خلال أقل من 5 أشهر، من المقرر إغلاق أقدم محطات استيراد الغاز المسال في أميركا، بسبب انعدام جدواها الاقتصادية، حسبما تقول الشركة المشغلة لها.
ولأكثر من نصف قرن، عملت المحطة إيفريت (Everett) في منطقة نيو إنغلاند بشمال شرق الولايات المتحدة، على حماية شبكة الكهرباء من الانهيار؛ إذ نجحت في تلبية الطلب المرتفع خلال أوقات الذروة خلال الشتاء القارس، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويتزامن توقف محطة الغاز المسال مع إغلاق أكبر زبائنها محطة كهرباء ميستك، وكلتاهما مملوكة لشركة "كونستليشن إنرجي" (Constellation Energy) التي تقول إن "ميستك" أصبحت غير مجدية اقتصاديًا في معظم أوقات العام.
لكن كبرى جهات تنظيم الطاقة لها رأي آخر؛ إذ تقول إن إغلاق "إيفريت" في مايو/أيار 2024، سيضع موثوقية شبكة الكهرباء في خطر محدق؛ لأن نيو إنغلاند تعتمد على المحطة في أوقات ارتفاع الطلب، كما تفتقر المنطقة للعدد الكافي من خطوط الأنابيب التي تأتي بالغاز من خارجها.
وتسعى الولايات المتحدة إلى توليد الكهرباء من المصادر المتجددة بالكامل بحلول عام 2035، سعيًا إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني بحلول منتصف هذا القرن في 2050.
محطة إيفريت
يؤكد إغلاق أقدم محطات استيراد الغاز المسال في أميركا التحولَ المتسارع تجاه مصادر الطاقة المتجددة، دون النظر إلى التحديات التي تفرضها ظاهرة تغير المناخ ومنها ظروف الطقس "الأكثر وحشية".
وما زال الغموض يحيط بقدرة مزارع الرياح والطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء التي ستحل بدلًا من محطة كهرباء ميستك العاملة بالغاز، على توفير ما يكفي من الإمدادات الموثوقة والسريعة التي تحمي السكان من خطر انقطاع الكهرباء، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
تعليقًا على ذلك، يقول مدير أبحاث السوق في شركة "تراديشن إنرجي" (Tradition Energy) المتخصصة في إدارة مخاطر الطاقة غراي كونينغهام، إن محطة إيفريت مصدر رئيس للإمدادات في نيو إنغلاند خلال الطقس القارس.
من جانبها، تُجري الشركة المالكة للمحطة مفاوضات لتأمين عقود توريد الغاز ما يسمح بإبقاء أبواب "إيفريت" مفتوحة، إلا أنها لم تتوصل لشيء بعد، و"الوقت من ذهب"، على حد قول المتحدث باسمها مارك رودغرز.
وفي هذا الصدد، يقول نائب رئيس الطاقة النظيفة وتغير المناخ في منظمة "كونسرفيشن لو" البيئية غير الربحية غريج تشونينغهام، إن الغاز يُرى غالبًا بوصفه وقودًا انتقاليًا في مسيرة الانتقال إلى مصادر صديقة للبيئة لتوليد الكهرباء والحرارة، وإن إغلاق محطة إيفريت إحدى العلامات على هذا التحول.
وأضاف أن إغلاق المحطة ستعقبه خطوات مماثلة لإنهاء عمل منشآت تعمل بالوقود الأحفوري، ثم استبدالها والاعتماد على بدائل "اختارتها السياسة العامة والأسواق الآن".
الكهرباء في أميركا
يُعيد قرب إغلاق محطة إيفريت إلى الأذهان "جرس إنذار" أطلقته لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية (FERC) ومؤسسة الموثوقية الكهربائية لأميركا الشمالية (NERC) في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2023، عندما حثتا المشرّعين على وضع قواعد تنظيمية للحفاظ على موثوقية إمدادات الغاز الطبيعي.
جاء ذلك بعد تحذيرات من انقطاع الكهرباء في أكثر من نصف أميركا وأجزاء من كندا، خلال الشتاء الجاري؛ نتيجة شح البنية الأساسية لنقل الغاز، وبعد تحقيق في أسباب انقطاع التيار خلال العاصفة "إليوت" في ديسمبر/كانون الأول (2022).
وقال البيان المشترك إن ضمان الموثوقية والقدرة على تحمل التكاليف "قد يصبح صعبًا في مواجهة حدث شتوي مهم".
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، حذّرت المؤسسة أيضًا من أن الشبكة قد تواجه شبح الانهيار خلال السنوات الـ10 المقبلة، جراء ارتفاع الطلب وعدم كفاية الموارد، وسط الاتجاه المحموم لكهربة كل شيء، وتخارج محطات الكهرباء العاملة بالغاز، لصالح الطاقة المتجددة ذات الإمدادات غير الثابتة.
وقالت المؤسسة إن نيويورك ونيو إنغلاند وتكساس وكاليفورنيا، قد تواجه مشكلات تتعلق بموثوقية إمدادات الكهرباء خلال أوقات استمرار درجات الحرارة الباردة والحارة لأوقات طويلة، أو عندما ينخفض إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وإلى الآن، يُعَد شتاء هذا العام معتدلًا، لكن الحال ربما ينقلب رأسًا على عقب؛ إذ تشير شركة "ماكسار تكنولوجيز" (Maxar Technologies) للتنبؤات الجوية إلى أن الشمال الشرقي على وشك التعرض لأكبر عاصفة ثلجية في أكثر من عام خلال عطلة الأسبوع الجاري.
إبقاء إيفريت مفتوحة
كشف تحليل أجراه مشغل النظام المستقل (ISO) الذي يدير شبكة الغاز في نيو إنغلاند، عن أن شبكة الكهرباء قادرة على تحمل خروج محطة إيفريت على الأكثر خلال الشتاء المقبل؛ حيث يمكن تأمين الغاز من موردين آخرين.
ويؤكد التحليل أنه سيكون "من الحكمة" استمرار عمل أقدم محطات استيراد الغاز المسال في أميركا خلال الوقت الحالي.
وبرر ذلك بأن محطات استيراد الغاز بالمنطقة "محدودة"، وقد تواجه البنية الأساسية الجديدة تأخيرات، كما توجد شكوك بشأن حجم الطلب على الكهرباء خلال الشتاء، مع تسارع التحول بعيدًا عن الغاز في المنازل والشركات.
ويقول غراي كونينغهام إن التخطيط طويل المدى بشأن حجم الطلب على الغاز يرتكز على مدى نجاح ولاية ماساتشوستس في خفض استعمال الغاز للتدفئة بالمنازل خلال العقد المقبل.
"وإذا نجحت تلك البرامج، حينها ستنتفي الحاجة لمحطة استيراد الغاز المسال بصورة كبيرة، لكن النظر إلى الطلب المنخفض في العام الماضي عندما كان الطقس معتدلًا، ليس هو المعيار الصحيح الذي يُقاس النجاح من خلاله"، حسبما قال.
موضوعات متعلقة..
- شبكة الكهرباء في أميركا تواجه شبح الانهيار بسبب الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية
- تحذيرات من انقطاع الكهرباء في أميركا بسبب أنابيب الغاز
- محطات الكهرباء في تكساس تعتمد على الغاز لعودة التيار بعد الانقطاع (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- توقعات سهم أرامكو 2024.. هل يصعد فوق حاجز 50 ريالًا؟ (خاص)
- إنتاج الهيدروجين يتلقى 5 ضربات في 2023.. التكلفة وعدم الجدوى أبرزها
- أسواق الطاقة العربية في 2023.. 4 تطورات رئيسة تركت آثارًا عالمية (تقرير)