توترات البحر الأحمر تغير مسار حركة الشحن.. دول أفريقية وخليجية أبرز المستفيدين (تقرير)
دينا قدري
ما زالت توترات البحر الأحمر تؤثر بشكل ملحوظ في حركة الشحن، مع تزايد الاضطرابات في أعقاب الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة بمساعدة عدّة دول أخرى ضد حركة الحوثي في اليمن.
وفي أحدث التطورات، حوّلت إحدى الناقلات المحمّلة بالنفط الكويتي مسارها بعيدًا عن مضيق باب المندب، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما أعلنت قطر توقفها مؤقتًا عن إرسال ناقلات الغاز المسال عبر باب المندب، بعد أن أدت الغارات الجوية إلى إثارة المزيد من المخاطر في هذا الممر المائي المهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أوقفت بعض شركات إنتاج السيارات مصانعها في أوروبا، بسبب نقص المكونات الناجم عن إعادة توجيه الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس.
6 ناقلات نفط تغيّر مسارها
في أعقاب الضربات الجوية، حذّرت القوات البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة والمتمركزة في البحرين، يوم الجمعة (12 يناير/كانون الثاني 2024)، جميع السفن من ضرورة تجنب مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر لعدة أيام.
وتجنّبت 6 ناقلات نفط على الأقل المرور عبر جنوب البحر الأحمر، اليوم الإثنين (15 يناير/كانون الثاني 2024)، ليصل إجمالي عدد السفن التي غيّرت مسارها إلى 15 سفينة على الأقل منذ بدء الضربات، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة رويترز.
قبل الضربات الأميركية والبريطانية على اليمن، كانت معظم سفن الحاويات تتجنّب البحر الأحمر، مع عدم تغير حركة ناقلات النفط إلى حدٍ كبير في ديسمبر/كانون الأول.
ولكن منذ تحذير القوات البحرية المشتركة، يتجنّب عدد متزايد من ناقلات النفط المنطقة، ما يزيد من احتمال انقطاع إمدادات النفط من الشرق إلى الغرب عبر قناة السويس.
يُذكر أن الناقلات حوّلت مسارها أو توقفت مؤقتًا، إما سلكت طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، وإما توقفت في خليج عدن، أو شمال البحر الأحمر، وفق ما أفادت به وكالة رويترز.
ويُمكن أن يضيف اتخاذ الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح، ما يصل إلى 3 أسابيع من وقت الإبحار.
قطر توقف ناقلات الغاز المسال
من جانبها، توقّفت قطر مؤقتًا عن إرسال ناقلات الغاز المسال عبر مضيق باب المندب، بعد أن أدّت الغارات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة على أهداف الحوثيين في اليمن إلى زيادة المخاطر في الممر المائي الحيوي.
وقد توقفت 5 سفن على الأقل للغاز المسال تديرها قطر، وكانت متجهة نحو الممر في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر منذ يوم الجمعة (12 يناير/كانون الثاني 2024)، وفقًا لبيانات تتبع السفن التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.
وتوقفت 3 ناقلات تحمل الغاز المسال إلى أوروبا قبالة سواحل عمان؛ في حين توقفت سفينتان فارغتان أخريان عائدتان إلى قطر لإعادة التحميل على الجانب الآخر من باب المندب، إحداهما في البحر الأحمر والأخرى في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من قناة السويس.
ولم يهاجم الحوثيون أي سفن تحمل الغاز منذ أن بدأوا بمهاجمة السفن في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، لكن إحجام قطر عن عبور الممر يسلط الضوء على الزيادة الحادة بالمخاطر في أعقاب الضربات التي قادتها الولايات المتحدة.
ويزيد التوقف المطول للإمدادات القطرية من المخاطر، في الوقت الذي يسيطر فيه الطقس البارد على القارة العجوز؛ إذ تعد قطر ثاني أكبر مزود للغاز المسال في أوروبا، وشكّلت نحو 13% من استهلاك أوروبا الغربية في العام الماضي (2023).
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى أي نقص على المدى القريب؛ إذ تمتلك أوروبا مخزونات مرتفعة، ولا يزال الطلب الصناعي ضعيفًا.
دول أفريقية وخليجية أبرز المستفيدين
قالت مصادر في الصناعة إن الشاحنين والمصدرين يختارون طرق نقل بحرية بديلة للبحر الأحمر، مع وجود موانٍ في شرق أفريقيا وغربها، ومن المرجح أن يستفيد الخليج العربي من ارتفاع عدد السفن التي تتزود بالوقود هناك بدلًا من ذلك.
ويمكن أن تتأثر نحو 35 ألف سفينة تبحر عبر البحر الأحمر سنويًا مع استمرار الهجمات المتصاعدة على السفن التجارية في المنطقة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
وفي ظل تهديد ممتد، يواجه وكلاء السفن والشحن اضطرابًا وزيادة في تكاليف الشحن؛ لأن نقل البضائع حول أفريقيا يُمكن أن يضيف ما يصل إلى 30 يومًا إلى الرحلة، حسبما ذكرت شركة وقود السفن العالمية غلاندر إنترناشيونال بنكرينغ (Glander International Bunkering) في بيان لها يوم 12 يناير/كانون الثاني 2024.
وأضافت: "نتيجة لذلك؛ فإننا نشهد زيادة في الطلب على وقود السفن في شرق أفريقيا وغربها والخليج العربي.. ويتركز هذا بشكل أساسي في ديربان وبورت لويس وجزر الكناري وصلالة والفجيرة".
وقد أوقفت شركة ميتسوي أو إس كيه لاينز اليابانية (Mitsui O.S.K Lines)، وهي من بين أكبر مشغلي السفن في العالم، دخول السفن إلى البحر الأحمر من قناة السويس وخليج عدن، جزءًا من استجابتها لضمان سلامة سفنها وسط التهديدات الأمنية المتصاعدة.
وأوضح المتحدث باسم الشركة لوكالة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights) أن هذه الخطوة ستظل سارية حتى التأكد من تحسن الوضع.
وأضاف أن الدخول المقرر لسفن الشركة يقتصر بالفعل على "عدد قليل من السفن"، مضيفًا أن جزءًا من السفن المستهدفة يمكن أن يسلك أيضًا طرقًا أخرى، بحسب ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال".
وتدرس شركة إن واي كيه لاين اليابانية (NYK Line) أيضًا "إيقاف أو تغيير المسارات" للسفن التي تديرها بالقرب من البحر الأحمر؛ حيث إن "مخاطر الملاحة في البحر الأحمر زادت بشكل كبير في أعقاب الضربة الجوية الأخيرة".
وقف إنتاج السيارات في أوروبا
في سياقٍ متصل، أعلنت شركتا تيسلا (Tesla) وفولفو (Volvo) -الأسبوع الماضي- أنهما أوقفتا بعض إنتاجهما في أوروبا بسبب نقص المكونات الناجم عن إعادة توجيه الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس، بسبب التهديد بهجوم من جماعة الحوثي في اليمن.
وقالت شركة تيسلا إنها ستعلق معظم إنتاج السيارات في مصنعها بالقرب من برلين خلال المدّة من 29 يناير/كانون الثاني إلى 11 فبراير/شباط 2024، بسبب نقص المكونات التي كانت على متن السفن التي أعيد توجيهها بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس، إلى محيط رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي من أفريقيا.
وأوضحت الشركة أن "الصراعات المسلحة في البحر الأحمر والتحولات المرتبطة بها في طرق النقل بين أوروبا وآسيا عبر رأس الرجاء الصالح لها تأثير بالإنتاج في غروينهايد.. إن أوقات النقل الأطول بكثير تخلق فجوة في سلاسل التوريد"، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وقالت فولفو -التي تملك شركة جيلي الصينية أغلب أسهمها- إنها ستوقف الإنتاج مؤقتًا في مصنعها في غنت ببلجيكا لمدة 3 أيام الأسبوع المقبل، بسبب تأخر تسليم ناقلات الحركة.
وتقوم شركات الشحن العملاقة مثل ميرسك (Maersk) وهاباغ ليود (Hapag-Lloyd) بإرسال سفنها في رحلات أطول وأكثر تكلفة حول أفريقيا؛ ورحبت الشركتان يوم الجمعة بالتحركات الرامية إلى تحسين أمن الشحن في المنطقة.
موضوعات متعلقة..
- ميرسك: اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر يرفع فاتورة الوقود 50%
- هل تدير أسواق الطاقة ظهرها لاضطرابات البحر الأحمر؟ تجار يجيبون
- ناقلات ديزل ووقود طائرات تحول مسارها عن البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين
اقرأ أيضًا..
- استكشاف النفط والغاز عالميًا يترقب 4 قضايا ساخنة في 2024
- خفض صادرات الغاز الإيراني إلى العراق.. ما القصة؟
- المغرب يدرس تخزين الهيدروجين الأخضر في المواني وتصديره للخارج
- أفضل 10 سيارات كهربائية في 2024.. المواصفات والأسعار (صور)