طاقة متجددةالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةمنوعات

احتياطيات الليثيوم في أفريقيا بقبضة المارد الصيني (تقرير)

دينا قدري

جذبت إمدادات الليثيوم في أفريقيا صراعًا متزايدًا بين الصين والغرب؛ من أجل السيطرة على احتياطيات القارة السمراء في إطار السعي نحو مصادر الطاقة النظيفة.

ويشكّل اندفاع الصين نحو الليثيوم في أفريقيا جزءًا من تحدٍّ أكبر يواجه الغرب؛ إذ تريد أميركا وحلفاؤها إضعاف قبضة الصين على سلاسل توريد الطاقة النظيفة.

وينظر الغرب إلى أفريقيا -التي يُعتقد أنها موطن 30% من احتياطيات المعادن الحيوية في العالم- على أنها جزء من الحل، ويزعم أنه قادر على بذل المزيد من الجهد لمساعدة الدول الأفريقية على إضافة قيمة إلى المعادن قبل تصديرها.

ومع ذلك، تظل الصين في مقدمة سباق "الذهب الأبيض" في أفريقيا، مع سيطرتها على الشاحنات الناقلة للّيثيوم، الذي يُكرّر معظمه لاستعماله في بطاريات السيارات الكهربائية والإلكترونيات.

وتأتي هذه الحمولات من أركاديا، أكبر منجم لليثيوم في أفريقيا، الذي افتتحته شركة تشجيانغ هوايو كوبالت (Zhejiang Hiayou Cobalt) الصينية خلال العام الجاري (2023)، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

تعزيز إنتاج الليثيوم في أفريقيا

في عام 2022، كانت قيمة واردات الصين من المعادن والطاقة الأفريقية، ضعف واردات أميركا والاتحاد الأوروبي مجتمعين، وفقًا لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

ويظهر دور الصين جليًا بطفرة الليثيوم في أفريقيا؛ ففي عام 2025، ستبلغ حصة أفريقيا من إنتاج الليثيوم العالمي 10.6%، حسب تقديرات شركة ريستاد إنرجي، مقارنةً بـ0.1% فقط في عام 2019؛ وستشكّل زيمبابوي معظم الزيادة.

عمومًا، سيأتي أكثر من 90% من إمدادات أفريقيا هذا العقد من كيانات مملوكة جزئيًا على الأقلّ لشركات صينية، وفقًا لتقديرات شركة الاستشارات "بنشمارك مينرال إنتليجانس" (Benchmark Mineral Intelligence).

ويرجع تركيز الصين على الليثيوم في أفريقيا إلى رغبتها في الحفاظ على هيمنتها على سلاسل التوريد؛ إذ تمتلك الصين 8% من احتياطيات الليثيوم العالمية، ولكنها تعمل على تكرير 60-70% من المعدن.

في المتوسط، تستغرق مشروعات التعدين 17 عامًا من الاكتشاف إلى الإنتاج، وفقًا لما أوردته صحيفة "ذا إيكونوميست" البريطانية (The Economist)، في تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة.

إلّا إن العديد من الشركات الصينية تستحوذ على الأصول القائمة مثل أركاديا؛ فقد اشترت شركة "هوايو" منجم أركاديا من شركة "بروسبكت ريسورسيز" (Prospect Resources) الأسترالية، مقابل 422 مليون دولار في عام 2022، وتعمل على تطويره بسرعة مذهلة.

وأضافت سوزان زو، من شركة ريستاد، أن أفريقيا هي "أرض بكر لمعادن الليثيوم"، مشيرةً إلى أن عمال المناجم الصينيين يعملون في الدول الأفريقية منذ سنوات عديدة.

وعلى الرغم من تراجع الأسعار خلال العام الجاري (2023)، فإنها ما تزال مرتفعة بما يكفي لتحقيق هوامش ربح جيدة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تحركات أسعار الليثيوم عالميًا:

تحركات أسعار الليثيوم عالميًا (يونيو 2021 - يونيو 2023)

أسباب نقص الاستثمارات الغربية

تُنقّب الشركات الغربية عن الليثيوم في أفريقيا، خاصةً في دول مثل إثيوبيا وغانا وناميبيا ورواندا؛ فمعظم المشروعات لم يُنتج الخام بعد، وقد ينتهي الأمر ببعضها في أيدي الشركات الصينية.

وهناك أسباب للتردد الغربي، إذ يشعر المستثمرون بالقلق من أن المناجم ومصانع المعالجة الجديدة يُمكن أن تؤدي إلى زيادة العرض وانخفاض الأسعار.

كما أنهم يشعرون بالقلق إزاء المخاطر السياسية التي تنطوي عليها المشروعات الأفريقية، وخاصةً في الدول التي لها تاريخ من الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، مثل زيمبابوي والكونغو.

فضلًا عن ذلك، فإن السياسات الداخلية الأميركية لا تشجع الاستثمار في المناجم الأفريقية، وفق ما جاء في التقرير الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله.

