هل تتقلص تخفيضات أوبك+ قبل نهاية 2024؟ 8 خبراء يجيبون لـ"الطاقة"
دينا قدري
تتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى تخفيضات أوبك+ الطوعية لإنتاج النفط، مع زيادة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وتداعياتها على الأسعار.
وأعلن تحالف أوبك+ تنفيذ خفض طوعي لإنتاج النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من عام 2024، ثم مُدّدت هذه التخفيضات حتى الربع الثاني من العام؛ نظرًا إلى استمرار حالة عدم اليقين.
وجاءت تخفيضات أوبك+ بهدف الحفاظ على توازن أسواق النفط واستقرارها، في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، إذ أكدت أنها ستعمل على إعادة كميات الخفض الإضافية تدريجيًا، وفقًا لظروف السوق.
وفي غضون ذلك، سجلت أسعار النفط ارتفاعًا منذ بداية شهر أبريل/نيسان 2024، مدفوعة بتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، واقترب خام برنت من 91 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي هذا السياق، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) توقعات نخبة من كبار الخبراء بشأن إمكان تقليص تخفيضات أوبك+ قبل نهاية عام 2024، في ظل الارتفاع الأخير لأسعار النفط.
تقليص مبكر لتخفيضات أوبك+
ذكّر المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي بأن تحالف أوبك+ لا يتطرق إلى أسعار النفط، ولكن كل تركيزه ينصبّ على التوازن بين العرض والطلب.
وتوقّع الريامي أنه حال وصول أسعار النفط إلى 100 دولار، فإن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة قد تعقد اجتماعًا طارئًا لدراسة الوضع وتقييم الموقف، وقد لا ينتظر التحالف الاجتماع التقليدي في 1 يونيو/حزيران مثلما هو مقرر.
وقال -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "لا أستبعد زيادة التصدير من التخفيضات الطوعية التي كان من المفترض أن تنتهي في يونيو/حزيران، وأن تُسَرَّع إمداد السوق بكميات إضافية".
وشاركه الرأي محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، الذي أكد أن أوبك+ يواصل التركيز أساسًا على الطلب في هذه المرحلة، وهو مستعد دائمًا للتصرف.
وحتى الآن، يرى إيتيّم أنه من المتوقع أن دول التحالف ستكون في وضع يسمح لها بالبدء في تقليص التخفيضات في النصف الثاني من العام، حتى لو لم يتأثر العرض في مكان آخر.
وأوضح إيتيّم -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه إذا حدث شيء كبير يؤثّر فعلًا في التدفقات المادية، فقد يأتي هذا القرار بنهاية المطاف في وقت أقرب قبل اجتماع يونيو/حزيران، ويُنَفَّذ بطريقة أكثر قوة عبر إعادة المزيد من النفط إلى السوق، وبشكل أسرع.
وقال: "لكن هذه ليست حالتنا الأساسية في الوقت الحالي.. فمع السياسة التي طبّقوها حتى الآن، أصبحت الأساسيات متوازنة، والقدرة الاحتياطية وفيرة".
وأكد أن الارتفاع إلى 100 دولار للبرميل سيؤدي إلى دفع أوبك+ إلى التحرك بشكل أسرع إذا كان مدعومًا بتدهور الأساسيات، ولكن إذا كان الدافع وراء ذلك هو المعنويات، فمن غير المرجح أن يغيّر أوبك+ سياسته حتى الآن.
زيادة إنتاج غير متوقعة
شدد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على أنه من الواضح أن الدول التي نفّذت تخفيضات أوبك+ الطوعية "مرنة"، وسوف تزيد الإنتاج تدريجيًا إذا احتاج الأمر.
ولكنه أوضح أن هذا الأمر يتطلب أدلة مؤكدة على زيادة الطلب العالمي على النفط وانخفاض المخزونات.
وقال الحجي -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "ارتفاع الأسعار لأسباب سياسية ليس سببًا كافيًا لزيادة الإنتاج".
كما رأى كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري أنه من غير المحتمل أن يُلغى جزء من تخفيضات أوبك+ الطوعية قبل نهاية النصف الثاني من عام 2024.
إذ تشير التطورات الأخيرة إلى أن تحالف أوبك+ وافق على تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية حتى الربع الثاني من عام 2024، وتتضمن خططهم إعادة هذه التخفيضات تدريجيًا، مع مراعاة ظروف السوق، ما يشير إلى تفكيك تدريجي بدلًا من الإلغاء المفاجئ.
