التقاريرتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةمنوعات

تطورات خطة روسيا للاستغناء عن قناة السويس

أحمد بدر

تقود روسيا اتجاهًا متعمدًا لتحويل حركة التجارة عبر طريق بديل لقناة السويس المصرية، وهو ما يتجلّى في تصريحات كبار المسؤولين الروس، الذي يتحدّثون عن طريق بحر الشمال الجديد.

واستجابة لهذا التوجه، أعلنت غازبروم نفط الروسية، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، أن العام الجاري (2024) سيشهد استمرار تحرك الناقلات عبر طريق بحر الشمال؛ إذ تخطط الشركة لمواصلة إمدادات النفط في هذا الطريق، واختبار مدى فاعليته.

ويتماشى هذا الاتجاه مع تصريحات سابقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتقد خلالها قناة السويس المصرية، معتبرًا أن الطريق البديل عبر بحر الشمال أصبح أكثر كفاءة منها، في إشارة إلى أن بلاده تقدم خطًا مختلفًا لدول أوروبا.

طريق بديل لقناة السويس

قال رئيس شركة غازبروم نفط الروسية ألكسندر ديوكوف، إن شركته تعتزم مواصلة إمدادات النفط عبر طريق بحر الشمال هذا العام، والذي من شأنه أن يحقق كفاءة اقتصادية؛ إذ إن هذا الاتجاه، بوصفه طريقًا بديلًا لقناة السويس المصرية، يختصر وقت التسليم، ويخفض تكاليف النقل.

ولفت ديوكوف إلى أن شركته -المملوكة للحكومة- تخطط لمواصلة الشحنات على طول طريق بحر الشمال خلال العام الجاري (2024)، وفق التصريحات التي نشرتها وكالة ريا نوفوستي (Ria Novosty)، واطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

رئيس شركة غازبروم نفط الروسية ألكسندر ديوكوف
رئيس شركة غازبروم نفط الروسية ألكسندر ديوكوف - الصورة من رويترز

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد صرح في ديسمبر/كانون الأول 2023، بأن طريق بحر الشمال أصبح اليوم أكثر كفاءة من قناة السويس، مضيفًا أن بلاده هي الوحيدة التي تملك كاسحات الجليد النووية.

وأشار بوتين إلى مشروع تطوير طريق بحر الشمال الفيدرالي، الذي تقوده بلاده، والذي يتضمّن إنشاء بنية تحتية تكفل زيادة حركة الشحن إلى 80 مليون طن خلال العام الجاري، وزيادتها إلى 110 ملايين طن بحلول عام 2030.

النفط الروسي إلى آسيا

مع تزايد الأزمات التي تواجهها قناة السويس، في أعقاب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر قرب مضيق باب المندب على السفن المتجهة من وإلى إسرائيل، وكذلك استقرار الأسطولين الأميركي والبريطاني هناك لرد هذه الهجمات، باتت الشركات الروسية أكثر استعمالًا لطريق بحر الشمال.

وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، أن شركات النفط في بلاده تستغل طريق بحر الشمال بشكل متزايد، وذلك بهدف توصيل شحنات النفط الروسي إلى قارة آسيا، وتحديدًا دول جنوب شرق آسيا والصين.

نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك
نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك

ولفت المسؤول الروسي إلى أن هذا الطريق أصبح بالغ الأهمية لنقل البضائع من مشروعات الطاقة في القطب الشمالي؛ إذ إن بلاده تعمل على تسخير إمكانات ممرات النقل لزيادة حركة مواردها الطاقوية، لتسهل ملاحة سفن البضائع عبر الطريق خلال 2024، بهدف تحويله إلى طريق بديل لقناة السويس.

وكانت روسيا قد أعلنت نجاح تجربة طريق بديل لقناة السويس؛ إذ تمكّنت من تسليم أول شحنة غاز مسال من خلال بحر الشمال، وذلك في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي (2023)، وفق البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

واستطاعت شركة غازبروم (Gasprom) الروسية العملاقة، تسليم أول شحنة من الغاز المسال عبر طريق بحر الشمال في القطب الشمالي إلى الصين، في رحلة استغرقت نحو شهر بعد انطلاقها من محطة بورتوفايا للغاز المسال، على شواطئ بحر البلطيق، بدأت في 14 أغسطس/آب 2023.

وكشفت بيانات الناقلة "فيليكي نوفغورود" عن أنها حُمّلت بالغاز المسال من مصنع "بورتوفايا" للغاز الطبيعي المسال على بحر البلطيق في منتصف أغسطس/آب، ووصلت عبر طريق بديل لقناة السويس إلى الصين، لترسو قرب محطة تانغشان كاوفيديان في مقاطعة هوبي.

طريق بحر الشمال الجديد

يُعَد طريق بحر الشمال الجديد، أقصر طريق بديل لقناة السويس في العالم؛ ما ينذر بسحب حركة الشحن من القناة المصرية، التي تعد أكبر الممرات المائية الحيوية لحركة التجارة الدولية منذ عقود، ولكنه مكلف بدرجة أكبر.

كما يعد الطريق، خطوة نحو تحقيق مخططات روسيا لبناء أقصر طريق ملاحي يربط أوروبا مع منطقة آسيا والمحيط الهادئ، المعروف بمشروع طريق بحر الشمال "إن إس آر" (NSR)، والذي يهدف إلى اختصار المسافة بنسبة 50% مقارنة بممرات الشحن الدولية الحالية.

يبلغ طول الطريق نحو 5 آلاف و600 كيلومتر مربع، ويمر عبر 4 بحار متفرعة من المحيط المتجمد في الشمال؛ إذ يبدأ مساره عند الحدود الروسية النرويجية عن مضيق "كارا" بين بحر بارنتس وبحر كارا، وينتهي عند مضيق بيرنغ، الذي يصل ولاية ألاسكا الأميركية بقارة آسيا، ويربط المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ.

جانب من طريق بحر الشمال الروسي
جانب من طريق بحر الشمال الروسي - الصورة من ذا موسكو تايمز

وفي سبيل التوصل إلى طريق بديل لقناة السويس، ضخت روسيا استثمارات كثيفة لتهيئة البنية التحتية لطريق بحر الشمال، ولا سيما أنه يواجه تحديات كبيرة، أبرزها كثافة الجليد خلال فصل الشتاء؛ الأمر الذي يعوق حركة السفن ويعرّضها لخطر الاصطدام بالجبال الجليدية.

إلا أن التراجع الحالي في حجم الغطاء الجليدي، بسبب الاحتباس الحراري، يمثل فرصة لدول القطب الشمالي لدراسة استغلال بحر الشمال وتحويله إلى طريق بديل لقناة السويس تجاريًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا السبيل، تعهّدت موسكو بإنفاق 2 تريليون روبل (24 مليار دولار) ضمن مجهوداتها لتطوير طريق بحر الشمال على مدى السنوات الـ13 المقبلة، وفقًا لتقرير نشره موقع بزنس ستاندرد (business-standard).

يشار إلى أن طريق بحر الشمال يعمل منذ 5 سنوات، إذ زادت حركة الشحن من خلاله بنسبة 73% خلال المدة بين عامي 2018 و2022، وأصبح يمثّل ممرًا إستراتيجيًا للهند بسبب موقعها الجغرافي؛ الأمر الذي يعلل استمرار المحاولات الروسية لإقناع نيودلهي بتكثيف حركة تجارتها عبر هذا الطريق، واستعماله طريقًا بديلًا لقناة السويس، وقناة بنما.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق