الطاقة في المغربتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

مسؤول مغربي: لدينا أكبر محطة شمسية مركزة في العالم.. وأنتجنا أكثر من 120 مشروعًا بحثيًا (حوار 1/2)

أجرى الحوار - عبدالرحمن صلاح

يمتلك المغرب قدرات كبيرة في إنتاج الطاقة المتجددة (من بينها أكبر محطة شمسية مركزة في العالم)، جعلته خلال السنوات الأخيرة محط الأنظار، خاصة الدول الأوروبية التي تتطلع إلى استيراد الطاقة النظيفة من المملكة، نظرًا لموقعها الجغرافي القريب.

وتضع وكالات الطاقة والمنظمات المعنية المغرب ضمن الدول المرشحة بقوة لتصدير الهيدروجين الأخضر خلال المدة المقبلة، إلى جانب قدرة المملكة على تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا، إذ ترتبط المملكة بخطّ ربط كهربائي يجمعها بإسبانيا، وأيضًا هناك مشروع لبناء خط كهرباء بحري -سيكون الأكبر عالميًا- سيجمع المغرب بالمملكة المتحدة، ما يزال قيد خطوات الاستثمار النهائية.

وفي هذا الإطار، أجرت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، مقابلة صحفية مع مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة الدكتور سمير الرشيدي، الذي تحدث عن أبرز مشروعات الطاقة المتجددة، وأهميتها بالنسبة للمملكة والعالم.

وأشاد "الرشيدي" بالتناغم بين المعهد ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، كون المعهد ينبثق عن الوزارة، ويمثّل الجناح البحثي لها.

وأنجز المعهد نحو 120 مشروعًا، يضم وكالة الموارد، بالإضافة إلى قسم الهيدروجين والطاقة الحيوية والفلاحية ومركز الطاقة الخضراء.

وفي الجزء الأول من حواره مع منصة الطاقة، تحدَّث المدير العام عن أبرز المهام التي يقوم بها المعهد، والنجاحات التي حققها خلال الآونة الأخيرة، إلى جانب أبرز الأبحاث العلمية الرائدة التي يعمل عليها الباحثون، مشيرًا إلى 4 من أهم المشروعات البحثية.

وإلى نص الحوار:

تأسَّس المعهد قبل 13 عامًا لدعم توجُّه المملكة نحو الطاقة النظيفة.. ما أبرز مجهوداتكم في هذا السياق؟

بالفعل، تأسَّس معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRESEN) سنة 2011، إثر جلسات الطاقة بمبادرة من وزارة الانتقال الطاقي وعدّة مؤسسات فاعلة من القطاعين العام والخاص.

وركّزت رؤية المعهد على مرافقة الإستراتيجية الطاقية الوطنية التي اعتمدتها المملكة منذ عام 2009، طبقًا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من خلال رعاية أعمال البحث العلمي التطبيقي الموجهة نحو السوق إضافة إلى رعاية مشروعات الابتكار عبر مختلف مكونات سلاسل القيمة في مجالات الطاقات المستدامة والجديدة والتكنولوجيا المحايدة كربونيًا أو منخفضة الكربون.

ويواكب المعهد، تحت إشراف وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي من خلال توفُّره على أداتين أساسيتين:

تتمثل الأداة الأولى في وكالة موارد تعمل على دعم البحوث التطبيقية ومشروعات الابتكار، من خلال إطلاق دعوات منتظمة لتقديم مقترحات مشروعات في عدّة مجالات مرتبطة بالطاقة المستدامة والتكنولوجيا النظيفة.

ويعمل المعهد من خلال وكالته على إطلاق طلبات مشروعات بهدف استقبال ترشحات لمجموعات مكونة من شركاء من المجالين الأكاديمي والصناعي، وتهدف هذه العملية إلى إيجاد أوجه للتآزر والمساعدة على نقل مشروعات البحث العلمي التطبيقي إلى مراحل متقدمة للنضج التكنولوجي تؤهلها للوصول للتصنيع والتسويق.

