المقالاتالنشرة الاسبوعيةرئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

3 تحديات تهدد العقوبات الأميركية ضد قطاع الطاقة في إيران (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • الولايات المتحدة نفّذت بسرعة المزيد من العقوبات التي تستهدف تحديدًا صناعة الطاقة في إيران
  • الولايات المتحدة دفعت شركاءها إلى ممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على إيران
  • فرضت الولايات المتحدة عقوبات على علاقات تجارية معينة في تجارة النفط بين الصين وإيران
  • من المؤكد أن الاقتصاد الإيراني غير المستقر سيتعرّض لضغوط بسبب العقوبات

ردًا على هجمات إيران المزعومة بطائرات مسيرة ضد إسرائيل، فرضت الولايات المتحدة بسرعة المزيد من العقوبات التي تستهدف تحديدًا قطاع الطاقة في إيران.

وتعكس هذه الإجراءات القلق المتزايد بشأن السلام والأمن في الشرق الأوسط، وتمثّل تصعيدًا كبيرًا في ردّ الفعل على التوترات المتزايدة.

ويؤكد هذا الحدث مدى أهمية النظر عن كثب إلى الظروف التي أدت إلى الصراعات الأخيرة، والأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى التركيز على صناعة الطاقة في إيران، والتأثيرات المحتملة في كل من التغيرات الإقليمية والعلاقات الدولية الأوسع.

العقوبات الجديدة

فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة معًا مزيدًا من العقوبات على المنظمات والأشخاص المرتبطين ببرامج الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، بالإضافة إلى أولئك الذين يساعدون القوات الوكيلة لإيران في الشرق الأوسط.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على 16 شخصًا ومنظمتين اثنتين شاركوا في تطوير طائرات مسيرة في إيران، خصوصًا فيما يتعلق بتصنيع محركات الطائرات المسيرة مثل "شاهد 131،" التي استُعملت مؤخرًا في ضربات ضد إسرائيل.

واستُهدِفت الشركات التي تقدّم الصيانة لمحركات الطائرات المسيرة، وتلك التي توفر طائرات مسيرة للمنظمات الوكيلة لإيران.

بالإضافة إلى ذلك، وبسبب مساعدتها للحرس الثوري الإيراني، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 3 شركات تابعة لشركة سيارات إيرانية و5 شركات مرتبطة بصناعة الصلب في البلاد.

مصفاة نفط بمدينة بندر عباس في إيران
مصفاة نفط بمدينة بندر عباس في إيران – الصورة من بلومبرغ

في الوقت نفسه، فرضت المملكة المتحدة عقوبات على 7 أشخاص و6 منظمات ساعدت إيران في برامج الطائرات المسيرة والصواريخ وأفعالها التخريبية في المنطقة.

وإلى جانب تقويض قدرات إيران في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ، تسعى هذه العقوبات المنسّقة إلى وقف تدفّق الأموال التي تدعم "أنشطتها الخبيثة"، بسبب هجومها الأخير على إسرائيل.

وشدد الرئيس الأميركي، جو بايدن، على ضرورة محاسبة المسؤولين عن تصرفات إيران، وأعاد تأكيد التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل.

في الإطار نفسه، دفعت الولايات المتحدة شركاءها إلى ممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على إيران، إذ نُفِّذَت هذه العقوبات بالتعاون مع حلفاء أوروبيين آخرين، بما في ذلك المملكة المتحدة، ويفكر الاتحاد الأوروبي الآن في تمديد برنامج عقوباته ضد إيران.

ومن خلال فرض هذه العقوبات، أظهرت إسرائيل امتنانها لالتزام الولايات المتحدة الذي لا يتزعزع بأمنها، ولمعارضة أعمال إيران التخريبية في المنطقة، نسّقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة العقوبات ضد برنامج الطائرات مسيرة الإيراني والمنشآت العسكرية ومصادر الدخل، ردًا على ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية على إسرائيل.

وتُعدّ العقوبات الأميركية الأخيرة على صناعة الطاقة في إيران جزءًا من سياسة الضغط الأقصى التي كانت واضحة خلال حملة "الضغط الأقصى" لإدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب.

