تحولات بمشهد تجارة الفحم العالمية في الذكرى الثانية لغزو أوكرانيا
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- الطلب على الفحم يستمر في كسر الأرقام القياسية خلال 2023
- روسيا تحافظ على المركز الثالث بقائمة أكبر المصدّرين للفحم عالميًا
- زيادة الطلب على صادرات الفحم الأميركية في أوروبا وآسيا خلال 2023
- 4 دول تستحوذ على 80% من صادرات الفحم الروسي منذ العقوبات الغربية
- الصين استحوذت على 52% من صادرات الفحم الروسية في 2023
شهدت تجارة الفحم العالمية تحولات ملحوظة في عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، مع استمرار الحظر الغربي لصادرات موسكو وتغير خريطة أكبر المصدرين والمستوردين.
وكسر الطلب على الفحم عالميًا جميع الأرقام القياسية المسجلة في القطاع خلال عام 2023، مع صعود بنسبة 1.4% إلى 8.53 مليار طن لأول مرة في تاريخه، متجاوزًا الرقم القياسي البالغ 8.41 مليار طن عام 2022، والرقم القياسي الأسبق في عام 2013، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
كما سجل الإنتاج العالمي للفحم مستوى قياسيًا جديدًا، بعد وصوله إلى 8.74 مليار طن، بزيادة 1.8% عن الرقم القياسي السابق المسجل عام 2022، والبالغ 8.58 مليار طن، ما أنعش تجارة الفحم العالمية في 2023.
الفحم الروسي يحافظ على المرتبة الثالثة عالميًا
انتعشت تجارة الفحم العالمية في عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، مع ارتفاع صادراته بنسبة 6.6% إلى 1.46 مليار طن عام 2023، مقارنة بنحو 1.37 مليار طن عام 2022، مدفوعة بزيادة الواردات في الصين والهند وجنوب شرق آسيا.
وحلّت إندونيسيا في المركز الأول بقائمة أكبر مصدري الفحم عالميًا خلال 2023، مع ارتفاع صادراتها إلى مستوى قياسي جديد بلغ 500 مليون طن عام 2023، مقابل 471 مليون طن عام 2022.
بينما جاءت أستراليا في المركز الثاني، بحجم صادرات بلغ 348 مليون طن عام 2023، مقابل 344 مليون طن عام 2022، أمّا روسيا، فقد ظلت محتفظة بالمركز الثالث دون تغيير عن عام 2022، مع انخفاض طفيف في صادرات بنسبة 1.2%، لتسجل 221 مليون طن عام 2023، مقارنة بنحو 224 مليونًا في عام 2022.
يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة أكبر 5 مصدّرين للفحم في عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، مع احتفاظ روسيا بالمركز الثالث:
في المقابل، ارتفعت صادرات الولايات المتحدة في المركز الرابع بنسبة 9.1% إلى 84 مليون طن في عام 2023، مقارنة بنحو 77 مليون طن في عام 2022، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من وكالة الطاقة الدولية .
زيادة صادرات الفحم الأميركي إلى أوروبا وآسيا
استفادت صادرات الفحم الأميركية من تحولات تجارة الفحم العالمية في عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا (2023)، مع استمرار الحظر الأوروبي المفروض على صادرات الفحم الروسي منذ أغسطس/آب 2022، وزيادة الطلب في أوروبا وآسيا.
وتُصدّر الولايات المتحدة عدّة أنواع من الفحم، أبرزها الفحم الحراري ذو الجودة العالية والقيمة الحرارية المعادلة للفحم الروسي، كما تصدّر الفحم المعدني (فحم الكوك)،الذي يُستعمل في أفران الصهر العالي لإنتاج الحديد والصلب.
وارتفعت صادرات الولايات المتحدة من الفحم الحراري بنسبة 26.4% إلى 44 مليون طن في عام 2023، كما زادت صادراتها من فحم الكوك بنسبة 10.5% إلى 46.5 مليون طن خلال العام نفسه.
وبصورة عامة، ارتفعت صادرات الفحم الأميركية من النوعين (الحراري والمعدني) بنسبة 17.7% إلى 90.5 مليون طن متري في عام 2023، بحسب أحدث بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأميركي.
ومن حيث القيمة، ارتفعت عائدات صادرات الفحم الحراري الأميركية إلى 5 مليارات دولار في عام 2023، لتسجّل ثاني أعلى قيمة منذ عام 2017، بعد أن سجلت 5.7 مليار دولار في عام 2022، بحسب بيانات شركة كبلر المتخصصة في تتبع السفن والناقلات.
وكانت الهند أكبر مستورد لصادرات الفحم الحراري الأميركي خلال عام 2023، مع استحواذها على 11.8 مليون طن متري، أو ما يعادل 36.3% من إجمالي الصادرات الأميركية، بزيادة 130% عن عام 2022.
وحلّت هولندا في المركز الثاني، مع استحواذها على 13.4% من إجمالي صادرات الفحم الحراري الأميركية في عام 2023، لكن حجم وارداتها تراجع بنسبة 19% إلى 4.7 مليون طن.
في المقابل، استحوذت مصر -في المركز الثالث- على 8.5% من إجمالي صادرات الفحم الحراري الأميركية خلال عام 2023، يليها المغرب بنسبة 6.7%، ثم اليابان بنسبة 6%، ثم الصين في المركز السادس بنسبة 4.6%، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة في عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.
يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر مستوردي الفحم الحراري من الولايات المتحدة خلال عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا (2023):
ومن جهة أخرى، تشهد صادرات الفحم الحراري الأميركية إلى أوروبا زيادة كبيرة منذ الحظر الأوروبي للفحم الروسي، إذ بلغت الصادرات الأميركية إلى القارة قرابة 13.06 مليون طن متري، خلال الـ12 شهرًا الممتدة من أغسطس/آب 2022 إلى يوليو/تموز 2023، بزيادة 51% عن المدة نفسها قبل العقوبات.
كما ارتفعت صادرات الفحم المعدني الأميركي إلى أوروبا بنسبة 6%، لتصل إلى 16.87 مليون طن متري، خلال الـ12 شهرًا الممتدة منذ بدء العقوبات الغربية في أغسطس/آب 2022 إلى يوليو/تموز 2023، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا
قرر الاتحاد الأوروبي، في أبريل/نيسان 2022، أي بعد غزو أوكرانيا بشهرين، فرض عقوبات على صادرات الفحم الروسي مع إعطاء مهلة لأصحاب العقود الموقعة سابقًا لإنجاز مشترياتهم حتى أغسطس/آب 2022.
وتوقفت مشتريات الفحم الروسي من قبل المستوردين الأوروبيين بصورة شبه كاملة مع دخول الحظر حيز التنفيذ أوائل أغسطس/آب 2022، ما أسهم في إحداث تحولات واسعة بتجارة الفحم العالمية وخريطة أكبر المصدّرين والمستوردين مع استمرار هذه التحولات خلال عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
واستوردت أوروبا قرابة 76.7 مليون طن متري من الفحم الروسي في عام 2021، أي قبل الحرب الأوكرانية، وهو ما كان يمثّل ثلث إجمالي صادرات روسيا من الفحم.
ووجد الفحم الأميركي فرصة واسعة لزيادة وجوده في الأسواق الأوروبية لتعويض إمدادات الفحم الروسي المحظورة حتى عام الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، كما وجدت دول أخرى مصدّرة فرصتها، مثل جنوب أفريقيا وكولومبيا.
على الجانب الآخر، نجحت صادرات الفحم الروسية في إيجاد أسواق بديلة في آسيا وأوروبا لا تعبأ بالعقوبات الغربية، مع تقديم بعض التخفيضات السعرية المشجعة على شرائه.
وارتفعت صادرات الفحم الروسية بنسبة 1% إلى 213 مليون طن خلال عام 2023، وكانت الصين المستورد الأكبر بنحو 52%، تليها الهند بنسبة 43%، بينما زادت الصادرات إلى دول مجموعة البريكس إلى 46%، بحسب بيانات صادرة عن وزارة الطاقة الروسية منتصف يناير/كانون الثاني 2024.
4 دول تستحوذ على 80% من الفحم الروسي
استحوذت 4 دول فقط -هي الصين وكوريا الجنوبية والهند وتركيا- على 80% من صادرات الفحم الروسي منذ الحظر الأوروبي في أغسطس/آب 2022 إلى يوليو/تموز 2023، مقارنة بنحو 47% خلال المدة نفسها من 2021-2022، بحسب تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية في 22 يناير/كانون الثاني 2024.
على الجانب الآخر، انخفضت صادرات الفحم الروسي إلى أوروبا بنسبة 57% خلال المدة نفسها، بينما توقفت صادراتها إلى منطقة أوراسيا التي تضم أوكرانيا بصورة شبه كاملة منذ الحرب.
ورغم انخفاض صادرات الفحم الروسية إلى جميع المناطق في العالم باستثناء آسيا، فإنها ظلّت محتفظة بحصّتها العالمية في إجمالي الصادرات، ما يشير إلى ضعف تأثير العقوبات فيها.
وقفزت واردات الصين من الفحم الروسي بنسبة 73% إلى 94.3 مليون طن متري خلال المدة من أغسطس/آب 2022 إلى يوليو/تموز 2023، مقارنة بحجم وارداتها خلال الـ12 شهرًا السابقة.
كما قفزت واردات كوريا الجنوبية بنسبة 44% خلال المدة نفسها، لتسجل 30.8 مليون طن متري، كما صعدت واردات تركيا بنسبة 120% إلى 27.2 مليون طن متري، بينما زادت واردات الهند بنسبة 159% إلى 26.3 مليون طن متري خلال المدة نفسها، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وكانت ألمانيا ثالث أكبر مستورد للفحم الروسي قبل الحرب، بينما كانت اليابان الرابع، لكن واردات البلدين توقفت بعد فرض العقوبات الغربية على الفحم الروسي في أغسطس/آب 2022.
وأظهرت بيانات لاحقة عن تجارة الفحم العالمية أن المستوردين الـ4 (الصين وكوريا الجنوبية وتركيا والهند) ما زالوا يستحوذون على أكثر من 80% من صادرات الفحم الروسي الشهرية بعد أغسطس/آب 2023.
وتشير أحدث بيانات صادرة عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف إلى أن الصين استحوذت على 29% من صادرات الفحم الروسية خلال الـ13 شهرًا الممتدة منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، تاريخ بدء الحظر الأوروبي على النفط الروسي، حتى يناير/كانون الثاني 2024.
بينما استحوذت الهند على 20% من صادرات الفحم الروسي خلال هذه المدة، يليها كوريا الجنوبية بنسبة 13%، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير المركز الصادر في فبراير/شباط 2024.
موضوعات متعلقة..
- سوق الفحم في 2023.. أسعار هادئة وأرقام قياسية للطلب والإنتاج
- العقوبات الأوروبية على الفحم الروسي.. نعمة لآسيا وتركيا (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية ترسم توقعات مستقبل تجارة الفحم العالمية بحلول 2030 و2050
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. هل التزمت دول تحالف أوبك+ بالتخفيضات الطوعية في يناير؟
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا.. أنظار أوروبا تتجه لـ4 دول (تقرير)
- مصنعو الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي يواجهون أزمة وجودية بسبب الصين (تقرير)
- تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر بنظام "تقسيم المياه".. تقنية واعدة (تقرير)