على سبيل المثال، بعض الحوافز الضريبية الواردة في قانون خفض التضخم -حزمة الرئيس جو بايدن الوفيرة لدعم الطاقة النظيفة- لا تنطبق إلّا إذا كانت نسبة متزايدة من المعادن الأساسية تأتي من أميركا، أو الدول التي أبرمت معها اتفاقية تجارة حرة .

ومع ذلك، فإن أميركا لا تعقد أيّ اتفاقيات من هذا القبيل مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى.

وقال ويتني شنايدمان وفيرا سونغوي من معهد بروكينغز الأميركي: "إذا لم يُصحَّح قريبًا، فإن قانون خفض التضخم ستكون له عواقب غير مقصودة، تتمثل في التنازل عن السوق الأفريقية للمعادن الحيوية لدول أخرى، مثل الصين".

كما أن الصين لا تتجاهل رغبة أفريقيا في إضافة القيمة، وأشارت سوزان زو من شركة ريستاد إلى أن المزيد من الشركات الصينية يمكنها معالجة وتكرير المعادن في أفريقيا خلال الأعوام القليلة المقبلة.

وأضافت أن عمال المناجم الصينيين يقومون -بالفعل- بمعظم المرحلة الأولى من معالجة الكوبالت في الكونغو؛ في حين تبني شركات البطاريات الصينية -أيضًا- منشآت في المغرب.

عواقب الهيمنة الصينية في أفريقيا

مع ذلك، فمن الصعب أن نرى كيف أن الهيمنة الصينية على تعدين المعادن المهمة مثالية لأفريقيا؛ وتُعدّ حالة زيمبابوي والليثيوم -أيضًا- بمثابة تذكير بأن التعدين الصيني يأتي بأشكال مختلفة.

وبالإضافة إلى عمال المناجم الرسميين، هناك العديد من الوسطاء الذين يشترون الصخور من عمال المناجم الحرفيين بأسعار منخفضة.

وبتقرير نُشر في مارس/آذار، خلصت جمعية قانون البيئة في زيمبابوي، إلى أن "الصينيين متورطون بشكل كبير في التجارة غير المشروعة بالليثيوم".

وأضافت: "هيمنة دولة واحدة قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، مثل التقليل من قيمة الموارد المعدنية، والتهرب الضريبي، وانتهاكات حقوق الإنسان في هذا القطاع".

يُذكر أن وزير المناجم في زيمبابوي زيمو سودا أعلن تحقيق 209 ملايين دولار من صادرات الليثيوم في الأشهر الـ9 الأولى من عام 2023، أي ما يقرب من 3 أضعاف أرباح العام الماضي (2022)، مع انطلاق مشروعات التعدين والمعالجة التي تقودها الصين.

وقال سودا: "لقد ارتفعت الإيرادات الناتجة عن تصدير الليثيوم من 1.8 مليون دولار في عام 2018، إلى 70 مليون دولار في عام 2022.. وبحلول سبتمبر/أيلول 2023، تحقّق إجمالي 209 ملايين دولار من صادرات الليثيوم".

وأضاف أنه من المتوقع أن يبدأ المنتجون الأساسيون الآخرون عملياتهم في زيمبابوي في عام 2024، إذ تسعى البلاد إلى زيادة الإنتاج، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

أحد حقول الليثيوم في أفريقيا
أحد حقول الليثيوم في أفريقيا - الصورة من منصة "ماينينغ"

استثمارات صينية جديدة في زيمبابوي

في سياقٍ متصل، حصلت الشركات الصينية على تراخيص في الربع الثالث من عام 2023، يُمكن أن تشهد تدفّق استثمارات بقيمة 2.79 مليار دولار إلى زيمبابوي، معظمها في التعدين والطاقة.

وهذا الاستثمار المخطط له، وهو زيادة بمقدار 10 أضعاف عن المبلغ الذي جرى التعهد به في المدة نفسها من العام الماضي (2022) وهو 271 مليون دولار، يفوق نظيره أقرب منافسيها، الإمارات العربية المتحدة، التي حصلت على تراخيص لاستثمار 498.5 مليون دولار.

وبلغت القيمة الإجمالية للتراخيص الاستثمارية الممنوحة 3.41 مليار دولار، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.

وقالت وكالة تنمية زيمبابوي، المكلفة بتأمين الاستثمار، في تقرير نشرته في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن الطلبات الصينية "كانت الأكثر من حيث العدد والقيمة الاستثمارية، إذ كان التعدين هو القطاع المفضل لديهم، يليه قطاع التصنيع".

وشكّلت الصين أكثر من ثلثي الطلبات البالغ عددها 180 طلبًا.

وتشتري الشركات الصينية مناجم الليثيوم، التي توفر مكونًا رئيسًا للبطاريات المستعملة في السيارات الكهربائية، وتشارك -أيضًا- بتجديد وبناء محطات الكهرباء في البلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق