هل تتعاون إدارة بايدن مع إيران.. وما قصة تأجيل عقوبات الكونغرس 180 يومًا؟ (تقرير)
أحمد بدر
قد يرى البعض أن ما حدث من استعمال مخزون النفطي الإستراتيجي الأميركي بالتزامن مع السحب من مخزون إيران العائم مجرد مصادفة، ولكن هناك أدلة كثيرة في الوقت الحالي على التعاون بين واشنطن وطهران في مجال الطاقة.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن أبرز الأدلة على التعاون بين الجانبين هو ما يحدث في العراق، إذ من المفترض أن العقوبات الأميركية على طهران تشمل العراق، ولكن الحكومة الأميركية تستثني بغداد كل 3 أشهر للشراء من طهران التي تحصل على إيرادات النفط نقدًا وبالدولار.
وقال الحجي، خلال حلقة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، قدمها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "النفط والسياسة بين بايدن وإيران"، إنه عندما حاول العراق إرضاء الأميركيين بإبقاء المبالغ ببعض البنوك إذ لا يتجاوز العقوبات، قطعت طهران الكهرباء والغاز عنه، والجميع يعرف ما حدث في البصرة مرات عدة.
لذلك، اضطر الأميركيون إلى التعاون مع إيران، إذ إن التعاون بلغ حد وصول طائرات صغيرة إلى بغداد محملة بالدولارات في أكياس من الخيش و"كراتين"، حصلوا عليها نقدًا، فكانت طهران تحصل على الأموال نقدًا من العراق بهذه الطريقة على مرأى ومسمع من الأميركيين داخل المطار بعيدًا عن المنطقة الخضراء بمسافة بسيطة.
التعاون بين أميركا وإيران
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن أوجه التعاون بين إيران وأميركا واضحة، فالأميركيون يراقبون كل شيء ولا يتدخلون، إذ وقّع العراق مؤخرًا -قبل ضرب طهران تل أبيب- عددًا من العقود المليارية معها، لتوفير كل أنواع الطاقة تحت أنظار الأميركيين، وكانت الاتفاقيات علنية.
لذلك، وفق الحجي، فإن موضوع التعاون المباشر أو غير المباشر موجود، ويجري بصورة واضحة، وهناك مثال لدولة أخرى تستورد النفط الإيراني، وبكميات تتجاوز 300 أو 400 ألف برميل يوميًا، وهي دولة خليجية، ويجري ذلك أمام أعين الأميركيين، ولا أحد يتكلم عن الأمر.
في الوقت نفسه، استوردت طهران كثيرًا من الأشياء المهمة لدعم قطاعها النفطي، وعمليات الشراء كانت تحت سمع وبصر الأميركيين ولم يتكلموا، وقد يظن البعض أن التطورات الأخيرة غيّرت الوضع، لأنها كان من نتائجها أن قرر الكونغرس يوم السبت 20 أبريل/نيسان (2024) بعد أن ضرب طهران تل أبيب فرض عقوبات نفطية.
وأضاف: "ما حدث أن بايدن كان يريد دعم أوكرانيا وتايوان، بجانب دعم إسرائيل بمبالغ ضخمة رغم كل المجازر في غزة ولكن الكونغرس لم يوافقه، ثم جاءت إيران وضربت إسرائيل، ليوافق الكونغرس على تقديم 95 مليار دولار إلى أوكرانيا وتايوان وإسرائيل".
وعن كيفية موافقة الكونغرس على هذه الأموال، قال الدكتور أنس الحجي إن السبب كان الأخبار المتعلقة بضرب طهران تل أبيب، ولكنّ هناك أسبابًا أخرى، أهمها إرضاء جميع الأطراف والحصول على الأغلبية، فأرضوا الجميع وأصبح مشروع القانون الذي وافق عليه الكونغرس يوم السبت "بوفيه مفتوح" لمن يريد الحصول على شيء، فكان من بينها العقوبات ضد طهران.
وتابع: "لو نظرنا إلى تفاصيل العقوبات على إيران، التي أُدخلت في اللحظات الأخيرة، نجد أن الإعلام الموالي لبايدن تجاهل بعض فقرات العقوبات بصورة واضحة تمامًا أنه كان مقصودًا، إذ إنه عادة في الانتخابات الأميركية -وفي انتخابات الدول الديمقراطية بصورة عامة- يجري إنفاق أموال هائلة على وسائل الإعلام للترويج والدعاية الانتخابية، بمئات الملايين من الدولارات".
ومن ثم، وفق الحجي، خرج الإعلام الموالي لبايدن وأعلن أن هناك عقوبات جديدة على إيران، وقالوا -وكلامهم صحيح- إن قرار الكونغرس متفق عليه مع مجلس الشيوخ، ولكن أي قانون في أميركا يقره الكونغرس يجب أن يقره مجلس الشيوخ، ثم يذهب إلى البيت الأبيض، ويوافق الرئيس عليه أو يرفضه بحق النقد "الفيتو".
وأردف: "هذا القانون الذي جرى إقراره يوم السبت متفق عليه مسبقًا مع الديمقراطيين كلهم في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، وبالتالي سيصبح قانونًا على كل الحالات، فالآن هو متفق عليه فقط من الكونغرس، ولكن سيمر بمجلس الشيوخ ثم البيت الأبيض وسيصبح قانونًا".
لماذا يعاقب بايدن إيران وفنزويلا الآن؟
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه لطالما أكد أن الرئيس الأميركي جو بايدن لن يشدد العقوبات على إيران ولا فنزويلا، لأنه يريد أن تبقى أسعار النفط منخفضة، ومع ذلك تفرض إدارته في الوقت الحالي عقوبات على فنزويلا، وتتفق مع الكونغرس على فرض عقوبات على النفط الإيراني.
وعلل ذلك بأنه بالنسبة إلى فنزويلا، يريد بايدن فرض عقوبات عليها لعدم التزام رئيسها مادورو بالاتفاقية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في بلاده، التي تتضمن مشاركة المعارضة، ولكن ما حدث أن الإدارة الأميركية أعطت مجموعة من التراخيص للعديد من الشركات، والعقوبات الأخيرة كانت بتعليق الرخصة الأخيرة، ولم تؤثر في التراخيص السابقة نهائيًا، لكي لا تتأثر صادرات فنزويلا إلى أميركا أو دول أخرى.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن النفط الفنزويلي في هذه الحالة سيواصل تدفقه، ويمنع ارتفاع الأسعار، وهو ما يحدث، إذ إن أسعار النفط تنخفض حاليًا، لذلك فإن سياسة بايدن ما زالت كما هي، لا تريد ارتفاع الأسعار، لذلك سيستمر تدفق النفط الفنزويلي.
وحول إيران، قال إن منصة الطاقة المتخصصة كانت -بفضل الله تعالى- أول منصة إعلامية في العالم تنشر خبر العقوبات يوم السبت 20 أبريل/نيسان الجاري 2024، والحديث هنا ليس عن الإعلام العربي فقط، وإنما في العالم كله، إذ نشرت أن قانون العقوبات الذي أقره الكونغرس على طهران فيه فقرة قد تشير إلى أنه لن يطبق إلا بعد الانتخابات الأميركية.
في الوقت نفسه، وفق الحجي، تجاهل الإعلام الموالي للرئيس جو بايدن هذه النقطة تمامًا بصورة مقصودة، إذ إن هناك فقرة تقول إن هذا القانون يجري تطبيقه بعد 180 يومًا من توقيع الرئيس عليه، أي أنها بلا أثر في الوقت الحالي، لأن بايدن لا يريد ارتفاع أسعار النفط، ويريد أن يستمر تدفق النفط الإيراني.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى بعض التفاصيل المضحكة في هذا القانون، وهو أنهم جمعوا كل العقوبات السابقة ووضعوها في تفاصيل القانون الجديد، ومن ثم فإنه في حال تطبيقه أيضًا سيكون لا أثر له أكثر مما هو موجود حاليًا.
موضوعات متعلقة..
- 3 تحديات تهدد العقوبات الأميركية ضد قطاع الطاقة في إيران (مقال)
- صادرات النفط الإيرانية تواجه أول عقوبات أميركية بعد الهجمات على إسرائيل
- غاز النفط المسال يدعم خطط إيران للتحايل على العقوبات.. والصين أكبر المستفيدين
اقرأ أيضًا..
- واردات المغرب من المشتقات النفطية ترتفع 3% في الربع الأول
- طاقة الرياح في السعودية أمام فرصة نمو قوية لدعم البنية التحتية الجديدة (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية إلى 17 مليون وحدة