تقارير النفطرئيسيةنفط

أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تتلقى أول شحنة أميركية

أسماء السعداوي

كشفت بيانات تتبع السفن موعد وصول أول شحنة نفط أميركي إلى أكبر مصفاة نفط في أفريقيا، بعد بدء الإنتاج في 13 يناير/كانون الثاني الماضي.

ووفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، يصل حجم الشحنة إلى مليوني برميل من خام غرب تكساس الوسيط، وهي أول شحنة تستوردها مصفاة دانغوتي من الخارج، منذ بدء استقبال شحنات النفط الخام في مطلع ديسمبر/كانون الأول المنصرم.

ويُعول على مصفاة دانغوتي ذات الطاقة الإنتاجية البالغة 650 ألف برميل يوميًا، لإنقاذ نيجيريا من براثن الاعتماد شبه الكامل على وارداتها من البنزين التي تستنزف خزينة الدولة رغم أنها صاحبة أكبر احتياطي نفطي في القارة السمراء.

وتقع المصفاة، التي أُقيمت باستثمارات تُقدر بـ20 مليار دولار، داخل منطقة ليكي الصناعية الحرة، وهي تابعة لشركة دانغوتي إندستريز ليمتد (Dangote Industries Limited)، ويملكها أغنى رجل في أفريقيا أليكو دانغوتي.

ويثير بدء الاستيراد من الخارج مخاوف إزاء تلاشي الميزات النسبية للنفط المحلي، وتراجع الطلب ومن ثم الإيرادات، وهو ما يضيف عبئًا جديدًا إلى معاناة القطاع من سرقة النفط وخروج الشركات العالمية.

أول شحنة نفط أميركي تصل إلى دانغوتي

كان من المتوقع أن تصل شحنة النفط الأميركي التي ستوفرها شركة تجارة السلع العالمية ترافيغورا (Trafigura)، إلى مدينة لاغوس النيجيرية في نهاية فبراير/شباط الجاري، حسبما قال مسؤولون في السوق خلال الشهر الماضي.

لكن من المقرر أن تصل شحنة النفط الأميركية إلى نيجيريا في اليوم الثاني من شهر مارس/آذار المقبل، على متن السفينة "غيم 1" (Gem No.1) من فئة ناقلات النفط الكبيرة جدًا.

ووفق بيانات شركة تحليل بيانات النفط كبلر (Kpler)، جرى تحميل شحنتيْن بحجم 700 ألف برميل يومي 6 و7 فبراير/شباط، وشحنة بحجم 601 ألف برميل يوم 9 فبراير/شباط من سواحل الخليج الأميركي.

الناقلة غيم 1
الناقلة غيم 1 - الصورة من منصة "shipnext"

وتشمل تسليمات شهر فبراير/شباط 4 ملايين برميل من الخام النيجيري التي ستوفرها شركة النفط الوطنية "إن إن بي سي" (NNPC)، بحسب تقرير نشرته وكالة آرغوس ميديا (argusmedia).

وتفصيليًا، ستتلقى مصفاة دانغوتي شحنة من خامات: أمينام الخفيف جدًا، وكوا إبوي الحلو الخفيف، وبوني، ومزيج سي جيه.

وبالإضافة إلى شحنة النفط الأميركية، ستشمل تسليمات الخام في مارس/آذار 4 ملايين من الخام النيجيري، منها شحنتان بحجم 650 ألف برميل لكل منهما من مزيج سي جيه.

واردات أكبر مصفاة نفط في أفريقيا

يتزامن قرب وصول أول شحنة نفط أميركي إلى مصفاة دانغوتي، مع إطلاق تحذيرات من تأثير الواردات في تحجيم قدرة الإنتاج المحلي وإضعاف ميزاته النسبية.

وفي افتتاحيتها لليوم 13 فبراير/شباط 2024، دعت صحيفة بانش النيجيرية (punchng) إلى التراجع عن استيراد النفط الأميركي الذي يحظى بتنافسية عالية في السوق العالمية حاليًا.

وإلى الآن، استقبلت مصفاة دانغوتي 6 ملايين برميل من النفط الخام قدمتها شركة "إن إن بي سي" وشركات النفط الدولية الأخرى العاملة في البلاد، ولذلك ترى الصحيفة أن وصول الشحنة الأميركية بمثابة نهاية للأنباء السارة.

ويحمل استيراد النفط الأميركي لتغذية أكبر مصفاة نفط في أفريقيا عواقب عديدة على سوق النفط بالداخل، لأنه قد يقلل الطلب على النفط المحلي، ما سيؤدي إلى تراجع المبيعات والإيرادات لكل من شركات الإنتاج والحكومة.

كما سيؤثر دخول النفط المستورد في ديناميكيات التسعير، وسيثير تساؤلات بشأن أمن الطاقة واعتماد نيجيريا على الواردات.

ورغم أن تنويع مصادر التوريد قد يخفف المخاطر الناتجة عن مشكلات الإنتاج المحلي، فإنه يجعل البلاد عُرضة لديناميكيات السوق العالمية والعوامل الجيوسياسية التي تؤثر في كل من الأسعار والإتاحة.

أزمة النفط في نيجيريا

اعترفت صحيفة بانش بأن صناعة النفط في نيجيريا تعمها الفوضى والبدائية، ولذلك جاء قرار اللجوء إلى استيراد النفط الخام من الخارج رغم أن نيجيريا هي أكبر منتج للنفط في أفريقيا.

ولذلك، دعت رئيس البلاد بولا تينوبو، الذي يتولى وزارة الموارد النفطية -أيضًا- إلى التدخل سريعًا، وتوفير حلول تضمن استدامة إمدادات النفط إلى المصافي المحلية ومنها دانغوتي.

ورغم وفرة النفط، لم يستفد النيجيريون منه، كما لم تبلغ البلاد حصتها من منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، البالغة 1.78 مليون برميل يوميًا.

كما تستورد المشتقات النفطية الباهظة، لأن المصافي الأربع التي تملكها الحكومة بقدرة تكرير 445 ألف برميل يوميًا "في حالة غيبوبة".

ويقول حكام الولايات، إن شركة النفط النيجيرية "إن إن بي سي" لم تحول كوبو واحدًا إلى حساب الدولة في عام 2022.

(النايرا النيجيرية = 100 كوبو)

أحد مواقع سرقة النفط في نيجيريا
أحد مواقع سرقة النفط في نيجيريا - الصورة من "ndlink"

وبناء على كل ذلك، تقف نيجيريا عاجزة عن تلبية احتياجاتها المحلية ليس من النفط الخام فحسب، وإنما من الغاز الطبيعي أيضًا، إذ تبلغ احتياطيات نيجيريا من الغاز 206.5 تريليونًا، وهو ما يضعها بين أكبر 5 بلدان من حيث الاحتياطيات.

وتؤدي سرقة النفط التي تُقدر بنحو 400 ألف برميل يوميًا، إلى تقليص الإنتاج، ويقول الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية، ميلي كياري، إن تكلفة إنتاج برميل واحد من النفط النيجيري هي الأعلى في العالم، بسبب انعدام الأمن وفرض ضرائب متعددة ومشكلات أخرى، وهو ما دفع شركات نفط عالمية كبرى إلى بيع حصصها.

وعلى العكس من شركات النفط التي تحقق أرباحًا هائلة، أصبحت أسعار المشتقات النفطية باهظة بالنسبة إلى المواطنين، بعدما قرر الرئيس إلغاء دعم الوقود وتعويم النايرا في 2023.

ولذلك، فاستمرار سرقة النفط وعجز شركة النفط عن وقفها وضمان سلامة خطوط الأنابيب يشوه سمعة نيجيريا بوصفها موردًا موثوقًا، ويقوّض ثقة المستثمرين بقطاع النفط والغاز، وسيحول دون إقامة تعاون واستثمارات طويلة الأمد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق