تحولات سوق الغاز المسال في اليابان تهدد خطط آسيا لخفض الانبعاثات
تمويل ياباني متزايد لمشروعات الغاز إقليميًا
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- خطط داخلية لتحقيق الحياد الكربوني في اليابان
- هبوط واردات الغاز المسال اليابانية يقابله توسّع في الإمدادات خارجيًا
- تزايد عمليات بيع الغاز المسال من جانب اليابان للأسواق الناشئة في آسيا
- سياسات حكومية تدعم استثمارات سوق الغاز المسال خارجيًا
- تمدُّد مشروعات الغاز اليابانية للخارج يهدّد هدف خفض الانبعاثات بالمنطقة
تسعى دول العالم للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، مستهدفة التوسع في استعمالات مصادر الطاقة المتجددة، لكن تغيرات سوق الغاز المسال في اليابان تسير عكس التيار.
ووضعت شركة طوكيو غاز اليابانية خطة لتحقيق الحياد الكربوني في تجارتها بحلول 2050، تشتمل على أهداف محددة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول 2040، بنسبة 60%، مقارنة مع مستوياتها في 2022، وفقًا لما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتسعى خطة أكبر شركة للغاز في البلاد إلى أن يحلّ الميثان الأخضر محلّ الغاز المسال في اليابان، والتوسع باستعمالات مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء.
تزايد بيع الغاز المسال لأسواق آسيا
تُوجّه شركة طوكيو غاز مشروعاتها المحلية لتنفيذ خطة الحياد الكربوني 2050، ولكن لا يبدو تمدُّد هذا المخطط خارج اليابان، إذ تتوسع الشركة في استثماراتها بسوق الغاز المسال في آسيا.
ومع انخفاض الطلب المحلي، تتزايد عمليات بيع الغاز المسال في اليابان من قبل الشركات المحلية باتجاه الأسواق الناشئة في آسيا، وعلى وجه الخصوص في جنوب شرق القارة، بحسب تقرير حديث صادر من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
ووفقًا للتقرير، تواصل شركات الغاز اليابانية الحفاظ على دورها في سوق الغاز المسال العالمية، متسلحة في هذا الاتجاه بسياسات حكومية؛ ما يدعم وجود فائض كبير حتى نهاية العقد الحالي.
ورغم الخطط الداخلية نحو التقليل من استعمال الغاز المسال في اليابان لصالح خفض الانبعاثات الكربونية، فإن الدعم الحكومي المتزايد لإمدادات هذه السوق يهدد تحقيق الأهداف المناخية على المستوي الإقليمي والمحلّي أيضًا.
هبوط واردات اليابان
هبطت واردات اليابان من الغاز المسال إلى أدنى مستوى لها خلال 10 سنوات في 2023، بعد أن بلغت ذروتها في 2014، وفقًا لبيانات حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور واردات اليابان من الغاز المسال شهريًا خلال عام 2023:
وفي المقابل، تضاعفت مبيعات الشركات اليابانية من الغاز الطبيعي المسال في الخارج 3 مرات تقريبًا خلال السنوات الأخيرة.
وتهدف شركة طوكيو غاز إلى تطوير مراحل إنتاج والبنية التحتية للغاز المسال في جميع أنحاء المنطقة، وعلى وجه الخصوص في جنوب شرق أسيا، وهو ما جعلها تضاعف حجم استثماراتها 4 مرات منذ 2017.
مشروعات خارجية
أعلنت شركة طوكيو غاز ثاني مشروع لها في فيتنام، لبناء محطة لتوليد الكهرباء بالغاز المسال بقدرة 1.5 غيغاواط.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن تحظى شركة الغاز اليابانية بفائض في حجم الغاز المسال المتعاقد عليه حتى نهاية العقد الحالي، مع انخفاض مبيعاتها داخليًا بنسبة 4.5% سنويًا منذ 2017.
