وزيرة الطاقة المغربية: لسنا السعودية ولا قطر.. وقريبًا صفقات البنية التحتية للغاز (حوار)
أجرى الحوار: عبدالرحمن صلاح - أعده للنشر: ياسر نصر
- المغرب البلد الوحيد في أفريقيا المرتبط مع أوروبا كهربائيًا وغازيًا
- الغاز الطبيعي يدعم تسريع نمو مشروعات الطاقة المتجددة في المغرب
- ألغينا مشروعات 3 محطات تعمل بالفحم بقدرات تفوق 1.5 غيغاواط
- نستهدف إضافة 9 غيغاواط إلى قدرات الكهرباء في المغرب بحلول 2027
- نتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة الصغيرة لتأمين احتياجات المصانع والقرى النائية
- نسعى لوضع اكتشافات الغاز على خطوط الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي
- طرح مشروع لإعداد خريطة طريق للبنية التحتية للغاز في المغرب خلال 3 أسابيع
أحدثت وزيرة الطاقة المغربية ليلى بنعلي منذ توليّها مهام المسؤولية قبل نحو عامين ونصف العام حالة حراك في مشهد الطاقة، فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بالعديد من الدول، نجحت المملكة المغربية في العبور بأمان، مسجلة أرقامًا قياسية في قيادة التحول عالميًا.
وتتمتع بنعلي بخبرة دولية واسعة تمتد لأكثر من 25 سنة في مجال لطاقة، إذ تعدّ خبيرة في مجال الإستراتيجيات الطاقية والأمن والاستدامة، وسبق لها أن شغلت منصب كبيرة الخبراء الاقتصاديين في "منتدى الطاقة الدولي"، بجانب خبرتها في "رابطة التجريف المركزية"، وتقلّدها العديد من المناصب في عدد من الشركات المتخصصة، بالإضافة إلى خبرتها الأكاديمية من خلال التدريس بعدد من الجامعات.
وفي هذا الإطار، أجرت منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، حوارًا حصريًا مع وزيرة الطاقة المغربية تطرقت خلاله إلى العديد من الموضوعات المهمة، وكشفت عن تطورات خطط قطاع الطاقة، خاصة ما يتعلق بالتحول إلى الطاقة المتجددة، وأمن الطاقة.
تقول الدكتورة ليلى بنعلي في حوارها مع منصة الطاقة، إن بلادها تتميز بخصوصية في مجال الطاقة، إذ إنها ليست كالسعودية في قدرات النفط، ولا كقطر في إمكانيات الغاز.
وأضافت: "المملكة تدرك وضعها الطاقي جيدًا، ولديها مكانة وإستراتيجية جيوغرافية وسياسية ما بين أفريقيا وأوروبا وأميركا، إذ إنها البلد الوحيد في أفريقيا المرتبط مع أوروبا كهربائيًا وغازيًا وفي الاتجاهين".
وتحدثت وزيرة الطاقة المغربية عن خطط بلادها للاستثمار في الطاقة المتجددة، والغاز الطبيعي، واحتياجاتها لتأمين الطلب على الكهرباء، وصفقات الغاز المسال، وخطط استغلال اكتشافات أنشوا وتندرارة.
وإلى نص الحوار:-
البيانات تتحدث بأن المملكة تعتمد على 50% على الفحم في إنتاج الكهرباء، تليه مصادر الطاقة المتجددة، وفي المرتبة الأخيرة الغاز الطبيعي.. هل هناك توجّه لزيادة حصة الغاز من مزيج توليد الكهرباء في المغرب؟
ارتفاع نسبة الغاز في مزيج توليد الكهرباء من أولويات هذه الوزارة، إذ إن إستراتيجية الطاقة المعتمدة منذ 2009 تحت قيادة الملك محمد السادس نصره الله تركّز في المحور الأول منها على تعزيز الطاقات المتجددة إلى أكثر من 52% من الطاقة المنشأة في مزيج الكهرباء الوطني بحلول 2030.
المغرب يستهلك حاليًا 44 تيراواط/ساعة في عام 2023 بنسبة نمو سنوي 4.5% منذ عام 2009، وفي ظل النمو الكبير في المشروعات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، زاد الطلب على الكهرباء بصفة خاصة، والطاقة بصفة عامة، ومع استضافة المملكة لتنظيم فعاليات كأس العالم 2030 في المغرب فهي في حاجة إلى تنفيذ مجموعة من المشروعات الهيكلية لمواكبة هذا الحدث العالمي.
وماذا عن عرض الهيدروجين الأخضر الذي أطلقته الحكومة المغربية مؤخرًا؟
يعدّ عرض الهيدروجين الأخضر الذي أُطلِقَ مؤخرًا أحد المشروعات الهيكلية في خطط المملكة لتأمين الطلب المتزايد على الطاقة في المستقبل، بالإضافة إلى مشروعات تحلية مياه البحر، إذ إن المغرب، مثل بعض بلدان دول الجوار في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وأفريقيا، يواجه ضغوطًا وتحديات في الموارد المائية، لذلك فإن التوجه أن تعمل كل محطات تحلية مياه البحر بالبطاقات المتجددة.
والمغرب لديه طلب متنامٍ على الطاقة الكهربائية، والمزيج اليوم يتشكّل من 41% القدرات المنشأة من مصادر متجددة، في حين تصل النسبة في الطاقة المستهلكة إلى 21% من مصادر متجددة.
أول شيء قمنا به في الحكومة هو الانخراط في مجموعة من المبادرات المناخية، إذ ألغينا مجموعة من المشروعات التي كانت مبرمجة لإنتاج الكهرباء من الفحم، مثل مشروعي المحطة الحرارية بالفحم في الناظور بقدرات 600 ميغاواط، أي بإجمالي 1.2 غيغاواط في الناظور، وأيضًا وقف توسعة محطة جرادة، التي كانت تستهدف إضافة بنحو 350 ميغاواط من الكهرباء العاملة بالفحم.
وعملنا مع الشركاء من أجل الوفاء بالالتزامات التي تتعلق بالانبعاثات الناتجة عن استعمال الفحم في إنتاج الطاقة الكهربائية، إذ انضم المغرب إلى تحالف (Powering Past Coal Alliance) الذي يضم 60 دولة تسعي للتخلص التدريجي من الفحم، والوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء.
وكل هذه التطورات تحدثنا عنها خلال مشاركتنا في قمة المناخ كوب 28 التي عُقدت في دبي بالإمارات، إذ أشرنا إلى ضرورة توفير التقنيات والدعم المادي من أجل الوفاء بالالتزامات من أجل الوصول إلى الحياد الكربوني والتخلص من استعمال الوقود الأحفوري والفحم الحجري.
كم تبلغ الاستثمارات المخطط لها بقطاع الكهرباء في المغرب؟
المخطط الاستثماري الجديد لقطاع الكهرباء في المغرب يستهدف إضافة 9 غيغاواط من القدرات خلال الـ3 أعوام والنصف المقبلة (2024- 2027)، باستثمارات تصل إلى 9 مليارات دولار (90 مليار درهم)، وتستحوذ الاستثمارات في الطاقة المتجددة على نحو 75% منها.
والنسبة المتبقية ستغطى معظمها بإنجاز محطات جديدة لإنتاج الكهرباء باستعمال الغاز الطبيعي (دورة مفتوحة OCGT أو مركبة CCGT) بقدرات من 2 إلى 2.5 غيغاواط، إذ يأتي الاستعانة بها من أجل تعزيز قدرات الكهرباء في المغرب، خاصة تلك التي تعمل بالغاز حاليًا في محطة تهدرات وعين بني مطهر والتي تُزَوَّد بالوقود من خلال الأنبوب المغاربي الأوروبي.
ومن المقرر تنفيذ هذه المحطات الجديدة بالقرب من أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، وأيضًا قرب ميناء الناظور، الذي سيعدّ مدخلًا مهمًا للغاز المسال إلى المغرب، وأيضًا على المحيط الأطلسي لدينا مجموعة من المحطات ستُنشأ، تفوق قدراتها 3 غيغاواط بحلول 2030.
وكل هذه التطورات والخطط تعطي الحكومة المغربية مزيدًا من المرونة من أجل تحقيق هدفها بالوصول إلى 52% من القدرات النظيفة قبل 2030.
