يرتبط تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة السعودي، باجتهاد عملاقة النفط والغاز أرامكو للبحث عن الموارد القوية التي دعمت فيما بعد اقتصاد المملكة، ودفعت بها إلى مصافّ كبار منتجي النفط في العالم.
ويعدّ الحقل أحد أكبر وأهم حقول النفط والغاز في المملكة، نظرًا لما يتمتع به من إمكانات ضخمة، إذ إن إنتاجه اليومي يمكن أن يعادل الإنتاج اليومي لعدد من الدول المنتجة، بالإضافة إلى ما يتميز به هذا النفط من جودة ونوعية عالية، تجعله أقلّ تلويثًا من أنواع النفوط الأخرى.
وعلى الرغم من أن تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة يعود إلى ستينيات القرن الماضي، فإن شركة أرامكو السعودية لم تبدأ الإنتاج الرسمي التجاري منه إلّا في عام 1998، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
حقل الشيبة في الربع الخالي
يقع حقل الشيبة النفطي في الربع الخالي، التي تعدّ المنطقة الأهم في العالم بالنسبة لإمكاناتها من المواد الهيدروكربونية، وهو نتاج عمليات بحث واستكشاف امتدّت لعقود طويلة في الأراضي السعودية، تعود إلى حقبة الأربعينيات، التي بدأت باكتشاف حقل الغوار، وهو أكبر حقل نفطي في العالم.
وعن تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة، ترى شركة أرامكو السعودية أن اكتشافه جاء ضمن جهود البحث والاستكشاف في المملكة، التي تعدّ موطنًا لبعض أفضل الطبقات الأرضية الجيولوجية في العالم، والتي يوجد معظمها في أماكن نائية ووعرة.
ولم تؤدِّ وعورة وصعوبة المناطق الجيولوجية إلى تراجع الشركة العملاقة عن المضي قدمًا ومواجهة التحديات وضخ استثمارات تسهم في تلبية الطلب العالمي على الطاقة، إذ واصلت رحلة التنقيب والاستكشاف، داخل التضاريس الصعبة.
ويعدّ العام 1968 هو تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة، إذ نجحت أعمال الاستكشاف في التوصل إلى حقل واسع، تحيط به كثبان رملية باللونين الأحمر والذهبي، يبلغ ارتفاعها 333 مترًا (1000 قدم)، وتبعد بأكثر من 500 ميل من مقرّ شركة أرامكو في الظهران.
بالإضافة إلى هذه التضاريس شديدة الصعوبة، كانت هناك تحديات أخرى تتمثل في المناخ، إذ كانت سرعة الرياح في المنطقة تصل إلى 80 كيلومترًا/ساعة، (50 ميلًا)، بينما تصل درجات الحرارة في فصل الصيف إلى 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت).
وحالت هذه التضاريس الوعرة والظروف المناخية الصعبة، بالإضافة إلى بعض التعقيدات اللوجستية، دون تمكّن شركة أرامكو السعودية من المضي قدمًا في تطوير الحقل، الأمر الذي أدى إلى إبقائه على حالته دون تطوير لمدة تصل إلى 30 عامًا، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
تطوير حقل الشيبة النفطي
مع تمكُّن شركة أرامكو السعودية من امتلاك تقنيات وتكنولوجيات حديثة، بدأ تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة يشهد تطورًا جديدًا، إذ اعتمدت الشركة على قدراتها الهندسية وخبراتها الكبيرة، لتنفيذ مشروعات كبرى، استهدفت في البداية حقل الشيبة، نظرًا للاحتياطيات الضخمة التي يتمتع بها.
وقدّرت الشركة -حينها- احتياطيات حقل الشيبة بنحو 13.6 مليار برميل من النفط الخام العربي الخفيف عالي القيمة، بالإضافة لما يصل إلى 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وفق أرقام نشرها الموقع الإلكتروني لشركة أرامكو، واطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي عام 1995، أطلقت شركة أرامكو شرارة بدء العمل، من خلال تنفيذ الأعمال الإنشائية، التي تضمنت نقل نحو 13 مليون متر مكعب من الرمال، بجانب شق 386 كيلومترًا من الطرق عبر الصحراء، وخط أنابيب بطول 645 كيلومترًا، يمتد إلى مرافق المعالجة في الشمال، وكذلك إنشاء مطار بطاقة تشغيلية كاملة.
بالإضافة إلى ذلك، تضمَّن تطوير حقل نفط الشيبة حفر 145 بئرًا، وإنشاء 3 معامل لفصل الغاز، وتنفيذ وإنشاء مرافق مساندة وسكنية للموظفين للإقامة، إذ إن موظفي الشركة أقاموا في أحد الأماكن المقفرة لأسابيع، وقدّموا أكثر من 50 مليون ساعة عمل، انتظارًا لإطلاق شرارة الإنتاج.
وبحلول عام 1998، شهد تاريخ اكتشاف النفط في حقل الشيبة لحظة فارقة، مع بدء الإنتاج قبل موعده المحدد بعام كامل، وتدفّق النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، وهي كميات تكفي لتزويد نحو 10 ملايين منزل بالطاقة.
ومع إدراكها إمكانات الحقل الكبيرة، واصلت شركة أرامكو تطويره، من خلال تنفيذ مشروعين في وقت لاحق، وهما مشروع توسعة حقل النفط، لزيادة إنتاجه إلى 750 ألف برميل يوميًا في 2009، ومشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي.
وفي عام 2016، عززت شركة أرامكو طموحها في الحقل الكبير، بزيادة الإنتاج بنحو 250 ألف برميل إضافية، لترفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية في حقل الشيبة إلى مليون برميل يوميًا، أي ضعف طاقة الإنتاج الأولية.
موضوعات متعلقة..
- حقل بقيق.. طريق السعودية لتغذية العالم بالمشتقات النفطية (تقرير)
- وزير الطاقة السعودي يعلن اكتشاف حقلين للغاز في شرق المملكة
- إعلان اكتشافات غاز بأرقام كبيرة في السعودية
اقرأ أيضًا..
- موعد انتهاء قطع الكهرباء في مصر.. وتخفيف مرتقب (خاص)
- انكماش صناعة البتروكيماويات فرصة لتوسع شركات النفط الكبرى (تقرير)
- ما علاقة الغاز المسال الأميركي بالسياسة؟ أنس الحجي يجيب