خطط سلطنة عمان لتأمين إمدادات الطاقة محليًا وعالميًا (مقال)
المهندس سالم العوفي*
نعمل في سلطنة عمان على تحقيق الاستدامة بصفة منظومة عمل متكاملة، تتجسد من خلال رؤية (عُمان 2040)، والتي بدأنا فعليًا في بناء أبعادها المختلفة، سعيًا إلى مواصلة التقدم المستمر، وبناء مستقبل يجمع بين استدامة إمدادات الطاقة والنمو الاقتصادي وحماية البيئة وتعزيز التنمية الاجتماعية.
إنّ توجُّهنا الإستراتيجي في التحول في الطاقة يعزز مكانتنا في الاضطلاع بدور أساس وموثوق يسهم في تأمين إمدادات الطاقة محليًا وعالميًا، وجدّيتنا في تمكين نمو قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، من خلال المشروعات التي باتت جزءًا من عملنا، وما زلنا نوسّع هذه البرامج والمشروعات من خلال ضخ الاستثمارات الجادة فيها.
إذ تمكنّا من تنفيذ مراحل أساسية لبناء مشروعات حيوية تستمد طاقتها من المقومات الطبيعية التي تتميز بها سلطنة عمان، إذ أنجزنا عددًا من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء، وهناك مشروعات متواصلة في زيادة استعمال الطاقة المتجددة، ومن المخطط رفع نسبة مشاركتها في إنتاج الكهرباء إلى 30% بحلول عام 2030.
كما أن الهيدروجين بات أحد جوانب الاستثمارات المهمة في الطاقة الخضراء في سلطنة عمان، من خلال تخصيص مساحات من المواقع المناسبة لإنتاجه، تزيد عن 50 ألف كيلو متر مربع، والفرص والحوافز التي أُطلِقَ جزء منها، وستُعلَن الفرص الأخرى بمراحل قادمة، فخططنا طموحة من خلال المعطيات والخبرة والمقومات التي نمتلكها.
نستهدف إنتاج أكثر من مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، وصولًا إلى استغلال 30% من الأراضي المخصصة حاليًا في عام 2050، لإنتاج ما يقارب 8 مليون طن باستثمارات متوقعة تصل إلى 140 مليار دولار.
تقليل الانبعاثات
اعتمدنا في سلطنة عمان إستراتيجية وطنية للتحول في الطاقة والمحافظة على البيئة، لتقليل الانبعاثات دون التأثير بالنمو الاقتصادي وإمدادات الطاقة عالميًا، كما وضعنا خريطة طريق لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وسيتكفّل مركز عُمان للاستدامة متابعة تنفيذ الخطة الوطنية، من خلال متابعة الأنشطة المختلفة وتحقيقها للنسب المستهدفة للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، وسيستمر بتطوير الفرص الموجودة في كل القطاعات المستهدفة من أجل تفعيل الخطة التنفيذية ومتابعتها مع المتغيرات على الساحة الدولية أو المحلية، التي قد تطرأ خلال مدة التنفيذ.
وتمثّل التكنولوجيا جانبًا مهمًا وأساسيًا في تطوير التقنيات المتعلقة بتقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة، كتحسين كفاءة المباني والمركبات التي تقلّل من احتياجات استهلاك الطاقة، ومن ثم يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات المرتبطة بها، وأيضًا إمكان التحول التدريجي إلى استعمال الطاقة المتجددة مصدرًا للكهرباء، والنقل الأخضر في المواصلات، من خلال تعزيز استعمال وسائل نقل صديقة للبيئة.
كما يمكن للابتكارات التكنولوجية أن تؤدي دورًا مهمًا في تقليص مخاطر التغير المناخي، مثل تطوير تقنيات امتصاص الكربون واستعماله في صناعات جديدة، دون الإضرار بالبيئة، أو تخزينه تحت سطح الأرض، وتطوير تقنيات الطاقة النووية النظيفة، ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى التي تسهم في تنويع مصادر الطاقة واستدامتها، إذ تواكب جهودنا في سلطنة عُمان مع التحول العالمي في دعم مشاريع الطاقة المستدامة، وتبنّي تكنولوجيات تقلّل من الانبعاثات وتحافظ على الموارد الطبيعية.
تكامل عالمي
نؤكد في سلطنة عمان مشاركتنا العالم بشكل جادّ وعملي في أهمية الدور الذي يجب أن تتحمّله جميع الأطراف الموقّعة للاتفاقية الإطارية للمناخ لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال محددات وخطط واضحة تصل إلى الحياد الكربوني، مع الإدراك المتنامي للوعي المتزايد بأهمية تقليل تأثيراتها في التغير المناخي، والذي يمثّل معضلة عابرة للحدود، ولا يقتصر تأثيره في القطر الواحد.
كما أن حماية البيئة تمثّل مصلحة مشتركة عالميًا للمحافظة على التنوع الإحيائي والتوازن البيئي والموارد الطبيعية، والتي بدورها تسهم في تحقيق التنمية المستدامة عالميًا، وتقلل من ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات الطقس الذي قد تزيد من مخاطر الكوارث الطبيعية، فتكاتف العالم في مواجهة هذه التغيرات يسهم في إيجاد عالم أكثر استدامة بيئيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ويضمن الرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية.
*وزير الطاقة والمعادن في سلطنة عمان المهندس سالم بن ناصر العوفي.
*نُشر هذا المقال لأول مرة في النشرة الصحفية "ثروة" الخاصة بوزارة الطاقة والمعادن، وحصلت منصة الطاقة على موافقة رسمية لإعادة النشر.
موضوعات متعلقة..
- وزير الطاقة العماني: لدينا إمكانات تعدين الكربون في الصخور.. وهذا مصير الغاز (فيديو)
- موازنة سلطنة عمان 2024 تستهدف إيرادات نفطية بـ19.5 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- وزيرة الطاقة المغربية ليلى بنعلي تكتب لـ"الطاقة": المغرب نحو مستقبل مستدام (مقال)
- وزير البترول المصري يكتب لـ"الطاقة": التحول الطاقي والتوافق البيئي وجهان لعملة واحدة تسمى الاستدامة
- أكبر صفقات النفط والغاز العربية 2023.. خطوة جديدة للجزائر والسعودية وقطر
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة 2023 وتوقعات 2024.. قراءة عربية وعالمية