تقارير الطاقة المتجددة رئيسية طاقة متجددة

الطاقة الكهرومائية في الصين مهددة بـ"الجفاف".. والفحم ينتعش

أسماء السعداوي

2024-03-24

0 659

تعمل الطاقة الكهرومائية في الصين إلى جانب الرياح والشمس، من أجل توليد الكهرباء النظيفة بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري، لكن انخفاض نسب هطول الأمطار يهدد بمنح دور أكبر للفحم الملوث.

وعلى مدار العاميْن الماضيين، انخفض إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، رغم تشغيل العديد من محطات التوليد الضخمة، بسبب الجفاف في جنوب غرب البلاد، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبدأ الجفاف في منتصف عام 2022، ما اضطر بكين إلى العودة إلى الفحم، لتلبية استهلاك الكهرباء في البلد صاحبة أكبر ثاني تعداد سكاني في العالم، كما ساعدت طاقة الرياح والطاقة الشمسية قليلًا في سد تلك الفجوة.

وإذا استمر انخفاض إسهام الطاقة الكهرومائية نتيجة للجفاف، فلن يكون أمام الصين خيار سوى زيادة توليد الكهرباء من الفحم، ما يهدد التزامات البلاد المناخية بخفض انبعاثات الكربون، تحقيقًا لأهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2027.

وفشلت بكين في بلوغ أهداف مكافحة انبعاثات غازات الدفيئة خلال العام المنصرم (2023)، مدفوعة بمساعي تحقيق أمن الطاقة، كما وضعت وكالة التخطيط الرسمية أهدافًا أقلّ بكثير من مستهدفات الخطة الخمسية، لخفض كثافة الطاقة بنسبة 12.5% وكثافة الكربون 18% بين عامي 2021 و2025.

إنتاج الطاقة الكهرومائية في الصين

تشير تقديرات إلى أن الجفاف تسبّب في انخفاض إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهرومائية بنحو 190 مليار كيلوواط/ساعة خلال عام 2023 المنصرم.

وبينما تشير تلك البيانات إلى حجم الكهرباء النظيفة المفقودة بسبب الجفاف، فهي مؤشر أيضًا على كمية الفحم التي يمكن تجنب حرقها عند عودة الأمطار إلى معدلاتها الطبيعية.

سد الخوانق الثلاثة في الصين - الصورة من وكالة فرانس برس

وانخفضت كمية الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية بنسبة 1% إلى 1.141 مليار كيلواوط/ساعة في 2023، هبوطًا من 1.153 مليار كيلوواط/ساعة قبل 4 سنوات.

يأتي ذلك رغم القفزة في القدرات الكهرومائية المركبة بنسبة 18% إلى 422 مليون كيلوواط بنهاية 2023، ارتفاعًا من 358 مليون كيلوواط بنهاية عام 2019، وفق بيانات المكتب الوطني للإحصاءات.

وبناء على تلك البيانات، تسبب الجفاف في تراجع توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية بنحو 190 مليار كيلوواط/ساعة، بنسبة تراجع 14% في 2023، مقارنة بالظروف الطبيعية للأنهار وإضافات القدرات الجديدة.

تراجع الإنتاج

يأتي معظم إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في الصين (أكبر مطلق لانبعاثات الكربون عالميًا) من سلسلة من السدود الضخمة الواقعة على نهر يانغتسي وروافده، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وشكلت مقاطعتا سيتشوان ويونان 48% من إجمالي القدرات في عام 2020، وبالإضافة إلى مقاطعة هوبي، إذ يوجد سد الخوانق الثلاثة، ترتفع القدرات إلى 60%، وإلى جانب قويتشو وفوانغتشي وقونغدونغ وتشونغتشينغ، ترتفع النسبة إلى 75%.

ويستقبل جنوب غرب الصين معظم الأمطار التي تهطل سنويًا بين شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب خلال موسم الرياح الموسمية في شرق آسيا، في حين تهطل كميات أقل خلال موسم هطول الأمطار في فصل الربيع، ولا تهطل أي أمطار في الخريف والشتاء.

ومنذ عام 2022، عانت المنطقة انخفاض هطول الأمطار بسبب الجفاف، وفي معظم مناطق التبت وأجزاء من سيتشوان ويونان انخفض هطول الأمطار بنسبة 50% أو أكثر من المتوسط منذ منتصف عام 2022.

كما شهدت مدينة ييبين على الحدود بين سيتشوان ويونان 633 مليمترًا من الأمطار في 2023، و1.024 مليمترًا في 2022، نزولًا من 1.225 مليمترًا سنويًا في المتوسط خلال المدة بين 2014 و2021.

دور صاعد للفحم

ارتفع استهلاك الكهرباء في الصين بعد إزالة قيود التباعد الاجتماعي بعد انتهاء جائحة كوفيد-19 في مطلع عام 2023 المنصرم.

ولتلبية الطلب المتزايد، ارتفع توليد الكهرباء بنسبة 18% أو بمقدار 122 مليار كيلوواط/ساعة، كما ارتفع إسهام الطاقة الشمسية بنسبة 28% أو بمقدار 65 مليار كيلوواط/ساعة.

لكن إنتاج الطاقة الكهرومائية انخفض بنسبة 5% أو 61 مليار كيلوواط/ساعة، وارتفع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الحرارية بنسبة 6% أو 379 مليار كيلوواط/ساعة.

وجاء معظم إنتاج الكهرباء الحرارية من المحطات العاملة بحرق الفحم، وجاءت كميات صغيرة من من محطات الغاز خاصة في قوانغدونغ وهاينان.

وتعمل العديد من محطات الفحم بوصفها وحدات احتياطية، لتلبية الطلب اليومي والموسمي في أوقات الذروة، وفي حال تراجع توليد الطاقة الكهرومائية.

محطة كهرباء تعمل بالفحم في سيتشوان - الصورة من شبكة "سي إن إن" الأميركية

موسم الجفاف

يقترب موسم الجفاف في جنوب غرب الصين من نهايته، منتظرًا هطول أمطار الربيع والرياح الموسمية الصيفية.

لكن الآن ما زالت مستويات الأنهار منخفضة، ونتيجة لذلك ارتفع توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية بمقدار 104 مليارات كيلوواط/ساعة أو بنسبة 11% في أول شهرين من عام 2024 الجاري، وذلك على أساس سنوي.

وفي مقابل ذلك، كان ارتفاع الطاقة الكهرومائية ضئيلًا بنسبة 2%، أو ملياري كيلوواط/ساعة فقط.

وإذا استمر الجفاف للصيف الثالث على التوالي، فسيتواصل مسلسل انخفاض الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في الصين، وهو ما سيضطر البلاد إلى زيادة حرق الفحم مجددًا.

لكن إذا انتهى الجفاف فسيؤدي مزيج الطاقة الكهرومائية والشمس والرياح إلى تباطؤ حاد أو حتى طفيف في نمو توليد الكهرباء بالفحم خلال 2024.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..