جزر الطاقة الخضراء في أوروبا.. مشروع واعد باستثمارات 163 مليار دولار
لطاقة الرياح البحرية
سامر أبو وردة
تَلقَى فكرة جزر الطاقة الخضراء في أوروبا اهتمامًا كبيرًا، بهدف تعزيز أمن الطاقة؛ كونها مصدرًا رخيصًا ومتوافرًا في القارة العجوز، وتُحقّق الأهداف المناخية.
وتتصل مزارع الرياح البحرية في أوروبا، خلال الوقت الحالي، بمنظومة الكهرباء عبر خطوط تحت سطح البحر، لكن في المستقبل القريب، ستُوَصَّل مزارع الرياح البحرية تلك بما يُطلق عليه "جزر الطاقة الاصطناعية"، التي ستؤدي إلى مركزية نقل الكهرباء التي تُنتجها، وفق تقرير لهيئة صناعة الرياح الأوروبية ويند يوروب (wind europe) اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويُخطط الاتحاد الأوروبي لتوليد ما لا يقل عن 300 غيغاواط من مزارع الطاقة الخضراء بحلول عام 2030، أي أكثر من 10 أضعاف المستوى الحالي الذي تنتجه مزارع الرياح البحرية.
جزر طاقة بحرية متعددة الأغراض
تقوم فكرة "جزر الطاقة الخضراء" على تطوير مزارع الرياح البحرية ومنشآت الربط والشبكات الصناعية ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
وتخطط شركة كوبنهاجن لجزر الطاقة لإنشاء ما يُطلَق عليه "جزر الطاقة الخضراء" في بحر الشمال، وهي جزر صناعية تجمع بين طاقة الرياح وإنتاج الهيدروجين، وفق ما أوردته بلومبرغ.
وتتجه كوبنهاجن لجزر الطاقة، بدعم من شركة كوبنهاجن للبنية التحتية -أحد أكبر المستثمرين في العالم بمزارع الرياح البحرية- لاستثمار 150 مليار يورو (163 مليار دولار أميركي)، خلال العقود المقبلة، على سلسلة من جزر الطاقة الخضراء، التي ستستعمل توربينات رياح ضخمة لتوليد الكهرباء وتشغيل إنتاج الهيدروجين الأخضر في البحر.
(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)
وقال الشريك الإداري لشركة كوبنهاجن للبنية التحتية جاكوب بارويل بولسن: "إن الرياح البحرية هي ببساطة أرخص مصدر للطاقة المتجددة في أوروبا والمتوافر على نطاق واسع".
وتابع: "سيزيد المخزون الحالي من طاقة الرياح البحرية بمقدار 10 أضعاف على الأقل. ومن الواضح جدًا أنه إذا أردنا أن يحدث ذلك؛ فعلينا أن نفعل ذلك بطريقة مختلفة عما نفعله حاليًا. وتقدم جزر الطاقة الخضراء عددًا من المزايا المهمة جدًا".
وأشار الشريك الإداري لشركة كوبنهاجن للبنية التحتية، إلى أن جزر الطاقة الخضراء ستنتج الطاقة بشكل أساسي لمحللات الهيدروجين الكهربائية، وسيُرسل الغاز الناتج إلى الأرض عبر أنابيب، وأوضح أن هذا يُعد بديلًا أرخص من إرسال الطاقة إلى الشاطئ عبر خطوط.
وأضاف أن استعمال الطاقة في البحر ثم شحن الهيدروجين في الأنابيب يمكن أن يوفر ما يصل إلى 20% من الاستثمار الأولي لكل مشروع ضخم والذي كان سيتم إنفاقه على خطوط النقل، وأشار إلى أن سلاسل التوريد الحالية غير قادرة على توفير ما يكفي من الكابلات لتكون قادرة على إرسال كل الكهرباء إلى الشاطئ.
وقدّرت شركة كوبنهاجن للبنية التحتية، تكاليف إنشاء جزر الطاقة الخضراء بما لا يقل عن 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لكل جزيرة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مشروعات جزر الطاقة الأوروبية
تبلغ السعة الإجمالية الحالية لمزارع الرياح البحرية في أوروبا 30 غيغاواط، ويستهدف الاتحاد الأوروبي توليد ما لا يقل عن 300 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية في السنوات المقبلة، أي أكثر من 10 أضعاف المستوى الحالي.
