محاصرة محطات الفحم في أميركا قد ترفع تكلفة الكهرباء 56% (تحليل)
قواعد جديدة تلزمها باحتجاز الكربون أو الإغلاق
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- وكالة حماية البيئة تشدد قواعد الانبعاثات على أسطول محطات الفحم العاملة
- استثناء محطات التوليد بالغاز من القواعد حاليًا، مع إعادة النظر فيها لاحقًا
- حالة ترقُّب في الصناعة لقرار المحكمة العليا والانتخابات الرئاسية المقبلة
- تشديد قواعد محطات الفحم قد يخفض الانبعاثات، لكن سيرفع التكلفة بمقدار النصف
- تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه باهظة التكاليف وضعيفة الانتشار
تواجه محطات الفحم في أميركا حصارًا بيئيًا مشددًا منذ سنوات، في إطار خطط تستهدف التخلص التدريجي منها، لصالح الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة.
في هذا السياق، أصدرت وكالة حماية البيئية الأميركية قواعد جديدة مشددة بشأن التلوث الكربوني الناتج عن محطات توليد الكهرباء في البلاد، لا سيما محطات التوليد العاملة بالفحم.
وتُلزم القواعد الجديدة محطات الفحم في أميركا -العاملة حاليًا- بتركيب تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه خلال عمليات الحرق من أجل الاستمرار في العمل، وإلّا ستواجه خطر الإغلاق، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن.
تقاعد محطات الفحم في أميركا
شملت القواعد الجديدة لوكالة حماية البيئة تقديم التاريخ النهائي لإخراج محطات الفحم في أميركا من الخدمة، لمدة عام، ليصبح بحلول عام 2039، بدلًا من عام 2040.
كما تنصّ القواعد على ضرورة خفض انبعاثات المحطات العاملة حاليًا بنسبة 90%، وكذلك محطات الغاز الجديدة من خلال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.
ولم يُسمح بعد بحرق الهيدروجين بصفته مسارًا لخفض الانبعاثات، وهو أمر يضع المزيد من الضغط على تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه لتقليل الانبعاثات، رغم أنها لم تُستعمل حتى الآن سوى بالتقاط جزء صغير من الانبعاثات الصادرة عن محطات توليد الكهرباء.
وعلى كل حال، من المتوقع أن تؤدي هذه القواعد إلى دفع نظام الكهرباء نحو مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة والغاز، وإجبار محطات الفحم في أميركا على الخروج من الخدمة مبكرًا، بحسب التقرير الصادر عن شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة.
لماذا أُعفيت محطات التوليد بالغاز حاليًا؟
رغم استهداف قواعد وكالة حماية البيئة لتشديد خفض انبعاثات الكربون من قطاع الكهرباء، فإنها أعفت محطات التوليد بالغاز الطبيعي مع تعليق متطلبات خفض الانبعاثات الخاصة بها في الوقت الحالي، لتجنُّب مخاطر التقاضي من قبل المشغّلين في البلاد.
وتخطط الوكالة لإعادة النظر بمتطلبات محطات التوليد بالغاز في وقت لاحق؛ ما يعني أن هذه المحطات سيكون عليها فقط الالتزام بأفضل ممارسات حدود الانبعاثات بناءً على الكفاءة، حسب التقرير.
ورغم استثناء محطات الغاز الحالية من متطلبات خفض الانبعاثات، فإن منشآت الحمل الأساسي الجديدة ستكون مُلزمة بتركيب أنظمة احتجاز الكربون بحلول عام 2032.
ويُقصد بمحطات الحمل الأساسي (baseload plants) تلك المحطات التي تولّد تيارًا ثابتًا من الكهرباء على مدار الساعة، بغضّ النظر عن الطلب على الشبكة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتتزايد المخاوف من زيادة الدعاوى القضائية ضد وكالة حماية البيئة الأميركية مع تصاعد المعارضة السياسية للتفويضات البيئية الفيدرالية ومخاطرها المتوقعة بالنسبة لمحطات التوليد بالوقود الأحفوري في البلاد.
ومن المتوقع أن تظل القواعد التنظيمية الجديدة لمحطات توليد الكهرباء محلّ جدل كبير في الولايات المتحدة، إلى أن تحسم المحكمة العليا مدى شرعيتها القانونية والدستورية من ناحية، وإلى أن تنتهي الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بحسب تقديرات بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.