هل يمكن تحقيق هذه النسبة بحلول 2027 كما أشرتم؟
أمامنا 3 سنوات، وخلال العامين الأخيرين سرّعنا مجموعة من المشروعات، من بينها نور ميدليت وبعض مشروعات الطاقة المتجددة الصغرى، وإجراء عدّة إصلاحات تشريعية لزيادة التوسع في قدرات الطاقة المتجددة من خلال دمج المشروعات الصغيرة.
ويعدّ الغاز الطبيعي عامل دعم لتسريع نمو مشروعات الطاقة المتجددة، ويعطي لمنظومة الكهرباء في المغرب المرونة للوفاء باحتياجات المستهلكين المتنامية، ويفتح المجال أمام اقتصاد الهيدروجين الأخضر، فبالتزامن مع خطط توصيل أنبوب للغاز من أفريقيا إلى أوروبا، نسعى لتنفيذ مشروع لتصدير الهيدروجين في السنوات المقبلة.
في ضوء هذه الخطط المتسارعة، هل نرى الفحم يخرج من منظومة الكهرباء مستقبلًا؟
المغرب لديه مخطط للتوقف عن استعمال الفحم في توليد الكهرباء وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وهذا ما وعدتْ به المملكة خلال مشاركتها في قمة المناخ كوب 28 التي عُقِدت في دبي نهاية العام الماضي، لذلك نسعى للخروج من الفحم، بما في ذلك إعادة تغيير تركيبة مزيج الطاقة لدينا، ولكن ذلك يتطلب دعمًا ماليًا وتقنيًا.
تحدثتم عن مشروع نور ميدلت 2، الذي سيكون بمجرد دخوله حيز التشغيل أكبر من مشروع ورزازات بمحطاته الثلاث، والأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وأفريقيا.. هل هناك خطوات لتسريع انطلاق المشروع؟
مشروع ميدلت ومجموعة من المشروعات التي رفعت الطاقة الإجمالية لمشروعات الطاقة المتجددة إلى 42% من حيث القدرات المنشأة يعدّ من الدروس التي استفاد منها المغرب، والآن أعتقد أن الوصول إلى 52% أسهل من تحقيق 42% من القدرات من خلال هذا المسار الذي يضم مجموعة من المشروعات الصغرى والكبرى، ومن بينها ميدليت ونور أطلس.
وفي الوقت نفسه، لدينا توجه بالتوسع في مشروعات طاقة متجددة بقدرات أصغر وبنموذج عمل تجاري ( (business model مختلف، والعمل على التوسع في مشروعات الإنتاج الذاتي، خاصة في المشروعات الصناعية والمقاولاتية الصغرى، بحيث يكون لدى أيّ مقاولة أو أيّ مواطن أو أيّ جماعة ترابية صغرى الإمكانيات لتنفيذ مشروع من مجال الطاقات المتجددة أو تطوير شبكتها الكهربائية الصغرى.
وفي هذا السياق، فالمملكة المغربية حققت نسبة تغطية تصل إلى 99.8% من نسبة وصول المواطنين إلى الكهرباء، والمشكلة لدينا أن تلك 0.2% فقط من غير المخدومين بالكهرباء، هي الأصعب والأكثر تكلفة، ومن المهم لتغطيتها الخروج من المشروعات الكبرى إلى مشروعات أصغر تُمكّننا من الوصول إلى تغطية 100% من الكهرباء لجميع المواطنين في المملكة، وتدعم الولوج (الوصول) أو النفاذ للكهرباء ذات الجودة.
لذلك كان التوجه بالتوسع في المشروعات الصغرى من أجل تمكين أيّ مواطن من الإنتاج الذاتي، وكذلك الجماعات الصغرى والمناطق القروية يكون لديها إنتاج يحقق احتياجاتها من الكهرباء النظيفة.
كم يبلغ عدد مشروعات الطاقة الشمسية التي تخدم المنازل والمصانع؟
لا يوجد رقم دقيق حاليًا بسبب أنها تشهد تطورًا وتزايدًا يومًا بعد الآخر، فخلال السنة الماضية أعطت الوزارة تصاريح لتنفيذ مشروعات بقدرات وصلت إلى 2000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، وهذا رقم قياسي، لذا تعمل الوزارة على تسريع وتيرة العمل وتسريع إجراءات تراخيص مشروعات الطاقة المتجددة، خاصة الصغيرة منها، سواء الشمسية أو الريحية.
فيما يتعلق باكتشافات الغاز على مدار الـ3 سنوات الأخيرة، توصّل المغرب إلى نحو 7 اكتشافات.. ماهي رؤيتكم لهذه الاكتشافات، وما المأمول منها خلال الفترة المقبلة؟
نفّذ المغرب مجموعة من المجهودات من أجل تعزيز التنقيب واستغلال الهيدروكربونات بما فيها الغاز والنفط، وفتح المجال أمام الاستثمارات مع القطاع الخاص الدولي، من خلال مجموعة من المشروعات لتحفيز القطاع.
ولدينا مجموعة من الاكتشافات، خاصة في ساحل العرائش ممثلًا في حقل أنشوا، والمنطقة الشرفية تندرارة، وهناك مجموعة من الاكتشافات بعضها بتكلفة تنافسية.
ولدى المملكة إطار قانوني للاكتشافات والبحث والتنقيب عن النفط والغاز، يعدّ الثاني أو الثالث عالميًا في التحفيزات والإعفاءات الضريبية، والتي من بينها إعفاءات من الرسوم الجمركية من أجل استيراد السلع والمعدّات التي تدخل في التنقيب، والإعفاء من القيمة المضافة في كل مراحل التنقيب حتى الاستخراج، وكذلك الإعفاء الضريبي على الشركات لمدة 10 سنوات لتحفيز الاستثمار في التنقيب، وأيضًا الاستكشاف وتطوير الاكتشافات في الطاقة الأحفورية، بالإضافة إلى أن مساهمة الدولة في الرخصة لا تتعدى 25%، مما يجعل هذا الإطار جاذب للاستثمارات.
ونأمل من خلال الاكتشافات خصوصًا الأخيرة تحقيق الاكتفاء الذاتي، ففي تندرارة -على سبيل المثال- نسعى لتسريع الوصول إلى الإنتاج، وعملنا خلال السنتين الأخيرتين على حل كل المشكلات التي تعوق تطوير الاكتشاف من خلال اتفاقيات شراء للغاز، من أجل وضعه على خطوط الإنتاج.
والمملكة المغربية اليوم هي توحّد المسار الذي بدأ في 2009 تحت قيادة جلالة الملك، ومنظور إستراتيجية الانتقال الطاقي بالمملكة يرتكز على نقطتين: أولًا، حين نريد الانتقال من الاكتشاف إلى الإنتاج، على المكامن أن تكون جد تنافسية (تنافسية للغاية) لأننا لن ننتج من بعض المكامن ذات الكلفة الباهظة.
ثانيًا، تعوّل خطة الانتقال الطاقي في المغرب على دور الغاز الطبيعي من أجل إحداث المرونة وتسريع التحول، وبالتالي، كل مشروع نحاول تسريعه هو يدخل في إطار الرؤية المندمجة لانتقالنا الطاقي.
المملكة تدرك مدى وضعها الطاقي جيدًا فهي ليست كقطر في الغاز ولا كالسعودية في النفط، ولكن لديها مكانة وإستراتيجية جيوغرافية وسياسية ما بين أفريقيا وأوروبا وأميركا، إذ إنها البلد الوحيد في أفريقيا المرتبط مع أوروبا كهربائيًا وغازيا وفي الاتجاهين.
كما أن أغلب الاستثمارات التي نضخّها تعمل لتعزيز الركيزة الثالثة في الإستراتيجية الطاقية، ألا وهي الاندماج الإقليمي، بحيث أن المغرب مركز ربط دولي من خلال مجموعة من المشروعات.
هل نستطيع القول: إن المغرب أصبح حاليًا ممر عبور للطاقة؟
المغرب تحوَّل إلى ممر لعبور الطاقة الخضراء إلى أوروبا والمحيط الأطلسي في الاتجاهين، وإلى مجموعة من الأسواق الأسيوية والأميركية، ولدينا مجموعة من الشراكات مع مجموعة من الدول، بما فيها الدول التي تعدّ مهمة في الاقتصاد الأخضر الجديد.
واليوم المغرب ممر ما بين أفريقيا والقارة الأوروبية، وهو أمر طبيعي، ولكنه مرشّح للقيام بدور أكبر بدعم من البنيات التحتية من المواني والمطارات والطرق، لذلك يمكن أن نقارن المغرب بتركيا بصفتها ممرًا لمجموعة من الطاقات، لكن مع تركيز المملكة على كونها ممرًا للطاقات الخضراء.
عند الحديث عن الربط الإقليمي.. أعلنت الشركة المنفّذة لمشروع تصدير الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا ارتفاع تكلفة المشروع.. كيف تنظرون إلى ذلك؟
"إكس لينكس" مشروع من بين مجموعة من المشروعات التي تتبلور للربط الإقليمي، وهو أحد المشروعات الجديدة في عالم ما بعد جائحة كورونا، ويعتزم تطويره القطاع الخاص بنسبة 100%، ولدينا مجموعة أخرى من مشروعات الربط لتعزيز الشراكات الإقليمية مع أوروبا وأميركا وآسيا.
وصدور قرار نهائي للاستثمار وبدء التنفيذ هو قرار للشركات المنفّذة ولا يمكننا التكهن بذلك.
لكن الشركة أكدت إصرارها على إتمام المشروع، رغم ارتفاع تكلفته، نظرًا إلى فوائده الكبيرة للمغرب وبريطانيا على حدّ سواء؟
لا أفضل التعليق على مشروع بعينه، فهذا المشروع هو بالنسبة لي مثل مشروع الربط الثالث مع إسبانيا، والربط مع البرتغال، والربط مع فرنسا، والربط مع إيطاليا والربط مع المملكة البريطانية، والربط مع موريتانيا، وغيرها من مشروعات الربط مع الدول الأخرى، وهي لتعزيز الاندماج الإقليمي.
أكثر من ذلك، نظن أن العالم يحتاج إلى بلدان ذات الدخل المتوسط كالمغرب لتشتغل على مسارها التنموي المستدام، وفي نفس الوقت يُطلب من هذه الدول الاستثمار في مجموعة من المشروعات للطاقة المتجددة والوصول إلى مزيج أكثر من 80% من الطاقة المتجددة، وفي الوقت نفسه الاستثمار في الارتباط والاندماج الإقليمي مع مجموعة من الأسواق.
لذلك نطلب بعض الصبر، لأن كل هذه المشروعات تحتاج إلى الدعم التقني والمالي، كالخروج من الفحم، والاستثمار في الربط الإقليمي، والنجاعة أو الكفاءة الطاقية، وهي مشروعات مرتبطة ببعضها.
ومشروع "إكس لينكس" انطلق من احتياجات الطاقة في بريطانيا، وهو مدخل مهم لتمويل المشروع، ومنه لا يمكنني الحديث عن سياسية الطاقة في المملكة المتحدة، أو في مجال السياسية الإيطالية أو الأوروبية، لأنني لا أريد من شركائها في أوروبا أو الخليج أن يتحدثوا عن إستراتيجية الطاقة في المغرب.
يعدّ المغرب من أكثر الدول جذبًا للاستثمار في الطاقة النظيفة.. هل نرى مزيدًا من إجراءات الجذب للشركات إلى المملكة؟
في الأعمال كالعادة (business as usual)، وإذا غضضنا الطرف في إستراتيجيتنا الطاقية عن الاستثمارات في الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والمشروعات التي يحتاج إليها تنظيم كأس العالم 2030 والتوسع في تحلية المياه..، فالحاجة تبقى لاستثمارات كبيرة لتغطية الاستهلاك الوطني في نمو اقتصادي عادي، إذ يجب أن يتضاعف الاستثمار سنويًا في مجال الطاقة 3 مرات خلال المدة من 2023 -2030، وهذه الاستثمارات يجب أن تأتي من القطاع الخاص، فضلًا عن أن استثمارات الشبكة الكهربائية وحدها يجب أن تتضاعف 5 مرات سنويًا، ابتداءً من 2023.
هذه الاستثمارات في كل مجالات الطاقة، بما في ذلك الكهرباء، والإنتاج والنقل والتوزيع والبنية التحتية الغازية، يجب أن تأتي من القطاع الخاص المغربي والأجنبي.
هل سيكون هناك مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع؟
بالطبع نعم، إذ إن تسهيل الإجراءات للدخول إلى السوق المغربية يستهدف جذب هذه الاستثمارات لتلبية الطلب المحلي، لذلك أظن أنه يجب ضخ مليار دولار سنويًا بقطاع الطاقة في المغرب، وهذا الرقم مرشح إلى أن يصعد إلى 1.9 مليار دولار بحلول 2030.
هل المغرب مؤهل أكثر لاكتشافات الغاز على حساب النفط؟ وهل سنرى قريبًا عقد صفقات في مجال الغاز؟
كما تعلمون، كان هناك انشغال منذ يونيو/حزيران 2023 مع مؤسسة التمويل الدولية/ البنك الدولي لوضع إطار للصفقات الجديدة في مجال الغاز الطبيعي، بما فيه الاستيراد والإنتاج بعد الاستكشاف، وخلال الـ3 أسابيع المقبلة، وتحديدًا خلال مايو/أيار الجاري، ستُوَجَّه الدعوة للقطاع الخاص المغربي ولدولي للاستثمار في خريطة الطريق للبنية التحتية المستدامة للغاز الطبيعي في المغرب، والتي يمكن أن تستوعب في المستقبل مزج الهيدروجين الأخضر.
لكن حاليًا سنعمل على مجموعة من نقاط الدخول للغاز الطبيعي المسال، والربط بين الاكتشافات الحالية والمستقبلية للغاز الطبيعي مع مواقع الاستهلاك، الذي يتركز في قطاع الكهرباء والمناطق الصناعية، خاصة تلك التي تستهلك الغاز الطبيعي.
نقطة الدخول الأولى ستكون ميناء الناظور من البحر المتوسط في الشمال، والميناء الثاني قد يكون على المحيط الأطلسي، من أجل تسريع الخريطة لاستيراد الغاز المسال، ولتشجيع استهلاك الغاز في المناطق الصناعية ما بين القنيطرة والمحمدية والدار البيضاء والجرف الأصفر، أمّا النقطة الثالثة، فقد تكون في ميناء الداخلة بالصحراء المغربية، من أجل بلورة نموذج تنموي جديد للجهات الثلاث للجنوب المغربي.
كان المغرب قد أعلن عن صفقة لاستيراد الغاز المسال مع شل.. هل بدأت عمليات الضخ؟
في عقدنا مع شل الذي يمتد لـ10 سنوات أعطينا الأولوية في السنوات الأولى للاستيراد من خلال المحطات الإسبانية، وقد يتحول بعد ذلك إلى نقطة استيراد في المغرب عبر ميناء الناظور، وهكذا فقد تتحول باخرة الغاز إلى الميناء المغربي، ويجري الاستيراد في المحطة المغربية.
ونعمل حاليًا على وضع إطار قانوني لصفقات استيراد الغاز المسال، إذ سيكون لدينا موعد في البرلمان المغربي المدة المقبلة، ومن خلال التشريع سيكون لدينا معطيات أكثر على صفقات الاستيراد، وكيف تُمنَح رخص استيراد الغاز الطبيعي المسال.
هل نقول: إن المغرب يجهّز حاليًا لصفقات غاز مسال؟
ليس المغرب الذي يجهّز لصفقات غاز، الشركات التي تستهلك الغاز الطبيعي، بما فيها شركات الكهرباء والصناعة، هي التي تجهز نفسها لاستيراد الغاز الطبيعي.
تنويه.. هذه المقابلة ضمن ملف خاص عن المغرب، تنشره تباعًا منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- حقل غاز في دولة عربية احتياطياته 80 تريليون قدم مكعبة يبحث عن مشغل
- مخزونات النفط الأميركية تنخفض 1.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي
- أكبر الدول المصدرة للنفط إلى إسرائيل في 2024.. دولتان أفريقيتان بالقائمة
لماذا لا يكون هناك برنامج لتنمية الطاقة النووية.مفاعل نووي للطاقة السلمية كاف لانتاج الطاقة للمغرب باكمله.
هل هناك خطوط حمراء لا يجوز للدول المتوسطة تجاوزه
لماذا تبقى الطاقة النووية حكر لبعض الدول دون اخرى
هل ما زلنا نعيش في عصور الاستعباد