رئيسيةالتغير المناخيتقارير التغير المناخي

احتجاز الكربون في أميركا.. شبح غاز "ساتارتيا" السام يهدد المشروعات

حياة حسين

اقرأ في هذا المقال

  • تمزُّق خط أنابيب نقل الكربون في ساتارتيا أطلق غاز أكثر من 31 ألف برميل سائل
  • شركة نافيغاتور تعلن إلغاء مشروع مدّ خط أنابيب نقل غاز ثاني أكسيد الكربون
  • معارضة سكان المناطق التي يمتد فيها خط الأنابيب كان من الأسباب الرئيسة لإلغاء المشروع
  • فشل معظم مشروعات احتجاز الكربون في تحقيق المستهدف

تواجه مشروعات احتجاز الكربون في أميركا مطاردة شبح قرية ساتارتيا، التي شهدت تسرّب الغاز السامّ جراء أضرار في خط أنابيب داخل القرية الواقعة بولاية يازو.

ونُقل ما يزيد عن 45 مواطنًا إلى المستشفى لتلقّي العلاج من أزمات التنفس، الأمر الذي شكّل دافعًا رئيسًا لرفض آخرين إقامة مثل هذه المشروعات في مناطق سكنهم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت القرية قد شهدت في فبراير/شباط 2020 تلف خط أنابيب نقل غاز ثاني أكسيد الكربون التابع لشركة دنبري (Denbury) أعلى القرية، وإطلاق نحو 31 ألفًا و405 براميل من الغاز السائل المضغوط، الذي تحوّل سريعًا إلى حالته الغازية، وانتشر في سماء ساتارتيا الصافية.

وكشفت التحقيقات الفيدرالية أن أسباب تلف خط الأنابيب، أمطار غزيرة ضربت القرية لأسابيع متتالية، نجم عنها أضرار في الخط وانطلاق الغاز في الهواء، ليشعر السكان به على بُعد ميل، لكن خلال دقائق معدودة.

ويمثّل ثاني أكسيد الكربون أقلّ من 1% من الهواء الذي يتنفّسه الإنسان، وهو غاز ثقيل مقارنةً بالأكسجين، وعند زيادة نسبته يطغى عليه، ويكون مثل الغطس في المياه.

لذلك، عند زيادة نسبته إلى 1.5% يسبب أمراضًا تنفسية، وإذا وصل إلى 4% فإنه يمثّل خطرًا على الحياة، وفق ما نقله موقع منظمة "إنسايد كليمت نيوز" غير الربحية، عن المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية الأميركي.

قضية كامبل

جددت قضية كاثلين كامبل المخاوف من مشروعات احتجاز الكربون في أميركا، بعدما نجحت أخيرًا في منع شركة "نافيغيتور سي أوه 2 فينشر" (Navigator CO2 Ventures) من بناء خط أنابيب لنقل الغاز يمرّ بالقرب من منزلها الريفي بولاية إلينوي.

وتلقّت كامبل الرسالة من الشركة في 2021، في وقت كانت تستعد فيه للتقاعد، بعد مدة عمل قاربت 50 عامًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكان من المفترض أن يمرّ المشروع العملاق في 5 ولايات أميركية، مهددًا منزل كامبل الريفي الذي قضت 30 عامًا من حياتها فيه مع زوجها.

وتقول كامبل: "أثار مشروع خط أنابيب نقل غاز ثاني أكسيد الكربون غضبي، وقضى على أملي في تقاعد مريح، إذ تخيلتُ الدمار الذي يمكن أن يسبّبه للأراضي الزراعية التي طالما زرعتها بالخضروات والفاكهة مع زوجي على مدار 30 عامًا".

وأضافت: "تذكرت أيضًا ما حدث في قرية ساتارتيا.. لكن الإدارة التنفيذية لشركة نافيغيتور لم تكن تعلم مع من تتعامل".