أمّا الأداة الثانية، فتتمثل في شبكة بنى تحتية: إذ يعمل معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بتعاون مع عدّة مؤسسات شريكة -أهمها جامعة محمد السادس متعددة التقنيات (UM6P)- على إنشاء مجموعة منصات كبرى تحتضن منشآت ومختبرات خاصة بالبحث والتطوير والابتكار والتدريب، أبرزها مركز الطاقة الخضراء (Green Energy Park) في مدينة بنجرير، التي حظيت بالتدشين من طرف جلالة الملك عام 2017، وتضم حاليًا فريقًا من الباحثين والمهندسين مكونًا من 70 إطارًا عاليًا وطالب دكتوراه يشتغلون على عدّة مشروعات في مجالات الطاقة الشمسية الحرارية والكهروضوئية وتخزين الطاقة لإيجاد حلول مبتكرة في عدّة تخصصات دقيقة.

هل حقق المعهد الهدف الذي تأسَّس من أجله؟.. أم ما زلتم في حاجة لمزيد من الوقت والانسجام مع وزارة الطاقة؟

منذ تأسيسه، يشتغل معهد IRESEN على دعم البحث العلمي والابتكار في مختلف مجالات الطاقة المستدامة والتكنولوجيا الخضراء بتنسيق مع وزارة الطاقة، التي ترأس مجلس إدارته وتوجّه إستراتيجياته وبرامج عمله مع باقي الأعضاء.

فقد عرفت السنوات الـ10 الأولى للمعهد نتائج مشرفة تجاوزت الأهداف التي سُطِّرت عند تأسيسه، إذ أسهم من خلال وكالة الموارد، في تمويل أكثر من 70 مشروعًا، وذلك عبر إطلاق أكثر من 18 طلب مشروعات، كما أسهم في إنشاء 18 مختبرًا بشراكة مع مختلف جامعات المملكة، وبلغ مجموع التمويلات التي حُشِدَت ما يفوق 520 مليون درهمًا خلال العشرية الأولى للمعهد.

واشتغل فريق مركز الطاقة الخضراء منذ تأسيسه على ما يفوق 55 مشروعًا، بشراكة مع مؤسسة بحثية ومقاولات، واحتضن عشرات من الباحثين في الدكتوراه والطلبة المهندسين المجتازين لمشروعات نهاية الدارسة.

وأسهمت مبادرات المعهد بإحداث طفرة في البحث العلمي في لمغرب بمجالات الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقة والتكنولوجيا الخضراء، وقد فاقت المنشورات العلمية التي حظيت بدعم المعهد 360 ورقة بحثية صادرات في دوريات علمية ذات مؤشر تأثير عالٍ، كما أسهم المعهد فيما يفوق 40 رسالة دكتوراة اجتازت المناقشة، إضافة إلى ذلك، دَعَم المعهد تسجيل أكثر من 20 براءة اختراع.

مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي IRESEN
مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي خلال الحوار (10 مايو 2024)

هل تستعين وزارة الطاقة بجهود المعهد ورؤيته، في وضع أو تحديث إستراتيجية المغرب الطاقية؟

وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة تستعين بالمعهد البحث بعَدِّه ذراعًا فعالًا للدولة لدعم الإستراتيجية الطاقية الوطنية عبر كل مكونات سلسلة القيمة للابتكار الأخضر، وذلك من خلال توجيه الدعم المالي وتقديم الإرشاد البشري والتقني للباحثين وطلبة الدكتوراه والمقاولين (الشركات الناشئة، الشركات الصغيرة والمتوسطة، الفاعلين الصناعيين) في جميع مراحل النضج التكنولوجي للمشروعات إلى أن تصل إلى تقديم منتجات أو خدمات مبتكرة إلى السوق.

كما يتعاون معهد البحث في الطاقة الشمسية IRESEN بشكل وثيق مع الوزارة في إعداد مخططات إستراتيجية موضوعية، وفي هذا السياق، أسهمنا في إعداد خارطة الطريق الوطنية لتثمين الكتلة الحيوية للتقييم الطاقي للكتلة الحيوية وخارطة الطريق الوطنية لتعزيز النقل الكهربائي، كما أسهم في إنشاء أطلس للطاقة الشمسية يضم خرائط لموارد الطاقة الشمسية بالمغرب.

وبالإضافة إلى ذلك، أدى المعهد دورًا فعالًا في إعداد النسخة الأولى من خارطة الطريق الوطنية للهيدروجين الأخضر في عام 2021، ضمن إطار منهجية شاملة تهدف إلى تموضع المغرب بين الدول الرائدة في هذا القطاع الجديد على المستوى الإقليمي والدولي، كما عمل المعهد على تقديم الاستشارة العلمية والتكنولوجية لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ومختلف القطاعات الحكومية المعنية بإعداد عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، وفقًا للتوجيهات الملكية السامية.

ما إمكان وصول المغرب إلى 52% من الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني قبل عام 2030؟

تأتي رؤية تحقيق نسبة 52% من نسبة قدرة منشآت الطاقة المتجددة في المزيج الكهربائي الوطني ضمن المسار التراكمي الذي حققه المغرب في اتجاه تحقيق انتقال طاقي مستدام عبر مراحل متتالية، وذلك في سياق مساعي المملكة نحو تقليل اعتماده على الاستيراد الخارجي للطاقة الأحفورية الخاضعة لتقلّبات الأسعار، وذلك بغية تحقيق سيادة طاقية.

فموازاةً مع استكمال سياسة بناء السدود التي انطلقت تحت قيادة الملك الراحل الحسن الثاني، التي أثمرت إنجاز محطات للطاقة الكهرومائية، ازدهرت مشروعات الطاقة الريحية خلال العقد الأول من عهد الملك محمد السادس، وقد أثمرت هذه التراكمات إطلاق المملكة إستراتيجية طاقية خلال عام 2009، وقد هدفت في بداية الأمر إلى تحقيق نسبة 42% من حصة الطاقات المتجددة إلى مجموع قدرة منشآت الطاقة الكهربائية، بالتركيز على مشروعات الطاقة الشمسية.

وفي هذا السياق، تأسست الوكالة المغربية للطاقة المستدامة مازن (Masen)، وأُطلِق مشروع مجمع نور بمدينة ورزازات الذي يضم 3 محطات للطاقة الشمسية الحرارية، والذي يعدّ من أكبر محطات الطاقة الشمسية عالميًا بقدرته التي تبلغ 580 ميغاواط، والذي شرعت أولى محطاته، نور 1 (ذات قدرة 160 ميغاواط) بالاشتغال منذ سنة 2016، إضافة إلى مشروعات للطاقة الكهروضوئية بدأت بمشروعات نور ورزازات 4 ونور العيون ونور بوجدور.

وبالموازاة، استمرت المملكة المغربية في بناء محطات ريحية جديدة أهمها محطة طرفاية ومحطة بوجدور اللتان تبلغ قدرة كل منهما 300 ميغاواط، إضافة لأنظمة لتخزين الطاقة عبر ضخ المياه (Pumped storage hydropower)، كما صدر العديد من القوانين والمراسيم لتنزيل الإصلاحات في المشهد الطاقي، إضافة إلى إحداث مؤسسات لتعزيز الحكامة في تدبير المنظومة الطاقية للمملكة.

وحسب آخر البيانات إلى حدود نهاية سبتمبر/أيلول 2023، بلغت نسبة قدرة منشآت الطاقات المتجددة حتى الآن ما يفوق 41% من المزيج الطاقي الوطني، بقدرة يبلغ مجموعها 4.1 غيغاواط لمحطات تشتغل فعلًا، وذلك مقابل نسبة 37% في نهاية سنة 2022.

كما تشمل خطة المغرب للطاقة المتجددة للمدة ما بين 2023 و2027 عدّة مشروعات سيتولى تنفيذها كل من الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (Masen) والمستثمرون الخواص، وفقًا للقانون 09.13، ويُقدَّر مجموع قدرات هذه المشروعات قيد الإنجاز بنحو 4.2 غيغاواط إضافية.

وتشكّل مشروعات الهيدروجين الأخضر المرتقبة في إطار عرض المغرب فرصة لمضاعفة منشآت الطاقة الشمسية والريحية، إذ تُقدَّر القدرات المطلوبة لتلبية الطلب المحتمل على الهيدروجين الأخضر في أفق عام 2030 بين 8 و15 غيغاواط وفق خارطة الطريق الصادرة سنة 2021، وذلك بالإضافة إلى البرنامج الاستثماري الأخضر لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP Group) الذي تبلغ ميزانيته 130 مليار درهم مغربي (نحو 13 مليار دولار أميركي)، ويتضمن إنشاء 5 غيغاواط من المحطات الشمسية والريحية لتلبية حاجات المجموعة التي تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني في أفق عام 2040.

