أولى مزارع الرياح البحرية بالساحل الغربي الأميركي تواجه خطر الهنود الحمر
أسماء السعداوي
يخطط مطورون لإقامة أولى مزارع الرياح البحرية على الساحل الغربي الأميركي بغرض تحقيق أهداف توليد الكهرباء النظيفة وخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2045.
ووفق البيانات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، تخطط ولاية كاليفورنيا لإنتاج 25 غيغاواط من الكهرباء بحلول عام 2045، كما تطمح واشنطن إلى نشر 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول 2030؛ ما يكفي لإنارة أكثر من 10 ملايين منزل.
لكن في المسافة بين ولايتي سان فرانسيسكو ولوس أنغلوس، يوجد خليج مورو الغني بمنظومة بيئية متنوعة من الأسماك وثعالب الماء والحيتان المهاجرة التي ترغب قبيلة تشوماش أحد شعوب الهنود الحمر في إقامة محمية طبيعية لحماية ذلك التنوع البيولوجي النادر.
توجد تلك المحمية المرتقبة على بُعد 20 ميلًا أو 32 كيلومترًا من مزارع الرياح البحرية المُخطط لها باستعمال توربينات بطول ألف و100 قدم أو 335 مترًا.
أثار ذلك آراءً متباينة بين السلطات، فقد وافقت إحدى الوكالات الفيدرالية على إنشاء المحمية، في حين منحت وكالة ثانية عقود تأجير 376 ميلًا من مياه المحيط لتطوير مزارع الرياح البحرية خارج حدود المحمية تمامًا.
يأتي ذلك في وقت تواجه فيه الصناعة مشكلات اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع معدلات التضخم؛ ما أدى إلى فشل مشروعات وإلغاء عقود بشرق البلاد، مع ارتفاع تكلفة توليد الكهرباء بنحو 50% بين عامي 2021 و2023.
أزمة صناعة الرياح البحرية
يسلط الخلاف بشأن أولى مزارع الرياح البحرية على الساحل الغربي الضوء على الصدام بين هدفي الحفاظ على البيئة والتحول إلى الطاقة المتجددة اللذين دعمهما الرئيس جو بايدن منذ وصوله إلى السلطة في 2020.
ومن ناحية، يقول مسؤولون إن كاليفورنيا بحاجة لمزارع الرياح البحرية لتحقيق أهدافها المناخية، وإن مساحات شاسعة من الساحل مُصانة بالفعل بسلسلة من المحميات التي أقامتها السلطات بالمحيط، لكن محمية قبيلة تشوماش المقترحة ستوسع نطاق تلك المحميات لمسافة 134 ميلًا إضافية، وهو ما يمنع تطوير مشروعات رياح بحرية من سانتا باربارا إلى شمال سان فرانسيسكو.
تعليقًا على ذلك، يقول رئيس الجمعية الوطنية لصناعات المحيط إيريك ميليتو، إن كاليفورنيا والساحل الغربي الأميركي قد يصبحان رائدين في مزارعة الرياح العائمة لكن ذلك غير ممكن إذا وضعت الحكومة العقبات بالطريق في صورة محميات طبيعية ضخمة.
على الجانب الآخر، يعارض داعمو مقترح إنشاء المحمية مبدأ التنمية أولًا في التعامل مع المحيط، ويقولون إن ترك مساحة لمرور كابلات مزارع الرياح البحرية بالمحمية سيفتح الباب أمام التنقيب عن النفط والتعدين في قاع البحر فيما بعد.
وعن ذلك، تقول رئيسة مجلس قبيلة تشوماش الشمالية فيوليت سيغ ووكر: "إذا سُمح لمطوري الطاقة المتجددة بمخالفة القوانين كما تفعل شركات الوقود الأحفوري، فما الفائدة حينئذٍ؟ ثمة الكثير هنا في خطر. خليج مورو مكان مقدس وتاريخه من التدهور البيئي يمتد لأجيال، ولا نريد رؤية هذا الإرث من عدم الاحترام يستمر".
حل مرفوض
لسنوات طويلة، سعى مجلس قبيلة تشوماش إلى الحفاظ على المنطقة ذات المناظر الخلابة والحيوانات النادرة، ولذلك ظهر مقترح إقامة محمية طبيعية تغطي مساحة كبيرة من الساحل وتتضمن خليج مورو حيث موقع احتفالات القبيلة، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
ومن جانبها، اقترحت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في العام الماضي (2023) حل النزاع بين الجانبين عبر نقل الحد الشمالي للمحمية إلى جنوب خليج مورو لإفساح المجال لمد وصلات نقل الكهرباء تحت سطح الماء.
لكن المقترح أثار غضب المؤيدين لإقامة المحمية، وتقول رئيسة مجلس قبيلة تشوماش الشمالية فيوليت سيغ ووكر، إن الثغرات في الحماية تجعل الكل معرضًا للخطر، وستترك مجتمعاتنا دون حماية أو صوت.
وعلى الناحية الأخرى أيضًا، لم يمكن ذلك ما أراده مطورو مزارع الرياح البحرية الجديدة؛ لأن الشركات كانت ترغب في مد وصلات الكهرباء إلى الشاطئ من خليج مورو حيث توربينات الرياح ومن محطة ديابلو كانيون النووية.
وتدرس إدارة المحيطات والغلاف الجوي السماح بمرور وصلات الكهرباء داخل المحمية، لكن ممثلي الصناعة يقولون إنه اقتراح غير قابل للتطبيق ويشكل خطرًا على استثماراتهم، بسبب الحاجة لتجديد التراخيص كل 5 سنوات.
وسيعرقل المقترح التنمية على طول الساحل الأوسط لكاليفورنيا، كما أن سرعة الرياح في الساحل الجنوبي منخفضة للغاية، وهو ما سيعوق عمل التوربينات.
يعني أن ذلك أن منطقة سواحل شمال كاليفورنيا هي المتبقية ولكنها تفتقر إلى خطوط نقل الكهرباء التي تحتاج إليها مزارع الرياح لتوصيل إنتاجها إلى الشاطئ.
ويرى هوتشيلد من لجنة الطاقة بالولاية أن المنطقة مثالية رغم افتقارها للبنية الأساسية؛ لأن الساحل الشمالي يحمل إمكانات موارد ضخمة؛ إذ لا يتضمن الكثير من المحميات،
وتضمّن تقرير حكومي صدر في يناير/كانون الثاني المنصرم 6 مناطق إضافية يمكنها تحقيق أهداف مزارع الرياح البحرية في كاليفورنيا؛ 5 في الساحل الشمالي وواحدة قرب عقود الإيجار الممنوحة بالقرب من خليج مورو.
لكن التقرير حذر من أن نصف تلك المناطق غير مناسب لتطوير مشروعات الرياح البحرية بسبب النزاعات حول الموارد البحرية واستعمالات أخرى للمساحات البحرية.
ومن جانبهم، أبدى بعض أعضاء قبيلة تشوماش الرغبة في القبول بفكرة مد خطوط نقل الكهرباء المعدلة شريطة إقامة المحمية التي طال انتظارهم لها، خوفًا من ضياع ذلك الحلم إذا عاد دونالد ترمب إلى الرئاسة.
يقول مسؤول الشؤون الحكومية في فرقة سانتا ينيز لهنود التشوماش سام كوهين: "نحتاج إلى وضع حدود محمية تشوماش البحرية الوطنية للتراث حتى لو كان ذلك يعني خفض الحدود الشمالية، يمكننا استعمال آليات أخرى لحماية المواقع المقدسة والموارد البحرية القريبة من الشاطئ".
موضوعات متعلقة..
- استثمارات الرياح البحرية قد تشهد مستقبلًا ضبابيًا.. ما موقف أوروبا وأميركا؟
- صناعة الرياح البحرية الأوروبية.. كيف تكسر قيود سلاسل الإمدادات؟
- استثمارات طاقة الرياح البحرية في أوروبا تحقق رقمًا قياسيًا جديدًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- 7 دول تخالف حصص تخفيضات أوبك+.. ورقم قياسي لـ6 أشهر (مسح)
- استقرار عدد حفارات النفط الأميركية للأسبوع الثاني على التوالي
- إشارات إلى اكتشاف نحاس في الأردن