وكامبل، أستاذة الجامعة المحاربة للأدوية المضرة بالصحة، حاربت الشركة حتى أعلنت استسلامها قبل أسبوعين، وألغت مشروع خط الأنابيب، وبدأت مساعدة ملّاك آخرين لمحاربة مشروعات خطوط أنابيب نقل الغاز، لتواجه مشروعات احتجاز الكربون في أميركا.

وقالت الشركة في بيان رسمي: "الطبيعة غير المتوقعة للعمليات التنظيمية والحكومية المعنية سبب قرار إلغاء المشروع"، لكن -وفق سير الأحداث- فإن معارضة ملاك الأراضي مثل كامبل كانت السبب الأساس لوقف المشروع، وفق تقرير "إنسايد كليمت نيوز"، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وكان طول مشروع خط أنابيب إلينوي المقرر 2000 ميل، يبدأ من نورث داكوتا، ويمتد في نبراسكا وأيوا، ثم يصل إلى إلينوي.

ووفق الخطة، كان من المفترض أن ينقل ملايين الأطنان المترية سنويًا من محطات الإيثانول في منتصف وسط الولايات المتحدة، إلى مستودعات التخزين تحت الأرض، ما يمنع أضرارها جراء الانتشار في الهواء.

الرئيس الأميركي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن - الصورة من براتينيكا

معدّات سحب الكربون

أثار تطور معدّات سحب الكربون من الهواء ونقله إلى مستودعات التخزين مخاوفَ نشطاء البيئة، بسبب اعتقاد أنه سيسهم في إطالة أمد الوقود الأحفوري، لأن القائمين على الصناعة قد يستعملونها في صناعات مثل الحديد والأسمنت، التي يصعب تحويلها لتصبح حيادية الكربون.

ولدى الولايات المتحدة -حاليًا- نحو 5 آلاف ميل من خطوط أنابيب نقل الكربون، ضمن مشروعات احتجاز الكربون في أميركا، لكن مع تفاقم أزمة تغير المناخ، يرى خبراء الطاقة أن البلاد بحاجة إلى 100 ألف ميل إضافية خلال العقود المقبلة.

كما تلقّت مشروعات احتجاز الكربون في أميركا -مع خطوط أنابيب نقلها- دعمًا من الحكومة الفيدرالية بنحو 1.8 مليار دولار، كما تتلقى 12 مليار دولار إضافية بموجب قانون الحدّ من التضخم وقانون تمويل البنية التحتية.

وخصص مشروع الحدّ من التضخم، الذي أقرّه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال العام الماضي 2022، حزمة مساعدات للمشروعات التي تحافظ على البيئة بقيمة 500 مليار دولار.

ويرفض كثير من مجموعات العمل التقدمية الإنفاق على تقنيات مثل احتجاز الكربون في أميركا، بسبب ارتفاع تكلفتها، ويعتقدون أنه من الأفضل توجيهها إلى مشروعات الطاقة المتجددة.

ويعزز من وجهة النظر تلك، نتيجة بحث لمعهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، الصادر في 2022، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وخلص البحث إلى أنه من بين كل 13 مشروعًا لاحتجاز الكربون في أميركا، أُقيمت بين 1986 و2019، فشلَ 10 منها بصورة كاملة، أو كان الأداء أقلّ من المتوقع.

كما توصّل إلى أن نحو 10% من مشروعات احتجاز الكربون في العالم نجحت في تحقيق الهدف وتخزين الغاز تحت الأرض، في حين تستعمل الدول والشركات 70% من الغاز المُخزن في استخراج مزيد من النفط والغاز، وهو ما يزيد من تدهور مشكلة تغير المناخ.

وكتب مؤلّفو التقرير: "حتى إذا كان من الممكن حقن ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض، فليس هناك ما يضمن بقاءه هناك، ولن يتسرب إلى الغلاف الجوي.. إنه ليس حلًا لعالم يعاني من مشكلات مناخية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق