تركيزات ثاني أكسيد الكربون تسجل أعلى مستوياتها تاريخيًا في مايو
أحمد أيوب
بلغت تركيزات ثاني أكسيد الكربون العالمية مستويات قياسية خلال شهر مارس/آذار الماضي مرتفعة إلى ذروتها التاريخية أول أمس الخميس 9 مايو/أيار 2024، في وقت يُكافح فيه المجتمع الدولي، من أجل خفض مستويات الانبعاثات الكربونية المُسببة للكثير من الكوارث البيئية.
وسجّل المتوسط الشهري لتركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء خلال شهر مارس/آذار الماضي مستويات أعلى بمقدار 4.7 جزءًا في المليون، مقارنة بمستويات المدة المماثلة من العام الماضي (2023)، ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 425.22 جزءًا في المليون، وفقًا لما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وكانت مستويات الانبعاثات قد بلغت ذروتها خلال العام الماضي (2023)، إذ ارتفعت إلى 36.8 مليار طن متري.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما أدى إلى تفاقم الآثار المُدمرة للكوارث الطبيعية الناتجة عن هذه الارتفاعات، وتمثّل ذلك في موجات الحر الشديدة والأمطار الغزيرة وحرائق الغابات والفيضانات، فضلًا عن آثار ظاهرة النينيو الخطيرة.
مستويات قياسية للانبعاثات
حتى يوم الخميس الماضي 9 مايو/أيار 2024، بلغت مستويات تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الهواء 427.48 جزءًا في المليون، وفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ في 10 مايو/أيار 2024.
وسيكون الأمر مثيرًا إذا علمنا أنه في نهاية خمسينيات القرن الـ20، عندما بدأ العلماء لأول مرة تتبع تركيزات الانبعاثات الكربونية العالمية كانت هذه المستويات تستقر عند نحو 315 جزءًا في المليون فقط.
وفي العادة تصل المستويات إلى ذروتها خلال فصل الربيع من كل عام بسبب النباتات التي تنمو في نصف الكرة الشمالي، إذ تسحب هذه النباتات الغازات من الغلاف الجوي خلال فصل الصيف.
ويأتي هذا الارتفاع غير المسبوق في الوقت الذي تشهد فيه الأرض شهرها الـ11 على التوالي من درجات الحرارة القياسية وسلسلة من الكوارث التي تتسبب فيها ظاهرة التغيرات المناخية.
أسباب زيادة الانبعاثات
أسهمت ظاهرة النينيو المستمرة منذ العام الماضي، وهي الظاهرة المناخية التي تجعل البحار أكثر دفئًا وتُغير أنماط الطقس على مستوى العالم، في ارتفاع درجة حرارة المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادئ.
ويؤثر التغير في درجات حرارة المحيطات في المناخ بجميع أنحاء العالم، ما يؤدي إلى حدوث الجفاف في أجزاء كثيرة من المناطق الاستوائية.
ويعني الجفاف والحرارة المصاحبان لظاهرة النينيو أن النباتات تنمو بشكل أقل، وتمتص كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون نتيجة لذلك، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
كما أن زيادة نشاط حرائق الغابات تؤدي أيضًا إلى إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وهناك عامل آخر هو حرق الوقود الأحفوري الذي يُعد مُحركًا رئيسًا في زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الهواء عالميًا.
آلية رصد البيانات
جاءت هذه البيانات الخاصة بزيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الهواء من خلال مجموعة من الباحثين في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في سان دييغو، الذي يتتبع مستويات تركيز الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي منذ خمسينيات القرن الماضي بمرصد مونا لوا في ولاية هاواي الأميركية.
وقال مدير برنامج ثاني أكسيد الكربون بمعهد سكريبس لعلوم المحيطات، رالف كيلينغ، إن "البيانات التي توصّل إليها الباحثون دليل مهم للغاية يُعزز فكرة أن ثاني أكسيد الكربون ما يزال يشهد ارتفاعات في الهواء بصورة أسرع من أي وقت مضى".
وأوضح كيلين، أن "الانبعاثات الصادرة عن الغابات الاستوائية تجعل الأمر غاية في الصعوبة، جنبًا إلى جنب مع هذه الانبعاثات الكبيرة جدًا الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، التي تحقق أرقامًا قياسية".
وأضاف: "الأمر لا يتعلق بأن أحداث النينيو مبالغ فيها، بل إن حرق الوقود الأحفوري أمر غير عادي بالمعنى التاريخي، لقد تخطى الحدود".
وتستند النتائج التي توصل إليها كيلينغ وزملاؤه إلى مراقبة تركيزات ثاني أكسيد الكربون بصورة مستمرة لعقود من الزمن، ما أدى إلى إنشاء السجل الأكثر تفصيلًا في العالم لتركيزات غازات الدفيئة.
وأدى ثوران بركان مونا لوا في نوفمبر/تشرين الثاني2022 إلى توقف عمليات الرصد لمدة قصيرة، وجمعت البيانات من ديسمبر/كانون الأول (2022) حتى فبراير/شباط 2023.
وأظهرت البيانات المأخوذة من عينات الهواء التي جُمعت من الجليد القديم، أن مستويات ثاني أكسيد الكربون كانت تبلغ نحو 278 جزءًا في المليون قبل عصر الصناعة.
ومن المحتمل أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لم تكن مرتفعة كما هي الآن منذ 3 ملايين سنة على الأقل.
موضوعات متعلقة..
- الانبعاثات الكربونية العالمية من قطاع الطاقة تشهد ارتفاعات قياسية خلال 2023
- أهداف خفض الانبعاثات 2023.. الحكومات والشركات تتراجع رغم تفاقم أزمة المناخ
- خبراء: رفع كفاءة الطاقة الحل الأمثل لخفض الانبعاثات على المدى القصير
اقرأ أيضًا..
- مسؤول مغربي: لدينا أكبر محطة شمسية مركزة في العالم.. وأنتجنا أكثر من 120 مشروعًا بحثيًا (حوار 1/2)
- وزيرة الطاقة المغربية: لسنا السعودية ولا قطر.. وقريبًا صفقات البنية التحتية للغاز (حوار)
- حرائق السيارات الكهربائية تمتد إلى الدراجات وتهدد السفن