أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

قناة السويس تدعم تجارة النفط والغاز.. وهذه أهمية المضائق الدنماركية والتركية (صوت)

أحمد بدر

تؤدي قناة السويس المصرية دورًا مهمًا بالنسبة إلى حركة التجارة العالمية، ومن بينها إمدادات النفط والغاز والفحم، ومكونات الطاقة بصورة عامة، وهو دور تاريخي ويتطور باستمرار مع تطور حركة التجارة والتقنيات المرتبطة بها.

ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها على منصة "إكس"، بعنوان "هل تنتقل حرب غزة إلى المضائق المائية وتقلص إمدادات الطاقة؟"-، أن القناة هي أهم الممرات في العالم خلال الوقت الحالي.

وأضاف: "هناك تاريخ طويل لقناة السويس المصرية، إذ مرت فيها أول ناقلة نفط محملة بالكيروسين في عام (1894)، وكانت تابعة لشركه شل (Shell)، أي أن لها تاريخًا عريقًا فيما يتعلق بصناعة النفط، ومع بداية صناعة الغاز المسال بدأت القناة تقدم دورًا كبيرًا في هذا المجال".

قناة السويس وإمدادات النفط والغاز

أشار مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إلى أعمال التوسع التي شهدتها قناة السويس، وبناء ممرين بدلًا من ممر واحد، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد ناقلات النفط في القناة بين عامي 2019 و2023 بنسبة 70%.

وأضاف: "مثلًا، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي 2023، مرت في القناة 693 ناقلة نفط، في حين كان العدد في الشهر نفسه من عام 2019 نحو 412 ناقلة، أي أن هناك زيادة بنسبة 70%، أي نحو 23 إلى 25 ناقلة نفط يوميًا تمر بالقناة في كلا الاتجاهين".

سفينة تمر في قناة السويس
سفينة تمر في قناة السويس - الصورة من الموقع الإلكتروني لهيئة القناة

ولكن -وفق الدكتور أنس الحجي- من الواضح تمامًا أن أغلب سفن النفط والغاز التي تخرج من دول الخليج وتمر في مضيق هرمز، أغلبها يذهب إلى دول آسيا، إلا أن هناك جزءًا من هذه السفن يأتي عبر مضيق باب المندب ويمر في قناة السويس.

وتابع: "عندما تأتي السفن إلى قناة السويس، فإنها تكون سفنًا كبيرة جدًا، وتحمل ما يزيد على مليوني برميل من النفط الخام، وهذه السفن لا تستطيع عبور القناة، على الرغم من أعمال التوسعة، وذلك لأنها ثقيلة جدًا، وكلما زاد الثقل يزيد عرض السفينة في الماء، فتصبح عريضة أكثر".

وأوضح أن عرض القناة لا يسمح لهذه السفن بالعبور بسهولة، لذلك تم بناء خط أنابيب سوميد، الذي يمر من السويس إلى البحر المتوسط عبر العين السخنة في مصر، وهو أنبوب تملكه مصر وعدد من دول الخليج، إذ إن السفن تصل إلى العين السخنة، ثم تخفّض حمولتها في بعض الأحيان.

وأردف: "عندما تخفّض الناقلة حمولتها تطفو أكثر، ومن ثم تستطيع المرور بسهولة، ثم عندما تخرج من قناة السويس تنعطف يسارًا وتذهب إلى سيدي كرير، ثم تعيد كمية مماثلة منها أو تذهب كما هي وتأتي سفن أصغر وتأخذ النفط من سيدي كرير إلى أوروبا أو إلى أماكن أخرى".

المضائق المائية الدنماركية والتركية

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن قناة السويس يمر منها عدد كبير من ناقلات النفط بكميات تبلغ في المتوسط بين 5 و6 ملايين برميل يوميًا.

ولكن -وفق الحجي- هناك مضائق أخرى تمر منها كميات أصغر، ولكنها مهمة أيضًا، مثل المضائق الدنماركية، التي تحظى بأهمية، لأن النفط النرويجي يمر منها، والنرويج أصبحت الآن أساسية جدًا في موضوع الطاقة بالنسبة إلى أوروبا، بعد انخفاض وارداتها من الغاز الروسي.

وأضاف: "تعتمد أوروبا الآن على النرويج بصفة كبيرة، ومن ثم أصبحت أهمية المضائق الدنماركية أكبر بكثير، من ناحية أمن الطاقة، إذ إنه وفقًا لفلسفة أمن الطاقة، أخطأ الأوروبيون أخطاء كبيرة، أحدها أن كل ما حدث هو نقل المخاطرة من مكان إلى مكان، فهم لم يستطيعوا حل الإشكالات بالكامل، ولن يستطيعوا -بناء على ما يجري الآن- حلها".

وتابع: "التكاليف تعلو باستمرار، وواضح أن التحول الأخضر تضخمي، وهذه مشكلة كبيرة، والآن هناك ضغوط في ألمانيا للاستمرار في استيراد الفحم الذي حاربوه لسنوات طويلة، فالمقصود هنا أنه: نعم كانت هناك مخاطرة في موضوع الغاز والنفط الروسيين، ولكن الآن انتقلت المخاطرة إلى المضائق الدنماركية، ما يزيد منها".

النفط والغاز

 

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن هناك أيضًا المضائق التركية، التي زادت أهميتها بصورة كبيرة بسبب التعاون الروسي التركي في تسويق النفط الروسي، وبالتالي أي حوادث أو مشكلات أو أي شخص أو فئة يمكن أن يؤثر في أسواق الطاقة العالمية، نتيجة زيادة أهمية المضائق الدنماركية والتركية.

وأردف: "بالنسبة إلى مضائق الدنمارك، يمر منها بين 3 و3.5 مليون برميل يوميًا، أما المضائق التركية فيمر منها بين 2.5 و3 ملايين برميل يوميًا، وهناك -أيضًا- قناة بنما، وهي إعجاز علمي إذا صح التعبير، لأنها جرى بناؤها بين بحرين بينهما جبال، ومن صمم قناة السويس أسهم في تصميم قناة بنما".

قناة بنما والإعجاز الهندسي

قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن قناة السويس كانت سهلة جدًا في بنائها، رغم وفاة عشرات الألوف من المصريين في بنائها، وهذا يعطي أهمية أخرى تاريخية للقناة بالنسبة إلى مصر والعالم العربي والإسلامي، إلا أن قناة بنما ليست مثلها، فهي أرض منبسطة بين بحرين بينهما جبال شاهقة.

لذلك -وفق الحجي- تم بناء أحواض، وهذه الأحواض تُملأ بالماء، ثم تدخل السفينة لترتفع وتنتقل إلى الحوض الأعلى ليُملأ بالماء وترتفع السفينة ثم تنتقل إلى الحوض الأعلى، حتى تصل إلى قمة الجبل، ثم تنتقل إلى الجانب الآخر، ولكن هذه المرة هبوط حيث يُفرغ الماء، وتنتقل من مستوى إلى مستوى، وهذه العملية بالفعل من المعجزات الهندسية.

قناة بنما
قناة بنما - الصورة من "إنرجي فويس"

وأضاف الدكتور أنس الحجي: "الإشكالية الآن هي الجفاف، فهناك جفاف كبير في المنطقة، الأمطار لم تهطل منذ زمن بعيد، وانخفض منسوب المياه بصورة كبيرة، الأمر الذي أثر في حركة السفن في هذه الأماكن، ولكن حسب القانون يمكن تقديم سفينة عن سفينة إذا دفعت مبالغ إضافية".

ولفت إلى أن ما يحدث حاليًا، خلال الأيام الـ20 الماضية، أن الشركات الغنية أو المضطرة أو الشركات التي علقت إحدى سفنها هناك، مستعدة لدفع مئات الآلاف من الدولارات لتقديم سفينتها أمام من في الدور، لتمر عبر القناة بسرعة، إذ تمر عبر القناة بحدود مليون برميل يوميًا.

وأوضح أن أهمية القناة الجديدة تكمن في التطوير الكبير في صناعة الغاز المسال الأميركية وتصدير الغاز المسال إلى دول آسيا عبر القناة، وهذا أثر بصورة كبيرة في الغاز المسال، وهذا يأتي لصالح دولة مثل قطر، كما أن هناك منتجات نفطية من المصافي الأميركية تذهب إلى آسيا، وهذا سبّب أزمة في بعض المواد.

وتابع: "هذه السفن الآن مضطرة إلى الدوران حول أميركا اللاتينية للوصول إلى آسيا، أو عبر رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، الذي تمر منه نحو 6 ملايين برميل يوميًا، وكلما ارتفعت التكاليف في قناة السويس يزداد عدد السفن المارة عبر رأس الرجاء الصالح، خاصة إذا كانت فارغة، لأنها يمكنها السير بسرعة، ولا داعي لدفع الرسوم الكبيرة بالقناة المصرية، خاصة بعد رفعها أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة".

وكشف الحجي عن المخاطر التي تواجهها هذه المضائق، قائلًا إنها من فئات أو أشخاص وليس من حكومات، فمضيق باب المندب على سبيل المثال يختلف عن مضيق هرمز، لأن الممرات المائية العميقة التي يمكن للسفن أن تمر فيها ضيقة، لأن هناك عددًا كبيرًا من الجزر والأراضي الضحلة، ومن ثم إذا تم الهجوم على ناقلة نفط وحصل تسرب كبير بالمنطقة يُغلق باب المندب تمامًا فهذه إشكالية كبيرة.

ولكن -وفق الدكتور أنس الحجي- هناك من يقول إن حتى المنظمات الإرهابية بشتى أشكالها وألوانها حول العالم لا تريد أن تشوه سمعتها في أمور تجعلها تخسر، ومنها الأمور البيئية، لذلك من غير المتوقع أن تهاجم هذه الجماعات ناقلات النفط وتتسبب في تسرب نفطي كبير، يؤدي إلى كارثة بيئية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق