التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

قناة بنما تترقب انفراجة قبل نهاية مارس.. وأزمة قد تضرب السكان المحليين

السماح بمرور 27 سفينة يوميًا خلال أسبوعين

أحمد أيوب

ألقت أزمة انخفاض منسوب المياه في قناة بنما بظلالها على قطاع الشحن العالمي، لا سيما مع الأزمات التي تضرب طرق الشحن الأخرى، وفي مقدمتها قناة السويس، بسبب التوترات الجيوسياسية.

وبحسب تقرير رصدته منصة الطاقة المتخصصة، قد تُسهم القناة في أزمة ضخمة، تتعلق بإتاحة المياه العذبة إلى السكان المحليين، بجانب تأثيراتها السلبية في الحياة البحرية، في وقت تُكافح فيه لاستعادة حركة مرور السفن إلى معدلاتها الطبيعية.

وتعاني القناة انخفاض منسوب المياه بسبب موجة جفاف مستمرة، في حين استطاعت إدارتها تجنب أسوأ أزمة شحن هددت بقلب الاقتصاد العالمي رأسًا على عقب، لكن جاء ذلك على حساب الحياة البحرية وإمدادات الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية من مياه الشرب.

انخفاض منسوب المياه

فرضت هيئة قناة بنما قيودًا على حركة مرور السفن في القناة بداية من يناير/كانون الثاني 2023، استجابة إلى انخفاض منسوب المياه.

ويُعزى انخفاض منسوب المياه بالقناة إلى ظاهرة النينو التي تسببت في أن يكون العام الماضي (2023) هو من أكثر الأعوام جفافًا على الإطلاق بالنسبة إلى قناة بنما، بحسب ما نشرته وكالة بلومبرغ في 15 مارس/آذار 2024.

ومطلع عام 2023، أبلغت هيئة قناة بنما بهبوط منسوب المياه في بحيرة غاتون إلى أدنى مستوياته منذ عام 1995 على الأقل، نتيجة لموسم الجفاف الطويل وانخفاض معدلات هطول الأمطار عن المعتاد.

وبحيرة غاتون هي إحدى البحيرات التي تمر عبرها السفن لعبور بحيرة بنما التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، وتتحكم في حركة التجارة ونقل البضائع بين الولايات المتحدة وشرق آسيا والساحل الغربي لأميركا الجنوبية.

تجدر الإشارة إلى أنه في ظل الظروف العادية، تتعامل قناة بنما مع نحو 3% من حجم التجارة البحرية في العالم و46% من الحاويات التي تنتقل من شمال شرق آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

إحدى السفن المارة عبر قناة بنما
إحدى السفن المارة عبر قناة بنما - الصورة من الموقع الرسمي لقناة بنما

لكن يبدو أن ظاهرة النينو تتلاشى الآن، ما يعني أن موسم الأمطار من المفترض أن يحل أواخر أبريل/نيسان أو مايو/أيار المقبلين، ما يسمح للقناة بتخفيف القيود على السفن المارة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المقرر أن تسمح الهيئة بعبور 27 سفينة يوميًا بحلول أواخر مارس/آذار الجاري 2024، وذلك ارتفاعًا من 24 سفينة في الوقت الحالي، لكن هذه الأرقام ما تزال أقل بكثير من الطاقة الاستيعابية للقناة قبل الجفاف، التي تبلغ نحو 38 سفينة.

جهود لمعالجة الأزمة

اتخذت سلطات إدارة قناة بنما مجموعة من الإجراءات المهمة لتقليل انخفاض منسوب المياه، وبفضل هذه التدابير بلغ معدل هذا الانخفاض ما يزيد قليلًا في 12 مارس/آذار الماضي، مقارنة بـ3 أقدام خلال المدة نفسها من عام 2023.

وقالت هيئة إدارة القناة، في بيان لها، "إنها تأخذ مسألة ندرة المياه على محمل الجد، وتلتزم باستكشاف جميع الحلول المتاحة لتقليل التأثير في عملياتها".

وأوضحت الهيئة أنه من بين الجهود المبذولة للتعامل مع الأزمة تقليل عدد السفن المارة عبر القناة، والحفاظ على موارد المياه المتاحة في بحيرة غاتون لتزويد السكان المحليين بمياه الشرب.

وأحد التدابير التي اتخذتها الهيئة للحفاظ على إتاحة موارد المياه بالقناة هو إعادة تدوير المياه من الأهوسة التي تمر عبرها السفن، بدلًا من مجرد رميها في المحيط، في ما أطلق عليه عملية "الملء المتقاطع".

الإضرار بمياه الشرب

تصبح هذه المياه المعاد استعمالها أكثر ملوحة، ويتسرب بعضها إلى بحيرة غاتون، وهي بحيرة صناعية تشكل جزءًا من القناة وهي أيضًا أكبر مصدر لإمدادات الشرب في بنما.

وفي هذا السياق، قال أستاذ الهندسة المدنية السابق في جامعة وايومنغ الأميركية، فريد أوغدن، إن بنما شهدت هذا العام ما يقرب من ثلثي هطول الأمطار المعتاد.

وقال إن الأهوسة الجديدة التي طورت بقناة بنما وافتتحت في عام 2016 لاستيعاب السفن الأكبر حجما تتطلب المزيد من المياه.

وأضاف: "إن انخفاض منسوب المياه في قناة بنما والجهود المبذولة للحفاظ على ما تبقى منها جعل بحيرة غاتون أكثر ملوحة"، بحسب التصريحات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ممرات العبور من قناة بنما
ممرات العبور من قناة بنما - الصورة من marine link

في الإطار نفسه، قال مدير برنامج المراقبة الفيزيائية بمعهد سميثسونيان للأبحاث، ستيف باتون، إن الملوحة ببحيرة غاتون بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2020، عندما بدأ المعهد جمع البيانات، وما تزال درجات الملوحة في ازدياد.

وقال كبير علماء المياه في هيئة قناة بنما، إريك كوردوبا، خلال مقابلة أجريت معه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن العثور على مصادر جديدة للمياه العذبة سيكون أمرًا بالغ الأهمية، لضمان قدرة بنما على تلبية الطلب المتزايد من السكان وشركات الشحن والصناعة المحلية.

وأضاف أن القناة تتطلع أيضًا إلى الاستثمار في المزيد من تجميع مياه الأمطار، للمساعدة في تقليل ملوحة البحيرة.

الضرر يلحق بالحياة البحرية

يشمل الضرر -المتعلق بإعادة تدوير المياه في القناة للحفاظ على منسوب المياه مرتفعًا- الحياة البحرية، إذ تتسبب هذه العملية في دفع الأنواع البحرية إلى البدء في السفر بين المحيطيْن الهادئ والأطلسي، وتعطيل البيئات الساحلية، وتدمير المخزونات السمكية التي تعتمد عليها المجتمعات على طول المحيط الهادئ والبحر الكاريبي لأغراض التغذية والسياحة.

ويُشتبه أن أسماك الأسد هربت من الأحواض المائية على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة في أثناء الفيضانات والعواصف، وتهدد الآن تجمعات الأسماك المحلية في خليج المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي.

ومن الممكن أن يؤدي إنشاء ممر جديد للمياه المالحة إلى إحداث دمار مماثل على جانبي بنما، وتشير التقديرات إلى أنه بدأت تظهر بالفعل علامات لهذا التحول، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق