مستهدفات الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي "خيالية".. وفرصة للجزائر
5 تحديات تعطل الإنتاج المحلي الطموح.. وقيود تعطل الاستيراد
هبة مصطفى
- مشروعات الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي حتى الآن لا تلائم المستهدفات
- الاتحاد يطمح في إنتاج 10 ملايين طن بحلول 2030، وتأمين واردات بكميات مماثلة
- التكلفة والبنية التحتية والطاقة المتجددة أبرز عوائق الإنتاج الأوروبي
- فرصة للجزائر وشمال أفريقيا لتزويد أوروبا بالإمدادات عبر خطوط نقل الغاز
- أميركا قد تنتج هيدروجين هو الأقل تكلفة في العالم، لكنه أزرق وغير متجدد
تتسع الفجوة بين مستهدفات الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي والتنفيذ الفعلي على أرض الواقع، يومًا بعد يوم، لتعكس طموحات "خيالية" محاطة بالتحديات والعراقيل.
وارتفع سقف خطط الاتحاد إلى حدّ التعهد برفع الإنتاج المحلي من الوقود النظيف بحلول 2030، جنبًا إلى جنب مع التخطيط لاستيراد كميات مماثلة.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة، لم تحرز مستهدفات الإنتاج المحلي تقدمًا كبيرًا يبشّر بإمكان تنفيذها، بالإضافة إلى أن خريطة الواردات غير مضمونة حتى الآن سوى من الجزائر وشمال أفريقيا بنسبة محدودة، وأميركا الشمالية بنسبة أكبر قليلًا.
الأهداف والواقع
بلغ المعدل المستهدف لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي بحلول 2030 ما يصل إلى 10 ملايين طن، مع التعاقد على استيراد 10 ملايين طن أخرى.
ومن بين هذه الكميات، بدأت عمليات البناء، أو حتى وصلت المراحل الأخيرة للتنفيذ، مشروعات بطاقة 3 غيغاواط فقط من أصل 205 غيغاواط تعهدت بها دول الاتحاد.
وتستغرق المشروعات الأوروبية التي توصلت إلى قرار استثمار نهائي مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات لإكمالها، وفق تقديرات استشارية نقلها موقع هيدروجين إنسايتس (Hydrogen Insights) عن شركة الخدمات المالية برايس ووترهاوس كوبرز (PwC).
ويتطلب مستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي بحلول 2030 تثبيت محللات كهربائية بطاقة 120 غيغاواط على مدار السنوات الـ6 المقبلة حتى نهاية العقد، بواقع إضافة 20 غيغاواط سنويًا.
وفيما يتعلق بمسار الواردات، ينبغي إلقاء نظرة على خريطة الإنتاج العالمية ربما تكون أوفر حظًا من أداء دول الاتحاد، لكن حتى هذه الواردات باتت غير مأمونة، خاصة أن ما يصل إلى 1.8% فقط من المشروعات المعلنة بدأ مرحلة البناء، ووصل إلى التنفيذ النهائي.
وتفصيليًا، أُزيج الستار عن مشروعات هيدروجين نظيف عالمية وصلت إلى 840 غيغاواط حتى نهاية العام الماضي 2023، ولم يُترجم منها على أرض الواقع سوى 15 غيغاواط.
5 تحديات تعطّل الطموح الأوروبي
تحتاج تلبية طموح الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي إلى تشخيص أسباب التباطؤ في الإنتاج المحلي، والإسهام في حل مشكلات الإنتاج العالمي أيضًا، حتى تضمن دول الاتحاد الحصول على 20 مليون طن في غضون 6 سنوات.
ويمكن القول، إن هناك 5 تحديات رئيسة، تقف عائقًا أمام إنتاج الوقود النظيف، سواء في أوروبا أو البلدان المنتجة الأخرى، نذكرها فيما يلي:
1) تكلفة الإنتاج:
تختلف تكلفة الإنتاج الفعلية عن تقديرات المستثمرين، وتتراوح تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي بين 6 و7.7 يورو (6.38- 7.98 دولارًا أميركيًا/كيلوغرام)، بما يعادل من 200 إلى 250 يورو لكل ميغاواط/ساعة.
(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا).
وحتى إذا تحولت الأنظار من إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج الهيدروجين الأزرق، فإن التكلفة ستتراوح بين 3.19 و4.79 دولارًا/كيلوغرام، ليعادل ما بين 100 و150 يورو لكل ميغاواط/ساعة.
2) معدل الأرباح:
بالنسبة للمستثمرين، لم تعد مشروعات الوقود النظيف مصدرًا لتحقيق أرباح وفيرة كما كانت في وقت سابق، وربما يعود ذلك إلى معدلات التضخم والفائدة الآخذة في الارتفاع.
ووقع المطورون في حيرة من أمرهم، إذ دفعت التكلفة المرتفعة لبناء المشروعات وأسعار أجهزة التحليل الكهربائي (التي يتراوح متوسطها بين 2 و3 مليارات يورو/غيغاواط) باتجاه صعوبة خفض المطورين أسعارهم لتحقيق انتشار أوسع، وقلّصت العوامل ذاتها من وصف مشروعات الوقود النظيف بأنها "مربحة".
