تقارير الغازالتقاريررئيسيةغاز

خبراء: صادرات الغاز المسال الأميركي المعلقة تمثل خطورة.. وقطر قد تقلب الأسواق

أسماء السعداوي

بينما رحّب المدافعون عن البيئة بشدة بقرار إدارة الرئيس جو بايدن بتعليق إصدار تراخيص صادرات الغاز المسال الأميركي من المشروعات الجديدة، رأى محللون أن الأمر له جوانب أخرى وخيمة.

فقد أجّج الإعلان، الذي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيله، المخاوف داخل أسواق الطاقة من تأثير القرار في الأسعار وشح الإمدادات، وكذلك في مكانة الولايات المتحدة التي أصبحت أكبر مصدّر للغاز المسال عالميًا في عام 2023، متجاوزة قطر وأستراليا.

وعلى نحو خاص، أحيا القرار مخاوف بشأن حدوث أزمة طاقة جديدة في أوروبا، التي تعدّ الغاز وقودًا انتقاليًا خلال مسيرة التخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري، وصولًا إلى تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ويتربع الغاز المسال الأميركي على عرش كبار المصدّرين إلى أوروبا، التي استبدلت الولايات المتحدة بروسيا المزود الرئيس للقارة قبل اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.

تغير المناخ

بموجب القرار، ستؤجل الولايات المتحدة إصدار موافقات بشأن مشروعات تصدير الغاز المسال الجديدة إلى الدول التي لا ترتبط مع واشنطن باتفاقيات تجارة حرة، وهو ما يمنح وزارة الطاقة الأميركية الوقت لتحديث التحليلات الأساسية لتراخيص الصادرات، حسبما يقول البيت الأبيض.

محطة غولدن باس لتصدير الغاز المسال الأميركي
محطة غولدن باس لتصدير الغاز المسال الأميركي- الصورة من موقع شركة "شينير إنرجي"

وبعدما ضغطت من أجل القرار، رحّبت جماعات الدفاع عن البيئة بالخطوة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت منظمة سيرا كلوب (Sierra Club) البيئية، إن المشروعات الـ12 التي ستتأثر بالقرار كانت ستطلق انبعاثات مسببة للاحتباس الحراري تعادل انبعاثات 223 محطة فحم سنويًا، كما تحمل مخاطر للمجتمعات القريبة، وستنبعث منها كيماويات ضارة.

بدوره، يقول مستشار المناخ بالبيت الأبيض، علي الزيدي، إنه بالإضافة للتراخيص الصادرة، من المقرر أن تُضاعف المشروعات قيد الإنشاء السعة الحالية، كما أن الموافقات قيد النظر ستضاعف القدرات مرة أخرى.

لذلك، وفق الزيدي، تتخذ الإدارة خطوة إلى الوراء للتفكير، وإلقاء نظرة فاحصة قبل أن تستمر القائمة بالزيادة.

إلّا أن كبير المديرين في شركة تورتواز المعنية بالطاقة (Tortoise)، روب ثوميل، قال، إن صادرات الغاز المسال الأميركي تقلل انبعاثات الكربون العالمية، لأن الغاز الطبيعي يحلّ عادة بدلًا من الفحم بتوليد الكهرباء في دول مثل الصين والهند.

وبحسب ثوميل، تُحسّن صادرات الغاز المسال الأميركية أمن الطاقة العالمي؛ إذ أصبحت المزوّد الرئيس لأوروبا بدلًا من روسيا.

كما انتقد السيناتور من الحزب الديمقراطي ورئيس لجنة الطاقة والثروات الطبيعية بمجلس الشيوخ، جو مانشين، القرار، قائلًا، إنه إذا كان لدى إدارة بايدن أدلة تثبت أن زيادة صادرات الغاز المسال ستضرّ الأميركيين، فعليها الإفصاح عنها.

لكن السيناتور حذّر في الوقت نفسه من أنه إذا كان القرار حيلة سياسية أخرى لاسترضاء نشطاء المناخ، فإنه سيبذل كل ما في وسعه لوقفه فورًا، لا سيما أنه يعتزم عقد جلسة استماع حول القرار خلال الأسابيع المقبلة، بحسب تقرير نشرته منصة "ماركت ووتش" (marketwatch).

آفاق صادرات الغاز المسال الأميركي

قبل 10 سنوات، كانت حصة صادرات الغاز المسال الأميركي من الإجمالي العالمي "ضئيلة"؛ لأنها بدأت التصدير في عام 2016.

وأرجعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أسباب صعود الولايات المتحدة على قمة كبار مصدّري الغاز المسال عالميًا، إلى عوامل مثل الزيادات في قدرات التصدير، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والغاز المسال، وصعود الطلب العالمي، وخاصة في أوروبا.

وتعليقًا على القرار، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن إدارة بايدن تدرك دور الغاز المسال في السياسة الخارجية، لكن في الوقت نفسه تحتاج إلى أن تُظهر للديمقراطيين أنها تفعل شيئًا من أجل تغير المناخ.

يُشار هنا إلى أن الديمقراطيين، وخاصة الشباب، ساعدوا بايدن في الفوز بانتخابات 2020، وغضبوا منه بسبب مشروع ويلو المثير للجدل لإنتاج النفط في ألاسكا.

كما أشار الحجي إلى أن قرار تعليق تراخيص صادرات الغاز المسال الأميركي يأتي في توقيت حاسم؛ إذ من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية خلال العام الجاري (2024)، مؤكدًا أن مجرد تأجيل أو وقف مشروع واحد لن يكون بالأمر الجلل، لكنه سيكون مشكلة إذا أصبح توجهًا.

 الدكتور أنس الحجي
أنس الحجي

بدوره، يقول المدير العام لشركة "تي دي كوين" (TD Cowen)، جون ميللر، إن القرار سيؤدي إلى وقف تطوير مشروعات الغاز المسال الأميركي، لأن 90% من الصادرات تتجه إلى دول لا تربطها اتفاقيات تجارة حرة مع واشنطن.

ويقول البيت الأبيض، إن قرار تعليق تراخيص صادرات الغاز المسال الأميركي لن يؤثّر في قدرة الولايات المتحدة على مواصلة إمداد حلفائها بالغاز المسال "على المدى القريب".

أسعار الغاز ومكانة أميركا

لا يتوقع الدكتور أنس الحجي أن يؤثّر قرار تعليق موافقات تصدير الغاز المسال الأميركي -من المشروعات الجديدة- في حجم إمدادات الغاز الطبيعي المحلية، أو في أسعاره.

وفي تقريرها الخاص بتوقعات الطاقة السنوية الصادر في مارس/آذار 2023، قالت إدارة معلومات الطاقة، إن حجم تأثير صادرات الغاز المسال الأميركي في الأسعار والاستهلاك والمعروض محليًا غير مؤكد.

وبحسب الإدارة، تساعد أسعار الغاز المسال ومعدلات إقامة محطات التصدير في تحديد أحجام الصادرات، ويمكن أن يؤدي ارتفاع الصادرات إلى فرض ضغوط صعودية على أسعار الغاز الطبيعي في أميركا، في حين إن تراجعها يمكن أن يضغط لخفض الأسعار.

وفي سياق متصل، يتوقع روب ثوميل من شركة تورتواز أن تحتفظ الولايات المتحدة بكونها أكبر مصدّر للغاز المسال في العالم بنحو 12 مليار قدم مكعبة يوميًا، تليها قطر بالمركز الثاني.

وتسعى قطر إلى زيادة قدرات تصدير الغاز المسال، ومن المتوقع أن تتمكن من تصدير 20 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2028، بحسب تصريحات ثوميل، التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكان ذلك سيُحدث انقلابًا بالسوق العالمية، لولا تقرير للإدارة الأميركية يتوقع أن تتضاعف قدرات تصدير الغاز المسال في أميركا الشمالية من نحو 11.4 مليار قدم مكعبة يوميًا إلى 24.3 مليار قدم مكعبة يوميًا بنهاية عام 2027.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق