توليد الكهرباء بالغاز ضروري لتجنب انقطاع التيار في المملكة المتحدة (تقرير)
أسماء السعداوي
تثير محطات توليد الكهرباء بالغاز في المملكة المتحدة حالة من الجدل بين مؤيد من أجل تحقيق أمن الطاقة في ضوء تقطع إمدادات الطاقة المتجددة، ومعارض خشية تفاقم أزمة تغير المناخ.
ومؤخرًا، دعّمت الحكومة بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء العاملة بحرق الغاز الطبيعي؛ في خطوة بررها رئيس الوزراء ريشي سوناك، بقوله إنه يجب تحقيق أهداف المناخ "بطريقة عملية ومستدامة لا تترك المواطنين دون كهرباء".
يأتي ذلك ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة لتحقيق أمن الطاقة، ومنها تأجيل حظر مبيعات سيارات البنزين والديزل الجديدة وغلايات المياه العاملة بالوقود الأحفوري، إضافة إلى منح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز.
ووفق خطة المملكة المناخية التي ترصد تطوراتها منصة الطاقة المتخصصة، ينبغي توليد 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2035، وصولًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وحاليًا، تُشكِّل محطات الغاز نحو 40% من استهلاك الكهرباء، وهو ما يثير تساؤلات بشأن إمكان الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة منفردةً؛ ما قد ينتج عنه انقطاع للكهرباء وارتفاع الفواتير التي تُثقل كاهل البريطانيين بأعباء إضافية في ظل أزمة المعيشة الحالية.
أزمة الطاقة في المملكة المتحدة
يقترب موعد الانتخابات العامة في خريف هذا العام (2024)، ويأمل حزب المحافظين الحاكم بتجنب الفشل أمام حزب العمال المتقدم بقوة في استطلاعات الرأي.
وتأمل الحكومة الحالية في جذب الناخبين عبر خفض معدلات التضخم لإنعاش الاقتصاد وتطبيق سلسلة من الإعفاءات الضريبية، لكن تلك المحاولات لن تجدي نفعًا ولن تجنّب المحافظين السقوط في اختبار الانتخابات ما لم يواصل التضخم هبوطه وتنخفض معه تكاليف الاقتراض والأسعار.
وعلى نحو خاص، سلّط الخبير الاقتصادي والكاتب ليام هاليغان، الضوء على تكاليف الطاقة؛ لأنها تؤدي دورًا مهمًا في قرار البريطانيين، مشيرًا إلى انخفاض أسعار بيع الغاز بالجملة بنسبة 60% على أساس سنوي في فبراير/شباط (2024).
لكن أسعار النفط شهدت زيادة حادة، وتجاوز سعر برميل خام برنت 85 دولارًا، يوم الخميس 14 مارس/آذار 2024، بدعم من المخاوف بشأن ارتباك حركة الشحن جراء توترات البحر الأحمر، وتوقعات بالمزيد من قرارات خفض إنتاج النفط داخل منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك.
وأشار هاليغان -في مقال نشرته صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية (The telegraph)- إلى التقديرات بارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري (2024)، بفعل عوامل جيوسياسية؛ منها الهجمات الأوكرانية على البنية الأساسية للمنشآت النفطية الروسية، وتفوق الولايات المتحدة على معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى، وهو ما يعزز قيمة الدولار ويجعل شراء النفط المسعّر بالدولار أكثر تكلفة للمشترين بالعملات الأخرى ومنها الجنيه الإسترليني.
وسلّط رئيس الوزراء ريشي سوناك، الضوء على أهمية القدرة على تحمّل تكاليف الطاقة، وقال إن الأمة المعتمدة على أهواء الطغاة في إمدادات الطاقة الخاصة بها، لا يمكن أن تكون آمنة حقًا".
وتغير مزيج الكهرباء في المملكة المتحدة بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة؛ فمحطات توليد الكهرباء بالفحم التي ولّدت 40% من الكهرباء خلال العام المنصرم (2023)، أصبحت تشكل 1% فقط.
في المقابل، ارتفعت حصة طاقة الرياح إلى 29%، والطاقة الشمسية والكهرومائية إلى 7% لكل منهما.
وبينما تتغير إسهامات الفحم والطاقة المتجددة؛ ما زالت محطات توليد الكهرباء بالغاز البالغ عددها 32 في المملكة المتحدة تشكل نحو ثلث إمدادات الكهرباء، وهي حصة مرشحة لزيادة إضافية بعد قرار الحكومة بناء محطات جديدة، بوصفها أحد ملامح النهج الأكثر عملية لمكافحة ظاهرة تغير المناخ.
محطات توليد الكهرباء بالغاز
أعرب الكاتب ليام هاليغام عن دعمه قرار بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء بالغاز، قائلًا إنه "منطقي"، موضحًا أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني يفرض ضغطًا هائلًا على محطات توليد الكهرباء.
ويتزامن ذلك مع توقعات بقفزة في الطلب على الكهرباء بنسبة لا تقل عن 50% بحلول عام 2035، في ضوء خطة التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
لكن ذلك السيناريو يُشكِّل خطرًا حقيقيًا للغاية بحدوث انقطاع كارثي للتيار الكهربائي، بسبب الاعتماد الكبير للغاية على مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة.
وأضاف: "طاقة الرياح والشمس -بالتأكيد- متقطعة؛ فهناك أيام -خاصة في الشتاء عندما يرتفع الطلب على الكهرباء- لا تهب فيها الرياح ولا تشرق بها الشمس.
يُضاف إلى ذلك عدم التوصل إلى حلول بعد بشأن كيفية تخزين الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة بتكلفة معقولة.
وبناء على ذلك يرى الكاتب ليام هاليغان، أن هناك حاجة لمحطات كهرباء أخرى تسد الفجوة خلال وقت قصير؛ ولذلك دعا إلى تحديث محطات توليد الكهرباء بالغاز المتقادمة.
وأثار دعم الحكومة بناءَ محطات جديدة لتوليد الكهرباء بالغاز بوصفها تخليًا عن التزامات المملكة المتحدة المناخية، كما وصفه حزب العمال المعارض بكونه "هراء".
لكن الكاتب يرد بالقول إن زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء هي أحد أسباب ارتفاع فواتير الكهرباء بصورة أكبر من معظم دول أوروبا الأخرى.
وبسبب الحياد الكربوني، سيرتفع الطلب على الكهرباء خلال العقد المقبل، وهو ما سيجعل انقطاع الكهرباء أمرًا شبه مؤكد؛ ما سيتسبب في فوضى مدنية وتجارية، ما لم يُقام المزيد من محطات توليد الكهرباء بالغاز.
وفي حالة حدوث ذلك، ستصبح قضية تغير المناخ التي يُثار حولها الشكوك "سامة سياسيًا".
موضوعات متعلقة..
- لجنة تغير المناخ في المملكة المتحدة تواجه اتهامات بإصدار توقعات "غير واقعية"
- المملكة المتحدة تتراجع عن خططها المناخية وتلجأ إلى الغاز لإنقاذ الكهرباء
- خطر يهدد أكبر مزرعة شمسية في المملكة المتحدة
اقرأ أيضًا..
- التعدين في المغرب يتلقى دفعة من شركة بريطانية
- مصافي التكرير الروسية في مرمى النيران الأوكرانية.. تفاصيل 48 ساعة
- أكبر محطة طاقة شمسية في أوروبا تتحول إلى واحة وسط الصحراء (صور)
- 20 بئر غاز جديدة في مصر تستعد لإنتاج كميات ضخمة