تحفّز أهداف التحول الأخضر إغلاق محطات الغاز في أميركا، إذ تسعى البلاد لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بالكامل بحلول عام 2035، وصولًا لتحقيق هدف الحياد الكربوني في 2050.
وأثار إعلان خروج محطة كهرباء ميستك العاملة بالغاز في منطقة نيو إنغلاند بشمال شرق الولايات المتحدة، جدلًا واسعًا، إذ تقول شركة كونستيليشن إنرجي (Constellation Energy) المشغلة لها، إنها (المحطة) قد أصبحت غير مجدية اقتصاديًا في معظم أوقات السنة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وسيترتب على ذلك إغلاق محطة إيفريت لاستيراد الغاز المسال المملوكة -أيضًا- للشركة نفسها، التي تعمل منذ 53 عامًا، وتُعد أقدم محطات استيراد الغاز المسال.
ورغم أن محطة الكهرباء العاملة بالغاز في أميركا احتياطية في ضوء التوسع بإنتاج الطاقة المتجددة، فإن خروجها من المشهد قد يضع مواطني نيو إنغلاند التي تضم 6 ولايات في خطر مباشر خلال الشتاء القارس.
والدليل على ذلك هو ما حدث في ديسمبر/كانون الأول من عام 2022 خلال العاصفة الثلجية إليوت، إذ تسبّبت درجات الحرارة التي وصلت إلى ما دون الصفر في تجمد الغاز وانخفاض الضغط، ما تسبّب في انقطاع الكهرباء.
يُضاف إلى ذلك تحذيرات متكررة من انهيار الشبكة خلال أوقات الشتاء العصيبة، حال ارتفاع الطلب لأغراض التدفئة وغيرها مع عدم كفاية موارد الطاقة المتجددة أو ثبات إمداداتها وموثوقيتها.
محطات توليد الكهرباء بالغاز في أميركا
تُعد أميركا أكبر منتج للغاز في العالم، وخلال عام 2023 المنصرم أصبحت أكبر مصدري الغاز المسال في العالم أيضًا، متجاوزة قطر وأستراليا.
ورغم تلك القدرات الوفيرة، فإن محطة إيفريت تستورد الغاز المسال من الخارج، وغالبًا من ترينيداد وتوباغو.
ويطرح ذلك علامة استفهام بشأن التوزيع العادل لإمكانات الغاز في أميركا، ففي الوقت الذي تفيض فيه الإمدادات ويُصدّر الغاز المسال إلى الخارج، توجد مناطق محرومة، بل وتشتري من الخارج بأسعار باهظة مثل نيو إنغلاند التي تعتمد على تلك الواردات لتلبية الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة.
وكانت أسعار الغاز الطبيعي في نيو إنغلاند أعلى بنسبة 43%، مقارنة بالمتوسط في الولايات الأميركية خلال الربع الأول من 2023، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة نشرتها صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal).
ودون تلك الواردات التي تستقبلها محطة إيفريت، سيقع السكان في مأزق، حسبما قالت شركات المرافق العامة في جلسات الاستماع العامة وفي خطابات إلى الجهات التنظيمية.
ولذلك، فإن إخراج محطات الغاز في أميركا ومنها "إيفريت" من الصورة مع عدم حدوث شح بالكهرباء، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه تحول الطاقة السلس من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
أهمية محطة إيفريت
بدأ عمل محطة إيفريت في عام 1971، واستمر عملها طويلًا بسبب الصعوبة التي رافقت إقامة بنية الطاقة الأساسية في الشمال الشرقي الأميركي، إذ جرى حظر مشروعات خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز من حقول الغاز الصخري في بنسلفانيا وأوهايو ووست فرجينيا.
وأقيمت محطات أخرى لاستيراد الغاز المسال بعد تراجع الإنتاج المحلي، وبلغت الواردات ذروتها في عام 2007.
ثم حدثت طفرة في تقنيات الحفر التي كشفت النقاب عن احتياطيات وفيرة من الغاز الصخري، وفي غضون بضع سنوات تحولت مرافق الاستيراد إلى إسالة الغاز (تحويله من الصورة الغازية إلى السائلة)، ثم تصديره.
وبسبب قانون جونز الصادر في عام 1920، لا يُسمح لناقلات الغاز الرخيص بالتسليم في محطة إيفريت، أو أي مكان آخر بالولايات المتحدة.
وتمتلك نيو إنغلاند خطي أنابيب بالإضافة إلى الغاز الكندي، إلا أنها تضطر إلى تعزيز الإمدادات بوساطة الواردات الباهظة من الخارج.
هل يوجد بديل؟
تستورد محطة إيفريت الغاز المسال من الخارج، ثم تضخه في خطوط الأنابيب، وتنقله في صهاريج تخزين بأنحاء نيو إنغلاند قبل كل شتاء.
ويُستعمل ذلك الوقود في تلبية الطلب من قِبل أكثر من مليوني مستهلك في ماساتشوستس ونيويورك فقط، حسبما يقول نائب رئيس إمدادات الطاقة في إحدى شركات المرافق، جيمس هولوداك.
وفي حديثه أمام جهات التنظيم الفيدرالية خلال جلسة استماع عقدت العام الماضي، أضاف بقوله: "لا نرى أي حل معقول آخر على المدى القريب حال إغلاق إيفريت، إذا لم يتراجع الطلب على الغاز بصورة كبيرة كما يأمل بعضهم".
ويُعيد ذلك إلى الأذهان حادثة ديسمبر/كانون الأول 2022 التي كانت مثالًا على حاجة المرافق الماسة للوصول إلى احتياطيات الغاز الطبيعي سريعًا.
وفي ذلك الوقت، تسبّبت العاصفة إليوت في ارتفاع الطلب على الكهرباء، لكن آبار الغاز في حوض أبالاتشي تجمدت وانخفض ضغط الغاز إلى مستوى خطير داخل شبكة الأنابيب القريبة من نيويورك.
ودفع ذلك المرافق إلى استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي المسال، لمنع وقوع أضرار قد تقطع الخدمة، وتستغرق أشهرًا لإصلاحها، كما لم يَحُل ذلك دون انقطاع الكهرباء.
تأثير ضئيل
على الجانب الآخر، كشف تقييم أجراه مشغل النظام المستقل (ISO)، الذي يدير شبكة الغاز في نيو إنغلاند، عن أن ثمة "خطرًا ضئيلًا" يفرضه خروج محطة إيفريت من الخدمة على محطات توليد الكهرباء.
وفي مقابل محطات الغاز في أميركا، دعّمَ انتشار تركيبات الألواح الشمسية على الأسطح شبكة الكهرباء في نيو إنغلاند خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت المحطات تعتمد على حرق زيت الوقود بوصفه بديلًا احتياطيًا.
يُضاف إلى ذلك أن الجهات المنظمة التي تعتمد على مشروعات الطاقة المتجددة، قدّمت حوافز لتخزين الوقود -أيضًا-، لكن ذلك تسبب في دفع أموال أكبر مقابل فواتير الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
- توقعات بانخفاض فواتير الغاز في أميركا 21% هذا الشتاء
- تراخيص التنقيب البحري عن النفط والغاز في أميركا تنهار خلال عهد بايدن
- سعة توليد الكهرباء بالغاز في أميركا قد ترتفع 8.4 غيغاواط خلال 2023
اقرأ أيضًا..
- مصفاة موتيفا التابعة لأرامكو السعودية تفقد 460 ألف برميل يوميًا
- شركة بريطانية تبيع نصف أصولها في مصر بقطاع الغاز.. ما السبب؟
- المغرب يتفاوض على صفقة غاز مسال ضخمة