كل هذه مؤشرات تعزز إمكان تجاوز نسبة 52% من منشآت الطاقات المتجددة ضمن المزيج الطاقي للمملكة عام 2030.

مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي IRESEN
مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي خلال الحوار (10 مايو 2024)

ما زال مشروع نور ورزازات للطاقة الشمسية هو الأكبر في المغرب حتى الآن.. هل نرى مشروعات مماثلة أو أكبر من حيث الطاقة الإنتاجية؟

حتى اليوم، يعدّ مجمع نور ورزازات -الذي يتكون من أربع محطات للطاقة الشمسية- أكبر مشروع أُنجِزَ حتى الآن للطاقة الشمسية بالمغرب، وتعدّ أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة (الحرارية) قيد الإنتاج في العالم، وتتكون من أربع محطات، ثلاث منها تعتمد على تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة (CSP) هي نور 1 بقدرة 160 ميغاواط، ونور 2 بقدرة 200 ميغاواط، ونور3 بقدرة 150 ميغاواط، إضافة إلى محطة نور 4 الكهروضوئية ذات قدرة 72 ميغاواط، بما يبلغ مجموعه 582 ميغاواط، وقد دخل المجمع حيز الخدمة تدريجيًا خلال المدة بين 2016 و2018 التي عرفت اشتغال المحطات الأربع للمركب، ويوفر المركب إنتاجًا إجماليًا قدره 1,7 تيراواط ساعة، مما يمكن من تلبية احتياجات نحو 1.7 مليون نسمة من الطاقة الكهربائية.

إلّا أن مشروع نور ميدلت قيد التطوير تفوق قدرته ضعف قدرة مركب ورزازات، إذ يبلغ مجموع قدرة محطاته الثلاث نحو 1600 ميغاواط، إذ تبلغ القدرة المرتقبة لمحطة نور ميدلت 1 نحو 800 ميغاواط، بينما تصل قدرة كل من محطتي نور ميدلت 2 و3 إلى 400 ميغاواط، وبذلك يكون مجمع نور ميدلت أكبر مشروع معلَن للطاقة الشمسية حاليًا.

وبالإضافة لمشروعي ورزازات وميدلت، توجد مشروعات موزّعة جغرافيًا لا تقلّ أهمية، مثل محطتي الطاقة الشمسية الكهروضوئية نور العيون (85 ميغاواط) ونور بوجدور (20 ميغاواط) التين تُعدّان مكونين لمشروع نور الكهروضوئي 1 مع نور ورزازات 4 الكهروضوئية (72 ميغاواط) التي ذكرناها سالفًا، إذ تبلغ القدرة الإجمالية للمشروع 170 ميغاواط، بالإضافة إلى مشروع نور تافيلات ذي قدرة 120 ميغاواط، ومشروعي نور أطلس (7 محطات بمجموع 260 ميغاواط)، موازاة مع مشروع نور الكهروضوئي الثاني الموزّع على سبع مناطق شرق المملكة، بمجموع قدرة يبلغ 400 ميغاواط.

أمّا فيما يخص الطاقة الريحية، فيتوفر المغرب حاليًا على محطات رياح بقدرة إجمالية تبلغ 1512 ميغاواط، أهمها محطتا نسيم طرفاية التي شرعت في التشغيل عام 2014، بقدرة 300 ميغاواط، ومحطة نسيم بوجدور ذات قدرة مماثلة (300 ميغاواط) التي انطلق تشغيلها منذ منتصف عام 2023، والتي تعدّ أكبر محطات برنامج الطاقة الريحية المندمج ذي قدرة 850 ميغاواط، الذي يضم كذلك مشروعات محطات ميدلت (210 ميغاواط)، وجبل الحديد بإقليم الصويرة (270 ميغاواط)، وتيسكراد بطرفاية (100 ميغاواط).

هذا بالإضافة إلى مشروعات الطاقة الكهرومائية الجاري تنفيذها في أكثر من 20 محطة كهرومائية، أكبرها مشروع المركب الكهرومائي إمزدلفان-تاسكدرت-تاجموت بقدرة 128 ميغاواط المرتقب تشغيله خلال سنة 2027، علمًا أن مجموع قدرة منشآت الطاقة الكهرومائية بلغ 1306 ميغاواط، إضافة إلى 464 ميغاواط من سعة تخزين الكهرباء غبر ضخ الماء، وذلك حسب آخر تقرير سنوي أصدره المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لسنة 2022.

كما أن مشروعات مجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP Group) الجارية ضمن برنامج الاستثمار الأخضر تتضمن منشآت كبرى يبلغ مجموع قدراتها 5 غيغاواط كما سبق ذكره، إضافة إلى المشروعات الكبرى المرتقبة ضمن عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، الذي يتضمن تحديد الدولة عقارات عمومية مهمة تناهز مساحتها مليون هكتار، يُوَفَّر خلال المرحلة الأولى منها 300 ألف هكتار لفائدة المستثمرين، ستوزَّع على قطع أرضية تتراوح مساحتها بين 10.000 و30.000 هكتار.

ماذا عن تخزين الكهرباء، سواء من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح؟

يخزّن المغرب فعليًا قدرًا مهمًا من فائض الكهرباء المولدة من محطات الطاقة المتجددة، إذ تتضمن كل من المحطات الثلاث لمجمع نور ورزازات نظامًا لتخزين الطاقة الحرارية عبر الملح المذاب.

وتتمثل هذه التقنية في تسخين الملح بالطاقة الشمسية الحرارية إلى حالة منصهرة، ثم تخزينه في حاويات معزولة حراريًا، وتُحوَّل الحرارة المخزّنة مرة أخرى إلى طاقة كهربائية في الساعات التي تغيب فيها أشعة الشمس، وتوفر محطة نور 1 تخزينًا لثلاث ساعات، بينما تصل المدة في كل من محطتي نور 2 ونور 3 إلى 7 ساعات.

كما تتوفر المنظومة الطاقية بالمملكة على أنظمة لتخزين الطاقة عبر ضخ المياه، أولها محطة أفورار بإقليم أزيلال، التي تشتغل منذ سنة 2004 بقدرة 460 ميغاواط، إضافة إلى محطة عبد المومن بالقرب من مدينة أكادير، والمرتقب تشغيلها خلال هذا العام، بقدرة 350 ميغاواط.

كما يجري العمل على تطوير محطتين جديدتين، محطة المنزل بإقليم صفرو، ومحطة إفحصة بإقليم شفشاون، وتبلغ قدرة كل منهما 300 ميغاواط.

وتتضمن طلبات العروض التي أطلقتها الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (Masen) بخصوص محطتي نور ميدلت 2 ونور ميدلت 3 أنظمة تخزين للطاقة عبر البطاريات، مما يشكّل فرصة لتجريب أحدث تقنيات التخزين بالبطاريات على نطاق محطات توليد الكهرباء.

كما يساعد تقدُّم المغرب بمشروعات الهيدروجين الأخضر في تعزيز قدرة تخزين فائض الطاقات المتجددة، وتحقيق توازن في الشبكة الكهربائية الوطنية، وذلك عبر تطوير محطات لتخزين الطاقة بوساطة الهيدروجين، سواء من خلال تقنية خلايا الوقود الهيدروجينية (Hydrogen Fuel Cells) التي تمكّن من إعادة توليد الكهرباء في أوقات الطلب عليها عبر تفاعل الهيدروجين المخزّن مع الأكسيجين، أو من خلال التوليد الحراري عبر حرق الهيدروجين لتشغيل توربينات توليد الكهرباء، وهي تقنية مشابهة لتلك المعتمدة في المحطات الحرارية المعتمدة على الغاز الطبيعي.

هل لدى معهد IRESEN تجارب بحثية تتعلق بتخزين الكهرباء؟

بالتأكيد، إذ يعدّ تخزين الطاقة الكهربائية من أهم مجالات اشتغال المعهد، سواء من خلال المشروعات المستفيدة من دعم وكالة الموارد، أو من خلال منصات البحث والابتكار، خاصة مركز الطاقة الخضراء.

وإليكم بعض المشروعات المدعومة من طرف وكالة الموارد للمعهد:

  • مشروع UPISREE: عبارة عن تطوير وحدة متعددة الأشكال وذكية لتخزين الطاقة الكهربائية بسرعة.
  • مشروع GESYS: تطوير الطاقة الجاذبية مع نظام ذكي لإدارة الطاقة.
  • مشروع RESTART: مشروع لإعادة تدوير البطاريات الليثيوم أيون المستعمَلة والألواح الشمسية في نهاية العمر: من تطوير عمليات استرداد المعادن إلى تنفيذ شركة ناشئة.
  • مشروع Batteries: البطاريات الليثيوم أيون المنافسة والأداء: حل مثالي لتخزين الطاقة الشمسية.
  • مشروع VANABAT: تحسين بطارية الفاناديوم لأنظمة إنتاج الطاقة في المناخ الحار.
  • مشروع Phnamatex: الفوسفات من نوع NASICON كمواد القطب للبطاريات ذات الكثافة العالية للطاقة: دراسة نظرية وتجريبية.

يأتي ذلك إلى جانب مشروع LiSOL الذي يتضمن تخزين الطاقة الكهربائية المنزلية، وتحتضنه منصة مركز الطاقة الخضراء، الذي يعطي اهتمامًا لمشروعات تخزين الطاقة الكهربائية.

ما هو الاستثمار الأقل تكلفة للمغرب؟ إقامة محطة طاقة شمسية أم محطة رياح؟

لاختيار نوع محطة الطاقات المتجددة (محطة طاقة شمسية حرارية أو كهروضوئية، أو محطة طاقة ريحية، أو محطة هجينة تمزجهما معًا)، ينبغي إجراء دراسة مقارنة تنطلق من معايير محددة ومتغيرة، حسب كل حالة.

ولا يمكن معرفة تكلفة أو فعالية كل منهما دون الاطّلاع على تفاصيل المشروع والظروف المحلية ،بعض العوامل التي تؤثّر بهذا الاختيار هي: موقع المحطة ومدى تضمّنه إشعاع الشمس أو سرعة رياح كافيين لإنتاج القدر المطلوب للإمداد بالطاقة الكهربائية، ويُحتسب ذلك عبر مؤشر معامل القدرة (Capacity Factor) باحتساب النسبة بين الطاقة الفعلية التي تُنتَج على مدى مدة زمنية معينة إلى الطاقة القصوى الممكن إنتاجها خلال تلك المدة ومعامل التوافرية (Availability Factor) باحتساب عدد ساعات توفر إشعاع شمسي أو سرعة رياح إلى عدد ساعات السنة.

ومن العوامل كذلك: نوع التكنولوجيا المستعمَلة ومدى انسجامها مع البيئة والمعايير الفنية، إضافة إلى مدى توفر وعاء عقاري بمساحة كافية تحتضن المحطة، وتُضاف إلى ذلك عوامل بيئية واقتصادية واجتماعية.

مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي IRESEN
مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي مع مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح

كيف يمكنكم تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا، خاصة مشروع إكس لينكس المرتقب؟

بالنسبة لتصدير الكهرباء، فقد تحوَّل المغرب من مستورد إلى مصدّر صافٍ للكهرباء منذ عام 2018، وذلك بعد تشغيل عدّة مشروعات كبرى للطاقة النظيفة، مثلًا مركبات نور للطاقة الشمسية بورزازات والعيون وبوجدور، إضافة إلى حقل الطاقة الريحية بطرفاية، إلّا أن مزيج الطاقة الكهربائية الوطنية ما يزال يعتمد على استيراد المصادر الأحفورية، وخاصة الغاز الطبيعي والفحم، علمًا بأن المغرب قد انخرط خلال مشاركته في قمة المناخ كوب 28 بتحالف دولي يعتزم التخلص التدريجي من استعمال الفحم في إنتاج الكهرباء.

أمّا بالنسبة لمشروع Xlinks، فيتعلّق باستثمار بريطاني خاص، ويعدّ مشروعًا مهمًا جدًا، يُمكّن المغرب من زيادة رفع تعزيز جاذبية المملكة من خلال المستثمرين في الطاقة المتجددة.

وتفوق قدرة المحطة المرتقبة لتوليد الكهرباء لهذا المشروع 11 غيغاواط، إضافة إلى نظام تخزين للطاقة يصل إلى 5 غيغاواط / 22.5 غيغاواط ساعة، وسيُربَط ببريطانيا عبر خطوط تحت البحر بطول 4 آلاف كيلومتر على الجهد العالي المستمر HVDC.

ويتيح هذا النوع من المشروعات فرصة سانحة لتوطين المغرب لصناعات ثقيلة جديدة (ألواح شمسية، توربينات ريحية، بطاريات).

ملف خاص تنشره "الطاقة" عن قطاع الطاقة المغربي:

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق