضح للإنتاج والتوريد على نطاق عالمي لم يظهر جليًا حتى الآن.

وسوف يتطلب التحول إلى اقتصاد الهيدروجين الأخضر كمية هائلة من الطاقة المتجددة، ويبدو أن شبكات خطوط الأنابيب الحالية ستُستَخدَم لتعزيز مستقبل الهيدروجين الأخضر، وهو الأمر الذي يحظى باهتمام كبير في تركمانستان.

أمن الطاقة

ستؤدي آسيا الوسطى دورًا رئيسًا في أمن الطاقة العالمي، وخصوصًا الأوروبي، بسبب غناها بالموارد الهيدروكربونية وبعض المواد الضرورية في عملية تحوُّل الطاقة.

من هنا، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا الاستثمار بشكل أكبر في البنية التحتية للطاقة في آسيا الوسطى والإسهام بالاستقرار والنمو الاقتصادي في هذه المنطقة.

من جانبها، تتمتع الصين بحضور ملحوظ بالبعد الاقتصادي في هذه المنطقة، وسيزداد نطاق نشاط الصين في آسيا الوسطى.

ويمكن لأوروبا وأميركا ضمان وجود شركات الطاقة في هذه المنطقة.

وقد تسببت أزمة الطاقة العالمية، التي اتخذت شكلاً متقلبًا بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، بزيادة الطلب على اليورانيوم في جميع أنحاء العالم.

وتحاول دول مختلفة في المنطقة زيادة عدد محطات الطاقة النووية لديها، ويمكن أن تضمن هذه القضية نمو الطلب على هذا المنتج في السنوات المقبلة.

الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق