كيف خسرت تيسلا الصدارة العالمية أمام شركة صينية؟ تحليل يكشف عن الأسباب (فيديو)
أسماء السعداوي
في تحول دراماتيكي، أزاحت شركة "بي واي دي" الصينية (BYD) منافستها الأميركية تيسلا (Tesla) عن عرش أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم لأول مرة على أساس فصلي، والذي احتفظ به لسنوات.
وكشفت البيانات، التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، عن أن "بي واي دي" باعت 526 ألفًا و409 سيارات كهربائية خلال الربع الأخير من (2023)، وفي المقابل، بلغ إجمالي تسليمات الشركة الأميركية نحو 484 ألفًا و507 وحدات، خلال المدة نفسها.
وبذلك، لا تصبح الشركة الصينية أكبر بائع للسيارات الكهربائية داخل الصين فحسب، وإنما بالعالم أجمع في سوق يُقدر بأن تصل إجمالي استثماراتها إلى 8.8 تريليون دولار بحلول عام 2030.
وتشير بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 64% من الإنتاج العالمي للسيارات الكهربائية قد خرجت من الصين (أكبر سوق للسيارات في العالم)، كما شكّلت الدولة الآسيوية 59% من المبيعات العالمية في 2022.
وكشف مراقبون عن 3 عوامل رئيسة أسهمت في نجاح "أكبر علامة تجارية لم تسمع عنها قبلًا" كما تروج "بي واي دي" لنفسها، هي أسلوب التكامل الرأسي في الإدارة، ورُخص أسعار الطرازات، والإعانات الحكومية.
أسلوب العصا والجزرة
بدأت "بي واي دي" أعمالها في عام 1995 لصناعة بطاريات الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، ثم دخلت صناعة السيارات في عام 2003.
وقدّم محللون -في فيلم وثائقي قصير أعدته بلومبرغ- إجابة عن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، وهو: "كيف أصبحت "بي واي دي" أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم؟".
وقالوا إن الإعانات الحكومية الصينية أدّت دورًا كبيرًا في صعود "بي واي دي"، وبلغ حجم الإعانات للسيارات الكهربائية والهجينة 57 مليار دولار بين عامي 2016 و2022، وفق بيانات شركة أليكس بارتنرز (AlixPartners) للاستشارات.
وسمح ذلك الدعم الوفير بصعود حصة واردات السيارات الكهربائية الصينية "الرخيصة" إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول (2023) إلى إعلان فتح تحقيق رسمي بشأن فرض رسوم جمركية "عقابية" لحماية صناع السيارات من الأوروبيين من "الفيضان الصيني".
تعليقًا على ذلك، يقول كبير المحررين في بلومبرغ نيوز، كرايغ ترودويل، إن حجم الدعم الذي قدمته الحكومة الصينية إلى صناع السيارات وخاصة الكهربائية غير مسبوق.
وقدّمت بكين إعفاءات ضريبية بقيمة 30 مليار دولار للصناعة منذ عام 2010، ومن المحتمل أن ترتفع إلى 97 مليار دولار بحلول 2027، بحسب ترودويل.
من جانبها، تقول المحللة في "بلومبرغ إنتيليغنس" (Bloomberg Intelligence) جوانا تشن، إن الصين تتبع طريقة العصا والجزرة في تعاملها مع صناع السيارات الكهربائية.
ومن ناحية، تُلزم تلك الشركات بمستهدفات إنتاج ضخمة، وعلى الجانب الآخر تقدم الدعم الوفير لكي تحصل تلك الشركات على القروض والأراضي الرخيصة والإعانات لأغراض البحوث والتطوير.
ونجحت "بي واي دي" في استغلال تلك الفرصة، كما حصلت "تيسلا" على جانب من ذلك الدعم أيضًا.
رخص الأسعار
أحرزت شركة "بي واي دي" تقدمًا كبيرًا من حيث الجودة والسعر؛ ما جعلها تفوز بقطعة كبيرة من كعكة المبيعات المحلية.
وعلى عكس طرازات تيسلا التي تتراوح بين 49 ألفًا و100 ألف دولار، بلغ سعر سيارة "سيغول" (Seagull) الكهربائية من إنتاج "بي واي دي" 73 ألف يوان (10 آلاف دولار) فقط.
وتنتهج "تيسلا" طريقًا مختلفًا لجذب مشتري السيارات الكهربائية؛ فالرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك يعتقد أنه ينبغي البدء من القمة؛ حيث التكنولوجيا عالية الجودة والأداء الجذاب ثم العمل بعد ذلك على جانب السعر.
على العكس، اتجهت "بي واي دي" لتصنيع سيارات الأجرة والحافلات الكهربائية الرخيصة ثم خفضت أسعار البطاريات المستعملة في تلك المركبات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويبلغ متوسط سعر سيارات تيسلا 45 ألف دولار أميركي، في حين يقل ذلك المتوسط لسعر سيارات "بي واي دي" الكهربائية بمقدار النصف تقريبًا عند 22 ألفًا و400 دولار.
التكامل الرأسي
والآن، يبرز سؤال: هو كيف تنجح "بي واي دي" في بيع طرازاتها الكهربائية بسعر رخيص على عكس شركات العالم التي ترزح تحت وطأة ارتفاع أسعار الفائدة واضطرابات سلاسل التوريد العالمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية من بين أخرى كثيرة؟
والإجابة هي أن الشركة الصينية اتبعت أسلوب "التكامل الرأسي" الذي يعني إرساء منظومة تكون فيها سلسلة التوريد لشركة مملوكة للشركة نفسها.
عن ذلك، يقول المدير العام لشركة "بي واي دي" في أوروبا، مايكل شو، إن: "قدرتنا على تحقيق التكامل الرأسي يمنحنا المرونة والاستجابة الأسرع لاتجاه السوق، بالإضافة إلى مكانة أفضل فيما يخص تطوير العلامة التجارية وخدمة العملاء"
بدوره، يقول كبير المحررين في "بلومبرغ نيوز" كرايغ ترودويل، إن "بي واي دي" تصنّع الكثير من المكونات التي تدخل في صناعة السيارة الكهربائية بنفسها.
وعادة، ما يلجأ صناع السيارات إلى المزودين الآخرين لشراء معظم المكونات وعلى سبيل المثال، تُصنع شركة "فولكسفاغن" الألمانية (volkswagen) 35% فقط من مكونات سيارتها الكهربائية "ID.3"، وتيسلا 68% من مكونات طراز واي المصنوع في الولايات المتحدة، في حين ترتفع تلك النسبة إلى 75% بالنسبة إلى طراز "سيل" من إنتاج "بي واي دي".
عن ذلك، تقول المحللة في "بلومبرغ إنتيليغنس" جوانا تشن، إن العامل الأهم هو أن "بي واي دي" هي شركة السيارات الوحيدة التي تصنع بطارياتها داخل الصين.
وعلى نحو خاص، كانت لذلك العنصر أهمية حاسمة خلال مدة الوباء عندما عمت الفوضى أركان سلاسل التوريد، كما تستعمل الشركة بطارية فوسفات الحديد والليثيوم التي تتميز برخص سعرها وكونها مضغوطة أكثر.
وما زالت مبيعات "بي واي دي" تتركز داخل السوق الصينية، كما أنها ما زالت وافدًا جديدًا على السوق، ورغم صعود حصتها؛ فإنها صغيرة.
ويظل أكبر تحديين أمام الشركة الصاعدة هما حالة عدم اليقين التنظيمي كما في التحقيقات الأوروبية، وبناء الوعي بالعلامة التجارية.
موضوعات متعلقة..
- رسميًا.. تيسلا تخسر لقب أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم
- عرش تيسلا الأميركية في خطر.. شركة صينية تتحدى بمبيعات قياسية
- هل تتجاهل تيسلا أفريقيا؟.. سوق واعدة تتصدّرها مصر والمغرب
اقرأ أيضًا..
- احتياطيات النفط في أفريقيا خلال 2023.. دولتان فقط تشهدان تغيرًا (تقرير)
- أكبر 9 مشروعات نفط وغاز في 2023.. حقلان من الإمارات بالقائمة
- تصدير 8 شحنات غاز مسال من مصر في 75 يومًا (خاص)