وسلّط شوكري الضوء على تحليل ريستاد إنرجي (Rystad Energy) الذي أفاد بانتعاش قوي في الطلب النصف الثاني من عام 2024، ما يعني أنه ليس هناك حاجة إلى تمديد إضافي لتخفيضات أوبك+ الطوعية لدعم الأسعار.
وأوضح أن هذا الأمر يشير إلى أن أوبك+ قد لا يحتاج إلى الحفاظ على التخفيضات الكاملة البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا حتى نهاية عام 2024.
من جانبها، أوضحت مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس"، المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن سعر النفط الخام عند 90 دولارًا يفرض ضغوطًا على أوبك+ لتخفيف الإمدادات.
وقالت -في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن التحدي الذي يواجه التحالف هو ما إذا كانت التخفيضات ستُخَفَّف استجابة للمخاوف من انقطاع الإمدادات بدلًا من انقطاعها الفعلي.
وأضافت: "لا أرى أن تخفيف التخفيضات في الربع الثالث من عام 2024 نتيجة متوقعة مسبقًا.. سيتوقف القرار بشكل كبير على كيفية تطوّر حربَيْ غزة وأوكرانيا وتأثيرهما بعلاوة مخاطر العرض في الأسابيع المقبلة".
عوامل تقليص تخفيضات أوبك+
في سياقٍ متصل، قال الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، إن تحالف أوبك+ يتابع -حتمًا- التطورات الأخيرة عن كثب، لكن ارتفاع الأسعار لا يخدمه طويلًا.
وأوضح أن ذلك يرجع إلى تحرّك منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، وحتى في دول منتجة أخرى، الذين سينتهزون فرصة الصعود بضخّ استثمارات ضخمة وجني عوائد ربحية كبيرة، وهم بذلك يأخذون الحصة السوقية، ويستفيدون من الأسعار المرتفعة.
وقال بوطمين: "الآن، إن أراد تحالف أوبك+ سعرًا فوق 90 دولارًا صيفًا، فقد يُبقي على التخفيضات الحالية.. وأنا لا أرى فيه مصلحة كبيرة".
وأشار -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إلى أنه إذا أراد التحالف أسعارًا بأقل من ذلك، فهو يستفيد حسابيًا وإستراتيجيًا من إعادة ضخ المزيد من النفط إلى الأسواق مع نهاية يونيو/حزيران، وسيجني حصة سوقية أكبر وسعرًا معتدلًا، كما يكبح من نمو الإنتاج خارج التحالف.
وتابع: "أنا أتفق مع هذا التوجّه؛ لأن فصل الصيف يتعزز بزيادة الطلب، وهو صمام أمان للمنظمة، خاصةً في ظل تصاعد التوتر بالطائرات دون طيار على المنشآت الروسية".
من جهتها، صرّحت رئيسة شركة "إس في بي إنرجي إنترناشيونال"، الدكتورة سارة فاخشوري، بأن تحالف أوبك+ قد يفكر في خفض التخفيضات الطوعية وزيادة الإنتاج، إذا كان هناك أيّ نقص في العرض في السوق.
وأشارت إلى أن أوبك+ نفّذ إستراتيجية استباقية من خلال التخفيضات الطوعية؛ ما أدى إلى توفير طاقة فائضة كبيرة، مما يساعد على تخفيف مخاوف السوق ومعنوياته وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.
كما رأى الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن أن التحالف سيلغي جزءًا من التخفيضات الطوعية قبل نهاية النصف الثاني من العام؛ لأن ارتفاع الأسعار لن يكون إيجابيًا على أية حال بالنسبة للمستهلكين الغربيين، ولكن ليس بالنسبة للهند والصين -أيضًا-.
وأوضح أن الدولة الوحيدة السعيدة في الوقت الحاضر هي روسيا، فكلّ خامها يصل إلى الأسواق بأعلى من العقوبات المفروضة على الحدّ الأقصى للسعر.
موضوعات متعلقة..
- 10 خبراء لـ"الطاقة": تخفيضات أوبك+ الطوعية قد تتقلص في النصف الثاني من 2024
- 7 دول تخالف حصص تخفيضات أوبك+.. ورقم قياسي لـ6 أشهر (مسح)
- 4 عوامل تحدد أسعار النفط في 2024.. وتخفيضات أوبك+ في المقدمة
اقرأ أيضًا..
- لمواجهة انقطاع الكهرباء في مصر.. حل شمسي بأقل سعر
- فشل أول مصنع عملاق لبطاريات السيارات الكهربائية في بريطانيا
- اكتشاف نفطي جديد احتياطياته قد تبلغ 23 مليون برميل
- الطلب العالمي على النفط في فبراير يرتفع بأكثر من مليون برميل يوميًا