أبرز تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر تكشفها دراسة مصرية
داليا الهمشري
تصدرت تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر دراسة مصرية حديثة في محاولة لرصد أهم العقبات الفنية والاقتصادية التي تواجه التوسع في هذا القطاع، لا سيما في ظل التوجه العالمي لتحقيق الحياد الكربوني.
وأشارت الدراسة، التي حملت عنوان "الهيدروجين الأخضر .. التقنيات والواقع والتحديات"، إلى أن فجوة التكلفة بين الهيدروجين الأخضر ونظيره المُنتج من الوقود الأحفوري ما تزال تمثّل التحدي الرئيس للهيدروجين منخفض الكربون.
أجرى الدراسة المدير الفني للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة خبير الطاقة المستدامة الدكتور ماجد كرم الدين محمود، الذي اقترح في دراسته أن يقتصر استعمال الهيدروجين في الوقت الحالي على النطاق المحلي، في ظل عدم توافر بنية تحتية لخطوط نقل أو محطات تخزين وتزويد الهيدروجين.
مواكبة الطلب العالمي
أوضحت الدراسة، التي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منها، أن الطلب العالمي على الهيدروجين يُقدَّر حاليًا بنحو 115 مليون طن، متوقعة زيادته إلى 648 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050.
وأظهرت الدراسة أن الطلب على الهيدروجين موزَّع على القطاعات المختلفة كالآتي: 28% في قطاع النقل، و20% مصدر للطاقة في الصناعة، و13% مادة خام للصناعات الحالية، و12% مادة خام لصناعات جديدة مثل اختزال الحديد، و12% لتوليد الكهرباء، و14% لباقي التطبيقات.
وأشارت إلى أن العديد من السيناريوهات تؤكد حاجة العالم إلى إنتاج 80 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، لتحقيق الحياد الكربوني.
كما توقعت انخفاض التكاليف الاستثمارية لأجهزة التحليل الكهربائي التي تتراوح -حاليًا- ما بين 660 و1050 دولارًا للكيلوواط إلى ما بين 330 و380 دولارًا للكيلوواط في 2030.
ولفتت الدراسة إلى أن هذه التوقعات غير طموحة مقارنًة بالتطور المبكر لتقنيات أخرى منخفضة الكربون، مثل البطاريات أو الطاقة الشمسية الكهروضوئية أو الرياح البرية.
إستراتيجيات إنتاج الهيدروجين الأخضر
تتسارع الجهود العالمية للتوسع في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ أصدرت 17 حكومة إستراتيجيات للهيدروجين منخفض الكربون، وأعلنت أكثر من 20 حكومة أنها تعمل على تطوير خططها في هذا القطاع، طبقًا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة في عام 2021 .
وتمثّل تلك الدول أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بالإضافة إلى إستراتيجية الاتحاد الأوروبي للهيدروجين.
وتنوع جهود الحكومات في إنتاج الهيدروجين الأخضر ما بين تنظيم مناقصات مخصصة له، ووضع حصص مستقبلية للالتزام بالتحول للهيدروجين الأخضر في المشتريات العامة، وعلى الرغم من أن معظم هذه الإجراءات لم تُطبَّق فعليًا بعد، فإنها تؤشر لفتح المزيد من الطلب على الهيدروجين.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يمتد استعمال الهيدروجين إلى مناحٍ عدّة في قطاع الطاقة، وأن ينمو 6 أضعاف عن المستويات الحالية لتلبية 10% من إجمالي استهلاك الطاقة النهائي بحلول عام 2050.
ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من التزام الدول بإستراتيجيات للهيدروجين بما لا يقل عن 37 مليار دولار، وإعلان القطاع الخاص استثمارات إضافية بقيمة 300 مليار دولار، فإن وضع قطاع الهيدروجين على المسار الصحيح يتطلب استثمارات بقيمة 1200 مليار دولار حتى عام 2030.
تحديات التخزين
ترى الدراسة أن معظم السياسات الحكومية يركّز على إنتاج الهيدروجين الأخضر، في حين إن تدابير زيادة الطلب تحظى باهتمام أقل، على الرغم من أن التحول يتطلب تغييرًا جذريًا في خلق الطلب.
وأشارت إلى أن فجوة التكلفة مع الهيدروجين المُنتج من الوقود الأحفوري ما تزال تمثّل أبرز تحديات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
كما يواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر وتخزينه ونقله وتزويده واستعماله عددًا من التحديات الفنية والاقتصادية والعملية، وهناك عدد كبير من الأبحاث جارية لمعالجة هذه التحديات.