وأعلنت بلجيكا والدنمارك، في عام 2021، أنهما ستوصلان شبكات الكهرباء البحرية لديهما ببعضها، عبر جزر الطاقة الاصطناعية الجديدة اللتين ترغبان في بنائها، بخطّ تحت سطح الماء في بحر الشمال.
وهناك مشروعات واعدة في هذا الخصوص قيد التطوير بأوروبا؛ من بينها نورث سي ويند باور هب (مركز طاقة الرياح في بحر الشمال) الذي يستهدف توصيل مزارع رياح بحرية كبيرة في بحر الشمال بالدول المجاورة عبر شبكة مشتركة، إلى جانب "دانيش إنرجي آيلاند" (جزيرة الطاقة الدنماركية) في بحر الشمال -أيضًا- الذي سيعمل مركزًا لتوليد الكهرباء ونقلها من طاقة الرياح البحرية.
ومن المقرر أن تبدأ بلجيكا في بناء جزر الطاقة الخضراء الخاصة بها خلال العام الجاري (2024)، في منطقة الأميرة إليزابيث؛ إذ تُخطط بروكسل لبناء مزرعة رياح بحرية جديدة سعة 3.5 غيغاواط.
وستُنفذ شركة "إليا" البلجيكية أعمال بناء الجزيرة بشكل وحدات خرسانية يمكن توسيعها مستقبلًا، وستتصل مزارع الرياح الجديدة بتلك الجزر، وستكون هناك مجموعة واحدة من الخطوط التي ستربط الجزيرة بالبر الرئيس، وسيبدأ تشغيل البنية التحتية الكهربائية في جزيرة الطاقة خلال المدة بين عامي 2026 و2030.
وسيُقدّم صندوق التعافي والمرونة الأوروبي جزءًا من التمويل المُخصص لجزيرة الطاقة البلجيكية، الذي تصل قيمته إلى قرابة 724 مليار يورو (789 مليار دولار أميركي).
بالإضافة إلى ذلك، من المُقرر أن تعقد الدنمارك مزادًا في العام الجاري (2024)، لاختيار الجهة التي ستبني جزيرتها في بحر الشمال، والتي تُخطط كوبنهاغن لبنائها وتشغيلها بحلول عام (2030).
وتُخطط الدنمارك لتحويل بورنهولم، في بحر البلطيق، إلى جزيرة طاقة بالآلية والجدول الزمني نفسهما، على أن تبني مزرعة رياح بحرية جديدة تتراوح سعتها بين 5 و6 غيغاواط، تصل بين الجزيرتين.
وترغب الدنمارك وهولندا وألمانيا في بناء جزيرة طاقة بمنطقة دوغر بنك -ضفة رملية في منطقة ضحلة ببحر الشمال تبعد نحو 100 كيلومتر عن الساحل الشرقي لبريطانيا- وستدخل الجزيرة حيز التشغيل في أوائل العقد الرابع من القرن الجاري.
وتُخطط الدول الـ3 -أيضًا- لتوصيل مركز طاقة الرياح في بحر الشمال، بكل من المملكة المتحدة وبلجيكا والنرويج، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
تحديات تواجه مشروع جزر الطاقة
لا يزال هناك العديد من التحديات والعقبات التقنية التي تواجه مشروعات جزر الطاقة الخضراء؛ إذ لم يتم حتى الآن إنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع.
كما أن تحديد موقع الآلات بعيدًا عن الشاطئ قد يُؤدي إلى إضافة تعقيدات، مثل كيفية الحصول على المياه العذبة لعملية التحليل الكهربائي.
وفضلًا عن العقبات التقنية، في حال تعرضت البلدان المستفيدة من تلك المشروعات لأعمال عدائية فقد تُصبح جزر الطاقة الخضراء أهدافًا سهلة للهجمات.
موضوعات متعلقة..
- أوروبا تراهن على جزر الطاقة الاصطناعية لتوديع أزمات الكهرباء
- طموحات طاقة الرياح البحرية العالمية تصطدم بصخرة الأسعار (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. تكلفة إنتاج الهيدروجين في 6 دول عربية
- مصافي آسيا تدرس خططًا بديلة لضمان إمدادات النفط.. ما دور أرامكو؟
- تحسين كفاءة الطاقة بالمساجد ذات الأسقف المقببة.. بحث مصري جديد