وتواصل إيران البحث عن سبل أخرى، بما في ذلك السوق الموازية، على الرغم من القيود، خصوصًا مع الصين.

وعلى الرغم من أن هدف هذه العقوبات هو تقليل دخل إيران، فإن فعاليتها موضع شك بسبب مرونة إيران والتداعيات الجيوسياسية المحتملة.

وتؤكد الظروف صعوبة تنفيذ العقوبات وأهمية التواصل الدبلوماسي لحلّ القضايا الأساسية ومنع التصعيد.

التحديات

تصعيد الأعمال العدائية

يؤدي فرض العقوبات إلى زيادة خطر زيادة الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل، إلى جانب أصحاب المصلحة الإقليميين الآخرين.

فقد أصدرت إيران تهديدات بالانتقام من المنشآت النووية الإسرائيلية، وأشارت إلى نيّتها في السعي إلى التسلح النووي، إذا ما حافظت الحكومة الإسرائيلية على موقفها الحالي.

ومن الممكن أن يؤدي مثل هذا التصعيد إلى صراع إقليمي أوسع نطاقًا، ما يشكّل تهديدات خطيرة لاستقرار الشرق الأوسط والأمن العالمي.

مصفاة داليان للبتروكيماويات بمقاطعة لياونينغ في الصين
مصفاة داليان للبتروكيماويات بمقاطعة لياونينغ في الصين – الصورة من رويترز

التداعيات الاقتصادية

تنطوي العقوبات على تداعيات اقتصادية محتملة، خصوصًا بالنسبة للدول التي تعتمد على النفط الإيراني، ولا سيما الصين.

واستهدفت العقوبات الأميركية علاقات تجارية معينة في تجارة النفط بين الصين وإيران، ما أثار مناقشات بشأن توسيع القيود لتشمل مصافي تكرير ومؤسسات مالية صينية إضافية.

وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع تكاليف الوقود وإجراءات انتقامية محتملة من جانب الصين، ما يتسبب في تفاقم تعقيدات العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

التوتر الدبلوماسي

يهدد فرض العقوبات بتفاقم التوترات الدبلوماسية مع إيران وحلفائها، فضلًا عن الدول المتعاطفة مع الموقف الإيراني، مثل روسيا والصين.

وقد تؤدي مثل هذه التوترات إلى إعاقة المفاوضات الأميركية مع إيران على جبهات مختلفة، بما في ذلك برنامجها النووي، ومن ثم تعقيد الارتباطات الدبلوماسية، وربما إعاقة التقدم في مسار حل القضايا الخلافية.

الفرص

يمثّل فرض العقوبات نهجًا متعدد الأوجه من جانب الولايات المتحدة وحلفائها لمواجهة العدوان الإيراني وضمان المساءلة عن أفعالها، ما قد يؤدي إلى ردع المزيد من الهجمات على إسرائيل أو الدول المجاورة.

إضافة إلى ذلك، تعمل الجهود المنسقة مع الشركاء الأوروبيين على تعزيز الاستجابة الجماعية للمجتمع الدولي، وتعزيز موقف أكثر تماسكًا ضد سلوك إيران المزعزع للاستقرار، والإشارة إلى الإجراءات المستقبلية المحتملة.

ومن الناحية الاقتصادية، تمارس العقوبات ضغوطًا على إيران، ما يقلل من قدرتها على تمويل المشروعات العسكرية ودعم الجماعات الوكيلة، ومن ثم كبح جهود زعزعة الاستقرار الإقليمي.

وبعيدًا عن ردع إيران، فإن هذه الإجراءات تبعث برسالة أوسع إلى الدول الأخرى، ما يؤدي إلى كبح الاعتداءات المحتملة والإسهام في التخفيف الشامل من حدّة الصراع والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.

