توسعة شبكة الكهرباء في بريطانيا على حساب الشعب بـ74 مليار دولار
أسماء السعداوي
يمثّل تطوير وتوسعة شبكة الكهرباء في بريطانيا إحدى أدوات تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، عبر زيادة استيعاب إنتاج الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح.
وأعربت شركات عن استيائها مؤخرًا من تأخّر ربط مشروعاتها للطاقة النظيفة بالشبكة، بسبب ضعف السعة والبنية الأساسية للكهرباء، وهو ما يهدد بهروب الاستثمارات إلى الخارج، ويعرقل خطط المناخ، وفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ولذلك، اقترحت الشبكة الوطنية البريطانية "ناشيونال غريد" (National Grid) برنامجًا يوصي بضخ استثمارات مباشرة إضافية بقيمة 58 مليار جنيه إسترليني (74 مليار دولار أميركي)، لتعزيز شبكات الكهرباء بعد عام 2030، لاستيعاب النمو المتوقع في الطلب، وإنتاج مشروعات الطاقة المتجددة.
ولم يوضح تقرير الشبكة سبل تمويل التوسعات المقترحة، إلّا أن تكاليف شبكات الطاقة تعود إلى خزينة الحكومة، من خلال الفواتير التي يدفعها المستهلكون.
وتسعى المملكة المتحدة إلى توليد 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2030، وفاءً بالتزاماتها المناخية وسط مساعٍ لزيادة حصص السيارات الكهربائية وأجهزة التدفئة غير العاملة بالوقود الأحفوري.
توسعة شبكة الكهرباء في بريطانيا
في معرض تبريره لضخ استثمارات مليارية لتوسعة شبكة الكهرباء في بريطانيا، قال مشغّل نظام الكهرباء بالشبكة الوطنية (ESO)، إن الشبكة لم تخضع سوى لعمليات تطوير ضئيلة على مدار السبعين عامًا الماضية.
لكن قطاعات أكبر مثل السيارات والتدفئة تتحول باتجاه استعمال الكهرباء، وهو الذي من المتوقع أن يرفع الطلب على الكهرباء بنسبة 64% بحلول عام 2035.
وقال مشغّل الكهرباء عبر موقعه الإلكتروني الرسمي في تقرير بعنوان "ما بعد 2030"، إن البرنامج المقترح يقدّم سلسلة من التوصيات بإدخال عمليات تطوير للشبكة في البر والبحر.
ومن شأن ذلك أن ييسّر ربط 21 غيغاواط إضافية من طاقة الرياح البحرية، ويوسّع نطاق عمليات توليد الكهرباء منخفضة انبعاثات الكربون في أنحاء بريطانيا.
يقول التقرير: "شبكة الكهرباء الحالية بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى، وغير قادرة على نقل المزيد من الكهرباء دون تدعيم الشبكة".
وكُلِّف مشغل نظام الكهرباء بتقديم خطة لتوسعة شبكة الكهرباء في بريطانيا، لتلبية النمو في الطلب مستقبلًا بطريقة آمنة وفعالة وميسورة التكلفة.
وتخطط الحكومة لتوليد 50 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030، لكن مشروعات الرياح الجديدة قبالة سواحل إسكتلندا تترقب إضافة 28 غيغاواط من القدرات الجديدة، وهو ما يفوق الطلب على الكهرباء، إذ تبلغ ذروة الطلب خلال فصل الشتاء نحو 5 غيغاواط فقط.
ولذلك، أوصى التقرير بتوسيع نطاق شبكة الكهرباء البحرية وبناء خط جديد يمتد من الشمال إلى الجنوب، للمساعدة في نقل الكهرباء المولّدة في إسكتلندا إلى شمال إنجلترا، بالإضافة إلى إقامة خطوط نقل جديدة من إسكتلندا إلى أقصى جنوب إنجلترا.
مكاسب ضخمة
يقول التقرير، إن الاستثمارات ستسمح لبريطانيا باستغلال إمكاناتها الاقتصادية بوصفها رائدة في طاقة الرياح البحرية، عبر نقل الكهرباء إلى المناطق التي تحتاج إليها.
كما سيدعم برنامج الاستثمارات إقامة نظام كهرباء كامل خالٍ من الكربون بحلول عام 2035، وسيوفر أكثر من 20 ألف فرصة عمل سنويًا، وستكون 90% من الفوائد خارج العاصمة لندن ومنطقة الجنوب الشرقي.
وبحلول عام 2035، ستمتلك بريطانيا إحدى أكبر شبكات الكهرباء البحرية من حيث التوسعة والتنسيق في العالم، إلى جانب خطوط تحت سطح البحر أكبر بمقدار 3 مرات عن نظيرتها البرية.
وبحسب مشغّل نظام الكهرباء، ما زالت الخطة خيارًا ضمن المراحل المبكرة لعمليات التوسع، وتتطلب مزيدًا من الدراسة والتشاور.
وسيطرأ المزيد من التحسينات على الخطة مع المشاركة المجتمعية لضمان تحقيق التوازن بين احتياجات المجتمعات المختلفة واحتياجات أمن الشبكة والاقتصاد الأوسع نطاقًا.
تعليقًا على التقرير، يقول المدير التنفيذي لمشغّل نظام الكهرباء، فينتان سلاي: "إن منظومة الكهرباء في بريطانيا العظمى هي العمود الفقري للاقتصاد، ويجب أن تتناسب مع مستقبلنا".
وأضاف: "لتحقيق هدف بناء نظام نظيف وآمن وخالٍ من الكربون الذي وضعته الحكومة والحكومات اللامركزية.. علينا القيام بعمل سريع ومنسّق ودائم بصورة متعاونة في قطاع الطاقة عمومًا والحكومة والمنظم وداخل مجتمعاتنا".
وقال متحدث باسم الشبكة الوطنية، إن النمو الضخم في الرياح البحرية والموصلات والطاقة النووية سيولّد المزيد من الكهرباء بصورة أكبر من قدرة الشبكات الحالية على النقل.
وأضاف أن ناشيونال غريد تستثمر المليارات بالفعل لتحقيق أكبر عملية إصلاح للشبكة منذ عقود، ما سيمكّن البلاد من نقل المزيد من الكهرباء النظيفة المنتجة محليًا إلى المنازل والشركات بأنحاء المملكة المتحدة، وتقليل فواتير الكهرباء على المدى الطويل.
موضوعات متعلقة..
- انقطاع الكهرباء في بريطانيا خطر وشيك.. الأزمة أكبر من "ثغرة" شحن السيارات
- شبكة الكهرباء في بريطانيا.. تحذيرات من "كارثة" التحول إلى الطاقة المتجددة
- مزيج الكهرباء في بريطانيا ينذر بكارثة.. ماذا ينتظر الحكومة الجديدة؟
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي في مصر يحقق إنجازًا مهمًا
- 10 خبراء لـ"الطاقة";: تخفيضات أوبك+ الطوعية قد تتقلص في النصف الثاني من 2024
- رئيس أرامكو يفضح فشل تحول الطاقة: خيال ويحتاج إلى إعادة ضبط
- مسؤول: الطاقة المتجددة في الجزائر تنتج 590 ميغاواط.. وهكذا نستغل الهيدروجين الأخضر محليًا (حوار)