قطاع الطاقة في أفريقيا.. 4 دول تتجه لخفض الاعتماد على الغاز في الكهرباء
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- قطاع الصناعة يقود نمو الطلب على الطاقة في أفريقيا
- هناك ضرورة لتغيير مزيج إنتاج الطاقة في القارة السمراء
- الطاقة الشمسية والرياح قد تنمو بصورة أسرع من الطاقة المائية
- الغاز سيؤدي دورًا داعمًا لتلبية احتياجات أفريقيا من الطاقة
يمتلك قطاع الطاقة في أفريقيا العديد من الفرص التي تؤهله لتحقيق نموًا كبيرًا يتوافق مع الأهداف المناخية، في ظل ما تتمتع به دول القارة السمراء من قدرات طبيعية تدعم إنتاج الطاقة النظيفة.
وتوقّع تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن احتياجات أفريقيا من الطاقة ستتضاعف بحلول عام 2050، مع نمو عدد سكانها على مدى العقود الـ3 المقبلة، ليصل إلى ملياري شخص.
ويوضح التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن هناك 600 مليون أفريقي يفتقرون إلى الحصول على الكهرباء، وهو ما يعادل نصف إجمالي سكان القارة، مع توقعات أن يرتفع العدد إلى 1.2 مليار فرد بحلول عام 2050.
كما يفتقر نحو 920 مليون أفريقي إلى قدرة الوصول إلى الطهي النظيف، وهو الرقم الذي من المتوقع أن يتضاعف إلى 1.8 مليار شخص خلال 30 عامًا.
وتوقّع التقرير أن يقود قطاع الصناعة الطلب على الطاقة في أفريقيا، إذ من المقدّر أن يحقق الناتج الصناعي في القارة نموًا أكثر من 6% سنويًا حتى عام 2025 على الأقلّ.
وشدد التقرير على أهمية تطبيق قطاع الطاقة في أفريقيا لتقنيات أكثر كفاءة ونظافة على مدى العقود الـ3 المقبلة، ما يسهم في اقتصار نمو استهلاك الطاقة للمستهلكين النهائيين على نسبة 50% بحلول عام 2050.
مزيج قطاع الطاقة في أفريقيا
هناك ضرورة لتغيير مزيج إنتاج الطاقة لتمكين كهربة كل القطاعات والحدّ من كثافة الكربون الصادرة عن قطاع الطاقة في أفريقيا.
ومن المتوقع أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة بأفريقيا أكثر أهمية في توليد الكهرباء تدريجيًا، لتصل إلى 65% من القدرة المركبة بحلول عام 2035، ثم إلى 95% في 2050.
ومن المتوقع أن تنمو الطاقة الشمسية والرياح بصورة أسرع من الطاقة الكهرومائية، إذ ستشكّل الطاقة الشمسية 70% من القدرة المركبة، وطاقة الرياح نسبة 20%، والطاقة المائية 10%، بحلول عام 2050.
ومن جهة أخرى، رجّح التقرير أن يؤدي الغاز الطبيعي دورًا داعمًا على المديين القصير والمتوسط لدى قطاع الطاقة في أفريقيا، لينمو الطلب الأفريقي على الغاز بنسبة 3% سنويًا حتى عام 2030، ثم يبدأ في الانخفاض تدريجيًا بعد ذلك العام.
ويتناسق ذلك مع توقعات أن يستمر الطلب العالمي على الغاز في النمو حتى عام 2030، ولذلك فإن استحواذ الغاز على حصة كبيرة من استثمارات قطاع الطاقة في أفريقيا قد يسهم في تلبية الطلب المرتفع عالميًا.
ويأتي ذلك في ظل ما تتمتع به دول شمال أفريقيا بقدرات تصديرية للغاز الطبيعي من خلال خطوط الأنابيب التي تربطها بالدول الأوروبية، مثل الجزائر، حسب التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ماذا عن الهيدروجين في أفريقيا؟
يُنظر إلى الهيدروجين الأخضر الذي ينتج من مصادر الطاقة المتجددة بأن له دورًا رئيسًا في تحقيق الحياد الكربوني على المستوى العالمي، خصوصًا في القطاعات التي يصعب إزالة -أو تخفيف- انبعاثاتها.
ويمتلك قطاع الطاقة في أفريقيا، خصوصًا بدول شمال وغرب القارة، القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة تنافسية عالية للاستهلاك المحلي والتصدير للخارج، بدعم من وفرة موارد الرياح والطاقة الشمسية التي تتمتع بها.
وتشير تقديرات التقرير إلى أنه بحلول عام 2050، يمكن للقارة الأفريقية أن توفر كامل احتياجاتها من الهيدروجين، التي ستتراوح بين 10 و18 ميغاطن عبر الإنتاج المحلي، بينما قد تصل صادرات أفريقيا من الهيدروجين إلى 40 ميغاطن بحلول عام 2050.
ومن المقدّر بحلول عام 2050 أن تتراجع كثافة انبعاثات قطاع الكهرباء في أفريقيا بنسبة 45%، بدعم تطور مصادر الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر.
استثمارات قطاع الطاقة في أفريقيا
يقدّر التقرير أنه لتحقيق التوقعات السابقة، يحتاج قطاع الطاقة في أفريقيا إلى استثمار نحو 2.9 تريليون دولار خلال المدة من 2022 حتى 2050، على أن يُخصَّص معظم تلك الأموال لمصادر الطاقة الخضراء.
وفي عام 2022، بلغت استثمارات الطاقة في أفريقيا نحو 70 مليار دولار، منها 58% لأنشطة النفط والغاز، والنسبة المتبقية إلى مصادر الطاقة المتجددة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومن المتوقع -بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي- أن تتضاعف استثمارات قطاع الطاقة في أفريقيا إلى 160 مليار دولار بحلول عام 2050، يذهب 43% منها إلى الهيدروجين و38% للمصادر المتجددة، و17% منها إلى شبكة نقل وتوزيع الكهرباء.
ويؤكد التقرير أن بعض المستثمرين بدؤوا في ضخ أموالهم بالقارة الأفريقية لتمويل وتحفيز مشروعات كبيرة للطاقة الخضراء.
ومن بين تلك التمويلات، ما شهدته قمة المناخ كوب27 من تعهد دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بتمويل خطة تحول الطاقة في جنوب أفريقيا التي أعلنتها خلال انعقاد القمة، والبالغة قيمتها 8.5 مليار دولار.
وترتكز خطة جنوب أفريقيا على 3 عناصر تصفها بأنها أولوية، وهي قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مع توقعات أن تصبح البلاد لاعبًا رئيسًا في سوق الهيدروجين الأخضر عالميًا، إضافة إلى امتلاكها قدرة كبيرة لإنتاج الطاقة المتجددة.
فرص استثمارية كبيرة
يرى المنتدى الاقتصادي العالمي أن هناك فرصًا استثمارية كبيرة لتطوير البنية التحتية لدى قطاع الطاقة في أفريقيا.
ويوضح أن نقل وتوزيع الكهرباء بحلول عام 2050 سوف يتطلب استثمارًا تراكميًا يبلغ 400 مليار دولار، وتوجد تلك الفرص بشكل أكبر في مصر والمغرب ونيجيريا والسنغال.
ومن المتوقع بحلول عام 2030 أن تعمل تلك الدول على زيادة شبكات نقل وتوزيع الكهرباء الخاصة بها، بما يصل إلى 120 ألف كيلومتر، وهناك مشروعات قيد التنفيذ.
وفي الوقت نفسه، تشهد أفريقيا العديد من مشروعات الربط الكهربائي البيني بين الدول، ومنها الربط الكهربائي بين مصر والسعودية الذي أعلِن عام 2022.
ويصل طول ذلك الربط إلى 1350 كيلومترًا، ويعدّ أول ربط واسع النطاق بالتيار المباشر عالي الجهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يدعم مرونة الشبكة، خصوصًا مع تزايد توليد الكهرباء من المصادر المتجددة.
وكان المغرب قد وقّع -أيضًا- مع شركة فينسي إنرجي الفرنسية (Vinci Energies) عقدًا مدته 3 سنوات، لتطوير البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء في المغرب بقيمة 324 مليون دولار.
ويتضمن الاتفاق إنشاء وصيانة 500 كيلومتر من خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي، وأكثر من ألف كيلومتر من شبكات توزيع الجهد المنخفض والمتوسط، بالإضافة إلى إنشاء 11 محطة محولات الجهد العالي.
مستقبل الغاز والفحم
رجّح تقرير المنتدى الاقتصادي أن تتوزع الاستثمارات الخضراء الجديدة لتطوير قطاع الطاقة في أفريقيا بجميع أنحاء دول القارة، بدعم من المصادر الطبيعية المتوفرة.
وأنتجت كل من مصر وموزمبيق ونيجيريا ما يتجاوز 80% من إمدادات الغاز الأفريقية خلال 2022، في الوقت الذي تُعدّ فيه القارة موطنًا للعديد من محطات الغاز الطبيعي المسال، ويوجد أبرزها في الجزائر وأنغولا ومصر ونيجيريا.
وعلى صعيد مستقبل الفحم، توقّع التقرير إيقاف تشغيل عدد كبير من محطات الفحم في السنوات الـ10 المقبلة، التي يوجد أغلبها في المغرب وجنوب أفريقيا.
وفي المقابل، من المتوقع أن تتجه دول أفريقية أخرى إلى تخفيض سعة محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز على المدى الطويل، ومن بينها مصر وليبيا وجنوب أفريقيا والسودان.
وفي الوقت نفسه، من المقدّر أن تتضاعف القدرة المركبة للطاقة المائية في أفريقيا 4 مرات بحلول عام 2050، من 45 غيغاواط حاليًا.
ويستعرض الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، أكثر 10 دول أفريقية امتلاكًا لسعة الطاقة الكهرومائية بنهاية 2022:
كما توقّع التقرير أن تنمو الطاقة الشمسية والرياح بشكل كبير بحلول عام 2050، ليتضاعف كل من المصدر الشمسي 100 مرة، وطاقة الرياح 35 مرة.
موضوعات متعلقة..
- أكبر شركة طاقة متجددة في أفريقيا تستهدف إنتاج 10 غيغاواط بحلول 2030
- موارد النفط والغاز في أفريقيا تتطلب 3 عوامل رئيسة لتحقيق عوائد مرتفعة (تقرير)
- إنتاج الغاز في أفريقيا قد يرتفع 10%.. ما موقف مصر والجزائر؟
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: استحواذ شيفرون على "هيس" هدفه غايانا.. ولهذه الأسباب قد يتدخل الجيش الأميركي
- مقترح أوروبي قد يضع صادرات الغاز الجزائري في ورطة
- حفارات الغاز الأميركية تنخفض 24% في 10 أشهر .. ما السبب؟