العواقب المحتملة للعقوبات الجديدة على إيران

قد تكون هناك عواقب وخيمة على عدّة جبهات إذا فرضت الولايات المتحدة المزيد من العقوبات على إيران، ومن المؤكد أن الاقتصاد الإيراني غير المستقر سيتعرّض لضغوط بسبب العقوبات، التي ستستهدف تحديدًا صادراتها الأساسية من النفط.

وقد يؤدي فرض المزيد من القيود على تجارة النفط إلى ظهور مشكلات حادّة ناجمة عن العقوبات السابقة، مثل البطالة والتضخم.

ومن الناحية السياسية، يمكن للعقوبات أن تؤدي إلى تفاقم الصراع الداخلي داخل إيران، الأمر الذي قد يؤدي إلى تآكل قبضة الحكومة على السلطة، وإلى مزيد من القمع الحكومي أو الاضطرابات المدنية.

إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تكون هناك تداعيات لهذه العقوبات في مجال السياسة الخارجية الإيرانية، وبالتنسيق مع الأصدقاء الأوروبيين، يمكن زيادة الضغوط الدولية على إيران، الأمر الذي قد يزيد من عزلة البلاد على الصعيد العالمي ويعوق جهودها الدبلوماسية.

وكما رأينا في أحداث سابقة، مثل الهجوم على إسرائيل، فإن العقوبات قد لا تمنع دائمًا التصعيد العسكري، حتى برغم كون هدفها يتلخص في كبح سلوك إيران العدواني.

وقد تنظر إيران إلى العقوبات على أنها عدوانية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد التوترات العسكرية، ويزيد من احتمال نشوب معركة إقليمية أكبر.

وبصرف النظر عن العواقب الجيوسياسية، قد يكون للعقوبات آثار إنسانية، ما يجعل من الصعب على الناس في إيران الحصول على الضروريات، ويفاقم المشكلات الصحية.

وقد تعرضت هذه الجهود للانتقاد، مع الإعراب عن المخاوف بشأن آثارها العكسية المحتملة -أي تعزيز الدعم للنظام الإيراني بدلًا من تشجيع التغيير السلوكي-.

وحتى لو كان المقصود من العقوبات منع إيران من التصرف بطريقة تخريبية، فهناك احتمال أن يكون لها تداعيات غير متوقعة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات الإنسانية، أو زيادة الضبابية بشأن التنبؤ السياسي.

النفط في إيران
ناقلة النفط "دانيال" التي تحمل النفط الخام المستورد من إيران إلى مدينة تشوشان في شرق الصين – المصدر: أسوشيتد برس

تهديد استقرار إيران السياسي والاقتصادي

تشكّل العقوبات الأخيرة المفروضة على إيران تهديدًا كبيرًا لاستقرارها السياسي واقتصادها وعلاقاتها الدولية، ومع ذلك، فإنها تسلّط الضوء على مهارة إيران في التعامل مع هذه الإجراءات والتهرب منها.

وأظهرت إيران صمودها في مواجهة العقوبات، من خلال الاستفادة السريعة من إمكانات زيادة شحناتها النفطية إلى الصين، بفضل موافقة إدارة بايدن.

ونظرًا لتاريخ إيران الطويل في تجنّب وتخفيف آثار العقوبات، فإن فعالية هذه العقوبات الجديدة ما تزال موضع شكّ.

في المقابل، هناك عامل قد يؤثّر بشكل أكبر بسياسات تصدير النفط الإيرانية، وهو الانتخابات الرئاسية الأميركية الوشيكة.

وقد ترى إيران فرصًا سانحة لمواصلة التصدير إلى الصين، مع الاستفادة من أيّ تغييرات في الأهداف الدبلوماسية أو تدابير الإنفاذ، نظرًا لإمكان إجراء تعديلات مستقبلية على السياسة في الولايات المتحدة.

ولهذا السبب، فحتى برغم أن العقوبات قد تُغير مؤقتًا ديناميكيات تجارة النفط الإيرانية، فإن مهارة إيران في التهرب من هذه العقوبات والبيئة الجيوسياسية المتغيرة في البلاد تشير إلى أن إمداداتها النفطية إلى الصين من المرجّح أن تستمر، حتى مع الصعوبات المستمرة والشكوك.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق