تسعير النفط بالدولار.. كيف تحرر دول الخليج عملاتها؟ (تقرير)
أحمد بدر
تعددت محاولات تسعير النفط بعملات أخرى غير الدولار الأميركي، ومن بينها اليوان الصيني، إلا أن هذه المحاولات ما زالت حتى الآن عاجزة عن تحقيق نتائج إيجابية، وذلك لعدد من الأسباب.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن اليوان مرتبط بصورة غير مباشرة بالدولار الأميركي، أي أنه حال الرغبة في التخلص من التعامل بالعملة الأميركية، والاتجاه إلى العملة الصينية، فسيظل الدولار هو السائد أيضًا.
ولفت الحجي -خلال حلقة جديدة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدّمه عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وجاءت هذا الأسبوع تحت عنوان "لماذا تغيّرت العلاقة بين أسعار النفط والدولار والعملات الخليجية؟"- إلى أن الدولار سيظل العملة التي يُسعّر بها النفط.
وأضاف: "ما يحدث الآن من الدول التي تحاول أن تتخلص من الدولار، أنها كلها عليها عقوبات اقتصادية، ولكن مع فرض عقوبات على إيران وروسيا، ومنعهما من استيراد أي شيء من أميركا، فلماذا ستحتاج هذه الدول إلى العملة الأميركية؟".
تسعير النفط والعقوبات الدولية
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن محاولات تسعير النفط بعملة أخرى غير الدولار، الأصل فيها هو فرض الولايات المتحدة عقوبات، ففي حال رفع العقوبات فسترجع الدول مثل الصين وإيران وروسيا إلى الدولار مرة أخرى.
وأضاف: "ليس هناك أي إثبات على الإطلاق من أي دولة حرة لا تواجه عقوبات، أنها تبنّت فكرة التخلي عن العملة الأميركية، وهو ما يشير إلى أن الدولار هو سيد الموقف".
ولفت الدكتور أنس الحجي، إلى أنه بالنظر تاريخيًا عبر مئات السنين يتضح أن هناك علاقة قوية بين الإمبراطورية وعملتها، وبالتالي كما حصل مع الجنيه الإسترليني في بريطانيا العظمى، عندما انتهت انتهى معها دور الجنيه الإسترليني في العالم.
وتابع: "بالنظر إلى هذه الحقائق التاريخية، نجد أن تعامل الصين أو الهند وروسيا والبرازيل بالعملات المحلية أو غيرها لا يعني على الإطلاق خسارة الدولار لمركزه، إذ هناك حاجة إلى زوال الإمبراطورية أو هبوطها لينتهي دور الدولار".
وأشار إلى أن الإشكالية هنا أن هناك وسائل إعلام ومحللين مرتبطين بنوعين من التجارة يروّجون لانتهاء الدول بصورة كبيرة، سواء فيما يتعلق بتسعير النفط، أو تجارة الذهب والعملات المشفرة، إذ يتنبؤون جميعًا بزوال الدولار، لأن ذلك في صالحهم، رغم عدم وجود إثبات على ادعاءاتهم.
وأردف: "القصص التي تظهر في الإعلام فيها تزوير شديد، ومثال على هذا التزوير أن هناك خبرًا نشرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، يقول إن الصين نفذت أول عملية شراء للغاز المسال باليوان الصيني، طبعًا أخذ تجار الذهب والعملات المشفرة الخبر، واعتبروه دليلًا على زوال الدولار".
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن هذا الغاز المسال بِيع باليوان داخل الصين، إذ إن شركة توتال إنرجي الفرنسية هي التي صدرته بالدولار الأميركي إلى الصين، وبعد أن دخلها اتجه إلى بورصة شنغهاي ليبيعوه هناك باليوان الصيني، أي أن الدولار اُستعمل في البداية.
تسعير النفط والعلاقة العكسية مع الدولار
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن مسألة تسعير النفط بالدولار تواجه تاريخيًا علاقة عكسية، وهذه العلاقة ما زالت موجودة حتى الآن، إلا أن هناك مدة زمنية، بدأت منذ عام 2021، وقد تنتهي هذا العام 2024، أو العام المقبل 2025.
وأضاف: "كانت هناك مسببات جعلت هذه العلاقة طردية، ولكن هذه العلاقة ستنتهي، وسنعود إلى العلاقة القديمة، وأوبك ليس لديها أي خيار حاليًا سوى استعمال الدولار لتسعير النفط، في حين يمكن الحديث عن موضوع الربط بالعملات الخليجية لاحقًا".
وأكد الدكتور أنس الحجي، أنه لا يوجد خيار حاليًا أمام دول الخليج سوى ربط عملاتها بالدولار، وهذا القرار ليس سياسيًا، ولكن الموضوع أن هناك حاجة إلى اقتصاد متنوع بصورة كبيرة جدًا، وتخفيف الاعتماد على النفط، لكي يكون بالإمكان تحقيق الاستقلال للعملة المحلية.
وتابع: "أما إذا كان اقتصادك ما زال يعتمد على مصدر واحد، فالتذبذب فيه وفي عملتك سيكون كبيرًا، فلو أن الريال السعودي غير مرتبط بالدولار الأميركي في عام 2015، لكان مصيره مثل الجنيه المصري، ولكن الارتباط بالدولار أفاد دول الخليج بصورة كبيرة، وما زال يفيدها".
وعن إمكان تحقيق فك هذا الارتباط، قال إن ذلك ممكن عندما ينخفض دور النفط بصورة كبيرة، وليس هناك معيار واضح عند الأكاديميين لهذا، فما يقال إنه بنسبة 30%، ولكن الرقم يبدو غير كافٍ، ويبدو أن دور النفط يجب أن ينخفض أكثر من ذلك بكثير، مع تنوع الاقتصاد بصفة كبيرة، لتتمكن الدول من تحرير عملتها وفك الارتباط بالدولار.
موضوعات متعلقة..
- تسعير النفط والغاز بين الدولار واليوان والروبل (مقال)
- آلية تسعير النفط في نيجيريا تسجل مفاجأة.. وتجار يحذرون
- أدنوك توقع اتّفاقيات تعاون لتسعير النفط المرتبط بخام مربان
اقرأ أيضًا..
- مصادر: الجزائر لن تقطع الغاز عن إسبانيا.. والمغرب يؤمن إمداداته
- واردات اليابان من الغاز المسال تنخفض.. و3 دول خليجية بالقائمة
- إنتاج الحديد الأخضر في أستراليا أمام فرصة حقيقية.. سيجعلها "قوة عظمى"