وسلّطت الدراسة الضوء على أشكال تخزين الهيدروجين كما يلي:
التخزين في صورة سائل: يتطلب درجات حرارة منخفضة للغاية (نحو 20 كلفن أو 253 درجة مئوية)، وهي عملية مُكلفة في تحقيقها وصيانتها.
التخزين في صورة غاز: يتطلب ضغطًا عاليًا ومع الكثافة المنخفضة نسبيًا للغاز، لن يمكن التخزين إلّا في نطاق محدود للغاية من الأميال لو استعمل الهيدروجين في قطاع النقل مثلًا.
وتشير الاختبارات إلى أنه يمكن استعمال ضغوط تصل إلى 70 ميغا باسكال بأمان لتخزين الهيدروجين المضغوط في المركبات التجارية.
التخزين في هيدريد المعادن: يُعدّ من المجالات الواعدة، إذ يمكن -أيضًا- تخزين الهيدروجين في مواد صلبة من هيدريد المعادن، ويمكن للهيدريد أن يمتص نحو 3.5 % من كتلته على شكل هيدروجين.
ويسمح تبريد الهيدريد بامتصاص الهيدروجين، بينما يؤدي تسخينه قليلًا إلى إطلاق الهيدروجين على شكل غاز.
وتستعمل سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية في معظم مسابقات طلاب الهندسة -حاليًا- هذه التقنية لتخزين الهيدروجين.
محطات التزويد بالهيدروجين: وهي توجد -الآن- في عدد من دول أوروبا وأميركا الشمالية واليابان لتشغيل الحافلات والسيارات والدراجات والمعدّات التي تعمل بالهيدروجين .. إلّا أن عددها ما يزال محدودًا.
خطوط أنابيب الهيدروجين: يبلغ مجموع أطوال شبكات نقل وتوزيع الهيدروجين الحالية عبر خطوط الأنابيب نحو 2.% تقريبًا من مجموع أطوال شبكات نقل وتوزيع الغاز الطبيعي عالميًا.
ويُعدّ تركيب خطوط أنابيب الهيدروجين الوطنية أحد الحلول الممكنة طويلة المدى، إلّا أنه لا يمكن أن يحقق الجدوى الاقتصادية المطلوبة إلّا من خلال الاستعمال الواسع النطاق للسيارات التي تعمل بخلايا الوقود في الشوارع.
كما يمكن دمج الهيدروجين بنسب محدودة في شبكات نقل وتوزيع الغاز الطبيعي تتراوح بين 2 - 6% طبقًا لمواصفات الشبكة، وقد تصل لنسبة 10% في حالات محدودة؛ نظرًا لأن أيّ زيادة ستستلزم تعديلات في الأجهزة ومنظومات التحكم والضوابط والمواصفات القياسية.
نمو غير مسبوق
اقترحت الدراسة أن يقتصر استعمال الهيدروجين في الوقت الحالي على النطاق المحلي، مشيرة إلى أن ذلك سيكون بمثابة حلٍّ في حالة عدم توافر بنية تحتية لخطوط نقل أو محطات تخزين وتزويد الهيدروجين.
وحول سيارات خلايا وقود الهيدروجين، أوضحت الدراسة أنها تأتي ضمن مخططات بعض مُصنّعي السيارات، وتجري برامج بحث وتطوير مكثّفة من قبل كبرى شركات تصنيع السيارات، لجعل هذا النوع من السيارات اقتصاديًا ومتاحًا تجاريًا في المستقبل القريب.
وتوقعت الدراسة أن ينمو أسطول سيارات خلايا وقود الهيدروجين بشكل غير مسبوق، ليصل إلى نحو 11 مليون سيارة بحلول عام 2030.
موضوعات متعلقة..
- خبراء: الهيدروجين الأخضر في الوطن العربي يواجه تحديات النقل والتخزين
- مصر تنعش قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر بـ160 مليون دولار
- الهيدروجين الأخضر.. صناعة تواجه تحديات صعبة رغم ميزاتها (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تتجه لرفع أسعار النفط إلى آسيا في مايو (مسح)
- توربينات الغاز في الجزائر تترقب صفقات كبيرة خلال 2024
- استخراج الهيدروجين الطبيعي يواجه تحديات.. وتحذير من خطر التسرب
- خاص لـ"الطاقة".. أول تعليق من وزير النفط الليبي بعد قرار إيقافه