3) الطاقة المتجددة:
يرتبط إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي بانتشار مشروعات الطاقة المتجددة، خاصة الشمس والرياح.
ويحتاج إنتاج 10 ملايين طن من الوقود النظيف إلى ما يعادل 5000 تيراواط/ساعة من الكهرباء المتجددة، وبالنظر إلى قدرة إنتاج توربينات الرياح السنوية (20 غيغاواط/ساعة)، فإن دول الاتحاد تحتاج إلى 25 ألف توربين جديد لتلبية طلب أجهزة التحليل الكهربائي فقط.
ويبدو أنه من الصعب توفير هذه الإمدادات، خاصة مع الإقبال الأوروبي على "كهربة" النقل والصناعات، التي تلقي بالمزيد من الأعباء على معدل الطلب.
4) البنية التحتية:
لا يتلاءم وضع البنية التحتية الحالية مع متطلبات تخزين الهيدروجين ونقله، ما يشكّل عائقًا كبيرًا، خاصة فيما يتعلق بخطط تصدير الوقود النظيف.
5) الدعم والإعانات:
ما زال الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي بحاجة للمزيد من الدعم، خاصة أن المشروعات ذات الاهتمام المشترك في أوروبا شهدت تأخرًا تعطَّل معه تقديم الإعانات اللازمة.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عددًا من الدول المرشحة لإنتاج الهيدروجين:
فرص الواردات
مع الشكوك حول تنفيذ طموحات إنتاج الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي، تعلقت الأنظار بالاستيراد من الخارج، وأدناه تطرح منصة الطاقة المتخصصة رؤية شركة الخدمات المالية "بي دبليو سي" لتطور الإنتاج العالمي.
- أستراليا:
تسجل إمكانات الطاقة المتجددة -اللازمة لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر- فرصًا قوية في أستراليا، ورغم ذلك توقّع "مجلس الهيدروجين الأسترالي" أن تستغرق مشروعات الوقود النظيف الكبرى 8 سنوات لتصل إلى قرار الاستثمار النهائي.
ويرجع ذلك إلى عوامل رئيسة للإنتاج قد لا تكون متوفرة بالقدر الكافي حتى الآن، مثل: مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة، نطاق واسع من أجهزة التحليل الكهربائي، توافر المياه، بنية تحتية للنقل والتخزين والتصدير، بنية تحتية لالتقاط الكربون وتخزينه، إذا كانت أستراليا ستركّز على إنتاج الهيدروجين الأزرق.
- الجزائر وشمال أفريقيا:
في خضم الحديث عن فرص اعتماد الاتحاد الأوروبي بصورة أكبر على واردات الهيدروجين، تبرز فرصة لدول شمال أفريقيا، وعلى رأسها الجزائر وتونس، إذ تملك الجزائر شبكة خطوط أنابيب تستعمل حاليًا في نقل تدفقات الغاز إلى القارة العجوز.
ورغم حل الجزائر لمشكلة بنية النقل التحتية، فإن دول شمال القارة السمراء عمومًا تواجه مخاطر سياسية، بالإضافة إلى عدم تقديمها حوافز مغرية بالقدر الكافي للشركات والمستثمرين.
ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تصورًا لمسار ممر الهيدروجين من شمال أفريقيا إلى أوروبا:
- أميركا:
قدّمت أميركا إعفاء ضريبيًا على إنتاج الهيدروجين بنحو 3 دولارات لكل كيلوغرام، وإذا وصلت للإنتاج بتكلفة هي الأقل في العالم، تزداد فرصها لتصبح مُورّدًا رئيسًا لأوروبا.
وهناك معضلة تواجه اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على هذا التوقع أيضًا، خاصة أن حجم الإنتاج المتوقع بدءًا من العام المقبل 2025 في أميركا يُقدَّر بنحو 2.8 مليون طن سنويًا، غالبيتها من الهيدروجين الأزرق بمعدل 2 مليون طن.
ومع رفع الإنتاج الأميركي إلى 9.3 مليون طن سنويًا من الهيدروجين بحلول عام 2030، سيشكّل الوقود الأزرق 7 ملايين طن منها.
- أميركا اللاتينية:
قد تتجه دول أميركا اللاتينية إلى التركيز على التخلص من الكربون، بدلًا من الاندفاع نجو إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون أو الأخضر بتكلفة زهيدة.
وقللت شركة المرافق الألمانية آر دبليو إي (RWE) من اعتماد الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي على الواردات، سواء من تشيلي أو أميركا أو أستراليا، مشيرة إلى أن شحن الوقود النظيف سيضيف المزيد من التكلفة.
موضوعات متعلقة..
- أهداف الهيدروجين الأخضر في الاتحاد الأوروبي تتأرجح بين الطموحات والواقع
- أهداف الهيدروجين الأخضر.. معضلة واحدة قد تجعلها عصية على أوروبا
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا.. أنظار أوروبا تتجه لـ4 دول (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- طاقة الرياح في السعودية أمام فرصة نمو قوية لدعم البنية التحتية الجديدة (تقرير)
- 3 تحديات تهدد العقوبات الأميركية ضد قطاع الطاقة في إيران (مقال)
- محللون: إغلاق مضيق هرمز يرفع أسعار النفط.. وهذا موقف 3 دول عربية