كما سيظلّ القلق سائدًا في القطاع حول التوقيت الذي ستصدر فيه الوكالة اللوائح الخاصة بانبعاثات محطات الغاز القائمة، فإذا لم تصدر قواعد نهائية قبل 20 يناير/كانون الثاني 2025، فمن المتوقع أن يتمكن الرئيس الجديد من مراجعتها بسهولة وسرعة أكبر، وربما تستطيع الأغلبية الجمهورية في الكونغرس إلغاءها من خلال قانون مراجعة الكونغرس (Congressional Review Act).
توقعات محطات الفحم في أميركا 2032
تتوقع وكالة حماية البيئة أن تؤدي القواعد الجديدة المُشددة ضد محطات الفحم في أميركا إلى إخراج ما يتراوح من 30 إلى 40 غيغاواط إضافية من طاقة الفحم خارج الخدمة مبكرًا، بحلول نهاية العقد الحالي.
ويخطط مشغّلو محطات الكهرباء في أميركا لإخراج 44 غيغاواط، أو ما يعادل 23% من أسطول الفحم العامل في عام 2023، بحلول ديسمبر/كانون الأول 2030، حسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ومع دخول اللوائح الجديدة المتعلقة باحتجاز الكربون وتخزينه حيز التنفيذ، فمن المتوقع أن تنخفض القدرة التشغيلية الإجمالي للفحم على مستوى أميركا إلى 143 غيغاواط فقط بحلول عام 2032، قبل أن تهبط بعد ذلك إلى 100 غيغاواط بحلول 2035.
ويرجع ذلك إلى أن هذه المحطات قد لا تكون قادرة على تحقيق معادلة تكاليف مربحة، مع إلزامها بتركيب وحدات التقاط للكربون تحتاج الواحدة منها لاستثمارات تصل إلى 800 مليون دولار.
عواقب الحصار.. تكلفة الكهرباء سترتفع 56%
قد تؤدي قواعد وكالة حماية البيئة الأميركية إلى خفض الانبعاثات السنوية بنحو 150 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، لكنها سترفع التكلفة المستوية للكهرباء المولدة من محطات الفحم والغاز الملزمة باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه بنسبة 56% لكلا المصدرين، بحسب التقرير.
وتقدّر شركة الأبحاث التكلفة المستوية للكهرباء المولدة من محطات الفحم في أميركا -المُنشأة حديثًا- بما يتراوح من 122 إلى 288 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، شاملة تكلفة التخزين.
بينما ستتراوح تكلفة الكهرباء لمحطات التوليد بالغاز ذات توربينات الدورة المركبة من 61 إلى 122 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، بحسب بيانات تفصيلية مقارنة رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وتُعرف التكلفة القياسية -أو التكلفة المستوية للكهرباء- بأنها تكاليف العُمر التشغيلي لمحطات التوليد مقسومة على كمية الكهرباء المُولّدة منها.
ورغم أن القواعد الجديدة المستثنية لمحطات الغاز قد تعني أن كميات احتجاز الكربون وتخزينه ستكون أقل من المتوقع، فإنها قد تؤدي إلى تأثيرات مهمة غير مباشرة في القطاع.
ويتطلب احتجاز الكربون من محطات توليد الكهرباء عددًا من خطوط أنابيب النقل ومواقع التحزين الجديدة؛ ما يتطلب مشروعات بنية تحتية كبيرة عادة ما تُنشَأ لخدمة مواقع متعددة، وليس موقعًا واحدًا.
ويمكن لمصانع إنتاج الإيثانول والصلب والأسمنت ومنتجي البتروكيماويات أن تذلّل البنية التحتية الخاصة بها لخدمة قطاع الكهرباء في هذا الشأن؛ ما قد يزيل حاجزًا كبيرًا أمام إزالة الكربون من هذه القطاعات، بحسب شركة أبحاث بلومبرغ.
موضوعات متعلقة..
- إغلاق أكبر محطة كهرباء تعمل بالفحم في بنسلفانيا الأميركية بعد 54 عامًا (تقرير)
- تباطؤ إغلاقات محطات الفحم في أميركا إلى 2.3 غيغاواط في 2024 (تقرير)
- توليد الكهرباء بالفحم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوشك على الاندثار.. باستثناء المغرب
اقرأ أيضًا..
- هل تنتهي هجمات الحوثيين على ناقلات النفط بانتهاء حرب غزة؟ أنس الحجي يجيب
- إنتاج حقل ظهر المصري للغاز يسجل أكبر انخفاض منذ اكتشافه (خاص)
- مستشار بريطاني: سياسة الحياد الكربوني في المملكة المتحدة كارثية وعديمة الجدوى
- شركة يونانية تقتنص فرصة جديدة في الغاز المغربي