ومن المتوقع ارتفاع حجم استثمارات الغاز المسال المستقبلية للشركة خارجيًا مع نهاية تنفيذ التعاقدات، علمًا بأن الشركة اليابانية تعاقدت لشراء 1.3 مليون طن سنويًا من الغاز المسال من مشروع توتال إنرجي في موزمبيق، إضافة إلى حجم شراء يُقدَّر بـ1.4 مليون طن من مشروعات تصدير في كندا والمكسيك، على خلفية إبرامها اتفاقات غير ملزمة.
وقد يساعد الاستغناء عن هذه الاتفاقات غير الملزمة، بدوافع مثل القوة القاهرة (بند قانوني يعفي طرفي التعاقد من أيّ التزامات وبدون عقوبة لحدوث ظرف قهري خارج عن الإرادة)، في توسيع خطط خفض الانبعاثات الكربونية من الداخل إلى الخارج، مثلما ألغت شركة بيرتامينا (Pertamina) الإندونيسية تعاقدها مع مشروع موزمبيق للغاز المسال.
شركات يابانية تتوسع
بالتوازي مع شركة طوكيو غاز، هناك شركات رئيسة محلية تستثمر لتعزيز مكانة سوق الغاز المسال في اليابان خارجيًا، ومن بينها شركة المرافق العامة أوساكا غاز (Osaka Gas) التي لديها حصص في شركة آيه جي أند بي إنترناشيونال (AG&P International Holdings Pte)، وتطوّر مشروعات الغاز المسال في عدد من الدول مثل إندونيسيا والفلبين وفيتنام.
ومن خلال التوسع في التعاقدات، تعمل شركة جيرا (JERA) -المزوّد الأكبر للكهرباء في اليابان- على زيادة حجم فائض الغاز المسال لديها، مع إعلانها في 2022 بناء محطة للغاز المسال بقدرة 4.5 غيغاواط ومحطة للاستيراد في فيتنام.
ورغم انخفاض الطلب المحلي، أدّى توسع الشركة خارجيًا إلى زيادة أحجام الغاز المتداولة لديها من 0.6 مليون طن عام 2017، إلى 6 ملايين طن في 2023.
دعم حكومي واستثمارات عالمية
تسهم سياسات الحكومة بدعم سوق الغاز المسال في اليابان خارجيًا، وتطوير المشروعات في جنوب وشرق آسيا، حتى مع انخفاض الطلب المحلي، إذ حددت هدفًا للشركات اليابانية يتمثل في تداول 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030.
ورغم دفاعها عن خطط الحياد الكربوني، فإن ما تقوم به عمليًا مجموعة آسيا الخالية من الانبعاثات (AZEC) في اليابان -مبادرة الدول الآسيوية التي تعمل على تعزيز إزالة الكربون وأُطلِقَت في أواخر 2023- لا يهدف إلى هذا المسار، إذا تسعى لتعزيز الطلب على الغاز المسال في الأسواق الناشئة الآسيوية.
وتعدّ اليابان، متمثلة في بنك اليابان للتعاون الدولي (JBIC) والمنظمة اليابانية لأمن المعادن والطاقة (Japan Organization for Metals and Energy Security)، واحدة من أكبر الدول في العالم في تمويل مشروعات الغاز.
ومن المؤكّد أن استمرار اليابان في هدفها بالحفاظ على مركزها العالمي في سوق الغاز المسال لا يخدم أبدًا خطط خفض الانبعاثات، ويهدد مسارات الحياد الكربوني على مستوى المنطقة.
موضوعات متعلقة..
- صناعة الغاز المسال في اليابان تترقب مساعدات مالية لمشروعات جديدة
- زيادة مخزونات الغاز المسال في اليابان قبل موسم الشتاء.. ما علاقة حرب غزة؟
- تحديات تواجه مشتري الغاز المسال في اليابان مع إعلان وقف التأمين على السفن
اقرأ أيضًا..
- لماذا ترتفع صادرات النفط الروسي إلى الصين.. وتنخفض من السعودية؟ (مقال)
- خبير: سلطنة عمان تحتاج 30 مليار دولار لإنتاج مليون طن هيدروجين أخضر
- إلغاء رخصة مشروع ضخم لتعويضات الكربون.. واتهامات بانعدام القيمة
- بدائل الاتحاد الأوروبي للاستغناء عن الغاز الروسي (مقال)